انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة استقالة الأطباء من المستشفيات الحكومية حتى فاق عدد المستقيلين أكثر من 6 آلاف طبيب خلال 3 سنوات، الأمر الذى دعا نقابة الأطباء للتحذير من عواقب هذا الأمر فى ظل الظروف السيئة التى يمر بها الأطباء من تدنى رواتبهم ونقص الأدوية الضرورية وعدم توافر العدد المناسب من أسرّة العناية المركزة، إلى جانب معاناتهم من عدة مشكلات مثل أزمة بدل العدوى. من جانبها، أكدت الدكتورة منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن السبب الرئيسى فى تزايد استقالات الأطباء هو تدنى المرتبات التى لا تلبي احتياجات معيشتهم اليومية، إلى جانب الاعتداءات المستمرة على الأطباء بسبب تدني الخدمة الطبية المقدمة، ومنع الأجازات بدون مرتب ما يضطر الطبيب الراغب فى تكوين أسرة إلى تقديم استقالته والهجرة حتى يتسنى له العمل بالخارج لعدة سنوات. وأشارت إلى أن وزارة الصحة لها دور كبير فى انتشار هذه الظاهرة، إذ تتعمد تجاهل مطالب الأطباء ما يدفعهم إلى تقديم الاستقالة، وتساءلت:هل الهدف من ذلك التمهيد بدخول القطاع الخاص في مجال الخدمة الصحية؟.. مشيرة إلى أن شباب الأطباء يشعرون بالظلم بسبب تعمد تجاهل مطالبهم من المسئولين. وقال الدكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس النقابة العامة: "من الطبيعى أن يقدم الطبيب استقالته فى ظل الظروف التى يمر بها داخل مصر، سواء من خلال عمله الذى يمر بظروف متدنية وعدم توافر العدد المناسب من أسرة العناية المركزة، ونقص المستلزمات والأدوية، إضافة إلى عدم تناسب الرواتب التي لم تزد منذ ما يتجاوز ال3 سنوات، فضلاً عن أزمة بدل العدوى التي تعد المشكلة الأكبر".. موضحاً أن هذا البدل ولا يكفى لشراء علبة دواء، وبالتالى فإلغاءه أفضل للجميع، لأنه العيب أن يكون بدل عدوى الأطباء 19 جنيه. وأكد أن النقابة سبق وتقدمت بمشروع قانون لتعديل قيمة بدل العدوى لمجلس النواب، لكى يضيف مادة للقانون 14 تقرر رفع قيمته من 19 جنيهاً، ليتراوح من 1000 إلى3000 جنيه، يتم حسابها حسب تعرض كل فئة للعدوى، وذلك وفقاً للنسب العالمية. وأشار إلى قبول طعن الحكومة على حكم زيادة بدل العدوى للأطباء، إذ أكدت المحكمة الإدارية أن البدل هو والعدم سواء، لكنها غير مختصة بزيادته، وعلى مجلس النواب مراجعة التشريع، وبالتالى تقدمت النقابة أيضاً بمشروع قانون للحكومة عن طريق الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، ولكن لا يزال المشروع حبيس الأدراج. وأضاف: "لسنا في حاجة لأطباء إذا لم نوفر لهم حقوقهم الكافية، ولهذا يلجأون للسفر إلى الخارج باعتبار مصر بلد طارد للأطباء، فالسنة بالخارج ب10 سنوات في مصر، والأطباء يفكرون بعقولهم وليس بعواطفهم، كما أنهم يعانون من ضعف مرتباتهم، لأنها أقل من مرتبات ظائف أخرى، ويبدو أن المسئولين يضغطون على الأطباء من أجل أن يقدموا استقالاتهم لتفريغ البلاد من الكوادر الطبية"، لافتاً إلى أن ظاهرة استقالة الأطباء مؤشر خطير وكارثة حقيقية،وإذا استمر ذلك فلن يجد المصريون من يعالجهم. وفى السياق نفسه، أوضح الدكتور محمد عبد الحميد، أمين صندوق نقابة الأطباء، أن هناك أسباب وأزمات كثيرة تدفع الطبيب إلى السفر للعمل بالخارج، مشيراً إلى أن لديه إحصائيات موثقة من النقابة توضح أن ما يزيد عن 1044 طبيبًا قدموا استقالتهم فى عام 2016، و2549 طبيب فى 2017، ووصل عدد المستقيلين فى 30 نوفمبر الماضى 2018 إلى 2397 طبيبًا، ما يعنى أن هناك حوالى 6000 طبيب مستقيل خلال 3 سنوات. ووصف قرار الحكومة بعدم تجديد أجازات الأطباء العاملين في الخارج كحل للقضاء على أزمة نقص الأطباء في المستشفيات الحكومية ب"السيء"، مؤكدا أن رئيس الوزراء سمح بفتح الأجازات في كل المجالات ما عدا الأطباء لوجود عجز شديد في المستشفيات، ولكن هذا القرار لن يؤدى إلا لزيادة نسبة العجز وتقديم الأطباء لاستقالتهم، فلا يمكن إجبار الطبيب على البقاء طالما يتقاضى رواتب ضعيفة، فمن غير المعقول أن يتقاضى الطبيب في النوباتجية 70 جنيهًا!. وذكر عبدالحميد أن هذه ظاهرة الاستقالات في تزايد مستمر، متوقعًا أنه إذا لم تُحل مشاكل الأطباء ستكون الشهور القادمة بلا أطباء.