اختلف رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد بين مؤيد ومعارض لفكرة مشروع قانون الضريبة التصاعدية فمنهم من اعترض على فكرة تطبيقه، ورأوا أن المناخ العام للاستثمار، والوضع الاقتصادي لا يحتمل صدور مثل هذا القانون فى هذا التوقيت، وطالبوا بإرجائه، وعلى النقيض هناك من يُرحبون بتطبيقه باعتباره يتماشى مع مبدأ "العدالة الضريبية" في ظل تفاوت الطبقات مما يُحقق العدالة الاجتماعية المرتقبة. قال خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، إن الضريبة التصاعدية ضريبة يتم فرضها على صافى الأرباح خاصة أصحاب الدخول المرتفعة، مضيفًا أنه لا يمكن أن نساوى بين الأغنياء الذين يُحققون ملايين الجنيهات كأرباح، وبين محدودى الدخل. وأشار إلى أن الضريبة التصاعدية مُطبقة فى الدول المتقدمة، وتصل إلى 70 % على بعض الدخول فى فرنسا بالتحديد، مضيفًا أنها طوق إنقاذ للاقتصاد المصرى، وتهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية. وطالب "الشافعى" بضرورة تعديل أحكام قانون الضرائب ليصبح سعر الضريبة محددًا وفق كل نشاط، وأن تكون أسعار الضريبة تصاعدية فى ضوء صافى الأرباح وليست ضريبة موحدة ب22.5 % كما هو معمول به منذ مارس 2015. كما طالب الخبير الاقتصادى بدمج قوانين الضرائب المختلفة فى قانون واحد محدد يشمل ضريبة الدخل، والمبيعات، والدمغة، لتوحيد جهة المحاسبة، بدلًا من التنقل لدى جهات مختلفة، والعمل على تطبيق نظام الشباك الواحد. وأكد "الشافعى" أن فرض ضرائب تصاعدية على صافى الأرباح لن يؤثر على جذب الاستثمار لمصر، خاصة أن الضريبة التصاعدية مفروضة فى عدد كبير من بلدان العالم، لافتًا إلى أهمية توفير مناخ جاذب للاستثمار، والتأكيد على جدية الحكومة فى منح الشركات، والأفراد تسهيلات العمل، والحصول على تراخيص الإنشاء. وطالب "الشافعى" بضرورة تشكيل لجان تُقيم فرض ضرائب تصاعدية على صافى الأرباح خلال الفترة المقبلة، للمساهمة فى سد عجز الموازنة فى وقت قياسى. وأوضح الخبير الاقتصادى، أن كثرة التشريعات المنظمة للعملية الضريبية ليست فى مصلحة الدولة، ولابد من تنقية تلك التشريعات، وتوحيدها للوصول إلى منظومة ضريبية أكثر استقرارًا. وشدد "الشافعى" على أن الضرائب التصاعدية هى أحد الحلول الاقتصادية للأزمة التى نعيشها الآن، مضيفًا أن كثيرًا من رجال الأعمال سيرحبون بتطبيقها، وأن من يرفضها هم رجال الأعمال غير الوطنيين الذين لا يهمهم مصلحة الوطن، والذين يبحثون عن مصالحهم الشخصية. ومن جانبه، قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي المصري الاقتصادي والاستراتيجي إن الضريبة التصاعدية تقضى بأن أرباح الشركات، والأفراد إذا زادت عن حدود معينة سنويًا يفرض ضريبة مختلفة تتناسب مع زيادة الأرباح. ولفت إلى أن فكرة الضريبة التصاعدية تقوم على تحصيل الضرائب التي قيمتها 22.5% من رجال الأعمال والمستثمرين، بحسب نسبة الأرباح، فكلما زادت الأرباح تزيد معها نسبة الضريبة. وأشار إلى أنه لا يُرحب بفكرة فرض الضرائب التصاعدية في الوقت الحالي، معللًا ذلك بأنها تُمثل إضافة أعباء جديدة فوق كاهل اقتصاد يواجه حالة نضوب في موارده، كما أنها ستعمل على تطفيش المستثمرين، لأن الأعباء الضريبية من السياسات التي تؤثر على حجم الاستثمار، مؤكدًا على ضرورة البحث عن مخرج لإعادة انتعاش الاقتصاد المصري، وزيادة معدلات الاستثمار. وأكد أن الضريبة التصاعدية تُضعف الاستثمارات في السوق المصرية، مما يؤدى إلى نضوب الاستثمار، حيث تُعد نوعًا من الضغوط، والأعباء التي تُلقي على عاتق رجال الأعمال، كونه أصبح ملزمًا بتسديد أموال إضافية لم يكن يضعها في الاعتبار أثناء تأسيسه للاستثمار. وفى السياق ذاته، قال المهندس حسين صبور، رئيس شركة الأهلي للتنمية العقارية، والرئيس الشرفى لجمعية رجال الأعمال المصريين إن الضرائب التصاعدية لها عيوب كثيرة، ولكن فى الوقت الحالى لابد من تطبيقها لمدة محددة، وتلغى بعد فترة وذلك للخروج من الأزمة الاقتصادية التى تُعانى منها. وأضاف أن الفقرة الثالثة من المادة 38 من الدستور نصت علي أن الضرائب التصاعدية متعددة الشرائح علي دخول الأفراد طبقاً لقدراتهم، وضماناً لتحقيق العدالة الاجتماعية، وهو ما يجب أن يتم الإلتزام به خاصة وأن معظم دول العالم تُطبق نظام الضرائب التصاعدية علي الأفراد ليس علي الشركات. وتابع:"أننا نحتاج إلي حزمة إصلاح ضريبي تُساهم في إصلاح أوضاعنا الاقتصادية حيث يجب أن تكون هناك شرائح تُناسب الدخول المرتفعة بحيث لا يتساوي الفقير مع الغني، فما المانع في أن الشخص الذي يزيد ربحه سنويًا عن مليون يُسدد 22.5% ومن يزيد ربحه عن 10 ملايين يسدد 25% لأنه من المفترض أن الضرائب تأخذ بعين الاعتبار دخول الطبقات المختلفة، ولا تُساوي بينها في تحمل الأعباء الضريبية". وأكد على ضرورة أن يتسم النظام الضريبي بالوضوح، والشفافية، والعدالة، وفقاً لضوابط واضحة، ومحددة. وطالب بأن تكون لكل شريحة نسبتها الخاصة، وتزداد وفقاً لزيادة الدخل، وبالتالي نضمن تحقيق العدالة التي نفتقدها في نظامنا الضريبي الحالي. وأكد أن الإصلاح الضريبي، والعدالة، يتطلبان تطبيق النظام علي جميع الفئات، والأرباح وعلي رأسها من يمارسون التجارة غير الرسمية، أو العشوائية الذين يجنون أرباحًا سنوية بالمليارات، ورغم ذلك لا يُسددون عنها أي ضرائب، أو رسوم. وفى نفس الصدد، رحب المهندس الاستشاري حسن رشدان بتطبيق الضرائب التصاعدية، مضيفًا أنها ستلعب دورًا مهمًا في تمويل برامج الرعاية الاجتماعية، وزيادة الدعم المخصص للفئات الفقيرة. وأكد على ضرورة أن يُسارع مجتمع رجال الأعمال لتطبيق الضريبة التصاعدية باعتبار أن الوضع الاقتصادى الحالى يستوجب من رجال الأعمال دعم الاقتصاد المصرى، ومضيفًا أن عوائد تطبيق الضرائب التصاعدية ستصب فى مصلحة البلد وستُساعد على الإنتهاء من مشروعات البنية التحتية التى يتم تنفيذها حاليًا، وستعمل على زيادة الدعم على الفقراء، ومنحهم قدرة على العيش، وتحمل الأسعار. وعلى الجانب الأخر، قال أحمد صقر، رئيس مجلس إدارة شركة الصقر للمواد الغذائية، وسكرتير غرفة الإسكندرية التجارية، إنه لا يجوز تحميل مجتمع رجال الأعمال أعباء إضافية فى الوقت الحالى، مضيفًا أن هناك مشاكل كثيرة يمر بها الاقتصاد ولا يحتمل معها أى نوع من الضرائب. وتابع "صقر" أن تطبيق الضريبة التصاعدية فى الوقت الحالي تُهدد الشركات بالتوقف، مطالبًا بضرورة تأجيلها لمدة ثلاث سنوات على الأقل. وأشار إلى وجود مشاكل عديدة تواجه مجتمع رجال الأعمال، ويأتى على رأسها تضاعف سعر الدولار، والقيمة المضافة، وزيادة أسعار الطاقة، ومضيفًا أن السوق يحتاج إلى جذب المزيد من الاستثمارات، ومن الأولى إصدار قرارات تحفيزية حتى يستقر السوق.