محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    الجيش الأمريكي: جماعة الحوثي أطلقت صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر    الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما داعما لفلسطين في برلين    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    مجلس جامعة كولومبيا يصوت على قرار للتحقيق مع الإدارة بعد استدعاء الشرطة لطلبة متضامنين مع غزة    4 أيام متواصلة.. تعرف على عطلة شم النسيم وعيد العمال والإجازات الرسمية حتى نهاية 2024    اليوم.. جلسة محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب وقذف عمرو أديب    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    واشنطن تعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 6 مليارات دولار    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    حدث بالفن|شريهان تعتذر لبدرية طلبة وفنان يتخلى عن تشجيع النادي الأهلي لهذا السبب    محمد هلب: السيارات الكهربائية بمثابة مشروع قومى لمصر    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    تعطيل الدراسة وغلق طرق.. خسائر الطقس السيئ في قنا خلال 24 ساعة    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    وسام أبو علي يدخل تاريخ الأهلي الأفريقي في ليلة التأهل للنهائي    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل استخدمت «المافيا الإيطالية» أبوهشيمة وشريكه القطرى؟!
نشر في الموجز يوم 14 - 02 - 2015

استقدام شركة إيطالية تستثمر فى إيران وقطر فى توقيت «مريب» طرح السؤال:
القصة الكاملة لعقد شركة «دانيللى» الذى تم توقيعه فى مجلس الوزراء بحضور هشام قنديل
غالبية (إن لم يكن كل) الصفقات التى عقدها رجال أعمال طوال فترة حكم الإخوان، تحتاج إلى مراجعة دقيقة، وإلى فحص شامل يبدأ من طبيعة الشركاء وهل لهم علاقات بالتنظيم أم لا، وامتدادات الشركات «الأجنبية» وهل لها علاقة رسمية أو غير رسمية بدول أو كيانات، والأخطر لو كانت لهذه الشركات علاقة بعصابات دولية أو أجهزة مخابرات دول.. وقبل ذلك كله هل تدعم هذه الشركات أو هؤلاء الشركاء تنظيمات إرهابية أم لا؟
هل تتذكر قرار الرئيس المؤقت عدلى منصور الخاص بتعديل قانون مكافحة غسيل الأموال ليضم تمويل الإرهاب؟
ألا يدفعنا وجود هذا التعديل إلى التركيز على رجال أعمال كانوا (وربما لا يزالون) مقربين لجماعة الإخوان؟
ألا تكون المخاوف مشروعة من رجال الأعمال الذين ذاع صيتهم فى مناصرة الجماعة خلال فترة حكمهم أو اغتصابهم للسلطة؟!.
لا نكشف سرا لو قلنا إن هناك عددا كبيرا من قضايا الفساد المالى، وإن هناك بلاغات (جارى التحقيق فيها) تتهم رجال أعمال إخوان بعدم السماح بإقامة مشروعات تجارية أو صناعية أو استثمارات إلا من خلالهم. ومعروف أن كثيرين من رجال الأعمال كانوا يضطرون للقبول بشراكة رجال الأعمال الإخوان، حتى يهربوا من الضغوط الكبيرة التى كانت تمارس عليهم، أو يحصلوا على ميزات خاصة، أو خوفا من منعهم من العمل فى مصر والتضييق عليهم من جانب السلطات!
علينا هنا أن نعود إلى الوراء قليلا ونتذكر عددا من رجال الأعمال، صدرت عنهم تصريحات، فى 2012 بالتزامن مع حكم جماعة الإخوان، ومنهم رجل الاعمال احمد ابو هشيمة الذى كان (ولا يزال) صاحب النصيب الأكبر، من الاتهامات بأنه عمل مع الإخوان أو عمل لصالحهم أو لحسابهم!
لم تكن العلاقة الطيبة بين أحمد أبوهشيمة وحسن مالك، رجل الأعمال والقيادى الإخوانى، خافية على أحد، خاصة بعد استحواذ أبوهشيمة على عدد من شركات الحديد والصلب وتوسيع نسبة مساهمته فى سوق الحديد المصرى مع شريكه القطرى محمد بن سحيم آل ثان الذى ينتمى إلى العائلة الحاكمة فى قطر.
بين كل علامات الاستفهام «الواجبة» تبرز واحدة على قدر كبير من الأهمية والخطورة، وتتعلق بامتدادات وعلاقات الشركات «الأجنبية» يستقدمها هو وشركاؤه للسوق المصرى! وبينهم مثلا شركة دانيللى الإيطالية، التى وصف أبوهشيمة الاتفاق الذى تم توقيعه يوم 12 سبتمبر 2012 بحضور هشام قنديل رئيس وزراء «الإخوان» معها بأنه خطوة هامة لتشجيع الاستثمارات الأجنبية للقدوم إلى مصر.
ولا بد هنا أن نتوقف طويلا أمام تاريخ توقيع الاتفاق ومكانه، ولم تكن صدفة بالطبع أن يكون التاريخ قبل يوم واحد من زيارة محمد مرسى إلى إيطاليا فى 13 سبتمبر 2012 وحتى تكتمل الصورة نوضح أن أبوهشيمة قال فى تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن هذه الاتفاقية كان من المقرر أن توقع بداية العام المقبل إلا أن الجانب القطرى «الشريك الأساسى» رأى التعجيل بها من أجل المساهمة فى استقرار الاقتصاد المصرى وإدخال تكنولوجيا حديثة للسوق حيث يعتمد المصنع الجديد.. وبالمرة، نشير إلى أن تكلفة المصنع الجديد تصل إلى نحو 4.1 مليار جنيه!
ولعلنا نتذكر هنا أن أبرز ما ناقشه محمد مرسى خلال لقائه وزير الخارجية الإيطالى جوليو تيرسى سانتا جاتا، هو الدعم الإيطالى لمصر وما يمكن أن تقدمه إيطاليا لدعم الاقتصاد المصرى خاصة فى مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب التعاون الثلاثى مع دول أخرى مثل ليبيا عن طريق الشركات العاملة فى البلدين. وضع خطوطا كثيرة تحت ليبيا وحلم إيطاليا الدائم باستعادة نفوذها القديم عليها والسيطرة عليها!
وضع الخطوط تحت ليبيا، سيكون مفيدا لو ربطنا بين زيارة مرسى والشركة التى وقع معها أبوهشيمة الاتفاق قبيل يوم واحد منها، وهى الشركة نفسها التى اتخذت أولى خطوات التعاون بين إيطاليا وإيران!
ففى يوم 21 فبراير 2014 أعلنت شركة دانيللى الايطالية استعدادها لبناء معمل تصميم وإنتاج الأجهزة والمعدات المنجمية على الاراضى الايرانية، كما ان وفدا تجاريا ايطاليا سيزور ايران لبحث سبل الاستثمار فيها. وأكد رئيس هيئة إدارة منظمة تنمية وتحديث الصناعات المنجمية (ايميدرو) مهدى كرباسيان، خلال لقائه أعضاء الهيئة الادارية ومدير عام شركة دانيللى، على تعزيز التعاون بين البلدين، موضحا ان شركة ايميدرو مستعدة للتعاون والاستثمار المشترك مع دانيلى لبناء معمل إنتاج الفولاذ تبلغ طاقته 5 ملايين طن.
وأضاف كرباسيان «هناك الكثير من الشركات الأجنبية أبدت رغبتها فى التعاون مع ايميدرو فى قطاع المناجم والصناعة المنجمية»، معلنا: «أننا نعمل على التسريع فى وتيرة العمل وإنتاج الصلب فى ايران». ومن جانبه أعلن جيان بيترو بندتى مدير عام شركة دانيلى الايطالية استعداد الشركة لتعزيز التعاون مع ايميدرو فى مجال المناجم والصناعة المنجمية لاسيما فى مجال إنشاء معمل الصلب، مشيرا إلى بدء أعمال بناء معمل الصلب فى اصفهان (وسط ايران) الذى من المتوقع ان يتم تدشينه خلال 15 شهرا القادمة.
وبمجرد إعلان شركة دانيللى، قام وفد تجارى ايطالى برئاسة روزاريو الساندرو رئيس غرفة التجارة الايطالية الايرانية المشتركة بزيارة طهران لدراسة الطاقات الاقتصادية الايرانية، وعرفنا وقتها أن الوفد أجرى خلال الزيارة التى دامت 4 أيام لقاءات مع المسئولين الاقتصاديين الايرانيين، كما انه شارك فى ندوة اقتصادية تناولت الطاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارات الاجنبية فى ايران.
وكان التقارب الإيطالى الإيرانى هو أولى خطوات الاتفاق الإيرانى الغربى الذى ظهرت انعكاساته على الملف السورى، القضية الفلسطينية، الانسحاب الأمريكى من أفغانستان وعلى الملف العراقى. وهنا قد يكون مفيداً عرض جزء من الوقائع والأحداث التى طرأت على العلاقات الإيرنية الإيطالية، وبوتيرة متسارعة، فى الآونة الأخيرة.
الثابت هو أن إيران تُعدّ سوقاً جاذبة للاقتصاد والاستثمار الإيطالى وذلك لسببين مهمّين، إذ يحلّ الوضع السكانى فى المقام الأول، حيث إن 61٪ من السكان فى إيران هم من الفئة العمرية بين 14 و61، أى سن العمل.
ويأتى كل من قطاع صناعة الأغذية الزراعية وقطاع صناعة البتروكيماويات، فى المرتبة الثانية. تفيد بيانات غرفة التجارة والصناعة الإيطالية – الإيرانية أن إيطاليا، وبالرغم من العقوبات الاقتصادية، ما زالت تحتل مرتبة الشريك التجارى الأوروبى الأول لإيران. تستورد إيران من إيطاليا ما يقارب 6% من احتياجاتها من قطاع الزراعة والصناعة البتروكيميائية، بينما تشترى إيطاليا ما يقارب نسبة 17.1٪ من الصادرات الإيرانية.
حالما أُعلن الاتفاق النووى الأولى بدأت «تكرّ سبحة» الانفتاح الإيطالى على الجمهورية الإسلامية. بعدما استقبلت روما وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف، زارت نظيرته الإيطالية، إيما بونينو طهران فى 21 – 22 من ديسمبر 2013 على رأس وفد سياسى واقتصادى رفيع المستوى، فى زيارة تعدّ الأولى لوزير خارجية إيطاليا منذ عشر سنوات، والأولى لوزير خارجية بلد أوروبى منذ انتخاب الشيخ حسن روحانى. تبعت هذه اللقاءات بأيام معدودة زيارة لرئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس الشيوخ بيار فرديندو كازينى فى 4 – 5 يناير 2014، كذلك تجرى الترتيبات للزيارة المرتقبة لرئيس مجلس الوزراء إنريكو ليتا إلى طهران، وزيارة مماثلة للرئيس روحانى إلى روما.
من المهم الإشارة أيضاً، إلى إن زيارة بونينو أتت بعد لقاءين؛ الأول عقد فى فيينا بين رئيس مجلس إدارة مجموعة «إينى» الايطالية للطاقة باولو سكارونى، ووزير النفط الإيرانى بيجان نمدار زنقانة، على هامش اجتماع لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، مطلع ديسمبر 2013، والثانى عقد فى طهران فى 17 – 18 ديسمبر، بين وزير الخارجية الإيطالى الأسبق ماسيمو داليما، ووزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف.
إن المقياس الأساسى لهذه العلاقة المتبادلة يتمثّل فى تلبية الأولويات المتقاربة للطرفين. من جهة، هناك الحاجة الإيطالية لتجاوز أزمتها القاتلة من خلال تفعيل وتيرة التعاون مع إيران والمساهمة فى تحقيق الأمن فى الشرق الأوسط، ومن جهة ثانية تتبلور حاجة إيران إلى الاستمرار فى تقليص الضرر الناجم عن العقوبات والاستفادة من «شهور العسل»، التى تلت الاتفاق الأولى، وربما تلك القادمة من بعد شهر يونيو 2014. إن أبعاد هذا الطموح المتبادل هى جيو- سياسية محضة، ولعل المرحلة الحالية فى تجدد النظام العالمى هى الفرصة الأفضل للطرفين لتحقيق بعض المكاسب؛ واستعادة روما جزءا من نفوذها ودورها فى المنطقة، وتكريس إيران نفسها كقوة إقليمية.
تتبنى إيطاليا (ومعها الاتحاد الأوروبى) فكرة أن الحل الرئيسى للأزمة الاقتصادية الإيطالية (ومعها الأزمة الأوروبية) يكمن فى التوجه نحو الضفة الجنوبية للمتوسط، وفى الانفتاح على السوق الإيرانية. تولى إيطاليا أهمية مطلقة لإعادة رسم نفوذها وحضورها الجيو- سياسى من خلال استغلال أهم ملفين فى المنطقة؛ سوريا وإيران. من هذا المنطلق، شاركت فى غزو ليبيا، ودعت الدبلوماسية الإيطالية إلى ضرورة تبنى الحل السلمى فى سوريا، وفى الملف النووى الإيرانى، وعارضت استبعاد إيران عن مؤتمر «جنيف 2»، الذى تشارك فيه كمكافأة لتقديمها أحد موانئها البحرية (جويا تاورو فى كالابريا) كاستراحة للسلاح النووى السورى فى طريقه للوجهة النهائية.
فى المقابل، صرّحت إيران بدعمها لترشحّ إيطاليا لعضوية مجلس الأمن. لا يخفى على المطّلع على كواليس السياسة الخارجية الإيطالية أن إيران هى الشغل الشاغل للساسة فى روما، وليس أمراً خافياً على أحد أن مقر السفارة الإيرانية فى شارع نومنتانا، يعجّ يومياً بالضيوف والوفود على كافة أنواعها؛ الحكومية، مجلسى النواب والشيوخ، غرف التجارة، الجامعات، الهيئات المحلية والمنظمات غير الحكومية. كل هؤلاء ينتظرون تأشيرة الدخول إلى طهران.
إن العلاقات الإيطالية الإيرانية تتميز بعمق التبادل التجارى، الذى استمر فى التقدم بالرغم من التغييرات التى طرأت على الحكومات فى كلا البلدين. خلاصة لما تقدّم، تميّزت هذه العلاقة فى مرحلة ما قبل الاتفاق النووى ب: كثيرٌ من الاقتصاد وقليلٌ من السياسة. ومن الواضح أن المعادلة ستتغير فى المرحلة المقبلة لتصبح؛ كثيرٌ من السياسة وكثيرٌ من الاقتصاد، وكانت إيطاليا كما قال الرئيس روحانى «بوابة» إيران للتفاعل مع أوروبا.
لتكتمل الحلقة، نضيف أن شركة دانيللى تعمل فى قطر من يونيو 2005 وأنه فى السادس منه أبرمت شركة قطر للحديد والصلب (قاسكو) وشركة دانييللى الإيطالية عقدا قيمته 97.5 مليون يورو لإنشاء مصنع لصهر الحديد وإنتاج الصلب. وقد اختارت قاسكو شركة دانييلى سنتروميت الإيطالية لتقوم بأعمال التحديث والتوسيع الرئيسية لمصنعها المتخصص بالصهر، لإضافة قدرة إنتاجية تصل إلى 600 ألف طن سنويا لقضبان الصلب.
وقتها، قال بيان للشركة القطرية إن قاسكو وشركة دانييلى تعتزمان توسيع شراكتهما فى مصانع التوسعة المستقبلية التى ستضع قاسكو فى الموقع الأبرز من حيث تجهيز مواد الحديد والصلب على مستوى قطر والبلدان المجاورة وسيجعلها أحد أفضل مصنعى الصلب إنتاجا وتقدما فى المنطقة.
ولعل الصدفة أيضا هى التى جعلت سنة 2014 تشهد تطورا غير مسبوق فى العلاقات الاقتصادية بين قطر وإيطاليا، وهو التطور الذى بدأ فى مارس 2014 بتدشين غرفة التجارة الإيطاليّة فى قطر رسميًا فى خُطوة وصفت بأنها تُعزّز علاقات التعاون المشترك بين قطر وإيطاليا.
يومها (يوم 5 مارس) نظم مجلس الأعمال الإيطالى فى قطر غداءً رسميًا فى حضور السفير الإيطالى جويدو دى سانكتيس، وكبرى الشركات الإيطاليّة العاملة فى قطر، بالإضافة إلى كبار الشخصيات ورجال الأعمال القطريين، حيث تمّ عرض أنشطة الغرفة من قبل رئيس مجلس الإدارة ومؤسسة الغرفة الإيطالية بالما لبوتى.
فى هذا اليوم عينت وزارة التنمية الاقتصادية الإيطاليّة مجلس الأعمال الإيطالى (IBCQ) غرفة التجارة الإيطاليّة الرسميّة فى قطر لتصبح الهيئة التجاريّة الحكوميّة الوحيدة المخوّلة بالعمل فى قطر كصلة وصل لتعزيز العلاقات التجاريّة بين قطر وإيطاليا. وقالت بالما لبوتى، رئيس مجلس الإدارة ومؤسسة غرفة التجارة الإيطالية فى قطر IBCQ : «نحن نتمتّع بسمعة حسنة فى قطر حيث قمنا بالتركيز على تقديم خدمات عالية الجودة وتعريف الشركات الإيطاليّة المناسبة للسوق المحلى واختيارها بدقة للمشاركة فى المشاريع القائمة حاليًا. كما قمنا بمشاركة المعلومات والإجراءات المحليّة عن السوق القطرى مع شبكتنا فى إيطاليا، وتوجيههم إلى الجهات الفاعلة الرئيسة فى السوق التجارى المحلى المزدحم.. مؤكدة للشركات الإيطالية أن المثابرة والأهداف الواضحة هى العامل الرئيس للنجاح فى قطر
وأضافت : تُعدّ غرفة التجارة الإيطاليّة ناشطة جدًا فى تعزيز العلاقات التجاريّة بين الشركات الإيطاليّة والقطريّة من خلال عقد اجتماعات B2B، وتنظيم البعثات التجاريّة وإقامة المعارض، والعلاقات العامة، والعلاقات مع الصحافة والإعلام، ومتابعة رحلات رجال الأعمال الإيطاليين إلى قطر، وتعزيز العلاقات التجارية بين الشركات الإيطالية والقطريّة.
وقالت إن الصادرات الإيطاليّة إلى قطر تتزايد بشكل ملحوظ منذ عام 2009، حيث ضاعفت إيطاليا حجم التبادل التجارى مع قطر؛ ما جعلها تحتل مركزًا مهمًا من بين الدول المصدّرة لقطر. كما تعود المضاعفة فى حجم التبادل التجارى إلى الاستثمارات الإستراتيجية التى يقوم بها جهاز قطر للاستثمار فى إيطاليا.
لا بد هنا من توضيح أن غرفة التجارة الإيطالية IBCQ هى غرفة مختلطة مع وجود 30 ٪ من الشركات القطرية كأعضاء فيها التى تقدّر المساعدة التى نستطيع توفيرها لهم للعمل فى السوق الإيطالى. بالإضافة إلى الشركات الإيطاليّة فى دولة قطر التى تعمل فى مجال البناء، والهندسة، والنفط والغاز والخدمات.
وتقوم غرفة التجارة الإيطالية IBCQ، كذلك، بالترويج لأعضائها من خلال إصدار مجلة سنويّة وتنظيم حفلات التعارف، بالإضافة إلى موقع على شبكة الإنترنت.
والأهم هو أن غرفة التجارة الإيطاليّة قامت بتنظيم رحلة عمل إلى إيطاليا لعدد من رجال الأعمال القطريين البارزين الذين قاموا بزيارة مواقع الإنتاج فى إيطاليا بدلاً من انتظار الشركة المناسبة بأن تأتى إلى قطر!
هل نكون متعسفين لو ربطنا بين هذا النشاط الإيطالى فى المنطقة وداخل تلك الدول بالذات، وبين التقارير التى تؤكد زيادة سيطرة عصابات «المافيا» الإيطالية على الاقتصاد الإيطالى؟!
إن أحدث الدراسات - التى أجرتها جامعة «كاتوليكا» بميلانو شمال ايطاليا، تشير إلى أن عصابات المافيا الأربع الرئيسية (نادنجراتا، كوزا نوسترا، كامورا، وبوليزى) تحقق أرباحا سنوية تتراوح ما بين 8.5 و13 مليار يورو. ووسط منافسة متزايدة مع عصابات المافيا الأجنبية، تصل أرباح مجمل النشاط الاجرامى فى البلاد إلى نحو 26 مليار يورو سنويا، ما يمثل 1.7% من الناتج المحلى الاجمالى. وتتراوح أنشطة المافيا ما بين: تهريب السلاح والمخدرات والتزوير والمقامرة وتجارة النفايات والاستغلال الجنسى والربا والابتزاز.
وإذا كان ذلك هو الجانب المعروف، فان عالم المافيا الأكثر سرية يمتد إلى مختلف قطاعات الاقتصاد الحيوية بالبلاد بدءا من الطاقة النظيفة وحتى الفنادق والمحال التجارية. حيث يسعى إلى إعادة ضخ أرباحه واستثمارها، وسط عمليات غسيل أموال معقدة.
روبرتو سافيانو الكاتب الايطالى الشهير، أكد أن الأزمة الاقتصادية فى أوروبا وسائر الغرب عموما أتاحت فرصا أكبر للمافيا (من مختلف الجنسيات) لاختراق الاقتصاد المشروع. ويلمح فى هذا الصدد إلى تصريحات أنطونيو ماريا كوستا رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة (عام 2009) التى كشف فيها عن أن أرباح العصابات الإجرامية شكلت مصدر السيولة المالية الوحيد المتاح أمام بعض البنوك التى كانت على شفا الانهيار إبان الأزمة المالية عام 2008. ويوضح سافيانو - فى مقال بصحيفة «لاربوبليكا» الايطالية - أن نحو 352 مليار دولار من عوائد تجارة المخدرات العالمية، مرت بعملية «تدوير» كاملة، لتمتزج بالاقتصاد المشروع. وهو ما يثير تساؤلات حول مدى نفوذ «أموال الجريمة» على السياسات المالية للبنوك وقت الأزمات ومن ثم الاقتصاد ككل.
وطبقا لما قاله سافيانو، فإن الكثير من الدول الغربية تلجأ إلى فرض مزيد من القيود وهى تكافح تجارة المخدرات، فى خضم الأزمة. يأتى ذلك فى وقت توالت فيه التقارير حول تضخم نشاط المافيا فى ايطاليا لتكون بمثابة المصرف الأكبر فى البلاد بسيولة سنوية تقدر ب65 مليار يورو. وهو ما يؤدى إلى لجوء الكثير من الشركات المتعثرة للاقتراض منها بنسب فائدة عالية (ربا)، بعد أن انحسر نشاط البنوك الاقراضى. حتى أن ماركو فنتورى رئيس اتحاد التجار الايطاليين قد صرح - العام الماضى - بأن المافيا تعد الكيان الاقتصادى الوحيد القادر على القيام بالأعمال الاستثمارية، وأشار إلى انه فى الوقت الراهن وبسبب هذه الأزمة، يتم إقامة علاقة خفية وتواطؤ بين أجزاء محدودة من عالم المال والأعمال والجريمة المنظمة.
هذه التحولات فتحت الباب على مصراعيه أمام المافيا لخوض عملية تحول استراتيجى. ويكشف جوزيبى بيزانو رئيس لجنة مكافحة المافيا فى البرلمان الايطالى السابق، عن أن المافيا تهدف إلى خلق حكومة بديلة فى ايطاليا من خلال السيطرة على المال والاقتصاد. أما أداة تحقيق هذا الهدف فهى: إفساد السياسة.
إن بحرا من الأموال القذرة يتدفق كل عام إلى الاقتصاد، يفسد كل ما يواجهه وكل من يقف أمامه، وصار نشاط المافيا يتحول بشكل ملحوظ من نقاط التمركز فى جنوب إيطاليا إلى مناطق الوسط والشمال وحتى خارج الحدود، حيث المؤسسات المالية والاقتصادية الكبرى، وذلك من خلال وسطاء أقوياء يعملون كواجهة، مما زاد من قدرة هذه الكيانات على إبرام التحالفات والتحدث بعدة لغات والعمل كشركات متعددة الجنسيات!
لقد كشفت دراسة أمنية أجرتها وزارة الداخلية الإيطالية (منتصف يونيو الماضى) عن حقيقة أرباح عصابات المافيا داخل إيطاليا وحدها والتى وصلت إلى 25.7 مليار يورو خلال عام 2011 بما يساوى 1.7 % من إجمالى الناتج المحلى الإيطالى.
وقالت الدراسة التى نشرها موقع وزارة الداخلية الالكترونى إنه من بين إجمالى هذا المبلغ نحو 10.6 مليار يورو ذهبت بشكل مباشر إلى خزائن أعضاء المنظمة، بما يساوى 0.7 % من إجمالى الناتج المحلى لنفس العام.
وأوضحت الدراسة التى قام بها مركز مراقبة ورصد الجريمة المنظمة بجامعة «كاتوليتسا» فى باليرمو بصقلية لحساب وزارة الداخلية أن عصابات المافيا الموزعة فى إيطاليا بين ( كامورا ) والتى تتمركز فى نابولى وحولها وفى كاسيرتا تحقق الجانب الأكبر من هذه المبالغ بما يقدر ب 3.75 مليار يورو فى عام 2011 يليها عصابات «ندرانجيتا» فى كالابريا المطلة على جزيرة صقلية بقيمة 3.491 مليار يورو، بينما يصل نصيب «كوزا نوسترا» -وهى العصابة الام تاريخيا فى إيطاليا- فى جزيرة صقلية على 1.874 مليار.
وأكدت الدارسة أن جريمة الابتزاز هو أكثر النشاطات التى تقوم بها جماعات المافيا حيث تصل إلى 44 % من هذه الأنشطة.
وأشارت الدراسة إلى أن استثمارات زعماء المافيا تتجه دائما إلى امتلاك الأراضى أكثر من اهتمامهم بالمشروعات التجارية. ويذهب نحو 52 % من أموالهم الملوثة إلى العقارات مثل المنازل والأراضى بالإضافة إلى الاهتمام بالمناطق التى يسيطرون عليها بغض النظر عن قيمتها التجارية كما يقوم رجال تلك الجماعات بشراء السيارات والزوارق.
وتذهب نسبة 9% فقط من أموالهم النقدية إلى الأعمال وخاصة فى جنوب إيطاليا إلا أنهم ينفقون أيضا فى مدن شمالية فى إقليم لومبارديا مثلا ميلانو وبريشيا وليتسو وكومو.. ويتجه رجال العصابات إلى الأعمال ذات الأرباح المنخفضة والأعمال ذات التكنولوجيا البسيطة لكنهم يتوجهون فى المقام الأول إلى قطاعات البناء والتعدين.
هل قرأت جيدا؟! وهل لفت نظرك أن رجال العصابات يتوجهون فى المقام الأول إلى قطاعات البناء والتعدين؟!
قارن بين الهيكل التنظيمى والإدارى للمافيا الإيطالية وما بين الهيكل التنظيمى والإدارى لتنظم الإخوان.. قارن بين عمليات القتل التى قام بها تنظيم الإخوان وبين عمليات القتل التى قامت بها المافيا الإيطالية.. قارن بين عمليات غسيل الأموال التى تقوم بها المافيا الإيطالية وبين عمليات غسيل الأموال التى يقوم بها تنظيم الإخوان..
قارن وستكتشف أن المافيا الجديدة تضم كل الجماعات الإرهابية، التى انحدرت منها، وتخرجت على يد مؤسسيها، ولو دققت النظر، ستجد أن كل هذه التنظيمات تساند تنظيم الإخوان بقوة كبيرة.
خطوة إلى الخلف، لنرى الصورة بأكملها.
تشكيل عصابى اغتصب حكم البلاد، فسيطر أعضاء التنظيم على ما أمكنهم السيطرة عليه ولم يتركوا مجالا للعمل فى العديد من القطاعات إلا من خلاهم، وقبل يوم واحد من زيارة زعيم التشكيل العصابى لإيطاليا تقوم شركة يمتلك أحد أفراد الأسرة الحاكمة القطرية غالبية أسمهمها، بتوقيع اتفاق مع شركة إيطالية لها استثمارات عديدة فى قطر وهى الشركة نفسها التى تبدأ أولى خطوات الاستثمار الإيطالى فى إيران.. ومعروف للجميع أن عصابات المافيا تشهد فترة نشاط ملحوظ فى إيطاليا وخارجها وأن رجال العصابات يتوجهون فى المقام الأول إلى قطاعات البناء والتعدين.. كما أننا نعرف كيف كانت شركات حكومية أو خاصة ستارا لأجهزة مخابرات دول.
لا نتهم أحدا.. لكن نطرح أسئلة نراها مشروعة الدافع الأول والأخير من ورائها هو توخى الحذر من أى رءوس أموال قادمة خاصة لو كانت مملوكة لعناصر تابعة لأنظمة تناصبنا العداء ولا تتوقف عن تدبير المؤامرات أو على الأقل المشاركة فيها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.