أنشئت المساجد لعبادة الله وأداء الصلوات، لكن من المؤسف أن نجد من يستغلها للتربح والحصول على أموال حرام، خاصة من قيادات وزارة الأوقاف، المسئولة عن بيوت الله والدعوة و"قال الله وقال الرسول" في مصر.. واستمرارًا لما تنشره "الموجز" عن الفساد الذي ملأ وزارة الأوقاف، أفادت قضية حملت رقم 120 لعام 2014، حققت فيها النيابة الإدارية، أنَّ أهالي وروّاد مسجد إبراهيم الدسوقي في العياط بمحافظة الجيزة، تقدموا بشكوى لوزارة الأوقاف تفيد بأنه تم إهدار مليونًا ومائتان ألف جنيهًا، في بناءه منذ عام 1993 حتى عام 2011، حيث كان المهندس مجدي أبو عيد، هو المسئول عن بناء المسجد في ذلك الوقت، بمشاركة المهندس مصطفى ربيع، كما طرحت مديرية أوقاف الجيزة العملية للمناقصة لإجراء الصيانة لأعمدة المسجد وبعض أعمال التشطيب، ثلاث مرات، رغم مرور أعوام قليلة على بناءه. وأشارت الشكوى إلى وجود تزوير تقرير غير مختوم، لاستشاري وزارة الأوقاف عن معاينة حالة المسجد حينذاك. وأفاد تقرير المهندس الاستشاري لوزارة الأوقاف، الصادر في 28 يونيو 2010، أنه اتضح من معاينة المسجد وجود شروخ ظاهرة في الواجهات، علاوة على أن المأذنة غير مكتملة الارتفاع، كما أنه يوجد شروخ رأسية بالأعمدة التي تتوسط صحن المسجد، وذلك رغم تنفيذ قميص للأعمدة، تلاحظ وجود فروق بين بلاطات أرضية صحن المسجد، نتيجة هبوط بالأرضية. كما تبين من التقرير أن الشروخ الظاهرة في الأعمدة التي تتوسط المسجد إمّا بسبب ضعف مكونات الخلطة الخرسانية للأعمدة، وإمّا بسبب عدم تركيب كانات بالعدد الكافي، علاوة على وجود شروخ بالقميص، لأنه لم ينفذ بالطريقة الهندسية السليمة حيث إن القميص لم ينفذ بكامل الارتفاع ولم يتم ربطها بالعمود الأصلي أو الأساسات. وتمثلت توصيات المهندس في أنه تم تنفيذ المسجد بدون إشراف هندسي فعلي وعدم تنفيذ الأعمدة طبقا للمواصفات للكود المصري، وعند تدعيم الأعمدة تكرر الخطأ ولم يتم التنفيذ طبقًا للمواصفات.. وأوصت بضرورة إغلاق المسجد وعدم استخدامه لحين معالجة وتدعيم الأعمدة بالطريقة الصحيحة، إضافة إلى ضرورة اتخاذ الاجراءات والاعتبارات اللازمة لتحديد رتبة الخرسانة وكذلك الكشف على الأساسات وطريقة ربط القمصان بالأعمدة والأساسات وعمل اللازم لتدعيم تلك الأعمدة بالطريقة المناسبة بعد اجراء الاختبارات. كما تضمنت اتخاذ الاجراءات القانونية كافة والفنية نحو محاسبة من قام بتنفيذ المسجد وتدعيم الأعمدة وكذلك استخراج تراخيص التنكيس للمسجد على أن يتم أعمال التدعيم والتنكيس تحت إشراف مهندس استشاري ذو خبرة كبيرة في هذا المجال ومعتمد من نقابة المهندسين والتنفيذ بمعرفة شركات متخصصة في أعمال التدعيم. وحصلت "الموجز" على التقرير المزور التي أشارت إليه شكوى الأهالي، حيث تضمن اختلافًا مع التقرير الأصلي: مراجعة ما تم تراخيص للتدعيم والتنكيس واستكمال الإجراءات لتنفيذ أعمال التدعيم والتنكيس بمعرفة شركات متخصصة في هذا المجال ذو سابقة خبرة مشهود لها من جهات تنفيذ الأعمال المماثلة تحت إشراف المتخصصين في الوزارة ومتابعة المكتب وفق خطة التدعيم والتنكيس والقرارات الصادرة للمشروع. وكشف تقرير صادر عن الإدارة المركزية للشئون الهندسية، العامة للتشييد والبناء، في شهر ابريل عام 2013، عن متابعة ملفات المسجد، أن المهندسة داليا فؤاد محمود، عاينت المسجد وتوصلت إلى أنه تمت عملية إشهار المسجد في 20 مايو 1993، بمبلغ 14595600 جنيهًا. كما تضمن: توفي المقاول قبل استكمال الأعمال وتم تشكيل لجنة لاستلامها في 15 مارس 1995، التي تمت وهي: أعمال الحفر والردم والأساسات والمباني والأعمدة ودكة الأرضيات، حيث بلغت جملة الأعمال المنتهية 639940 جنيهًا، وتم الإشهار مرة أخرى عن الأعمال المتبقية في 13 يونيو 1996، وتمت الترسية على الشركة الثلاثية بمبلغ 179776 جنيهًا واستلم المقاول الموقع في 19 أكتوبر 1996. وقال التقرير إنه تم الانتهاء من باقي الأعمال في 4 سبتمبر 1997 بمبلغ ختامي 284034 جنيهًا، وتم إضافة أعمال السور بمبلغ 3683 جنيهًا، ولكن حدث شروخ بالأعمدة مما ترتب عليه عمل صيانة وترميم للمسجد في 16 أكتوبر 2005، وبلغت المقايسة 722850 جنيهًا، منوهًا بأنه تم تسليم الموقع للمقاول بتاريخ 12 نوفمبر 2005، ومدة التنفيذ 6 أشهر، وتم التسليم الختامي في 16 ابريل 2006 بمبلغ قدره 854240 جنيهًا. كما أوضح أن مديرية أوقاف الجيزة تقدمت بطلب لإعادة صيانة وترميم المسجد، وذلك بعد حدوث شروخ بقمصان الأعمدة التي سبق ترميمها من قبل بناءً على شكاوى الأهالي بالمنطقة، إذ إنَّ المسجد حديث البناء وبالرغم من ذلك حدث شروخ بالأعمدة وتم معالجتها من قبل ولكن حدث شروخ بالقمصان أيضًا مرة أخرى، لذلك تقدمت المديرية بطلب لإعادة صيانة وترميم المسجد تبعًا لخطة الإشهار المحلي، مشيرًا إلى أنه تمت الموافقة على الإشهار بتاريخ 10 أغسطس 2011، بمبلغ 400.000 جنيه، وقام استشاري الوزارة، الدكتور إبراهيم بلحة بعمل تقرير لأسلوب معالجة الأعمدة. ولفت إلى أنه يوجد تقريرين ل"بلحة" والرأي فيهما أن التنفيذ تم بدون إشراف هندسي فعلي وعدم تنفيذ الأعمدة طبقًا للمواصفات بالأكواد المصرية، إضافة إلى أنه عند تدعيم الأعمدة تكرر الخطأ ولم تتم طبقًا للمواصفات المصرية مرة أخرى وأن ذلك خطأ المهندس المشرف للعملية. وأوصى التقرير بتشكيل لجنة هندسية مكونة من مهندسي الديوان العام، مديرية أوقاف الجيزة لاستلام الأعمال بالمسجد وذلك بعد الانتهاء من جميع الأعمال للتأكد من سلامة الأعمال المنفذة، مع دراسة أسباب حدوث شروخ بالأعمدة بالرغم من أن المسجد حديث البناء، وحدوث شروخ مرة أخرى بالقمصان للأعمدة وذلك حتى يتلافى حدوث أي شروخ مرة أخرى مستقبليًّا والتأكد من سلامة المنشأ حفاظًا على أرواح المصلين. كما أوصى بإحالة جهاز الإشراف على الأعمال الخاصة بالمسجد من بداية الإحلال والتجديد للمسجد ثم عمل مرتين صيانة نتيجة لضعف الإشراف والعرض الخطأ على الوزير. ووفقًا لمذكرة أخرى صادرة عن مدير الصيانة والترميم، المهندس محمد محمود علي مدير عام التشييد والبناء، المهندس مجدي عبدالله أبو عيد، مدير عام التشييد والبناء حينذاك، وهو المهندس المسئول عن بناء المسجد وقت ما تم بناءه وسببًا في إهدار المال العام، كما أوضحت شكوى روَّاد المسجد، ؛ في 12 ديسمبر 2011، تم مطالبة رئيس الادارة المركزية للشئون الهندسية، بالموافقة على قيام المديرية بعمل الإشهار المحلي للمسجد بتكلفة قدرها 400000 جنيهًا، وذلك طبقا للقانون 89 لعام 1998 ولائحته التنفيذية على أن يتم الصرف من بند الصيانة والترميم.