أكد خبراء علم اجتماع أن الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة مؤخراً مثل تعويم الجنيه، ورفع الدعم عن الوقود، ستضع الفقراء بين شقي الرحي، وتعرض 27% منهم لخطر المجاعة، موضحين أن الحكومة لم تتخذ إجراءات وقائية لحماية الفقراء. وأشاروا إلي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يضحي بالفقراء ولكنه تحمل أكثر مما يستطيع من نتائج سياسات خاطئة لأكثر من 30 سنة. من جانبه قال الدكتور صلاح هاشم رئيس اتحاد السياسات للتنمية والحماية الاجتماعية، إن القرارات التي اتخذتها الحكومة شر لابد منه لحماية الدولة المصرية من السقوط وإعلان الإفلاس حتى لو كان الأمر علي حساب الشعب، مشيراً إلي أن الخطأ الوحيد هو أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي يتحمل فساد أكثر من 30 سنة وسياسات خاطئة لأكثر من 50 سنة، إلي جانب تحمله لنتائج الاختيارات الخاطئة للحكومات السابقة التي لم تكن تمتلك رؤى صحيحة. وأشار هاشم إلي أن الحكومة لم تبنى سياسات استباقية لحماية الفئات الأكثر هشاشة لتمنحهم القدرة علي التعايش والتكيف مع قرار تعويم الجنيه الذي يتبعه غلاء الأسعار. وأضاف أن قرار تعويم الجنية يترتب عليه زيادة في أسعار السلع الأساسية بمقدار 48% في ظل ثبات الأجور والرواتب، مشيرا إلي أن هذا القرار يعرض 27,8% من سكان مصر المصنفون بأنهم تحت خط الفقر للمجاعة. وأوضح أن الفقراء هم ضحايا القرارات السياسية التي تراها الدولة بريئة في ظاهرها وهي خبيثة في باطنها، لأنها تحارب الفقر بالقضاء علي الفقراء، لأنها ترفع الأسعار دون زيادة الرواتب، مشيراً إلي أن محاربة الفقر بالاقتراض سيؤدي إلي كارثة في الشارع. وأكد أن اختيار التوقيت الخطأ الذى تم في الإعلان وعدم الحديث بشفافية أدى إلي عدم مساندتها في الشارع، خاصة أن رئيس الوزراء في مؤتمر إعلان القرارات ظهر مرتبكاً ومتخبطاً وهذا يكشف أن الحكومة تعرضت لضغوط خارجية دولية لاتخاذ هذا القرار الذي أربكها. وأشار إلي أنه لابد للدولة أن تمر بإجراءات تقشف، ولكن في نفس الوقت لابد وأن يتم ذلك بناء علي قناعات من المواطنين وليس بإجبارهم وقمعهم. ونفي هاشم أن يكون الرئيس قد ضحي أو خان الفقراء ، ولكنه تحمل أكثر مما يجب ووعد بأكثر مما يستطيع، لأنه يدفع ثمن سياسات سابقة، ولكنه يتحمل خطأ اختيار القيادات خاصة أن الحكومة لا تمتلك أى رؤى، ولا يوجد تنسيق بين أعضائها، إلي جانب أن الوزراء تنفيذيين ولكنهم لا يمتلكون رؤية واضحة. وطالب هاشم بضرورة التركيز علي ملف الإنتاج المحلي السريع، وتشغيل المصانع المتعطلة، التى ستوفر 20 مليار جنيه، إلي جانب إعادة تشغيل المشروعات الصغيرة، التى إذا تم تشغيل 70% منها سيتم توفير 20 ملياراً أخرى، كما أن تشغيل 4600 مصنع للصناعات المتوسطة سيوفر 16 مليار قابلة للمضاعفة. وأكد الدكتور عبد الفتاح درويش أستاذ علم النفس والاجتماع أن محدودي الدخل سيواجهون صعوبات عديدة خلال المرحلة الراهنة، خاصة في ظل غياب الرقابة علي الأسواق، مشيراً إلي أن إجراءات الإصلاح ستفتح الباب أمام التجار لاستغلال حاجة الناس والتلاعب بقوتهم، خاصة بالسلع الغذائية. وأشار إلي أن الحلول المقدمة من شبكات الحماية الاجتماعية غير كافية، مطالباً البرلمان المصري بعقد جلسة طارئة لمناقشة انعكاس هذه القرارات الاقتصادية علي المواطنين ومحاولة إيجاد بدائل أو تطبيق بعض الإجراءات بصورة تدريجية، مشدداً في الوقت نفسه علي ضرورة إيجاد صيغة تفاهم مع رجال الأعمال الشرفاء ومحاولة توفير تمويل نقدي بالدولار وعدم الخضوع للإجراءات القاسية التي يفرضها صندوق النقد الدولي بشأن اقتراض 12 مليار دولار علي مدار ثلاث سنوات بواقع 4 مليار دولار كل عام. وأوضح أن نتائج هذه الإجراءات سيكون من بينها عدم شعور المواطن بأي تحسن اقتصادي ملموس بسبب جشع التجار ومغالاتهم في رفع الأسعار مع عدم زيادة الرواتب ومن هنا تأتي المشكلات وتتراكم. وطالب أيضا بوضع ضوابط قاسية علي المتلاعبين بأسعار المنتجات الغذائية والأدوية ،وتغليظ العقوبات لردعهم من التلاعب بقوت الشعب، مشيراً إلي أن الحكومة مجبرة علي اتخاذ هذه القرارات، ولكن لابد من ضمان للفقراء ومعدومي الدخل. ومن جانبها أكدت الدكتورة فادية أبو شهبة الخبيرة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، أن الطبقة المتضررة من القرارات الأخيرة التي أعلنت عنها الحكومة هم الموظفون وأصحاب المعاشات، مشيرة إلي أن الأسعار ارتفعت بشكل جنونى مع ثبات الرواتب. وأوضحت أن الفقراء ليسوا متضررين لأن الحكومة وضعت لهم شبكة ضمان اجتماعي منها التموين والتكافل وغيرها، أما الموظف فراتبه ثابت والأسعار ارتفعت ولا يوجد له ضمان اجتماعي، موضحةً أن الحكومة تحاول القضاء علي الطبقات المتوسطة، بينما الأغنياء الذين يستفزون مشاعر الناس لا تقترب منهم، وإنما تساعد في اتساع الفجوة بينهم وبين الطبقة المتوسطة والفقراء من ناحية أخرى. وأضافت أن الضرر وقع علي الجميع والحكومة انتظرت حتى ارتفع الدولار إلى 18 جنيه ثم اتخذت إجراءات تعويم الجنيه، وهذا نتاج طبيعي للأيادي المرتعشة التى تترك الأمور حتى تتفاقم.