قال الدكتور أحمد علي سليمان، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إنَّ الإسلام جاء لإصلاح النفس والكون وإسعاد الحياة، فما من خصلة من خصال الخير؛ إلا وأمر بها وحث عليها، وما من خصلة من خصال الشر إلا ونهى عنها وحذر منها. وأضاف خلال إلقائه خطبة الجمعة في مسجد حسن الشربتلي بالتجمع الخامس، التي جاءت تحت عنوان "النفاق والخيانة وخطرهما على الأفراد والدول" أن منظومة القيم التي جاء بها رسولنا الكريم هي الأساس والقاعدة العامة التي يلزم أن تكون موجودة وفاعلة ومؤثرة لكي ينهض المجتمع ويتقدم ويزدهر. وتساءل: ما فائدة البناء والإعمار إذا كانت ذمة المهندس الذي بناه خربة، وما فائدة العلاج إذا كانت ذمة من صنعه خربة، وما فائدة الطب إذا كانت ذمة الطبيب المعالج خربة أو كان من الخائنين.. وما فائدة التعليم إذا كان المعلم فاقدا للقيم مثلا؛ لذلك كله كان المسلمون العالم الأول وأسسوا حضارة شامخة سامقة زاهرة علَّمت الدنيا وأضاءت جنبات الكون يوم أن التزموا بالقيم التي جاء بها الإسلام الحنيف. وتابع: بناء على ذلك حرَّم الله تعالى السرقة حتى لا نأخذ حقوق غيرنا ونتكاسل عن العمل والإنتاج ويضمحل المجتمع، وحرَّم الشقاق لأنه يزرع الكراهية في القلوب، ونهى عن الجدال لأنه يضيع أوقات الناس ويعطل العمل، ونهى عن الزنا لأنه يقضي على مؤسسة الأسرة ويقضي على سلامة النسب ويؤدي إلى اختلاط الأنساب وكثرة الأمراض، وحرَّم اللواط لأنه ضد الفطرة التي خلق الله الناس عليها، وحرَّم النصب لأنه يزرع اليأس في المجتمع، وحرَّم الكذب لأنه يُخرج الإنسان عن دائرة الإيمان، وحرَّم شهادة الزور لأنها تتسبب في تضييع الحقوق. وأكد أن الإسلام حرَّم النفاق لأنه من أخطر الأمراض القلبية التي تعصف بحقيقة الإيمان وهو آفة اجتماعية خطيرة تهدد أمن المجتمع، والنفاق خلق ذميم إن أصاب قلبا أمرضه، وإن أصاب أسرة فرقها، وإن أصاب مجتمعا أوهنه وهدد أمنه واستقراره، لذلك ذمَّه الله تعالى وذمّ أهله في 17 سورة مدنية وفي 340 آية من آيات القرآن الكريم، كما أفرد سورة سماها باسمهم (وهى سورة المنافقون)؛ ليكون الناس منهم على حذر. وأشار الدكتور أحمد علي سليمان إلى أن الله سبحانه تعالى لما ذكر المؤمنين في صدر سورة البقرة ذكرهم في أربع آيات، ثم ذكر الكافرين في آيتين، بينما ذكر المنافقين في ثلاث عشرة آية، إشارة إلى خطورة أقوالهم وأفعالهم على الفرد والمجتمع، وأيضا إلى سوء مصيرهم، وهكذا فإن المؤمنين في عليين، والكافرين في النار، والمنافقين في أسفل النار في الدرك الأسفل منها. وقال: جاء الحديث عن النِّفاق والمنافقين في أكثر مِن نصف سور القرآن المدني؛ إذ ورد ذكرهم في سبع عشرة سورة مدنيَّة مِن ثلاثين سورة، فيما يقرب من ثلاثمائة وأربعين آية، لأن الكافرين المجاهرين بكُفْرهم واضحون وظاهرون، أما المنافقون فإنهم يتلونون فمعكم في الدِّيار صباحًا ومساءً، يعيشون بيننا ويأكلون طعامنا ويشربون شرابنا ويعرفون أسرارنا ويدلون العدو على عوراتنا. وأوضح أنَّ المنافق كما قال الإمام النووي: "هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها" فهو ذو الوجهين يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه؛ بل إنني أكاد أجزم أن بعض المنافقين في هذا العصر لهم ألف وجه، ولا همّ لهم إلا زرع الفتن في القلوب والنفوس والمجتمعات؛ لذلك حسنًا فعلت وزارة الأوقاف حينما اختارت هذا الموضوع لخطبتها الموحدة اليوم لتحذير الناس من هؤلاء الأوغاد، ولوقاية الوطن من شرهم وخبثهم.