"الرجل الحديدي" و"ابن البطريرك المقرب" و"الرجل الثاني بالكنيسة".. كلها ألقاب أطلقت علي الأنبا بيشوي، مطران دمياط وكفر الشيخ، والذي يرقد الآن على فراش المرض مصارعاً الموت بعد تدهور حالته الصحية. كان "بيشوي" أحد المقربين من البابا شنودة بابا الكنيسة الأرثوذكسية الراحل، واشتهر بدفاعه عن العقيدة الأرثوذكسية بسبب الصدام المزمن مع الكنيسة البروتستانتية، حيث عمد إلى إظهار مخالفتها للكتاب المقدس، وذلك عن طريق عقد العديد من المؤتمرات التي توضح مدي الاختلاف بين العقيدة الأرثوذكسية ونظيرتها البروتستانتية. نشأ الأنبا بيشوي بمدينة المنصورة في العام 1942، بمحل عمل والده الذي شغل وظيفة مهندس هناك، وانتقل في صباه إلى بورسعيد، وبعد وفاة والده عام 1946بمدينة بورسعيد، أمضى بيشوي فترة اليتم متأثراً بحياة والده الذي عمل شماسا في الكنسية لإجادته حفظ الألحان القبطية وترديدها في كل مكان يذهب إليه. تخرج مطران دمياط في كلية الهندسة جامعة الإسكندرية عام 1963 بتقدير امتياز، وعمل معيداً بالجامعة بضعة سنوات، وخلال سنوات عمله الأولى كانت تراوده فكرة الرهبنة، وبالفعل لم يمر وقت طويل حتي مضى إلى الدير على يد معلمه القمص "بيشوي كامل" وذلك كان في 16 فبراير 1969، وظل بعد ذلك بدير وادي النطرون إلي أن رسم أسقفاً علي يد البابا شنودة الراحل في 24 سبتمبر 1972، وبعد ذلك بفترة طويلة رسمه البابا مطران لدمياط وكفر الشيخ ورئيس دير الشهيدة دميانة ببراري بلقاس وكان ذلك في 2 سبتمبر 1990. أصبح "بيشوي" أحد المقربين من البابا شنودة الراحل بعد رسامته مطرانية دمياط، وأصبحت هناك الكثير من الجلسات التي تعقد بينهما لدرجة أن بعض الأساقفة أطلقوا علية لقب "ابن البابا المدلل"، فقد كان الأنبا بيشوي متأثراً بالبابا منذ صغره حيث قال في أحد حواراته "ارتبط كثيراً بالبابا شنودة خصوصًا أثناء القداس الإلهي الذي كان يصليه بروحانية عجيبة.. فقد رأيت فيه صورة الراهب الحقيقي". اختير الأنبا بيشوي سكرتيرًا للمجمع المقدس منذ عام 1985 وحتى عام 2012 بعد نياحة البابا شنوده الثالث، حيث حل محله الأنبا رافائيل أسقفاً عاماً لكنائس وسط القاهرة، وذلك في بداية تولي البابا تواضروس الثاني، الكرسي البطريركي، وكان من المفترض أن تكون مدة تولي منصب سكرتير المجمع المقدس ثلاث سنوات فقط وبعدها يتم اختيار آخر، ولكن الأنبا بيشوي قضى كل هذه الفترة كسكرتير للمجمع المقدس لأن البابا شنوده الثالث كان يريد نوعًا من الاستقرار في الكنيسة. في أعقاب رحيل البابا شنودة الثالث عام 2011 تراجع نفوذ الأنبا بيشوي بالكنيسة ، حيث قلص الأنبا باخوميوس والذي كان قائم مقام البطريرك حين ذاك كل صلاحيات الحرس القديم، وقد جاءت الانتخابات البابوية لتضع الفصل الأخير في مسيرة المطران الأقرب إلى الكرسي البابوي بالعودة إلى مطرانيته تاركاً مقعده المفضل كسكرتير للمجمع المقدس. بعد عودته لمطرانية دمياط لم يكف "بيشوي" عن التصريحات التي تثير الجدل بين الأقباط ففي إحدى المحاضرات أصدر توجيهاته للمسيحيات بمنع لبس "البنطلون والبلوزة" خلال جلسات التناول- أحد الأسرار المقدسة بالكنيسة- وقد أعادت هذه التصريحات الأنبا بيشوي إلي الإعلام مرة أخري، مما دفع الكنيسة إلى إصدار بيان أكدت فيه أن تلك التوجيهات الكنسية موجودة داخل الكنائس منذ 20عاماً، وليست بدعة ابتدعها الأنبا بيشوي. وقد تعرض الرجل الحديدي بالكنيسة لوعكة صحية خلال الفترة الماضي نقل على إثرها إلى المستشفى، وقام الأطباء بإجراء عملية جراحية له، وقد قام البابا تواضروس بزيارته برفقته عدد من الأساقفة له للاطمئنان علي صحته.