أبرز علماء القافلة الدعوية التي أطلقتها وزارة الأوقاف في جنوبسيناء، اهتمام الإسلام بضرورة التضامن العربي والوحدة الإسلامية في مواجهة الإرهاب والتحديات، مؤكدين دعوة الإسلام إلى الوحدة والتكاتف والتعاون والتآلف، والتعاطف والتضامن والأخوة والتآزر، حتى يكونوا جميعًا كالجسد الواحد من أجل تحقيق السلام الاجتماعي، حيث أوضح الدكتور محمد سالم أبو عاصي، عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، عظمة الدين الإسلامي في دعوته إلى القيم الإنسانية والأخلاقية، ليس بين أتباعه فقط، بل بين جميع البشر، ومن ذلك دعوته إلى الوحدة والتكاتف والتضامن، حيث قال تعالى:"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"، لاسيما ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى". وقال الدكتور هاني السيد تمام، مدرس الفقه بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر في أثناء وجوده في شرم الشيخ: وحدة الأمة والتعاون والتنسيق فيما بينها، في جميع المجالات، مطلب أساسي لا غنى عنه لأي أمة تريد الفلاح والتقدم والرقي ومواجهة الشدائد والتحديات، حيث يقول الحق سبحانه: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ"، فالأمة التي يريدها الإسلام أمة واحدة متآلفة متعاونة، ويقول تعالى: "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ"، ويقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، داعيًا إلى الاتحاد ووحدة الصف، ناهيًا عن التفرق والاختلاف: "إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ". ومن جانبه أكد الدكتور أشرف فهمي، مدير عام المتابعة الفنية بوزارة الأوقاف، أن الإسلام كما دعا إلى الوحدة والتآلف نهى وحذر من التفرق والاختلاف، فهما سبب رئيس لكل ضعف وانكسار، حيث يقول الله تعالى: "وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ"، ويقول سبحانه:"وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"، فإن الاختلاف والتفرق بين المسلمين له خطورته وأضراره البالغة، فيمنع التعاون والتضامن فيما بينهم، مما يتسبب في تفكيك الأمة وتمزيق أوصالها، وهدم وحدتها وتفريق كلمتها وتبديد طاقاتها المادية والعسكرية والفكرية . كما أوضح الدكتور محمد خطاب، معاون رئيس القطاع الديني بالوزارة، أننا في حاجة ملحة، أكثر من أي وقت مضى، إلى تعميق وترسيخ الانتماء الوطني، والإحساس بقيمة وأهمية الدولة الوطنية، وإعلاء المصلحة الوطنية على أي مصالح أخرى، وأن يكون الإخلاص لها مقدمًا على أي مصالح حزبية أو فئوية أو تنظيمية محلية أو دولية، فقد أعلى الإسلام من قيمة الوطن وأهميته، حيث نظر نبينا صلى الله عليه وسلم إلى مكةالمكرمة حين أُخرج منها مخاطبًا إياها: "عَلِمْتُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللهِ، وَأَحَبُّ الأَرْضِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَوْلاَ أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ". وأشار الشيخ محمد الدومي، إمام وخطيب بالأوقاف، إلى أن أمتنا العربية في هذه الآونة تمر بمرحلة صعبة، تستوجب من الجميع التكاتف والتعاون والاعتصام، وأن تكون يدًا واحدة في مواجهة التحديات، حيث قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا". ولفت الشيخ جلال شريف، مدير الدعوة بجنوبسيناء، إلى أنَّ الوحدة العربية والتضامن العربي أصبحت ضرورة حتمية لها أهميتها في حماية مصالحها وأنظمتها السياسية، ومواجهة أطماع المستعمرين ومؤامرات الغزاة لإضعاف الأمة العربية وتفتيتها ليسهل لهم السيطرة عليها، مشيرًا إلى أن التضامن العربي الحقيقي يجعل من الأمة العربية مجتمعة رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه في المحافل الدولية السياسية، أو التكتلات الاقتصادية، أو في مجال الفكر والثقافة والإنتاج الإعلامي، فالأمة العربية متكاملة متضامنة يمكن أن تشكل كيانًا سياسيًّا واقتصاديًّا كبيرًا بما تملك من إمكانات وميزات، فالتضامن العربي يعنى التعاون الحقيقي من أجل بناء المجتمعات، وتقوية وحدة الأمة، ويجب أن يشمل مختلف نواحي الحياة سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا وعسكريًّا، لأن التضامن القاصر على جانب دون بقية الجوانب يظل قاصرًا، غير ملب لطموحات الأمة، فالأمة في أشد الحاجة إلى نهضة شاملة، وتضامنٍ شاملٍ، والتضامن الشامل يتطلب تكامل الجهود، وحشد الطاقات، وهذه الشمولية تتطلب منا جميعًا العمل معًا لمواجهة حقيقية للإرهاب والجماعات الإرهابية التي يتعرض لها العديد من أقطار أمتنا، حتى يتحقق الأمن والسلام للأمة العربية وللعالم كله. وقال الشيخ أسامة حسن موافي، مدير إدارة أوقاف شرم الشيخ، إنَّ ظاهرة الإرهاب تعدّ من أخطر التحديات الداخلية التي تواجه العالم العربي والإسلامي، فهي ليست وليدة اليوم ولا الأمس، وإنما عرفها العالم منذ وقت طويل، ولكن الجديد هو ازدياد حوادثها، واتساع نطاقها، وازدياد ضحاياها، وظهور أشكال جديدة لها بشكل مخيف، إذ اتجه الإرهاب إلى القتل والتدمير للأبرياء دون تمييز بين طفل وامرأة وشيخ وشاب، وتعدى ذلك إلى الحرق والتنكيل والتمثيل بالقتلى، وفي كثير من الأحيان تحت شعار إسلامي، وبصيحات الله أكبر، مع أن الإسلام براء من كل ذلك، فهو دين الرحمة، ودين الحضارة، ودين الإنسانية، حرم الدماء والأعراض والأموال، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:"وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ" ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع الجامعة: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هذا" ثُمَّ قَالَ: "أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ" فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: "اللهُمَّ اشْهَدْ".