مرة بعد مرة يثبت مارتن جريفث المبعوث الأممي صاحب 68 عاما أنه وسيطا غير محايدا بين الحكومة الشرعية اليمنية والحوثيين ، الأمر الذي يتسبب دائما في تأجيج الأزمة واستمرارها ،فرغم كل المحاولات والاجتماعات التي تمت مؤخرا في السويد لم يتم تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار،كما لم تنتهي الأزمة. وقبل أيام أثار جريفث غضب الحكومة اليمنية ، بعد أن قرر البدء في مناقشة تطبيق إجراءات تفتيش السفن في موانئ الحديدة بدلا عن جيبوتي، خلال اجتماع له جمع الحوثيين ومجموعة من الموظفين الأمميين ،يمثلون آلية الأممالمتحدة للتحقق والتفتيش ومنسقها العام ومديرة مكتب المبعوث الأممي الخاص، بينما لم يحضر ممثلا عن الحكومة اليمنية في هذا اللقاء. ورأت الحكومة اليمنية في رسالتها التي تم إرسالها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس أن هذا التصرف غير مسئول ليس فقط من قبل جريفث ولكن أيضا من قبل كل الموظفين الأمميين الذين حضروا اللقاء،لافتة إلى أن إنشاء آلية التفتيش جاء بطلب من الحكومة اليمنية في 6 أغسطس 2015 ،ووافق عليها الأمين العام في 11 أغسطس من نفس العام، بهدف فرض الحظر على وصول الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين من إيران . وحسب الرسالة فإن مهمة الآلية بالإشتراك مع الحكومة اليمنية هي القيام بالتفتيش والتحقق من الواردات المتجهة إلى الموانئ التي لا تخضع للحكومة اليمنية، لتسهيل وعدم إعاقة سريان الواردات التجارية للبلاد، ولمراقبة الالتزام بحظر توريد الأسلحة،مشيرة إلى أن التفويض الممنوح للآلية الأممية لا يخولها التعامل خارج سلطة الحكومة الشرعية في اليمن، أو التعدي على وحدة وسيادة واستقلال أراضي الجمهورية اليمنية. كما أكدت الرسالة على أن اضطلاع الأممالمتحدة بدور قيادي في دعم الإدارة وعمليات التفتيش في المؤسسة العامة لموانئ البحر الأحمر اليمنية في موانىء الحديدة والصليف ورأس عيسى، والبدء في تعزيز عمل آلية الأممالمتحدة للتحقق والتفتيش في موانئ الحديدة، مرهون بالتقدم الذي يحرز في تطبيق اتفاق ستوكهولم واتفاق الحديدة تحديدا وانسحاب الميليشيات الحوثية منها بشكل عام. ومن الواضح أن المبعوث الأممي لليمن لم ينجح في مهمته حتى الآن على الرغم من تقربه للحوثيين، حيث فشل في اقناعهم من الإلتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه خلال اجتماعات السلام اليمنية في السويد. ويبدو أن تصرفات جريفث بدأت تخرج الحكومة الشرعية عن صمتها، حيث بدأ في استرضاء الحوثيين على حساب الشرعية بينما لم يلتزموا بأي اتفاق تم التوصل إليه حتى الآن،مع العلم أن حالة الاقتتال التي تعيشها البلاد تزيد الوضع الإنساني تأزما ،حيث أكدت تقارير أممية أن أكثر من 80% من سكان البلاد يحتاجون إلى مساعدة إنسانية ،وبينهم عشرة ملايين على حافة المجاعة، فضلا عن انتشار الأمراض الخطيرة بينهم. وهذا النهج المنحاز للحوثيين ليس غريبا على جريفث الذي قال بوضوح في تصريح سابق له إنه يجب أن تكون هناك شراكة بين جماعة أنصار الله الحوثية و الأممالمتحدة، في إدارة ميناء الحديدة، وهو الأمر الذي أثار ضجة ليس فقط في اليمن بل أيضا في السعودية والخليج. يذكر أن جريفث دبلوماسي بريطاني ولد عام 1951 وهو وسيط دولي ، يعمل مديرا تنفيذيا للمعهد الأوروبي للسلام وهو أول مديرا تنفيذيا للمعهد، وعين مبعوثا أمميا لليمن في عام 2018 خلفا لإسماعيل ولد الشيخ. عمل جريفث في الخدمة الدبلوماسية البريطانية ولمنظمات إنسانية دولية مختلفة بما في ذلك اليونيسيف ،وفي عام 1994، كان مديرا لإدارة الشئون الإنسانية في جنيف ، وعمل نائبا لمنسق الإغاثة في حالات الطوارئ التابع للأمم المتحدة في نيويورك. شغل منصب منسق الشئون الإنسانية الإقليمي للأمم المتحدة في منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا والمنسق الإقليمي للأمم المتحدة في البلقان برتبة أمين عام مساعد للأمم المتحدة ،ومن 1999 إلى 2010 كان جريفث المدير المؤسس لمركز الحوار الإنساني في جنيف بسويسرا حيث تخصص في تطوير الحوار السياسي بين الحكومات والمتمردين بمجموعة من البلدان في آسيا وأفريقيا وأوروبا .وبين عامي 2012 و 2014 خدم جريفث في مكاتب المبعوثين الثلاثة للأمم المتحدة إلى سوريا كمستشار لكوفي عنان في شئون الوساطة الدولية وعمل كنائب رئيس لبعثة مراقبي الأممالمتحدة في سوريا. يعمل ككبير مستشارين لجمعية (Inter Mediate) وهي مؤسسة خيرية مقرها لندن تعمل على حل النزاعات والتفاوض والوساطة، حيث كان من مؤسسيها إلى جانب إدارته لمعهد السلام الأوروبي.