اتجهت الأنظار خلال الفترة الماضية إلى الاستثمار داخل دول القارة الافريقية، واعتبرها الجميع "قبلة" جديدة لتنفيذ خطط استثمارية واقتصادية قوية، وتعتبر مصر من أولى الدول التى دخلت ماراثون الاستثمار في لدول القارة السمراء ، بالاضافة إلى أن ترأس مصر للاتحاد الأفريقي خلال العام الجاري يمثل نقطة انطلاق جديدة للعلاقات المصرية الأفريقية على كافة الأصعدة وفى كافة المجالات خاصة المجالات التجارية والاستثمارية والاقتصادية، وخطوة مهمة نحو القيام بدور فاعل في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة فى الدول الافريقية. ويعود تاريخ استثمارات مصر فى إفريقيا إلى عام 1970 ، ويوجد العديد من المصانع والمدن الصناعية المتكاملة المصرية فى زامبيا وغينيا الاستوائية وإثيوبيا وأوغندا والسودان ومالاوى وزيمبابوى والعديد من الدول الأخرى، ولكن كلها مجهودات فردية من مجموعة رجال أعمال، تطلعوا إلى انتهاز الفرص الاستثمارية فى تلك المناطق واستخدام الاتفاقيات التجارية الموجودة التى من أهمها الكوميسا التى تعد من اكبر الأسواق العالمية حيث تضم اكثر من 400 مليون مواطن وتنحصر معظم النشاطات المصرية فى إفريقيا بين الصناعة والتجارة والإنشاءات نظرًا لتوافر المواد الخام هناك بوفرة بالإضافة إلى الأراضى الزراعية الشاسعة وانخفاض تكلفة الأيدى العاملة. واستثمرت 35 شركة مصرية فى إفريقيا، تركز أغلبها فى قطاع البناء والتشييد حيث بلغ استثماراته فى الفترة من 2003 إلى 2015 حوالى 2.4 مليار دولار، وفى عام 2016 بلغ حجم استثمارات مصر فى القارة الإفريقية حوالى 7.9 مليار دولار موزعة على 62 مشروعا، أما فى 2017 فقد بلغت تلك الاستثمارات 8 مليارات، فيما وصل حجم الاستثمار فى 2018 إلى 10.2 مليار دولار، بينما بلغت الاستثمارات الإفريقية فى مصر 2.8 مليار دولار. ومن جانبه أكد المهندس عمرو نصار وزير التجارة والصناعة أن العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول قارة أفريقيا ستشهد بدءاً من العام الحالي دفعة قوية خاصة في معدلات التبادل التجاري والاستثماري وإقامة شراكات حقيقية جديدة بين مجتمعي الأعمال بالجانبين للمساهمة في تنمية اقتصادات القارة واستعادة مكانتها على خريطة الاقتصاد العالمي. جاء ذلك خلال جلسة المباحثات التي عقدها الوزير مع وفد البنك الإفريقي للتنمية برئاسة الدكتور خالد شريف، نائب رئيس البنك، والذي يزور القاهرة حالياً لبحث سبل دعم البنك للخطط والمشروعات التي ستتبناها مصر لتنمية القارة الافريقية خاصة في ظل ترأسها للاتحاد الأفريقي خلال العام الجاري، شارك في اللقاء الدكتورة نيرمين أبو العطا مستشار وزير التجارة والصناعة، والمهندس حسام فريد مستشار الوزير لشئون المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر. وقال الوزير أن المباحثات استعرضت نتائج اللقاء الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس البنك الافريقى خلال شهر فبراير الماضى بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا والذي تناول دعم مبادرات الاندماج الإقليمي وعملية التكامل الاقتصادي ومشروعات الربط بين الدول الإفريقية وذلك في إطار جهود البنك لدعم مجالات التعاون الاقتصادي والتنموي على مستوى القارة وتعزيز حجم التجارة البينية. وأوضح نصار أن مصر لديها رؤية وتوجهات واضحة وخطط موضوعة للتنمية في القارة الأفريقية فضلاً عن الفرص المتاحة حالياً أمام المستثمرين المصريين لضخ استثماراتهم في دول القارة وخاصةً في مجالات البنية التحتية والصناعات التحويلية. وأكد الوزير حرص مصر على رفع القدرات التصنيعية لدول القارة الأفريقية وتعميق التصنيع المحلي بهذه الدول فضلاً عن زيادة القيمة المضافة للمواد الخام الأفريقية، وزيادة الإنتاجية والعمل على ربط الصناعات المحلية بالقارة بسلاسل القيمة العالمية. ومن جانبه قال الدكتور خالد شريف، نائب رئيس البنك الإفريقي للتنمية أن الوفد يستهدف من الزيارة استعراض دعم البنك لاتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية وتقديم الدعم للحكومة في الأولويات التي تتبناها في الوقت الحالي وعلى رأسها التنمية المستدامة وزيادة معدلات التوظيف، مشيراً إلى أن البنك على أتم الاستعداد لتقديم الدعم الفني والتمويل لكافة التكتلات والتجمعات الاقتصادية بقارة أفريقيا لتنفيذ مشروعاتها التنموية. وأضاف شريف أن الوفد سيلتقي في إطار جولته عدد من كبار المسؤولين بالحكومة المصرية لبحث أهم الملفات ذات الاهتمام المشترك والتي تتضمن إنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار في أفريقيا الذي أعلن عنه الرئيس السيسي خلال منتدى الاستثمار أفريقيا 2018 في مدينة شرم الشيخ في ديسمبر الماضي وآليات الترويج للمنتدى الثاني المقرر انعقاده في نوفمبر المقبل في مدينة جوهانسبرج بجنوب أفريقيا. كما أشاد باستمرار التحسن في أداء الاقتصاد المصري خلال السنوات القليلة الماضية الأخيرة مع مواصلة تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، الأمر الذي انعكس بالإيجاب على العديد من المؤشرات الاقتصادية، مشيراً إلى اهتمام البنك خلال الفترة الحالية بتشجيع التكامل الاقتصادي القاري وذلك في إطار دعم مبادرات الاندماج الإقليمي بين دول القارة في مجالات تحقيق التنمية المستدامة، مع استعراض إمكانية الاستفادة في هذا الخصوص من القدرات الفنية المصرية لمختلف الدول الإفريقية.