لا يستطيع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التقاط أنفاسه والنعيم بالراحة داخل بيته الأبيض، حيث تنهال الكوارث عليه من كل جانب، فحتى الآن وبعد مرور سنتين من توليه منصب الرئيس في الولاياتالمتحدة مازالت الفضائح مستمرة في الظهور واحدة تلو الأخرى، فلم يمر وقت طويل على الفضائح الجنسية والمالية التي كشفها محاميه مايكل كوهين، إلا وظهرت أمامه كارثة جديدة تجعله على حافة الإنهيار، حيث من المحتمل قريبًا الإطاحة به مثلما حدث مع الرئيس الأمريكي الأسبق، ريتشارد نيكسون، الذي أطاحت به فضيحة "ووترجيت" التي فجرها الصحفي الأمريكي، بوب وودوارد وزميله في صحيفة "واشنطن بوست" كارل بيرنشتاين. أتيحت الفرصة للصحفي الشهير بوب وودوارد، لإعادة أمجاده في كشف الفضائح عن رؤساء في السلطة، ولكن تلك المرة وجد بوب الرئيس المثالي للكتابة عنه، حيث تلاحق ترامب التسريبات والفضائح والإتهامات على الدوام، حتى أصبح الآن من السهل إسقاطه. ولد روبرت وودورد (بوب)، في جنيڤ إلينوي، 26 مارس عام 1943، وتخرج من جامعة "يل"، وهو محقق صحفي عمل سنة 1971 بصحيفة "واشنطن بوست"، وهو من أشهرالكتاب الأمريكيين، ويسمى أيضًا ب"مفجر فضيحة ووترجيت". وكان بوب، ابنًا لجين أبشر وألفرد إنوس وودورد، كبير قضاة محكمة الدائرة القضائية رقم 18، عاش طفولته في إلينوي، ثم التحق بالجامعة بمنحة من البحرية الأمريكية، حيث درس التاريخ والأدب الإنجليزي وحصل على البكلوريوس في 1965، ثم التحق بالبحرية الأمريكية لمدة خمسة أعوام، خرج منها برتبة ملازم في أغسطس 1970. شارك وودوارد، في تأليف 18 كتابًا قبل ذلك، بمثابة نظرة اختراق لرئاستي الرئيس جورج دبليو بوش وباراك أوباما، ومن بين هذه الكتب كتاب "حروب أوباما" الذي كشف فيه كيفية تعامل الرئيس السابق باراك أوباما مع قضايا الحروب في العراق وأفغانستان، إلى جانب كتاب "حالة الإنكار: بوش في الحرب" عن إدارة الرئيس بوش، حيث تحدث فيه عما كان يجري في الشؤون السياسية داخل البيت الأبيض وكشف فيه عن تفاصيل مثيرة للجدل في ذلك الوقت. ومن أقدم مؤلفاته كتاب "القادة ..أسرار ماقبل ومابعد حرب الخليج"، و"الأيام الأخيرة"، وأيضًا "كتاب الحروب السرية لل " CIAبين عامي 1981-1987، وكتاب "الحرب في الداخل"، وكانت كل تلك الكتب بمثابة كاشف للأسرار والفضائح المخفية للرؤساء، لذلك ينتظر العالم كله مؤلفات وودوارد، لمعرفة المستور. ويعرف عن الصحفي بوب وودوارد، أنه متخصص بالصحافة الاستقصائية وذو خبرة كبيرة فيها، حيث نال جائزتي بوليتزر العريقة، الأولي لتغطية "واشنطن بوست" فضيحة "ووترجيت" مع كارل بيرنشتاين، والتي تمحورت حول المخالفات القانونية الصادمة لإدارة نيكسون في سبعينيات القرن الماضي والتي أدت في النهاية إلي استقالة نيكسون. وحصل أيضًا على "جائزة بوليتزر" الثانية، في عام 2003، كمراسل رئيسي لتغطية هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، ومنذ ذلك الحين يصدر وودوارد كتابًا عن كل رئيس. مؤخرا فجر الصحفي بوب وودوارد، تلك المرة قنبلة مميتة للرئيس دونالد ترامب، من خلال كتاب جديد بعنوان "الخوف: ترامب في البيت الأبيض"، يصدر في 11 سبتمبر الجاري، يتناول فيه تفاصيل خطيرة عن الحياة المروعة التي عاشها موظفي البيت الأبيض من رجال ونساء في فترة حكم ترامب، وكيف يستخدم الرئيس الأمريكي التهديدات وتخويف الشعب لينال الاحترام. ويعد هذا الكتاب هو التاسع عشر لبوب وودوارد، البالغ من العمر 75 عامًا، واعتمد فيه على العديد من اللقاءات والمقابلات مع المصادر المباشرة ومسؤولي الإدارة والتي استمرت لمئات الساعات، بالأضافة إلى الوثائق، والملفات الشخصية لترامب، بما في ذلك المذكرات التي كتبها الرئيس الأمريكي نفسه بخط يده. ويكشف الكتاب، الذي يحتوي على أكثر من 448 صفحة، عن الحياة السرية داخل البيت الأبيض وكيف يتخذ الرئيس الأمريكي قراراته بشأن السياسات الداخلية والخارجية منذ توليه الرئاسة في يناير 2017، حيث يكشف تفاصيل ما كان يحدث داخل غرفة الاجتماعات والمناظرات التي تشكل عملية صنع القرار في البيت الأبيض في كل الملفات، بداية من قضايا الأمن القومي إلى التحقيق بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية. كما يكشف "الخوف"، عن تحقيقات رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية "أف بي أي" روبرت موللر، والجماعات اليمينية المتطرفة التي تعد أحد أعمدة دعم ترامب والتي ظهرت مخاطرها في اعتداءات "شارلوتسفيل"، إلي جانب قضايا أخري واسعة من قضايا الأمن القومي الأمريكي. ويسلط الكتاب الضوء علي المناقشات الملتهبة خلال صنع القرار في الجناح الغربي بالبيت الأبيض، والتي تسمى بقاعة مؤتمرات "جون أف كينيدي"، ويناقش فيها القرارات العسكرية والقضايا الاستخباراتية، كما تجري فيها الاتصالات الخارجية الأكثر خطورة وسرية خلال الأزمات. وكشف بوب وودوارد، النقاب عن النقاشات التي درات علي متن الطائرة الرئاسية "أير فورس وان"، أو في مقر الإقامة الشخصية للرئيس في الدور الثالث في البيت الأبيض، حيث كثيرًا ما يدخل ترامب في نقاشات وخلافات مع طاقمه. قالت مصادر مطلعة لشبكة "سى إن إن"، إن الصحفى الشهير المخضرم بوب وودوارد، أمضى 8 أشهر في كتابه الجديد، واعتمد في حواراته على أناس كانوا مع الرئيس عندما كان يأخذ قراراته المصيرية، مضيفة أن الكتاب سيعطى للقراء كرسي في الصف الأمامي أمام ترامب وفترة رئاسته في البيت الأبيض، ويجعل القارئ أيضًا وجها لوجه أمامه. وتابعت المصادر: "أن جميع المقابلات الخاصة بالكتاب تم تسجيلها بإذن من المصادر المعنية، لكن ترامب لم يجلس لإجراء مقابلة مع وودوارد، حيث آخر مقابلة له معه كانت في عام 2016 وهي التي ألهمته لتأليف عنوان الكتاب". ويستمد الكتاب عنوانه من تصريحات أدلى بها ترامب لبوب وودوارد والمحرر السياسى للصحيفة ذاتها "روبرت كوستا" في أبريل 2016عندما كان مرشحا للرئاسة، حيث سأل كوستا ترامب ما إذا كان يتفق مع الرئيس أوباما فى تصريحه الذي أدلى به لمجلة "ذى أتلانتك" بأن "القوى الحقيقية تعني أن تحصل على ما تريد بدون الاضطرار لممارسة العنف"، وبدا ترامب فى البداية متفقًا حيث قال: "حسنًا اعتقد أن هناك حقيقة معينة في ذلك، القوة الحقيقية هي من خلال الاحترام"، لكنه أضاف بعد ذلك لا أريد حتى استخدام كلمة "الخوف"، حسبما نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية. ونشرت "واشنطن بوست" تقريرًا تقوم فيه بتحليل الكتاب الجديد "الخوف"، مشيرة لاستخدام بوب وودوارد، أسلوبه في إعداد التقارير الاستقصائية وكشفه تفاصيل دقيقة عن السلطة والرئاسة الأمريكية بشكل واسع، والذي ظهر في أحدث أعماله "آخر رجال الرئيس"، حيث قام بتأريخ قصة ألكسندر بترفيلد، مساعد نيكسون الذي كشف وجود نظام تنصت داخل المكتب البيضاوي. وقالت الصحيفة الأمريكية، إن كتاب "الخوف" يفضح الأوامر التي أعطاها ترامب لاغتيال الرئيس السوري بشار الأسد، كما كشفت بعض فصول الكتاب كيف تعامل مساعدو الرئيس المقربون منه لإثنائه عن هذه الفكرة، خوفًا من وقوع مشكلات وأزمات دبلوماسية كبيرة، حيث وصف وودوارد، ما قام به هؤلاء المستشارين بالانقلاب الإداري داخل البيت الأبيض على العديد من قرارات ترامب، والتي يمكن أن تتسبب في نتائج كارثية. ونشرت الصحيفة بعض الصفحات من الكتاب، والتي سلطت الضوء على الفترة التي أصدر فيها ترامب تعليماته باغتيال بشار الأسد، حيث كشف الكتاب أنها كانت بعد الادعاءات التي انتشرت حول استخدام الأسد للسلاح الكيمائي في أبريل 2017 في "خان شيخون"، التي قتل خلالها 87 شخصًا من بينهم 30 طفلًا، حيث طلب ترامب من وزير دفاعه جيمس ماتياس، أن يغتال بشار الأسد، والذي أسماه بالديكتاتور. ونقل وودوارد، ما قاله ترامب خلال مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع، "دعونا نقلته! فلنذهب للداخل ونقضي عليه"، ورد ماتياس على ترامب قائلًا: "سأقوم بتولي هذه المهمة"، وبعد انتهاء المكالمة مع ترامب قال لمساعديه "لن نقدم على أي خطوة من ذلك، علينا أن نحسب كل خطواتنا"، ويعد ذلك ارتداد على قرارات وأوامر ترامب التي تحمل أضرارًا كبيرة بالأمن القومي الأمريكي. وكشف وودوارد، أن ترامب بعد ذلك قام بإعطاء أوامر في 6 أبريل، بشن هجوم على القاعدة السورية في حمص، وتم إطلاق حوالي 59 صاروخًا "توما هوك" عليها من قبل حاملة الطائرات الأمريكية المتمركزة في البحر المتوسط. ووصف كتاب "الخوف"، البيت الأبيض بأنه تحول إلى بيت للمجانين، حيث نقل بعض العبارات التي رددها جون كيلي، الضابط السابق في الجيش الأمريكي، والذي يعمل كبير موظفي البيت الأبيض، والتي قال فيها: "إنه الرئيس أحمق! من غير المجدي تمامًا أن تحاول أن تقنعه بأي شيء أيًّا كان.. إنه خارج السيطرة تمامًا! نحن نعمل لدى المجانين، ولا أعلم ما دور كل منا في هذه الوظيفة! إنها أسوأ وظيفة عملت فيها طوال حياتي". وأشار وودوارد في كتابه، إلى عدم قدرة ترامب على التنبؤ، وعدم فهمه للسياسة العالمية مما جعل الموظفين بالبيت الأبيض ومستشاريه يشعرون بالإحباط، حيث تسبب ذلك في "انهيار عصبي" في البيت الأبيض، حسبما وصف جون كيلي، وقال أيضًا "إن الرئيس غير متزن عقليًا". ويصف الكتاب ترامب بأنه سريع الدخول في نوبات غضب، صادرًا خلالها عبارات بذيئة، كما أنه مندفع في اتخاذ القرارات، كما أن إدارته في حالة من الفوضى، وكبار معاونيه لا يأبهون أحيانًا بتعليماته للحد مما يرون أنه سلوك مدمر وخطير. ومن ضمن العبارات البذيئة التي أطلقها ترامب على معاونيه، وصفه لرينس بريبوس، أول كبير موظفين له، بالفأر الصغير لكثرة ما أخفى أوراقًا من مكتبه، كما أن الإهانات المتبادلة لم يسلم منها أحد، فقد وصف ترامب المدعي العام جيف سيشنز، بأنه متخلف عقليًا، كما وصف ماكماستر، مستشار الأمن القومي السابق، بأنه يلبس مثل بائعي البيرة. وكشفت بعض صفحات الكتاب، عن العبارات التي قالها وزير الدفاع ماتياس، لبعض المقربين منه عنه الرئيس ترامب، والتي أكد فيها أن ترامب شخص غير متوازن، وذكاءه في نفس درجة ذكاء طالب في التعليم الأساسي. ونشرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، وثيقة خطيرة من كتاب "الخوف" كانت بتاريخ سبتمبر 2017، ويحمل نصها بلاغًا لحكومة كوريا الجنوبية بأن الولاياتالمتحدة ترغب في إنهاء اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين التي ظلت سارية لمدة ست سنوات، ويذكر وودوارد في كتابه، أن مساعدي البيت الأبيض كانوا يخشون من أنه إذا أرسل ترامب تلك الرسالة، فإنه يمكن أن يعرض برنامج أمريكي شديد السرية يمكن أن يكشف عن إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية في غضون سبع ثوان. ونقلت الشبكة الأمريكية، الوثيقة مستنسخة من كتاب وودوارد، وقالت إنها مثال واضح لكيفية قيام كبار مساعدي البيت الأبيض بسرقة وإخفاء وثائق من ترامب، يعتقدون أنها تشكل خطرًا على الأمن القومي، حيث إن الوثيقة تعود للمستشار الاقتصادي السابق للبيت الأبيض جاري كوهن، الذي قام بسحب مسودة الخطاب من المكتب البيضاوي لمنع ترامب من التوقيع عليها، ما أنهى اتفاقية تجارة حاسمة مع كوريا الجنوبية. ووفقًا للكتاب، قد قال كوهن لشريك له حينها: "لقد سرقتها من مكتب ترامب، ولن أسمح له برؤيتها، لن يرى هذه الوثيقة أبداً، يجب أن أحمي البلد". وقال جوناثان كارب، رئيس دار نشر "سايمون اند شوستر" التي سيصدر عنها الكتاب، "إن هذه القصة الداخلية عن الرئيس ترامب، يستطيع فقط بوب وودوارد أن يرويها، حيث إن الكتاب هو العمل الأكثر حدة واختراقًا لرئيس ما زال في الحكم خلال السنوات الأولي من إدارته". وبالرغم من أن إدارة ترامب، عكس الإدارات الأمريكية السابقة من جورج بوش الابن مروراً ببيل كلينون وانتهاءً بباراك أوباما، لم تمنح وودوارد فرصة لإجراء مقابلات وجمع معلومات من العاملين في البيت الأبيض من أجل الكتاب، وعلي سبيل المثال عندما طلب وودوارد من المتحدث السابق باسم مجلس الأمن القومي مايكل أنطون، ترتيب مقابلة مع مستشار الأمن القومي السابق، إتش إم ماكماستر، تم رفض طلبه رسميًا. ولذلك اتجه وودوارد، إلى الذهاب سرًا في أوقات متأخرة من الليل، إلي منازل كبار المسؤولين في إدارة ترامب بدون سابق إنذار أو طلب ميعاد، ثم يخبرهم عن الكتاب الذي يعده ويطلب منهم المشاركة بشهادات أو ملفات أو وثائق أو مذكرات. وحصل وودوارد منهم على تسجيلات واقتباسات مباشرة منقولة علي لسان ترامب سجلها مساعدوه خلال اجتماعات حول قضايا الأمن القومي، وبذلك نجح وودوارد، في الكشف عن ما يكفي من الخبايا والأسرار حول البيت الأبيض في عهد ترامب وطريقة صنع القرار فيه وشخصية الرئيس. ويحمل غلاف الكتاب صورة من قريب لوجه ترامب، يظلل عليها اللون الأحمر القاني، بينما يحدق بطريقة مخيفة، أما عنوان الكتاب "الخوف" فمن الواضح أنه سيسبب ضربة شديدة للرئيس الأمريكي قبل الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي. لكن لم يكن كتاب "الخوف" هو أول كتاب ضد ترامب، فهو ضمن العديد من الكتب التي تركز علي رئاسة ترامب، التي تصدرت عناوين الأخبار، مثل كتاب المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي "ولاء أعلي" الذي بيعت منه 600 ألف نسخة في الأسبوع الأول فقط، وأيضًا كتاب مايكل وولف "نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض" الذي بيع منه نحو مليوني نسخة. وأثارت الأقاويل التي انتشرت عن الكتاب الجديد، غضب الرئيس دونالد ترامب، لذلك قام ترامب بسب الصحفي كارل بيرنشتاين، الذي ساهم مع زميله بوب وودوارد في إسقاط الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، واتهمه بأنه يختلق القصص. وكتب في تغريدة له على موقع "تويتر"، "الفوضوي كارل بيرنشتاين، رجل يعيش في الماضي ويفكر كمنحط أحمق، يختلق القصة وراء القصة، أصبح محل سخرية في كل أنحاء البلاد". كما طال الهجوم أيضًا شبكة "سي إن إن" الإخبارية، التي تعتبر هدفًا دائمًا لترامب، حيث قال الرئيس إن الشبكة "ممزقة من الداخل بسبب كشف كذبة كبيرة لهم، وهم يرفضون الاعتراف بالخطأ"، وردت "سي إن إن" على ترامب قائلة: "لا تخطئ أيها الرئيس، سي إن إن لا تكذب، نحن ننشر الأخبار وننشر أيضًا عندما يكذب أصحاب السلطة". ونفى المتحدثون باسم البيت الأبيض، كل ما جاء في الكتاب، ووصفوها بالقصص المفبركة الهادفة إلى تشويه سمعة الرئيس، ونفوْا ما رُوي عن إخفاء كوهن أوراقًا من مكتب الرئيس، كما أصدر ماتياس بيانًا ينفي فيه تمامًا ما ورد عن وصفه لعقلية الرئيس بعقلية طالب في الصف السادس من التعليم الأساسي، كما تبعه كيلي بنفي ما ورد على لسانه بنعت الرئيس بالأحمق. وقال أيضًا الرئيس دونالد ترامب، في تغريدة جديدة على "تويتر" قبل نشر الكتاب بأيام قليلة، "كتاب بوب ودورد تم دحضه من قبل الجنرال وزير الدفاع جيمس ماتياس، والجنرال رئيس هيئة الأركان جون كيلي، تم اقتباس أقوالهما بغرض الاحتيال وخداع المواطنين، وبالمثل أيضًا قصص واقتباسات أخرى في الكتاب، هل وودوارد عميل ديمقراطي؟ هل تلاحظون التوقيت؟". لا يبدو شيئًا مما قاله بوب غريبًا على القارئ أو المواطن الأمريكي، فكثيرًا ما سُربت قصص عن ترامب بعضها صادق والآخر كاذب، لكن الجديد هنا أن الكتاب صادر عن بوب وودوارد، المشهور بمصداقيته وبثقل مصادره. ولكن حتى لو ثبت لاحقًا أن ما أورده بوب هو كذب، فقد فات الآوان على محو أثره في نفوس الناخبين وعلى استطلاعات الرأي، وستؤكد تلك الحقيقة انتخابات الكونجرس المقبلة، بعد أسابيع قليلة من الآن. ويُعرف عن بوب، في أروقة السياسة الأمريكية بامتلاكه وسائل اتصال لا تُضاهى، بل معروف بين الساسة إنك إذا أردت الوصول إلى معلومة فعليك بالتحدث إلى بوب وودورد، لأن جميع المسئولين يخبرونه بكل شيء، حيث إنه فائز بجائزتي "بوليتزر"، وهي جائزة مرموقة ولحامليها شأن خاص للغاية في الصحافة الأمريكية. كما اشتهرت كتب بوب السابقة، بأنها مملة لاستغراقه في التفاصيل، وتقصيه للمعلومات حتى الوصول إلى منبعها، لكن في حالة ترامب اختفى الملل تمامًا، وتحول أسلوب بوب إلى شيء شيق للقراء وجاذب للمبيعات. ويعد هذا هو المختلف بشأن هذا الكتاب، حيث إنك تجد المعلومة ومصدرها، ربما ينفي المصدر بعد ذلك نسبة الكلام إليه، لكن هذا هو ما اعتاده القراء بعد العديد من الكتب والمقالات التي روت مواقف وآراء ووجهات نظر شخصية حول ترامب وإدارته. جاء ذلك الكتاب، بعدة فترة وجيزة من تعرض ترامب لضربة أخرى قوية من محاميه مايكل كوهين، الذي يخضع حاليًا للتحقيق بخصوص التهرب من دفع الضرائب والاحتيال على البنوك وانتهاك قانون تمويل الحملات الانتخابية، بعدما اعترف بإنتهاك قوانين تمويل الحملات الانتخابية خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، وأكد للمحكمة أنه فعل ذلك بغرض التأثير على مسار الانتخابات وبناء على أوامر ترامب المرشح الرئاسي وقتها. وأقر كوهين، أيضًا بدفع أموال لامرأة تقول إنها كانت على علاقة جنسية بترامب لشراء صمتها وهو أمر مخالف للقانون. وقد أذاعت شبكة "سي إن إن"، قبل أسابيع تسجيلًا ناقش فيه ترامب وكوهين، دفع أموال نظير عدم نشر معلومات عن علاقة جنسية مزعومة مع العارضة السابقة في مجلة "بلاي بوي"، كارين ماكدوجال. وتحقق وزارة العدل الأمريكية في مزاعم دفع أموال لنساء، يدعين إقامة علاقة جنسية مع ترامب، مقابل صمتهن، وتعد القضية مشكلة كبيرة أخرى لترامب لأن دفع أموال غير معلنة لدفن قصص محرجة عن مرشحين سياسيين يمكن التعامل معها على أنها انتهاك لقوانين تمويل الحملات الانتخابية في الولاياتالمتحدة.