في الانتخابات الإقليمية التي جرت بفرنسا خلال دورتين آخرها الأمس الأحد تلقي الحزب الاشتراكي الحاكم بفرنسا هزيمة مدوية تضاف إلي هزائمه في الانتخابات الأوروبية والبلدية الماضية عندما خسر بالأمس نصف الأقاليم الفرنسية التي كان يسيطر عليها منذ سنوات طويلة، في الوقت الذي حقق فيه حزب اليمين التقليدي مكاسب كبيرة في الأقاليم وعلي رأسها ما حصده حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي يتزعمه الرئيس السابق ساركوزي الذي نجح في لملمة الحزب وإعادته إلي الساحة السياسية من جديد خلال بداية خوضه لأول انتخابات منذ عودته للساحة السياسية منذ عام رغم تعرضه للقضاء والحملات المعارضة والمنتقدة لأخطائه أثناء رئاسته لفرنسا ومحققا نقاطا إيجابيا يمكن أن تحسم اختيار الحزب اليميني له لخوض الانتخابات الرئاسية رغم وجود عملاقين كبيرين بالحياة السياسية الفرنسية وهما ألان جوبيه، وفرنسوا فيو، هذا في الوقت الذي حقق فيه حزب الجبهة الوطنية المعارض بقيادة السيدة مارين لوبن نجاحات كبيرة ومحققة الكثير من المقاعد رغم عدم حصولها علي مقاطعة كاملة ليصبح حزبها الحزب الثاني بعد حزب يمين الوسط الذي حقق المرتبة الأولي في الانتخابات. ورغم المحاولات القوية التي قام بها رئيس الحكومة الاشتراكي مانويل فالس مع الرئيس هولاند فإن كل تلك المحاولات والتغييرات لم تكن كافية لأحلام الناخبين الفرنسيين وبخاصة الحزب الاشتراكي والأحزاب اليسارية لإعطاء أصواتهم إلي تلك الأحزاب، وفي نفس الوقت راح الكثير من الأصوات إلي الأحزاب اليمينية وفضل البعض عدم الذهاب للانتخابات التي حققت نسبة حضور ضعيفة لم تتخطي ما نسبته 50% بسبب يأس الناس لتلك الأحزاب وتفضيل الحزب اليمني المتطرف عليها، وقد نوه الرئيس السابق ساركوزي عن سعادته بتلك النتائج أثناء كلمته بالحزب ورأي أن تلك النسبة لم يسبق أن تحققت من قبل لصالح حزبه وكذلك حصول الحزب علي إقليم كوريز الذي يعتبر معقل الرئيس هولاند، وكذلك عبرت مارين لوبن عن سعادتها بما حققه حزبها في الانتخابات المختلفة التي جرت بفرنسا والتي تؤشر بقوتها لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2017، أما الحزب الاشتراكي فهو الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات بعد فقدانه لأقاليم فرنسية كانت قد ظلت زمنا طويلا تابعة له وذلك بسبب تراجع الحزب الحاكم عن الدور الذي كان منوطا له في ظل أوضاع اقتصادية متردية وبطالة متفاقمة ومشاكل الإرهاب وغيرها من المشكلات الاجتماعية التي عجزت الحكومة الاشتراكية بقيادة فالس عن حلها إضافة إلي القصور الواضح لعدم وجود حلول فاعلة وناجزه خلال ما تبقي من فترة قصيرة للرئيس هولاند لن تمكنه مع حزبه في إحداث التغيير المطلوب ومحاولة استمالة الناخبين الفرنسيين وتوحيد صفوف الحزب والأحزاب اليسارية للوقوف أمام الخصم العنيد ساركوزي الذي عاد بقوة محققا خلالها إحداث شعبية كبيرة وطفرة بحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، وكذلك وقوف الحزب الاشتراكي في مأزق أكبر أمام صعود حزب الجبهة الوطنية بقيادة مارين لوبن الذي يرجح المحللون والمراقبون وصولها مع ساركوزي إلي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقبلة، يحدث ذلك والفترة لم تعد بالفترة الوردية للحزب الاشتراكي وللرئيس هولاند وكذلك لرئيس حكومته مانويل فالس الذي يظهر نفسه من خلال أفكاره وأعماله المتقدمة من أجل الحزب ليكون مرشحه البديل لخوض الانتخابات الرئاسية الفرنسية أمام خصميه اللدودين، كما يري المحللون أيضا أن خسارة الحزب الحاكم لصالح الأحزاب الأخري سواء كانت يمينية أو يسارية هي مسألة متكررة بفرنسا وتعود عليها الفرنسيون ولهذا فهي ليست بالضرورة مؤشر علي خسارة الحزب الحاكم لمقعد الرئاسة القادمة وهو ما سوف تجيب عنه الأحداث المقبلة من خلال ما سوف يقدمه الرئيس هولاند وحكومته برئاسة فالس من تغييرات واستعدادات.