واقع مرير يعيشه الآلاف من عمال محاجر المنيا، فبين غياب التأمين الصحى ومخاطر المهنة التى لا تنتهى، يجد هؤلاء العمال أنفسهم فريسة فى منظومة العمل بجبال المنيا البيضاء، لتحقيق أجر بسيط يكاد يكفى بالكاد لحصولهم على قوت يومهم. تنطلق رحلة عمال المحاجر من الخامسة صباحاً إلى الصحراء التى يقطعون فيها بعض الكيلومترات للوصول إلى محاجرهم والدخول فى منظومة العمل الشاقة التى تنتهى مع الثالثة عصراً تقريبا، ويتخللها مصاعب يتغلبون عليها ببعض المواد المخدرة ليتمكنوا من استمرار عملهم دون توقف، أو العمل ساعات إضافية قيمة الواحدة منها 15 جنيها فقط. ويؤكد الكثير من العمال أن من بينهم من يتعاطى المخدرات بإرادته وخاصة «التامول» ليقاوم متاعب العمل، إلا أن الوجه الأسوأ هو قيام بعض رؤساء العمل بوضع تلك المواد المخدرة لهم دون علمهم فى أكواب الشاى الصباحية مع الإفطار. يقول «سمير م أ» صاحب محجر، إن العمل فى الجبل ليس سهلاً أبداً، فبعيداً عن المخاطر والتعب وكثرة تحرير المخالفات من قبل المسئولين خاصة بعد قانون الثروة المعدنية الجديد، فإن العمل فى المحاجر لا غنى عنه لآلاف المواطنين ممن يقطنون بقرى شرق النيل بالمنيا، خاصة فى ظل الحالة الاقتصادية السيئة التى تعيشها البلاد. وأكد صاحب المحجر أن تعاطى الكثير من عمال المحاجر للمواد المخدرة انتشر بشكل كبير، ولكن أكثر ما يثير غضبهم هو قيام بعض رؤساء العمل بوضع تلك المخدرات للعمال فى أكواب الشاى حتى لا يشتكون من الإرهاق فى منتصف العمل، أو ترك المحجر بعد فترة قصيرة والذهاب دون رجعة، مؤكدا أن كثيراً من أصحاب المحاجر يرفضون ذلك الأمر ولكنه واقع موجود ولا أحد يمكنه إنكاره. «أحمد ش» أحد عمال المحاجر أكد أن عدداً كبيراً من الأطفال يعملون بالمحاجر فلا يخلو محجر من الأطفال، ولكن الأزمة الحقيقية هو تحول بعضهم لمدمنين بسبب تناولهم المواد المخدرة من قبل رئيس العمال، وبعد مرور فترة لا تتجاوز العام من عملهم يقبلون على تعاطى تلك المواد بإرادتهم، مشيراً إلى أن هؤلاء الأطفال يأتون بناء على رغبة أولياء أمورهم للعمل وتحقيق مكاسب تتخطى السبعين جنيها فى اليوم الواحد، بدلاً من العمل فى الزراعة التى لا يتعدى أجرها ثلاثين جنيهاً ولأيام قليلة فى الشهر. ناشد العامل بتشديد الرقابة على المحاجر، وأهمية محاسبة من يقوم بتلك الأفعال ومحاسبتهم وفقاً للقانون، مضيفاً أن مخاطر أخرى لا تجعل العمال يعملون بشكل آمن أبرزها تعرض الكثير منهم للبتر أو الإصابات البالغة من الماكينات التى تعمل فى تقطيع الأرض (القطاعة والحشاشة). فى السياق ذاته يقول سمير نجيب رئيس اتحاد عمال المحاجر، إن وضع المخدرات للعمال دون علمهم أمر حقيقى، حيث وردت إلينا كثير من الشكاوى التى تؤكد قيام بعض أصحاب المحاجر بوضع التامول والترامادول وبعض المواد الأخرى للعمال فى أكواب الشاى، ما دفعنا إلى عقد عدة لقاءات عاجلة مع مسؤلى المحاجر وبعض رؤساء العمل وتحذيرهم من استمرار تلك الممارسات، ولكنهم نفوا ذلك وأكدوا أن تناول المخدرات لهؤلاء العمال هو من دافع أنفسهم وغالباً ما يتم قبل خروجهم من منازلهم فى فجر كل يوم حسب ذكرهم. وعن عمالة الأطفال بالمحاجر، أكد نجيب أن الخطر يطال هؤلاء الأطفال أيضا وأن بعضهم قد يتحول لمدمنين بسبب مشاركتهم العمال فى شرب الشاى بشكل يومى، وأنه لا يوجد أى حماية لهم نتيجة غياب نظام التأمين الصحى لهؤلاء العمال وعدم محاولة المسئولين تنمية هذا القطاع والاهتمام بصحة العمال رغم توريد المحاجر ما يقرب من 100 مليون جنيه للمحافظة فى الشهر الواحد. وطالب نجيب اللواء عصام بديوى محافظ المنيا بوضع خطة لتنمية قطاع المحاجر، وتأمين حياة العمال بها، مؤكداً أنها شديدة الأهمية وتساعد فى عمالة أبناء أكثر من 40 قرية بقرى شرق النيل بالمنيا، ولكنها تشهد إهمالاً جسيماً. ويؤكد محمد سيد، أمين عام نقابة عمال المحاجر بالمنيا، إن ظاهرة وضع المخدرات لعمال المحاجر فى الشاى، انتشرت بشكل كبير فى وقت من الأوقات، ولكن تم التصدى لها سريعًا، حتى أوشكت على الاختفاء ولكن فى المقابل مازالت أعداد المتعاطين للمخدرات تتزايد بشكل كبير. وأوضح أن أكثر أنواع المخدرات التى تم رصد تعاطيها فى الآونة الأخيرة للعمال كان «التامول» الذى يوجد بشكل كبير بين العمال خاصة السائقين، مشيرًا إلى أن النقابة قامت بشن العديد من الحملات للتوعية بمخاطر المخدرات، ونجحت فى إرسال أعداد من المدمنين للمستشفيات المتخصصة للعلاج من الإدمان وعودتهم أصحاء مرة أخرى. من جانبه شدد الدكتور محمد البدرى رئيس قسم الجغرافيا بكلية الآداب جامعة المنيا، على أهمية الاهتمام بقطاع المحاجر، واصفاً ما يحدث تجاهها بجريمة إهدار المال العام من قبل المسئولين وتساءل: كيف نمتلك ما يقرب من 60 كيلو متر من جبال الكربونات بالمنيا، ولا نجد أى مصنع حكومى يتم إنشاؤه للاستفادة من خيرات تلك المنطقة، وتشغيل الشباب بشكل آمن، وعودة تلك المكاسب على المحافظة، مشيرًا إلى أن أبحاث علمية كثيرة كشفت عن الجودة الكبيرة للكربونات بالمنيا، وهى مصنفة الأولى عالمياً. وأكد البدرى، أن هناك عصابات تستولى على الجبال ومحاجرها، وتستفيد من كنوزها مقابل جنيهات قليلة تدفعها للعمال أو للحكومة كرسوم تحصيل، ولكن لو تمت الاستفادة بشكل صحيح من تلك المناطق، فستحدث طفرة اقتصادية كبيرة بالمحافظات، بجانب تحسين الحالة الصحية لعشرات الآلاف من العاملين بتلك المحاجر وخاصة أنهم يعملون بشكل غير آمن تمامًا، وغالبيتهم يعانون من أمراض مزمنة بعد سنوات قليلة من العمل بهذه المحاجر. وناشد البرى جميع المسئولين بالتواصل مع أعضاء هيئة التدريس بكليات الجغرافيا والجيولوجيا، نظراً لوجود الكثير من الدراسات والخطط الدقيقة التى تكفى لحل المشكلات، وتساهم فى تنفيذ المشروعات بشكلها الصحيح. هيثم .. هيثم زيادة أسعار أكياس الدم تشعل ثورة الأطباء على وزير الصحة سيطرت حالة من الغضب والاستياء الشديد فى الشارع المصرى بعد قرار الدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة بزيادة سعر كيس الدم من 90 إلى 450 جنيهاً لأى فصيلة. وتضمن القرار أن يتم الصرف بالأسعار القديمة للمستشفيات الحكومية والتعليمية والتأمين الصحى والجيش والشرطة والمؤسسة العلاجية وأمانة المراكز الطبية المتخصصة، مع التأكيد على صرف الدم بالأسعار القديمة أيضاً لمرضى الأمراض المزمنة، سواء الفشل الكلوى أو مرضى الكبد أو الهيموفيليا، أو أطفال الحضانات، ويتم صرف الدم بالأسعار الجديدة للمستشفيات الخاصة فقط. وأكد الأطباء أن هذه الزيادة تعد بمثابة مأساة جديدة على المصريين، خاصة أن أكياس الدم هى المنقذ الحقيقى من الموت فى بعض الأمراض، مشيرين إلى أن كثيراً من المستشفيات تعانى نقصًا شديدًا فى أكياس الدم، رغم التصريحات الرسمية التى تؤكد توافرها. من جانبه، وصف محمود فؤاد مدير مركز الحق فى الدواء، القرار بالضربة القاصمة التى ستنتج عواقب وخيمة على آلاف المرضى، الذين يقومون بنقل الدم بشكل يومى مثل مرضى الفشل الكلوى ومرضى الأورام والطوارئ والحوادث ومرضى أنيميا البحر المتوسط وغيرها. وأشار إلى أن الزيادة جاءت دون مراعاة لأى حقوق للمرضى فى مصر، حيث ارتفع سعر أكياس الدم فى الأقسام الاقتصادية إلى 450 جنيها، ووحدة كرات الدم للأطفال إلى 450جنيهاً، لافتاً إلى أنها زيادات تتم فى وقت تثار فيه أقاويل حول ملف الاتجار فى الدم بمصر.. مشيراً إلى أن وزارة الصحة تمتلك 11 بنكاً وأن التكلفة الفعلية وهامش الربح يؤكد بعد الزيادة الجديدة أن الهدف هو تحقيق الأرباح لهذا القطاع الحيوى والاستراتيجى. وأوضح أن الصحة بررت قرارها بأنها حرمت المستشفيات الخاصة من التربح من الدم، إلا أن الواقع يؤكد أنه كلما ارتفع سعر الكيس فى المستشفى ارتفع السعر على المواطن، حيث وصل سعر الكيس فى العديد من مستشفيات العاصمة إلى 900 جنيه. ولفت إلى أن هناك 60 ألف مصرى يتعرضون لعمليات الغسيل الكلوى، ويحتاجون أكياس دم أسبوعياً، إضافة إلى مرضى أنيميا البحر المتوسط، والأورام، ولكن يبدو أن الوزارة ترغب فى التربح من دماء الناس. وطالب فؤاد بسرعة تدارك الموضوع وإلغاء القرار الكارثى لأنه سيساهم فى زيادة الوفيات خاصة لمرضى الأطفال والفشل الكلوى. وفى السياق نفسه، أكد الدكتور رشوان شعبان، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، أن قرار وزارة الصحة برفع سعر كيس الدم الواحد من 90 جنيهًا إلى 450 جنيهًا للمستشفيات الخاصة، سيؤثر سلباً على المصريين رافضاً هذا القرار، وأوضح أن أى رفع فى أسعار المستلزمات الطبية الضرورية سيضر بالمواطن المصرى مباشرة، وهذا ينطبق على أكياس الدم التى لا يتم استخدامها سوى فى الحالات الطارئة، ولا يمكن للمريض أن يقرر فيها مدى ملاءمة تلك الأسعار لظروفه المالية من عدمه. وأشار إلى أنه من الطبيعى أن تقوم الدولة بتوفير أكياس الدم مجانًا للمرضى، لأن مصدرها فى الغالب يكون من قبل المتبرعين. وقال الدكتور خالد أمين، الأمين العام المساعد لنقابة أطباء الجيزة، إن قيادات وزارة الصحة والعاملين على ملف الدواء فى مصر لا يمتلكون أى رؤية جديدة لحل المشكلات التى تواجه منظومة الصحة سوى زيادة الأسعار، مشيراً إلى أن هذا ليس الحل المناسب للأزمات، لأنه سيضر بالمريض فى المقام الأول. وأضاف «أمين» أن الفئات التى تحتاج لنقل دم هم المعرضون للحوادث وأصحاب الأمراض المزمنة الذين يتم نقل الدم لهم بصفة دورية، مطالباً بضرورة تخفيف العبء عن المرضى لا زيادته، نظراً لأنهم يتحملون نفقات العلاج اليومى وبالتالى فإن زيادة أسعار أكياس الدم بهذه الطريقة ستؤدى إلى الإضرار بهم بكافة الطرق والتعجيل بموتهم لا هيثم ..والأطباء يدشنون حملة جديدة دشنت لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، حملة بعنوان «نحو تأمين صحى اجتماعى شامل وعادل»، ودعت جميع المصريين للمشاركة فى الحملة، الأمر الذى أدى إلى قيام عدد كبير من الشخصيات العامة بالتوقيع على بيان الحملة، الذى جاء فيه أن مشروع القانون المقدم من الحكومة يفتح الباب أمام خصخصة الخدمة الصحية وضياع أصول المنشآت الصحية، التى بنيت بأموال الشعب المصرى عبر سنوات طويلة. وأشارت اللجنة فى بيانها التأسيسى, إلى خمس ملاحظات تتعلق بالقانون، تتمثل أهمها فى زيادة الأعباء على المشترك فى خدمة التأمين الصحى، مشيرة إلى أن القانون رفع اشتراك الزوجة التى لا تعمل، من 2٪ من إجمالى أجر الزوج، إلى 2.5 ٪، كما رفع اشتراك كل ابن من0.5٪ من أجر الوالد أو العائل، إلى 0.75 ٪، وألزم أصحاب المعاشات بدفع اشتراك الزوجة والأبناء المعالين ومساهماتهم، هذا بالإضافة إلى تخلى الحكومة عن دورها فى علاج الأطفال، لافتة إلى أن المشروع المقدم يحمل الوالد أو العائل 0.75 ٪ من أجره الشامل لكل طفل، ولا تتحمل الدولة أى نسبة، والأكثر خطورة أن المشروع يربط تقدم الطفل للدراسة بسداد أقساط التأمين الصحى، وبالتالى فالنص الحالى يضع الشعب أمام خطر شديد وهو زيادة نسبة الأمية وزيادة نسب التسرب من التعليم. وأضافت أن النسخة الأخيرة من القانون حذفت نصاً كان موجوداً سابقاً وهو ألا يقل الإنفاق الحكومى عن 3٪ من الناتج القومى. من جانبه، أكد الدكتور محمد حسن خليل، المنسق العام للجنة أن الهدف الأساسى من تدشين الحملة هو تشكيل رأى عام للضغط على مجلس النواب لرفض المشروع، مشيرا إلى أن قانون التأمين الصحى الجديد به ظلم شديد، ويزيد العبء على المواطن. وأوضح أن هناك نقاطاً كثيرة فى مشروع القانون الجديد مرفوضة، وعلى رأسها فصل التمويل عن طريق إنشاء 3 هيئات، تتولى إحداها تقديم الخدمة، والثانية تتولى الإشراف على المستشفيات التى ستقدم الخدمة وستكون ربحية، أما الهيئة الثالثة فهى للرقابة والجودة، ولم ينص صراحة على أنها غير ربحية، واكتفى بالنص على قيامها بالاتفاق مع مقدمى الخدمة بشرط الجودة، وهنا يمكننا القول إن القطاع الحكومى لا يمكن تطبيق معايير الجودة به إلا بعد توافر المقومات الأساسية، حيث يوجد عجز 55% فى التمريض و30% للأطباء و43% فى الأسرة، وهذا النقص سيؤدى إلى الإخلال بالجودة، وبالتالى سيخرج القطاع الحكومى من تطبيق مشروع القانون، مشددا على ضرورة توفير المقومات الأساسية للقطاع الصحى فى القطاع الحكومى قبل تطبيق مشروع قانون التأمين الصحى الجديد. وفيما يتعلق بتمويله، أكد خليل أن كل دول العالم تتحمل اشتراكات التأمين الصحى لطلاب المدارس منذ الولادة وحتى 18 عاماً، ولكن ينص المشروع الجديد على أن ولى الأمر سيتحمل ثلاثة أرباعه من راتبه سنوياً، وبالنسبة للعمالة غير المنتظمة، فسيتحمل العامل 4 % من راتبه، وثلاثة أرباعه عن كل طفل بمعنى أنه إذا كان لديه 4 أبناء فسيتحمل 9.5 % من راتبه الشهرى كل 3 أشهر. وأشار خليل إلى أن القانون تضمن عدة نقاط خطيرة، بينها أن العامل أو رب الأسرة إذا لم يقم بدفع اشتراكات أبنائه فسيتم وقف قيدهم بالمدرسة وهذا ما سيؤدى إلى التسرب من التعليم، مطالباً بضرورة أن ينص صراحة على تحمل الدولة اشتراكات التأمين الصحى للأطفال منذ الولادة حتى سن 18 عاماً كاملة.