بكل تأكيد لهن دور كبير داخل صفوف الجماعة.. ولكنه لا يزيد علي العمل الاجتماعي وكذلك تأثيرهن الكبير في المحافل الإنتخابية.. أما فيما هو أكثر من ذلك فلا نري نساء الإخوان.. ويبدو أنهن الآن في ظل الوضع الراهن لا يرتضين بما كانوا يقمن به من قبل.. فقد زادت تطلعاتهن بعد أن وصلت الجماعة إلي الحكم وزالت القيود الأمنية من علي الإخوان.. وهذا هو ما اتضح في اجتماع أخير لهن مع نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور جمعة أمين، حيث عرض بعضهن فيه علي "جمعة" ضرورة تولي نساء الجماعة مناصب قيادية داخل التنظيم في مكتب الارشاد ومجلس شوري الجماعة، مما يتيح لهن ارتقاء السلم الإداري للجماعة والمشاركة في اتخاذ القرار وصنعه.. وعلي حسب ما أكدته المصادر أن الطلب جاء من قبل "شابات إخوانيات" أوضحن للدكتور جمعة أن الوقت حان بعد سقوط نظام حسني مبارك الذي كان يمارس ضد "الإخوان" ضغوطًا أمنية، للمشاركة في مواقع اتخاذ القرار.. ولكن قيادات الجماعة خرجوا في تصريحات يرفضون هذا الاقتراح ويهاجمونه، واعتبروا أن هذه الدعوة إثارة للبلبلة، وخروج عن المألوف، ومخالفة لأدبيات الجماعة التي تضع شروطاً للاختلاط.. كما اكدت المصادر ان نساء الاخوان طالبن بتدخل زوجة الرئيس لاقناع المرشد بمطالبهم باعتبارها عضوا في الجماعة والحزب. وعقب الدكتور محمود غزلان، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين علي الدعوة قائلاً: "هؤلاء بالتأكيد ليسوا من الأخوات المسلمات"، مؤكداً أن نظام التصعيد داخل الجماعة له قواعده الخاصة، والتي تختلف عما تنتهجه الأحزاب السياسية أو الجماعات الدينية الأخري. ومن جانبها قالت رضا عبدالله النائبة السابقة بالبرلمان المنحل عن حزب الحرية والعدالة إنها تتفق مع حق نساء الجماعة بتولي مناصب قيادية في مكتب الارشاد ومجلس شوري الجماعة، مع ضرورة أن يكون هناك ضوابط شرعية لعملية الاختلاط بين الرجال والنساء فهناك أماكن قد لا تصلح لاجتماع الطرفين. وتحدث الدكتور كمال الهلباوي المتحدث باسم إخوان أوربا سابقاً في هذا الأمر قائلاً: لائحة جماعة الإخوان المسلمين الحالية، لا تمنع سيدات الجماعة من تولي مناصب قيادية داخل التنظيم، واستشهد برؤية مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا، للمرأة، حيث كان يري أن نهضة البلاد لن تقوم في غياب المرأة، التي وصفها بالجناح الثاني، وتذكر الهلباوي أيضاً دور الدكتورة زينب الغزالي إلي جانب عمر التلمساني، المرشد الأسبق للإخوان. وقال الهلباوي أتمني أن يصبح دور النساء في الجماعة أكبر وأكثر اتساعاً عن ذي قبل، وأن يعاد مناقشة قرارات مكتب شوري الإخوان في هذا الأمر والتي قررت أن تترشح المرأة في كل المناصب القيادية. وأضاف الهلباوي أن هناك مشروعا للائحة الداخلية الجديدة ،والتي تقوم الجماعة بدراسته حاليا ومنها النظر إلي مطالب الأخوات المسلمات بالتصعيد وارتقاء السلم الإداري وتولي مناصب قيادية داخل الجماعة وتمكين بعضهن، إلي جانب دراسة مشاركتهن في الاجتماعات الإدارية وانتخاب مسئولة للأخوات داخل مكتب الإرشاد ومجلس شوري المحافظات وفي المكاتب الإدارية. وكما ذكرنا أن للأخوات دورا كبيرا وتاريخيا داخل الجماعة بدأ مع تأسيس قسم الأخوات المسلمات الذي يعتبر أحد الأقسام الداخلية في جامعة الإخوان المسلمين، ويتألف هذا القسم من نساء الإخوان وبناتهن وقريباتهن وصدرت أول لائحة له في 26 أبريل عام 1932 ويطلق الإخوان علي رئيسة قسم الأخوات «المفداة». وواجه القسم صعوبات عديدة في بداية تأسيسه كانت كفيلة بالقضاء عليه، غير أن قيادات الجماعة استطاعوا التغلب علي هذه الصعوبات من خلال تكوين أول لجنة تنفيذية للأخوات المسلمات في 14 أبريل عام 1944، وكانت مهمة هذه اللجنة النهوض بعمل الأخوات من جديد، وشكلت اللجنة من 12 عضوا هن: آمال عشماوي رئيساً للجنة الإرشاد للأخوات المسلمات وقد كانت آمال زوجة للمستشار منير الدلة أحد القيادات البارزة في تاريخ الإخوان.. وفاطمة الهادي زوجة يوسف هواش.. وأمينة الصندوق «أمينة» زوجة محمود الجوهري، السكرتيرة الأولي فاطمة توفيق، والسكرتيرة الثانية منيرة محمد نصر، وواعظة زينب عبدالمجيد زوجة عبداللطيف الشعشاعي، واعظة فاطمة البدري، وهانم صالح، وسنية الوشاحي زوجة عبدالحليم الوشاحي، وفاطمة عبيد الشهيرة بأم أحمد، وزهرة السنانيري أخت كمال السنانيري، وأخيراً محاسن بدر. وتتنوع مجالات نشاط الأخوات المسلمات لتشمل العمل الدعوي والاجتماعي بالإضافة إلي المواقف السياسية وعلي صعيد العمل الدعوي تعددت فروع وشعب الأخوات المسلمات، وتصل دعوتهن إلي أغلب القري والمدن الصغيرة، وهناك لجنة من الأخوات مسئوليتها القيام بزيارة فروع القسم بشكل دوري لإلقاء المحاضرات التي تشرح دعوة الإخوان المسلمين، وللوقوف علي مدي نشاط «الشُعب» ومتابعة العمل بها. أما العمل الاجتماعي فقد تغلغلن فيه من خلال إنشاء مدارس اليتيمات ودور التربية الإسلامية وكذلك فتح المستوصفات الطبية وتقديم خدمات صحية بأسعار مخفضة بل بالمجان في بعض الأحيان. ومن القيادات الأولي لقسم الأخوات المسلمات «أمينة علي» وكانت تلقب بالوسيطة وانضمت للقسم بعد زواجها من محمود الجوهري أحد أقطاب الإخوان، والذي كان قد تزوجها عام 1935، ولم تكن أمينة حاصلة علي شهادات دراسية بل كانت تقرأ وتكتب وتحفظ بعضاً من القرآن الكريم وقد اعتبر هذا كافياً لدي الجماعة حتي تمارس أمينة الدعوة والتي بدأتها عام 1940 . آمال عشماوي هي الأخري من أهم القيادات النسائية في قسم الأخوات المسلمات في الرعيل الأول للجماعة وكان الجميع يلقبها ب «كاتمة الأسرار» وهي من بيئة ميسورة تخرجت في كلية الحقوق وتزوجت بزميلها منير الدلة وعلي الرغم من دراستها للقانون إلا أنها وبعد زواجها قررت التفرغ لخدمة بيتها ودعوتها للإخوان. أما أمينة قطب أخت القطب الإخواني الكبير سيد قطب فقد كانت من أهم الأخوات المسلمات ولها قصة غرام طويلة يعرفها كل الإخوان، حيث جمع الحب بينها وبين كمال السنانيري وتزوجت منه وهو محبوس يقضي عقوبة تصل مدتها إلي 24 عاماً. وشاركت حميدة قطب الأخت الكبيرة لسيد قطب أختها أمينة في الانضمام لقسم الأخوات وكانت ترتبط بالجناح العسكري للإخوان. أما زينب الغزالي فكانت تلقب بالأم الروحية للأخوات المسلمات وهي من مواليد عام 1917 بمحافظة الدقهلية والمفارقة أن إخوانها الذكور كانوا يميلون إلي الأفكار الشيوعية ولذلك لم يستطع الإخوان إنشاء شعبة لهم في القرية التي كانت تعيش بها زينب وهي من أسرة ثرية ليس لديها أخوات بنات، وكان والدها يعمل بالفلاحة التحقت بالتعليم وحصلت علي الشهادة الابتدائية لكنها لم تواصل رحلتها في التعليم واتجهت للعمل الدعوي بعد زواجها مباشرة وتفرغت له. أما أبرز الكوادر النسائية الحالية في قسم الأخوات المسلمات وفاء مشهور ابنة الإخواني المعروف مصطفي مشهور وهي حاصلة علي ليسانس من كلية الدراسات الإسلامية قسم الحديث والتفسير، وتدير حالياً مجموعة من المدارس المملوكة لها ولزوجها الدكتور محمد عبدالجواد الأستاذ بكلية الهندسة بجامعة أسيوط والعضو البارز في جماعة الإخوان.. وفاء لديها 4 أولاد بنت وثلاثة شباب وترأس مجلس إدارة مدارس «دار حراء الإسلامية الخاصة» وهذه المدارس لها فروع في مختلف محافظات الجمهورية من الحضانة حتي المرحلة الثانوية. وفاء رمضان عضو مجلس نقابة الصيادلة واحدة من أهم وأنشط الأعضاء في قسم الأخوات المسلمات وهي ابنة الإخواني الراحل سعيد رمضان الذي كان يصدر مجلة «المسلمون في الخارج» بعد أن هرب من مصر واستقر في إحدي الدول الأوروبية ونظم من الخارج عدداً من الحملات ضد الزعيم جمال عبدالناصر. وفي الإسكندرية يبرز اسم جيهان الحلفاوي التي حصلت علي بكالوريوس تجارة ثم التحقت بكلية الدراسات الإسلامية وحصلت علي ليسانس الشريعة وسبق لجيهان أن رشحت نفسها عن الإخوان بدائرة الرمل في الإسكندرية في انتخابات عام 2000 وقد حازت في هذه الانتخابات علي إعجاب الناخبين لأنها كانت تدير حملتها الدعائية علي الطريقة الغربية غير أن الحظ لم يحالفها للفوز في الانتخابات. أما الدكتورة نفوسة عبدالباسط والتي كانت تترأس نقابة الصيادلة بالإسكندرية من عام 1992 وحتي عام 2000 فهي أيضاً من أشهر نساء الإخوان لكنها تأتي في المرتبة الثالثة من حيث الشهرة. ونأتي لمكارم الديري وهي أكثر سيدة حصلت علي شهرة في قسم الأخوات المسلمات وكانت قاب قوسين أو أدني من دخول مجلس الشعب في انتخابات 2005 عندما رشحتها الجماعة في دائرة مدينة نصر وهي من مواليد محافظة بني سويف عام 1950 حاصلة علي ليسانس الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر والماجستير في الأدب العربي من نفس الجامعة وهي أرملة للإخواني إبراهيم شرف الذي تعرض للاعتقال مرات عديدة. أما فاطمة الزهراء ابنة خيرت الشاطر فهي إحدي الأعضاء البارزات في قسم الأخوات المسلمات وبرز اسمها عقب دخول والدها السجن حينما أرسلت رسالة شهيرة إلي أحد أعضاء مكتب الارشاد تحت عنوان «سامحك الله يا من كنا نظنك لنا عماً» وقد نشرت هذه الرسالة في عدد من الصحف ومن يومها والزهراء قادرة علي خطف الأضواء من أعضاء مكتب الارشاد أنفسهم. يبقي التأكيد علي أن الشيء اللافت للنظر أن نساء الإخوان الحاليين ينخرطن في العمل النقابي بالمهن المختلفة ويسعين إلي الحصول علي شهادات من الجامعات الأزهرية خصوصاً كليات الشريعة لكي تصبح لهن قنوات شرعية يستطعن العمل من خلالها لكي يسمح لهن بعقد ندوات أو إعطاء دروس دينية في المساجد المختلفة وربما يكون هذا هو الفارق بين الجيل الأول من نساء الإخوان والجيل الحالي. ويعتبر الدور الأساسي للكوادر النسائية الإخوانية هو نشر فكر الجماعة واستقطاب أعضاء جدد خصوصا في الأحياء الشعبية التي يسيطر عليها الإخوان في عدد كبير من الزوايا الأهلية غير المنضمة لوزارة الأوقاف.