أكدت صحيفة نيويورك تايمز، الأمريكية، أن المكاسب التي حققها حزب الجبهة الوطنية اليميني المتشدد في فرنسا، في الانتخابات المحلية التي جرت يوم الأحد الماضي، جاءت نتيجة المخاوف التي أثارتها هجمات إرهابية عصفت بباريس في 13 نوفمبر، بالإضافة لوصول موجات من الأجانب إلى أوروبا ، خلال الأشهر الأخيرة. ورغم ذلك، تقول الصحيفة إن نتائج تلك الانتخابات المحلية تعتبر بمثابة توبيخ مذل للحزب الاشتراكي ولحكومة الرئيس فرانسوا هولاند، فضلاً عن انصراف الناخبين عن حزب يمين الوسط، الجمهوريين، وزعيمه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي. وهكذا، ولأول مرة، تتقدم الجبهة الوطنية على الحزبين الكبيرين في فرنسا، بحيث حصدت 28% من أصوات الناخبين، وجاءت متقدمة في 6 من أصل 15 منطقة فرنسية. وتقول نيويورك تايمز إن مارين لو بان، زعيمة الحزب، باتت تتفاخر بإن الجبهة الوطنية أصبحت اليوم" بدون منافس لأول مرة في فرنسا". ولو عزز حزبها مكاسبه في انتخابات الإعادة يوم الأحد المقبل، فسوف تحظى بمصداقية على المستوى الوطني، ستفيدها عندما يحين موعد الانتخابات الرئاسية في عام 2017. لكن برأي الصحيفة، لن يكون ذلك في صالح أوروبا، وخاصة مع صعود أحزاب شعبوية في أكثر من بلد أوروبي، على خلفية مخاوف عبرت عنها طبقات شعبية مطحونة اقتصادياً، تعارض حالياً حكوماتها، والاتحاد الأوروبي الذي ترى أنه خذلها. وتلفت نيويورك تايمز إلى ارتفاع شعبية هولاند بعد اتخاذ حكومته إجراءات استثنائية عشية هجمات 13 نوفمبر ، ومن ضمنها إعلان حالة الطوارئ. ولكن الجبهة الوطنية كانت، ومنذ سنوات، تطالب بفرض تلك الإجراءات الجديدة، مثل تشديد الرقابة على الحدود، وملاحقة المشتبه بانتمائهم لجماعات إرهابية، وإغلاق مساجد يشرف عليها متطرفون. ونتيجة لذلك، لم تترجم شعبية هولاند المتصاعدة إلى مكاسب لصالح الحزب الاشتراكي على المستوى المحلي. وفي نفس الوقت، أخفق حزب ساركوزي في إقناع الناخبين بما يكفي بكونه بديلاً مناسباً. وكما تشير الصحيفة، لم تعوض شعبية هولاند الجديدة عن إخفاقه الأكبر، وخاصة فشله في تحقيق نمو اقتصادي في فرنسا. فقد ارتفع معدل البطالة في أكتوبر حتى وصل لنسبة 10,6%، وهو أعلى رقم يسجل منذ 18 عاماً. وتعتبر منطقة نورد باس دي كالي بيكاردي، حيث رشحت لوبان نفسها، وحصلت أكثر من 41% من إجمالي الأصوات، من أفقر المناطق في فرنسا. ولكن، وبرأي نيويوك تايمز، من يأمل من الناخبين الفرنسيين بأن تجري الجبهة الوطنية إصلاحات اقتصادية، هم في الواقع مضللون. ويرجع ذلك لأنه، وبالإضافة لرسالتها التخويفية من الغرباء، فإن وصفتها لإعادة التعامل بالعملة الفرنسية، الفرنك، وتحديد سن التقاعد عند 60 عاماً، سوف يزيد الطين بلة، ولن ينفع في إصلاح الاقتصاد. وترى نيويورك تايمز بأن الحزبين الفرنسيين الرئيسيين يجب أن ينحيا اليوم خلافاتهما المريرة، ويتحدا للتصدي لحزب الجبهة الوطنية وإلحاق الهزيمة به، بقدر الإمكان، في انتخابات الإعادة يوم الأحد المقبل. ولكن، كما تشير الصحيفة، يبدو من خلال متابعة ما يجري في فرنسا، بأن التأييد المثير للقلق، الذي حصده حزب الجبهة الوطنية، مرشح للاستمرار ما يهدد فرنسا وأوروبا، ما لم توفر حكومة هولاند فرص عمل، وتستعيد الثقة بمستقبل اقتصادي أقوى، وتعالج الانقسامات الاجتماعية العميقة. كما يستطيع ساركوزي إقناع الناخبين الفرنسيين بأن حزبه يمثل خياراً جاداً.