باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات يحرص على إعداد جيل واعد من صغار رواد الأعمال وتشجيع المبتكرين منهم    عاجل- مدبولي يستقل الأتوبيس الترددي لمتابعة التشغيل التجريبي للمرحلة الأولى    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    عاجل - السيسي يصل بغداد للمشاركة في القمة العربية ال34 ويستعد لإلقاء كلمة مصر    سبع دول أوروبية تطالب إسرائيل برفع الحصار عن غزة    مسئول أممي: الأمم المتحدة لديها القدرة لتقديم المساعدات في غزة    بوتين يدعو إلى أول قمة روسية - عربية أكتوبر المقبل    النصر يفشل في التأهل إلى دوري أبطال آسيا للنخبة    أخبار الطقس في الإمارات.. أجواء حارة ومستقرة وسط سطوع قوي للشمس    ناقدة فنية: عادل إمام حالة استثنائية في تاريخ الفن المصري والعربي    في عيد ميلاده ال85.. كيف غيّر المسرح الجامعي مصير عادل إمام من الزراعة إلى الزعامة؟    غدا.. غلق باب التظلمات بإعلان المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين 5"    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    مسئول سعودي: برنامج تعزيز الأمن السيبراني لموسم الحج يهدف لتحسين الخدمات لضيوف الرحمن    فيفا يحسم قضية بوبيندزا والزمالك    وزير الري يتابع حالة مجرى نهر النيل وفرعيه وإزالة التعديات    أخبار الحوادث| سيارة ملاكي تقتحم محل ملابس في الدقي وحريق مصنع ب 6 أكتوبر    مصرع شخص وإصابة 16 فى انقلاب سيارة على طريق وصلة أبو سلطان بالإسماعيلية    المدارس تبدأ امتحانات نهاية العام فى المواد غير المضافة لصفوف النقل    السكة الحديد تعلن مواعيد إتاحة حجز تذاكر قطارات عيد الأضحى    المرور اليوم.. سيولة مرورية بالقاهرة والجيزة    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    ترامب: اتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان منع اندلاع حرب نووية    وزير الثقافة يعلن فتح المتاحف مجانا للجمهور احتفاءً باليوم العالمي للمتاحف    متحدث "الحكومة العراقية": القمم العربية أصبحت منصة لتقريب وجهات النظر    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    متحدث "الحكومة العراقية": القمم العربية أصبحت منصة لتقريب وجهات النظر ومواجهة الانقسامات    الرعاية الصحية تعلن نجاح استئصال ورم ضخم بالوجه والفك بمجمع الإسماعيلية الطبى    قصر العينى تحتفل بمرور 80 عاما على تأسيس قسم جراحة المسالك    اليوم.. نظر محاكمة 37 متهما ب"خلية التجمع"    "فن وإبداع".. معرض فني نتاج ورش قصور الثقافة بالمنيا    اللقب مصرى.. مصطفى عسل يتأهل لمواجهة على فرج فى نهائي بطولة العالم للاسكواش    محام: أحكام الشريعة الإسلامية تسري على المسيحيين في هذه الحالة    مستقبل وطن المنيا يُطلق مبادرة "طلاب فائقين من أجل مصر".. صور    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    اليوم، انقطاع مياه الشرب عن مدينة الفيوم بالكامل لمدة 6 ساعات    قافلة دعوية ل«الأزهر» و«الأوقاف» و«الإفتاء» إلى شمال سيناء    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    مقتل عنصر أمن خلال محاولة اقتحام لمقر الحكومة الليبية في طرابلس    بقصة شعر جديدة، كاظم الساهر يحيي اليوم حفل دبي والإعلان عن عرض ثان بعد نفاد التذاكر    اليوم.. نظر استئناف سيدة وعشيقها في اتهامهما بقتل زوجها بالبدرشين    وزير التعليم العالى يستقبل الجراح العالمى مجدى يعقوب    «المشاط» أمام «الأوروبى لإعادة الإعمار»: ملتزمون بإفساح المجال للقطاع الخاص    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    «ماحدش يقرب من الأهلي».. تعليق غاضب من عمرو أديب بعد قرار التظلمات    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    وليد دعبس: مواجهة مودرن سبورت للإسماعيلي كانت مصيرية    ترامب يهاجم المحكمة العليا.. لن تسمح لنا بإخراج المجرمين    غزل المحلة يطيح ب بابافاسيليو بعد ربعاية الجونة في الدوري    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    جوميز: شعرنا بأن هناك من سرق تعبنا أمام الهلال    "موديز" تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى AA1 مع نظرة مستقبلية مستقرة    أموريم: شيء واحد كان ينقصنا أمام تشيلسي.. وهذه خطة نهائي الدوري الأوروبي    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    انطلاق الدورة الثانية لمهرجان SITFY-POLAND للمونودراما    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل استخدمت «المافيا الإيطالية» أبوهشيمة وشريكه القطرى؟!
نشر في الموجز يوم 14 - 02 - 2015

استقدام شركة إيطالية تستثمر فى إيران وقطر فى توقيت «مريب» طرح السؤال:
القصة الكاملة لعقد شركة «دانيللى» الذى تم توقيعه فى مجلس الوزراء بحضور هشام قنديل
غالبية (إن لم يكن كل) الصفقات التى عقدها رجال أعمال طوال فترة حكم الإخوان، تحتاج إلى مراجعة دقيقة، وإلى فحص شامل يبدأ من طبيعة الشركاء وهل لهم علاقات بالتنظيم أم لا، وامتدادات الشركات «الأجنبية» وهل لها علاقة رسمية أو غير رسمية بدول أو كيانات، والأخطر لو كانت لهذه الشركات علاقة بعصابات دولية أو أجهزة مخابرات دول.. وقبل ذلك كله هل تدعم هذه الشركات أو هؤلاء الشركاء تنظيمات إرهابية أم لا؟
هل تتذكر قرار الرئيس المؤقت عدلى منصور الخاص بتعديل قانون مكافحة غسيل الأموال ليضم تمويل الإرهاب؟
ألا يدفعنا وجود هذا التعديل إلى التركيز على رجال أعمال كانوا (وربما لا يزالون) مقربين لجماعة الإخوان؟
ألا تكون المخاوف مشروعة من رجال الأعمال الذين ذاع صيتهم فى مناصرة الجماعة خلال فترة حكمهم أو اغتصابهم للسلطة؟!.
لا نكشف سرا لو قلنا إن هناك عددا كبيرا من قضايا الفساد المالى، وإن هناك بلاغات (جارى التحقيق فيها) تتهم رجال أعمال إخوان بعدم السماح بإقامة مشروعات تجارية أو صناعية أو استثمارات إلا من خلالهم. ومعروف أن كثيرين من رجال الأعمال كانوا يضطرون للقبول بشراكة رجال الأعمال الإخوان، حتى يهربوا من الضغوط الكبيرة التى كانت تمارس عليهم، أو يحصلوا على ميزات خاصة، أو خوفا من منعهم من العمل فى مصر والتضييق عليهم من جانب السلطات!
علينا هنا أن نعود إلى الوراء قليلا ونتذكر عددا من رجال الأعمال، صدرت عنهم تصريحات، فى 2012 بالتزامن مع حكم جماعة الإخوان، ومنهم رجل الاعمال احمد ابو هشيمة الذى كان (ولا يزال) صاحب النصيب الأكبر، من الاتهامات بأنه عمل مع الإخوان أو عمل لصالحهم أو لحسابهم!
لم تكن العلاقة الطيبة بين أحمد أبوهشيمة وحسن مالك، رجل الأعمال والقيادى الإخوانى، خافية على أحد، خاصة بعد استحواذ أبوهشيمة على عدد من شركات الحديد والصلب وتوسيع نسبة مساهمته فى سوق الحديد المصرى مع شريكه القطرى محمد بن سحيم آل ثان الذى ينتمى إلى العائلة الحاكمة فى قطر.
بين كل علامات الاستفهام «الواجبة» تبرز واحدة على قدر كبير من الأهمية والخطورة، وتتعلق بامتدادات وعلاقات الشركات «الأجنبية» يستقدمها هو وشركاؤه للسوق المصرى! وبينهم مثلا شركة دانيللى الإيطالية، التى وصف أبوهشيمة الاتفاق الذى تم توقيعه يوم 12 سبتمبر 2012 بحضور هشام قنديل رئيس وزراء «الإخوان» معها بأنه خطوة هامة لتشجيع الاستثمارات الأجنبية للقدوم إلى مصر.
ولا بد هنا أن نتوقف طويلا أمام تاريخ توقيع الاتفاق ومكانه، ولم تكن صدفة بالطبع أن يكون التاريخ قبل يوم واحد من زيارة محمد مرسى إلى إيطاليا فى 13 سبتمبر 2012 وحتى تكتمل الصورة نوضح أن أبوهشيمة قال فى تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن هذه الاتفاقية كان من المقرر أن توقع بداية العام المقبل إلا أن الجانب القطرى «الشريك الأساسى» رأى التعجيل بها من أجل المساهمة فى استقرار الاقتصاد المصرى وإدخال تكنولوجيا حديثة للسوق حيث يعتمد المصنع الجديد.. وبالمرة، نشير إلى أن تكلفة المصنع الجديد تصل إلى نحو 4.1 مليار جنيه!
ولعلنا نتذكر هنا أن أبرز ما ناقشه محمد مرسى خلال لقائه وزير الخارجية الإيطالى جوليو تيرسى سانتا جاتا، هو الدعم الإيطالى لمصر وما يمكن أن تقدمه إيطاليا لدعم الاقتصاد المصرى خاصة فى مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب التعاون الثلاثى مع دول أخرى مثل ليبيا عن طريق الشركات العاملة فى البلدين. وضع خطوطا كثيرة تحت ليبيا وحلم إيطاليا الدائم باستعادة نفوذها القديم عليها والسيطرة عليها!
وضع الخطوط تحت ليبيا، سيكون مفيدا لو ربطنا بين زيارة مرسى والشركة التى وقع معها أبوهشيمة الاتفاق قبيل يوم واحد منها، وهى الشركة نفسها التى اتخذت أولى خطوات التعاون بين إيطاليا وإيران!
ففى يوم 21 فبراير 2014 أعلنت شركة دانيللى الايطالية استعدادها لبناء معمل تصميم وإنتاج الأجهزة والمعدات المنجمية على الاراضى الايرانية، كما ان وفدا تجاريا ايطاليا سيزور ايران لبحث سبل الاستثمار فيها. وأكد رئيس هيئة إدارة منظمة تنمية وتحديث الصناعات المنجمية (ايميدرو) مهدى كرباسيان، خلال لقائه أعضاء الهيئة الادارية ومدير عام شركة دانيللى، على تعزيز التعاون بين البلدين، موضحا ان شركة ايميدرو مستعدة للتعاون والاستثمار المشترك مع دانيلى لبناء معمل إنتاج الفولاذ تبلغ طاقته 5 ملايين طن.
وأضاف كرباسيان «هناك الكثير من الشركات الأجنبية أبدت رغبتها فى التعاون مع ايميدرو فى قطاع المناجم والصناعة المنجمية»، معلنا: «أننا نعمل على التسريع فى وتيرة العمل وإنتاج الصلب فى ايران». ومن جانبه أعلن جيان بيترو بندتى مدير عام شركة دانيلى الايطالية استعداد الشركة لتعزيز التعاون مع ايميدرو فى مجال المناجم والصناعة المنجمية لاسيما فى مجال إنشاء معمل الصلب، مشيرا إلى بدء أعمال بناء معمل الصلب فى اصفهان (وسط ايران) الذى من المتوقع ان يتم تدشينه خلال 15 شهرا القادمة.
وبمجرد إعلان شركة دانيللى، قام وفد تجارى ايطالى برئاسة روزاريو الساندرو رئيس غرفة التجارة الايطالية الايرانية المشتركة بزيارة طهران لدراسة الطاقات الاقتصادية الايرانية، وعرفنا وقتها أن الوفد أجرى خلال الزيارة التى دامت 4 أيام لقاءات مع المسئولين الاقتصاديين الايرانيين، كما انه شارك فى ندوة اقتصادية تناولت الطاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارات الاجنبية فى ايران.
وكان التقارب الإيطالى الإيرانى هو أولى خطوات الاتفاق الإيرانى الغربى الذى ظهرت انعكاساته على الملف السورى، القضية الفلسطينية، الانسحاب الأمريكى من أفغانستان وعلى الملف العراقى. وهنا قد يكون مفيداً عرض جزء من الوقائع والأحداث التى طرأت على العلاقات الإيرنية الإيطالية، وبوتيرة متسارعة، فى الآونة الأخيرة.
الثابت هو أن إيران تُعدّ سوقاً جاذبة للاقتصاد والاستثمار الإيطالى وذلك لسببين مهمّين، إذ يحلّ الوضع السكانى فى المقام الأول، حيث إن 61٪ من السكان فى إيران هم من الفئة العمرية بين 14 و61، أى سن العمل.
ويأتى كل من قطاع صناعة الأغذية الزراعية وقطاع صناعة البتروكيماويات، فى المرتبة الثانية. تفيد بيانات غرفة التجارة والصناعة الإيطالية – الإيرانية أن إيطاليا، وبالرغم من العقوبات الاقتصادية، ما زالت تحتل مرتبة الشريك التجارى الأوروبى الأول لإيران. تستورد إيران من إيطاليا ما يقارب 6% من احتياجاتها من قطاع الزراعة والصناعة البتروكيميائية، بينما تشترى إيطاليا ما يقارب نسبة 17.1٪ من الصادرات الإيرانية.
حالما أُعلن الاتفاق النووى الأولى بدأت «تكرّ سبحة» الانفتاح الإيطالى على الجمهورية الإسلامية. بعدما استقبلت روما وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف، زارت نظيرته الإيطالية، إيما بونينو طهران فى 21 – 22 من ديسمبر 2013 على رأس وفد سياسى واقتصادى رفيع المستوى، فى زيارة تعدّ الأولى لوزير خارجية إيطاليا منذ عشر سنوات، والأولى لوزير خارجية بلد أوروبى منذ انتخاب الشيخ حسن روحانى. تبعت هذه اللقاءات بأيام معدودة زيارة لرئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس الشيوخ بيار فرديندو كازينى فى 4 – 5 يناير 2014، كذلك تجرى الترتيبات للزيارة المرتقبة لرئيس مجلس الوزراء إنريكو ليتا إلى طهران، وزيارة مماثلة للرئيس روحانى إلى روما.
من المهم الإشارة أيضاً، إلى إن زيارة بونينو أتت بعد لقاءين؛ الأول عقد فى فيينا بين رئيس مجلس إدارة مجموعة «إينى» الايطالية للطاقة باولو سكارونى، ووزير النفط الإيرانى بيجان نمدار زنقانة، على هامش اجتماع لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، مطلع ديسمبر 2013، والثانى عقد فى طهران فى 17 – 18 ديسمبر، بين وزير الخارجية الإيطالى الأسبق ماسيمو داليما، ووزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف.
إن المقياس الأساسى لهذه العلاقة المتبادلة يتمثّل فى تلبية الأولويات المتقاربة للطرفين. من جهة، هناك الحاجة الإيطالية لتجاوز أزمتها القاتلة من خلال تفعيل وتيرة التعاون مع إيران والمساهمة فى تحقيق الأمن فى الشرق الأوسط، ومن جهة ثانية تتبلور حاجة إيران إلى الاستمرار فى تقليص الضرر الناجم عن العقوبات والاستفادة من «شهور العسل»، التى تلت الاتفاق الأولى، وربما تلك القادمة من بعد شهر يونيو 2014. إن أبعاد هذا الطموح المتبادل هى جيو- سياسية محضة، ولعل المرحلة الحالية فى تجدد النظام العالمى هى الفرصة الأفضل للطرفين لتحقيق بعض المكاسب؛ واستعادة روما جزءا من نفوذها ودورها فى المنطقة، وتكريس إيران نفسها كقوة إقليمية.
تتبنى إيطاليا (ومعها الاتحاد الأوروبى) فكرة أن الحل الرئيسى للأزمة الاقتصادية الإيطالية (ومعها الأزمة الأوروبية) يكمن فى التوجه نحو الضفة الجنوبية للمتوسط، وفى الانفتاح على السوق الإيرانية. تولى إيطاليا أهمية مطلقة لإعادة رسم نفوذها وحضورها الجيو- سياسى من خلال استغلال أهم ملفين فى المنطقة؛ سوريا وإيران. من هذا المنطلق، شاركت فى غزو ليبيا، ودعت الدبلوماسية الإيطالية إلى ضرورة تبنى الحل السلمى فى سوريا، وفى الملف النووى الإيرانى، وعارضت استبعاد إيران عن مؤتمر «جنيف 2»، الذى تشارك فيه كمكافأة لتقديمها أحد موانئها البحرية (جويا تاورو فى كالابريا) كاستراحة للسلاح النووى السورى فى طريقه للوجهة النهائية.
فى المقابل، صرّحت إيران بدعمها لترشحّ إيطاليا لعضوية مجلس الأمن. لا يخفى على المطّلع على كواليس السياسة الخارجية الإيطالية أن إيران هى الشغل الشاغل للساسة فى روما، وليس أمراً خافياً على أحد أن مقر السفارة الإيرانية فى شارع نومنتانا، يعجّ يومياً بالضيوف والوفود على كافة أنواعها؛ الحكومية، مجلسى النواب والشيوخ، غرف التجارة، الجامعات، الهيئات المحلية والمنظمات غير الحكومية. كل هؤلاء ينتظرون تأشيرة الدخول إلى طهران.
إن العلاقات الإيطالية الإيرانية تتميز بعمق التبادل التجارى، الذى استمر فى التقدم بالرغم من التغييرات التى طرأت على الحكومات فى كلا البلدين. خلاصة لما تقدّم، تميّزت هذه العلاقة فى مرحلة ما قبل الاتفاق النووى ب: كثيرٌ من الاقتصاد وقليلٌ من السياسة. ومن الواضح أن المعادلة ستتغير فى المرحلة المقبلة لتصبح؛ كثيرٌ من السياسة وكثيرٌ من الاقتصاد، وكانت إيطاليا كما قال الرئيس روحانى «بوابة» إيران للتفاعل مع أوروبا.
لتكتمل الحلقة، نضيف أن شركة دانيللى تعمل فى قطر من يونيو 2005 وأنه فى السادس منه أبرمت شركة قطر للحديد والصلب (قاسكو) وشركة دانييللى الإيطالية عقدا قيمته 97.5 مليون يورو لإنشاء مصنع لصهر الحديد وإنتاج الصلب. وقد اختارت قاسكو شركة دانييلى سنتروميت الإيطالية لتقوم بأعمال التحديث والتوسيع الرئيسية لمصنعها المتخصص بالصهر، لإضافة قدرة إنتاجية تصل إلى 600 ألف طن سنويا لقضبان الصلب.
وقتها، قال بيان للشركة القطرية إن قاسكو وشركة دانييلى تعتزمان توسيع شراكتهما فى مصانع التوسعة المستقبلية التى ستضع قاسكو فى الموقع الأبرز من حيث تجهيز مواد الحديد والصلب على مستوى قطر والبلدان المجاورة وسيجعلها أحد أفضل مصنعى الصلب إنتاجا وتقدما فى المنطقة.
ولعل الصدفة أيضا هى التى جعلت سنة 2014 تشهد تطورا غير مسبوق فى العلاقات الاقتصادية بين قطر وإيطاليا، وهو التطور الذى بدأ فى مارس 2014 بتدشين غرفة التجارة الإيطاليّة فى قطر رسميًا فى خُطوة وصفت بأنها تُعزّز علاقات التعاون المشترك بين قطر وإيطاليا.
يومها (يوم 5 مارس) نظم مجلس الأعمال الإيطالى فى قطر غداءً رسميًا فى حضور السفير الإيطالى جويدو دى سانكتيس، وكبرى الشركات الإيطاليّة العاملة فى قطر، بالإضافة إلى كبار الشخصيات ورجال الأعمال القطريين، حيث تمّ عرض أنشطة الغرفة من قبل رئيس مجلس الإدارة ومؤسسة الغرفة الإيطالية بالما لبوتى.
فى هذا اليوم عينت وزارة التنمية الاقتصادية الإيطاليّة مجلس الأعمال الإيطالى (IBCQ) غرفة التجارة الإيطاليّة الرسميّة فى قطر لتصبح الهيئة التجاريّة الحكوميّة الوحيدة المخوّلة بالعمل فى قطر كصلة وصل لتعزيز العلاقات التجاريّة بين قطر وإيطاليا. وقالت بالما لبوتى، رئيس مجلس الإدارة ومؤسسة غرفة التجارة الإيطالية فى قطر IBCQ : «نحن نتمتّع بسمعة حسنة فى قطر حيث قمنا بالتركيز على تقديم خدمات عالية الجودة وتعريف الشركات الإيطاليّة المناسبة للسوق المحلى واختيارها بدقة للمشاركة فى المشاريع القائمة حاليًا. كما قمنا بمشاركة المعلومات والإجراءات المحليّة عن السوق القطرى مع شبكتنا فى إيطاليا، وتوجيههم إلى الجهات الفاعلة الرئيسة فى السوق التجارى المحلى المزدحم.. مؤكدة للشركات الإيطالية أن المثابرة والأهداف الواضحة هى العامل الرئيس للنجاح فى قطر
وأضافت : تُعدّ غرفة التجارة الإيطاليّة ناشطة جدًا فى تعزيز العلاقات التجاريّة بين الشركات الإيطاليّة والقطريّة من خلال عقد اجتماعات B2B، وتنظيم البعثات التجاريّة وإقامة المعارض، والعلاقات العامة، والعلاقات مع الصحافة والإعلام، ومتابعة رحلات رجال الأعمال الإيطاليين إلى قطر، وتعزيز العلاقات التجارية بين الشركات الإيطالية والقطريّة.
وقالت إن الصادرات الإيطاليّة إلى قطر تتزايد بشكل ملحوظ منذ عام 2009، حيث ضاعفت إيطاليا حجم التبادل التجارى مع قطر؛ ما جعلها تحتل مركزًا مهمًا من بين الدول المصدّرة لقطر. كما تعود المضاعفة فى حجم التبادل التجارى إلى الاستثمارات الإستراتيجية التى يقوم بها جهاز قطر للاستثمار فى إيطاليا.
لا بد هنا من توضيح أن غرفة التجارة الإيطالية IBCQ هى غرفة مختلطة مع وجود 30 ٪ من الشركات القطرية كأعضاء فيها التى تقدّر المساعدة التى نستطيع توفيرها لهم للعمل فى السوق الإيطالى. بالإضافة إلى الشركات الإيطاليّة فى دولة قطر التى تعمل فى مجال البناء، والهندسة، والنفط والغاز والخدمات.
وتقوم غرفة التجارة الإيطالية IBCQ، كذلك، بالترويج لأعضائها من خلال إصدار مجلة سنويّة وتنظيم حفلات التعارف، بالإضافة إلى موقع على شبكة الإنترنت.
والأهم هو أن غرفة التجارة الإيطاليّة قامت بتنظيم رحلة عمل إلى إيطاليا لعدد من رجال الأعمال القطريين البارزين الذين قاموا بزيارة مواقع الإنتاج فى إيطاليا بدلاً من انتظار الشركة المناسبة بأن تأتى إلى قطر!
هل نكون متعسفين لو ربطنا بين هذا النشاط الإيطالى فى المنطقة وداخل تلك الدول بالذات، وبين التقارير التى تؤكد زيادة سيطرة عصابات «المافيا» الإيطالية على الاقتصاد الإيطالى؟!
إن أحدث الدراسات - التى أجرتها جامعة «كاتوليكا» بميلانو شمال ايطاليا، تشير إلى أن عصابات المافيا الأربع الرئيسية (نادنجراتا، كوزا نوسترا، كامورا، وبوليزى) تحقق أرباحا سنوية تتراوح ما بين 8.5 و13 مليار يورو. ووسط منافسة متزايدة مع عصابات المافيا الأجنبية، تصل أرباح مجمل النشاط الاجرامى فى البلاد إلى نحو 26 مليار يورو سنويا، ما يمثل 1.7% من الناتج المحلى الاجمالى. وتتراوح أنشطة المافيا ما بين: تهريب السلاح والمخدرات والتزوير والمقامرة وتجارة النفايات والاستغلال الجنسى والربا والابتزاز.
وإذا كان ذلك هو الجانب المعروف، فان عالم المافيا الأكثر سرية يمتد إلى مختلف قطاعات الاقتصاد الحيوية بالبلاد بدءا من الطاقة النظيفة وحتى الفنادق والمحال التجارية. حيث يسعى إلى إعادة ضخ أرباحه واستثمارها، وسط عمليات غسيل أموال معقدة.
روبرتو سافيانو الكاتب الايطالى الشهير، أكد أن الأزمة الاقتصادية فى أوروبا وسائر الغرب عموما أتاحت فرصا أكبر للمافيا (من مختلف الجنسيات) لاختراق الاقتصاد المشروع. ويلمح فى هذا الصدد إلى تصريحات أنطونيو ماريا كوستا رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة (عام 2009) التى كشف فيها عن أن أرباح العصابات الإجرامية شكلت مصدر السيولة المالية الوحيد المتاح أمام بعض البنوك التى كانت على شفا الانهيار إبان الأزمة المالية عام 2008. ويوضح سافيانو - فى مقال بصحيفة «لاربوبليكا» الايطالية - أن نحو 352 مليار دولار من عوائد تجارة المخدرات العالمية، مرت بعملية «تدوير» كاملة، لتمتزج بالاقتصاد المشروع. وهو ما يثير تساؤلات حول مدى نفوذ «أموال الجريمة» على السياسات المالية للبنوك وقت الأزمات ومن ثم الاقتصاد ككل.
وطبقا لما قاله سافيانو، فإن الكثير من الدول الغربية تلجأ إلى فرض مزيد من القيود وهى تكافح تجارة المخدرات، فى خضم الأزمة. يأتى ذلك فى وقت توالت فيه التقارير حول تضخم نشاط المافيا فى ايطاليا لتكون بمثابة المصرف الأكبر فى البلاد بسيولة سنوية تقدر ب65 مليار يورو. وهو ما يؤدى إلى لجوء الكثير من الشركات المتعثرة للاقتراض منها بنسب فائدة عالية (ربا)، بعد أن انحسر نشاط البنوك الاقراضى. حتى أن ماركو فنتورى رئيس اتحاد التجار الايطاليين قد صرح - العام الماضى - بأن المافيا تعد الكيان الاقتصادى الوحيد القادر على القيام بالأعمال الاستثمارية، وأشار إلى انه فى الوقت الراهن وبسبب هذه الأزمة، يتم إقامة علاقة خفية وتواطؤ بين أجزاء محدودة من عالم المال والأعمال والجريمة المنظمة.
هذه التحولات فتحت الباب على مصراعيه أمام المافيا لخوض عملية تحول استراتيجى. ويكشف جوزيبى بيزانو رئيس لجنة مكافحة المافيا فى البرلمان الايطالى السابق، عن أن المافيا تهدف إلى خلق حكومة بديلة فى ايطاليا من خلال السيطرة على المال والاقتصاد. أما أداة تحقيق هذا الهدف فهى: إفساد السياسة.
إن بحرا من الأموال القذرة يتدفق كل عام إلى الاقتصاد، يفسد كل ما يواجهه وكل من يقف أمامه، وصار نشاط المافيا يتحول بشكل ملحوظ من نقاط التمركز فى جنوب إيطاليا إلى مناطق الوسط والشمال وحتى خارج الحدود، حيث المؤسسات المالية والاقتصادية الكبرى، وذلك من خلال وسطاء أقوياء يعملون كواجهة، مما زاد من قدرة هذه الكيانات على إبرام التحالفات والتحدث بعدة لغات والعمل كشركات متعددة الجنسيات!
لقد كشفت دراسة أمنية أجرتها وزارة الداخلية الإيطالية (منتصف يونيو الماضى) عن حقيقة أرباح عصابات المافيا داخل إيطاليا وحدها والتى وصلت إلى 25.7 مليار يورو خلال عام 2011 بما يساوى 1.7 % من إجمالى الناتج المحلى الإيطالى.
وقالت الدراسة التى نشرها موقع وزارة الداخلية الالكترونى إنه من بين إجمالى هذا المبلغ نحو 10.6 مليار يورو ذهبت بشكل مباشر إلى خزائن أعضاء المنظمة، بما يساوى 0.7 % من إجمالى الناتج المحلى لنفس العام.
وأوضحت الدراسة التى قام بها مركز مراقبة ورصد الجريمة المنظمة بجامعة «كاتوليتسا» فى باليرمو بصقلية لحساب وزارة الداخلية أن عصابات المافيا الموزعة فى إيطاليا بين ( كامورا ) والتى تتمركز فى نابولى وحولها وفى كاسيرتا تحقق الجانب الأكبر من هذه المبالغ بما يقدر ب 3.75 مليار يورو فى عام 2011 يليها عصابات «ندرانجيتا» فى كالابريا المطلة على جزيرة صقلية بقيمة 3.491 مليار يورو، بينما يصل نصيب «كوزا نوسترا» -وهى العصابة الام تاريخيا فى إيطاليا- فى جزيرة صقلية على 1.874 مليار.
وأكدت الدارسة أن جريمة الابتزاز هو أكثر النشاطات التى تقوم بها جماعات المافيا حيث تصل إلى 44 % من هذه الأنشطة.
وأشارت الدراسة إلى أن استثمارات زعماء المافيا تتجه دائما إلى امتلاك الأراضى أكثر من اهتمامهم بالمشروعات التجارية. ويذهب نحو 52 % من أموالهم الملوثة إلى العقارات مثل المنازل والأراضى بالإضافة إلى الاهتمام بالمناطق التى يسيطرون عليها بغض النظر عن قيمتها التجارية كما يقوم رجال تلك الجماعات بشراء السيارات والزوارق.
وتذهب نسبة 9% فقط من أموالهم النقدية إلى الأعمال وخاصة فى جنوب إيطاليا إلا أنهم ينفقون أيضا فى مدن شمالية فى إقليم لومبارديا مثلا ميلانو وبريشيا وليتسو وكومو.. ويتجه رجال العصابات إلى الأعمال ذات الأرباح المنخفضة والأعمال ذات التكنولوجيا البسيطة لكنهم يتوجهون فى المقام الأول إلى قطاعات البناء والتعدين.
هل قرأت جيدا؟! وهل لفت نظرك أن رجال العصابات يتوجهون فى المقام الأول إلى قطاعات البناء والتعدين؟!
قارن بين الهيكل التنظيمى والإدارى للمافيا الإيطالية وما بين الهيكل التنظيمى والإدارى لتنظم الإخوان.. قارن بين عمليات القتل التى قام بها تنظيم الإخوان وبين عمليات القتل التى قامت بها المافيا الإيطالية.. قارن بين عمليات غسيل الأموال التى تقوم بها المافيا الإيطالية وبين عمليات غسيل الأموال التى يقوم بها تنظيم الإخوان..
قارن وستكتشف أن المافيا الجديدة تضم كل الجماعات الإرهابية، التى انحدرت منها، وتخرجت على يد مؤسسيها، ولو دققت النظر، ستجد أن كل هذه التنظيمات تساند تنظيم الإخوان بقوة كبيرة.
خطوة إلى الخلف، لنرى الصورة بأكملها.
تشكيل عصابى اغتصب حكم البلاد، فسيطر أعضاء التنظيم على ما أمكنهم السيطرة عليه ولم يتركوا مجالا للعمل فى العديد من القطاعات إلا من خلاهم، وقبل يوم واحد من زيارة زعيم التشكيل العصابى لإيطاليا تقوم شركة يمتلك أحد أفراد الأسرة الحاكمة القطرية غالبية أسمهمها، بتوقيع اتفاق مع شركة إيطالية لها استثمارات عديدة فى قطر وهى الشركة نفسها التى تبدأ أولى خطوات الاستثمار الإيطالى فى إيران.. ومعروف للجميع أن عصابات المافيا تشهد فترة نشاط ملحوظ فى إيطاليا وخارجها وأن رجال العصابات يتوجهون فى المقام الأول إلى قطاعات البناء والتعدين.. كما أننا نعرف كيف كانت شركات حكومية أو خاصة ستارا لأجهزة مخابرات دول.
لا نتهم أحدا.. لكن نطرح أسئلة نراها مشروعة الدافع الأول والأخير من ورائها هو توخى الحذر من أى رءوس أموال قادمة خاصة لو كانت مملوكة لعناصر تابعة لأنظمة تناصبنا العداء ولا تتوقف عن تدبير المؤامرات أو على الأقل المشاركة فيها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.