تعد دورات الإرشاد والمشورة الكنسية السلاح الأخير الذي تعول عليه الكنيسة الأرثوذكسية في مواجهة مشاكل ملف الأحوال الشخصية التي تنخر في الجسد القبطي منذ عقود طويلة، وذلك في محاولة لإيجاد حلول وقائية لإنقاذ الأقباط من الدخول لمعارك "التطليق" مع الكنيسة. كانت الهيئة العليا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية قد قررت إلزام المقبلين على الزواج ب"كورسات" المشورة الأسرية كشرط لعقد سر الزيجة وذلك بدءً من يوليو 2017. الدكتور رسمي عبد الملك، أحد المحاضرين المشاركين في دورات الإرشاد والمشورة بالكنيسة الأرثوذكسية ، ورئيس لجنة التعليم والبحث العلمي ببيت العائلة أكد أن هذه الدورات تقام بشكل دوري ولا تشترط وقتاً معيناً، موضحاً أن كل ايباراشية تقيم الدورة في الوقت المناسب لها وباكتمال عدد الراغبين في تلقي الدورة. وقال "عبد الملك" ل"الموجز" إن البرنامج الذي تقدمه الدورة يكون عبارة عن تدريبات علي الحياة الزوجية وكيفية التعامل مع المشكلات التي قد تواجه الزوجين في بداية حياتهما، وكذلك التعريف بسيكولوجية الرجل والمرأة والحوار الزوجى الناجح بينهما إضافة إلى توضيح بعض الشرائع الزوجية وقوانين الأحوال الشخصية. وتابع: هناك محاضرة تتعلق بالجنس من الناحية الطبية والفحص الطبى قبل الزواج، إضافة إلي محاولة توضيح ما إذا كان هناك توافقاً بين المخطوبين أما لا. وأضاف إذا كان هناك نوعاً من عدم التوافق بين الخطيبين يقوم الأب الكاهن بإقناعهما بالانفصال قبل الزواج حتي لا يقعا في مشكلات أكثر بعد الزواج، ويكون دور القائمين علي الحملة في هذا الوقت توضيح حجم الكوارث التي ستترتب علي هذا الزواج، وتعريف المخطوبين بأن الانفصال بعد الزواج يعتبر أمراً مستحيلاً. ونوه "عبد الملك" إلي أن الدورة تهتم بالجوانب الاجتماعية والتربوية والنفسية والتعليمية والطبية للمخطوبين، قائلاً"هناك أكثر من 9 أشخاص يحاضرون في الدورة الواحدة منهم طبيب لتوضيح مدي التوافق الطبي بين الخطيبين، وأب كاهن لتعليم كيفية التعامل بين الزوجين وتقريبهما من الله والتأكيد لهم أن الزواج احد الأسرار الكنسية، وهناك محامي لتوضيح العواقب التي ستترتب علي تفكيرهما في الانفصال، إضافة إلى أستاذ اجتماع لتدريس الجانب الاجتماعي وتعليم الطرفين فن التشاجر الراقي، علاوة على تدريس بعض الأمور التي تتعلق بالأبناء وكيفية التعامل مع طفل صغير منذ أن يكون جنيناً وحتى يصل إلي سن 3 سنوات. وأشار المحاضر في دورات الإرشاد إلي أن عدد الذين يتلقون الدورة تتراوح أعدادهم بين 70 إلي 80 شخصاً ، موضحاً أن الدورة تستغرق شهرين بواقع محاضرة كل أسبوع. وقال: بعد مدة الدورة يكون هناك اختباراً شفوياً وآخر تحريرياً، وإذا نجح الشخص بنسبة أكثر من 70% يحصل على شهادة تفيد بحصوله على "كورس مشورة الارتباط". وعن المشكلات التي تواجه القائمين علي الدورة قال عبد الملك "لا توجد مشكلات كثيرة ولكن المشكلة الأكبر هو أن كثيراً من الشباب لا يستوعب فكرة حضور دورة للإعداد للزواج، فالبعض منهم لا يتقبل فكرة المحاضرات والبعض الآخر يتعجب من موضوعاتها، وأعتقد أن هذه الدورات تحتاج لبعض الوقت ليتعود الشباب عليها". وناشد "عبد الملك" الشباب الذين يشاركون في هذه الدورات بتطبيق ما حصلوا عليه في هذه الدورات في حياتهم لتجنب الوقوع في مشاكل الأحوال الشخصية. واستبعد رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي ببيت العائلة المصرية ، ما تردد حول غضب الشباب من هذه الدورات وعدم الاستفادة منها قائلاً " في البدء لم تكن الدورات إجبارية وكان يحضرها الكثير من الشباب، حتي لا تحدث لهم مشكلات بعد الزواج، ولكن الآن وبعد أن أصبحت إجبارية أصبح بعض الشباب يشاركون فيها للحصول علي أوراق فقط دون محاولة الاستفادة مما يقدم لهم ، ومن ثم فإن مدي الاستفادة من عدمه من الدورات يعود للشخص المتلقي". وعن أهم المشكلات التي يعرضها المخطوبون علي المحاضرين في هذه الدورات، قال عبد الملك "هناك صراع دائم بين الأسرة الجديدة تحت التأسيس وأسرة كل منهما الكبيرة، وهذه المشاكل العائلية تعكر صفو الحياة بين الطرفين باستمرار وهناك أيضاً المشكلات المادية التي يتعرض لها الخطيب نتيجة مبالغة أهل خطيبته في مطالبهم لذلك يجب تنظيم دورات للآباء والأمهات للتخفيف من الأعباء المادية خاصة أنها سبب رئيسي في انفصال كثير من الحالات. ولفت إلي انه لا يوجد حصر لعدد مراكز دورات المشورة علي مستوي الجمهورية، ولكن من المعروف أن هناك أكثر من مركزين في كل محافظة.. مشيراً إلى أن وزارة التضامن الاجتماعي تنظم هذه الدورات منذ فترة طويلة للشباب، كما بدأ الأزهر في الفترة الأخيرة في تطبيق هذه الدورات . وقال إن الأزهر والكنيسة يتعاونان في كثير من المجالات وبالتالي يمكن أن يكون هناك تعاون بينهم برعاية وزارة التضامن في تنظيم هذه الدورات لحل أزمة الخلافات الزوجية ،موضحاً أن اشتراك هذه المؤسسات في تنظيم هذه الدورات سيعطي نتائج جيدة . وحول دور هذه الدورات في القضاء علي مشاكل الأحوال الشخصية قال "لا يمكن أن نتوقع مدي نجاح هذه الدورات في حل مشكلات الأحوال الشخصية، ولكن علي الشباب أن يعلموا أن هذه الدورات تعليمية، ومثلما يدرس الشاب لكي يحصل علي وظيفة، لابد وأن يتلقوا هذه الدورات حتي يعرفون أهم المشكلات التي سيتعرضون لها وكيف يمكن أن يواجهونها". وطالب عبد الملك الدولة بإضافة بعض المواد التعليمية لطلاب في المدارس، قائلا "الكثير من الشباب يجهلون الثقافة الجنسية وربما يتعرضون لها من وسائل خاطئة مثل الانترنت والكتب والمجلات مجهولة المصدر، وهذا سبب أساسي لكثير من المشكلات التي يتعرض لها الزوجان في الفترة الأولي من الزواج، ويمكن حل هذه المشكلة بتدريس بعض الأمور التي تتعلق بالعلاقة الجنسية بين الزوجين في الجامعات". وأشار إلي أن الدورات التي تقدمها الكنيسة لا تتعرض بشكل مباشر إلي العلاقات الجنسية، ولكنها تقدم نبذه مختصرة عنها، ولكن من الأفضل أن يتم تناول هذه العلاقات علي يد الأطباء وأساتذة الجامعة.