«هو أحمد عز القادم».. عبارة تتردد كثيرا خلال الفترة الأخيرة على أحمد أبوهشيمة، رئيس شركة حديد المصريين، إلا أنها «تضايقه بشدة»، فهو «لا يأمل لنفسه المصير الذى آل إليه إمبراطور الحديد السابق». فرغم حداثة عهده بصناعة الحديد، ورغم أنه مازال يستحوذ على حصة لا تزيد على 7% فى السوق، إلا أن الصعود السريع لرجل الأعمال الجديد، وتردد اسمه كثيرا بعد الثورة، واصطحاب الرئيس له ضمن وفد رجال الأعمال الذى ذهب إلى الصين، وانضمامه إلى مجلس الأعمال المصرى القطرى، واستعانته بشراكة قطرية جعل الكثيرين يتنبؤون بأن يصبح إمبراطور الحديد القادم.
«الشروق» حاورت أبوهشيمة، قبل أيام من توقيعه عقدا مع شركة دانيللى الايطالية ب1.4 مليار لإمداد مصنعه الجديد بالعين السخنة بالآلات الجديدة، لتسأله عن خططه المستقبلية للتوسع داخل السوق المصرية ونظرته لمناخ الأعمال بعد الثورة.
«لو لم تكن الثورة لما كنت اتجهت لزيادة حجم أعمالى، فعلى الرغم مما شهدته البلاد خلال المرحلة الانتقالية من انفلات أمنى، وخروج كثير من الاستثمارات الأجنبية، إلا أن مناخ الأعمال الآن أفضل من قبل الثورة بنسبة 100%، على الأقل لم يعد هناك مخاوف لدى أى من رجال الأعمال وهو يعمل، لأن القانون هو اللى هايحكم الكل حاليا»، هكذا يرى رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة مناخ الاستثمار فى مصر بعد الثورة.
ويضيف أبوهشيمة، رئيس شركة المصريين للحديد، «الثورة قامت على مبادئ لن يتم تغييرها، فقبل الثورة كان من الممكن أن يتلكك أى مسئول، على سبيل المثال يتساءل لماذا تشارك رجال أعمال من الخارج، أو أن يطلب منى المشاركة فى أعمالى، لكن الآن الكلمة ستكون للقانون فقط»، مشيرا إلى أنه «قبل الثورة أخذت رخصة مصنع واحد فقط فى بنى سويف، ولكن بعد الثورة أخذت ثلاث رخص أخرى».
ويؤكد رئيس شركة المصريين أنه لا ينوى إقامة أى شراكة خارج مصر فى الوقت الراهن، «حتى إذا عرض على الاستثمار فى الجنة».
ورغم حداثة عهد أبوهشيمة فى مجتمع الأعمال إلا أنه يؤكد أنه بدأ فى عالم البيزنس منذ عام 2002، «طول عمرى باشتغل فى التجارة، منذ 1999 وحتى 2002، كنت بتاجر فى الحديد، ومن 2002 بدأت أعمل بالصناعة، وكنت أملك 10% من مصنع بورسعيد الوطنية للصلب مع خالد البورينى، وبعدها أخذت 30% من شركة المصرية لمنتجات الحديد والصلب مع جمال الجارحى»، هكذا قال أبوهشيمة عن بداية اقتحامه لمجال صناعة الحديد. إلا أن رجل الأعمال قرر فى 2009 أن يكون له مصنعه الخاص، «فى هذا العام بدأت أفكر فى إنشاء مصنع للحديد بمفردى، وهو ما تزامن مع رغبة الشيخ حمد السحيمى، القطرى، والذى كان يعمل فى قطاع الاتصالات، كرئيس مجلس إدارة كيوتل العالمية، ويستثمر فى مصر منذ عام 1983، فى دخول قطاع صناعة الحديد، وبالفعل حصلنا على رخصة لإقامة مصنع فى يناير 2011».
يحكى أبوهشيمة عن التخوف الذى تملكه بعد قيام الثورة من انخفاض رغبة المستثمر القطرى فى تنفيذ المشروع، إلا أنه فوجئ بقول شريكه «لو كنت أرغب فى استثمار دولار فى مصر سأستثمر الآن 10 دولارات».
ولم يتوقف تعاون المستثمر القطرى مع أبوهشيمة على رخصة هذا المصنع، بل امتد لأكثر من مصنع، وهى الخطوة التى لم يكن أبوهشيمة يتخذها لولا اندلاع الثورة. «قمنا بشراء مصنع بورسعيد الوطنية للصلب، الذى كان يشهر إفلاسه، ثم اشترينا مصنع الاسكندرية للصلب، والذى كان يعانى من الإفلس منذ 10 سنوات، وسوف يفتتح للعمل فى 12 ديسمبر المقبل، بالإضافة إلى المصنعين الجدد لنا فى بنى سويف، والعين السخنة».
ربع السوق كفاية
زيادة نشاط أبوهشيمة فى صناعة الحديد، خلال الفترة الأخيرة، جعل الكثيرين يصفونه بأنه أحمد عز المقبل، وهو ما يزعج رجل الأعمال الجديد. «أتضايق جدا من وصفى بأحمد عز القادم، وكل ما اتمناه أن أصل إلى 20-25% من السوق، ليس أكثر، ولو عرض على الوصول ل100% لن أقبل» بحسب تعبيره. ولا تتعدى حصة أبوهشيمة الآن فى سوق إنتاج الحديد 7%، تبعا لقوله، ويتطلع لزيادتها إلى 20-25%، بعد تشغيل المصانع الجديدة فى 2014، حيث تخطط مجموعته لضخ استثمارات جديدة ب4 مليارات جنيه حتى 2014. وبعد أن يصل أبوهشيمة إلى هذه النسبة فى السوق سيتجه إلى التصدير لدول مثل ليبيا والسعودية والسودان، «وعندما أنتهى من بناء الصرح الخاص بى، سأتجه للعمل فى الخارج»، يضيف رجل الأعمال، مشيرا إلى أن الأسواق التى من الممكن أن يكون له وجود فيها هى الجزائر، ونيجيريا، والكونغو، غانا، فهو يرى أن «فرص النمو فى أفريقيا مرتفعة».
ويؤكد أنه لن يعمل فى أى مجال آخر سوى الحديد، غير أن قطاع صناعة الأسمنت ربما يكون من القطاعات التى يفكر فى اقتحامها، «لأنه قطاع له علاقة بمجال عملى». أما عالم السياسة فهو آخر شىء يفكر رجل الأعمال فى دخوله، فلن يعمل فى السياسة طالما يعمل فى البيزنس، «اتعرض على الحزب الوطنى أكثر من مرة ورفضته، بالعكس أنا كنت شايف أنى أقوى وأنا كده، كما إنى رفضت أن أكون عضو فى مجلس إدارة اتحاد الكرة، فليس لدى وقت، رغم أننى أحب الكورة، وكنت ألعبها منذ الصغر».
ظهور اسم أبوهشيمة فى مجال الأعمال وبقوة بعد الثورة جعل البعض يتحدث عن أنه واجهة للإخوان، ويمثل ظهيرا لأحد كبار رجالات الجماعة، وهو خيرت الشاطر، وهو ما ينفيه أبوهشيمة قائلا الإخوان ليسوا فى حاجة لواجهة هم الآن يمسكون مقاليد الحكم، مشيرا إلى أنه عرف حسن مالك، بعد الثورة قبل إنشاء لجنة تواصل، وذلك عن طريق جمعية ابدأ التى لا ينتمى أبوهشيمة لها.
طبعا عز محتكر
على الرغم من الاتهامات التى كانت تنسب لأمين تنظيم الحزب الوطنى المنحل أحمد عز، امبراطور الحديد، إلا أن جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية قد أعلن مؤخرا تبرئته من هذه التهم، وهو ما يعترض عليه أبوهشيمة قائلا «طبعا السوق كان فيها ممارسات احتكارية، وإلى الآن ما زالت هذه الممارسات موجودة من المنتج الأكبر أيضا». ويضرب أبوهشيمة مثالا للممارسات الاحتكارية التى كان يرتكبها أمين التنظيم السابق بحكم موقعه كرئيس للجنة التخطيط والموازنة بمجلس الشعب، منها صدور قانون قبل الثورة من مجلس الشعب يخص حديد التسليح فقط، ساعد على اقراره أحمد عز، وخرج فى آخر أيام له بالمجلس، القانون كان ينص على فرض ضريبة مبيعات على حديد التسليح من 5% إلى 8%
ورغم أن هذا القرار ظهر على أنه قرار فى مصلحة الموازنة إلا أنه أدى إلى إغلاق الكثير من مصانع الحديد الصغيرة، كل المصانع التى تقوم بدرفلة البليت، مكسبها كان 3%، وبالتالى ترتب على القرار أن الحديد المستورد من الخارج أصبح أرخص، وبالطبع فإن القرار لم يؤثر على ربحية مصانع أحمد عز الكبيرة التى تقوم بصناعة الحديد من بداية المادة الخام.» أنا اشتريت مصنع بورسعيد للصلب وهو يعانى من خسارة 80 مليون جنيه بسبب هذا القرار وعدم القدرة على المنافسة مع المنتج الخارجى». «قيام الدولة فى 2008 بطرح رخص لمصانع حديد جديدة، حصل عز عليها ببلاش فى العين السخنة، على الرغم أنه يستحوذ على 65% من السوق، وبعدها تم طرح رخص فى 2010 دفعت فيها ملايين، رغم أن المصنع الذى أنوى إقامته فى الصعيد، ولم تعط الدولة دعما لأى مستثمر هناك»، هذا مثال آخر على الممارسات الاحتكارية فى سوق الحديد.
الحديد يحتاج لحماية
بالرغم من انتهاء عهد القرارات التى تصدر لصالح أصحاب المصالح، يؤكد أبوهشيمة استمرار المشكلات التى تعوق عمل الصناع أهمها استمرار تدفق المنتجات الأجنبية دون حماية للمنتج الوطنى، فضلا على استمرار الدولة فى رفع رسم الطاقة، «الغاز ارتفع سعره 4 مرات، وكذلك ارتفع سعر المياه، وأصبح المنتج المحلى يعانى من منافسة الحديد التركى». أبو هشيمة يؤكد أهمية أن تفرض الدولة رسوم إغراق لحماية المنتج الوطنى وخاصة فى صناعة استراتيجية مثل الحديد، مشيرا إلى أن هذا القرار لن يؤثر على المستهلك إذا اتخذت الدولة قرارات جيدة لحماية المستهلك، معتبرا أن الحديث على أن هذا القرار ضد المستهلك، ليس صحيحا، فالحديد لا يمثل سوى 22% من تكلفة المبنى.
«لازم الدولة تفرض على الأقل 5% رسم على الحديد المستورد، تركيا تفرض 12% على الحديد المستورد لحماية الصناعة الوطنية» يضيف أبوهشيمة.
وتوفير العمالة المدربة أحد المشكلات التى يواجهها أيضا المستثمرون فى مصر، لذا فإن شركته قامت بعمل مركز بالمجان مع شركة دانيلى لتدريب أهالى بنى سويف. كما أن ارتفاع تكلفة الأراضى الصناعية أحد أهم العوائق أمام تقدم النشاط الصناعى، تبعا لأبو هشيمة، مؤكدا «أهمية مراجعة التكاليف الخاصة بأراضى بالقوات المسلحة، منها تكاليف الارتفاع، وتكاليف المرور فى أراضى القوات المسلحة».
الصين تدرس استيراد الحديد من مصر
كان أبوهشيمة واحدا من وفد رجال الأعمال الذين صاحبوا الرئيس مرسى فى زيارته الأخيرة إلى الصين، «الزيارة كانت ناجحة على المستوى الاقتصادى، والسياسى» على حد تقييمه.
ويشير أبوهشيمة أنه عرض أثناء الزيارة على الجانب الصينى استيراد حديد تسليح من مصر، فالصين أكبر مستهلك للحديد عالميا حيث تستهلك 430 مليون طن سنويا، بما يعادل 40% من استهلاك العالم، ونحن نستهلك 6 ملايين طن، ولدينا فائض للتصدير، والميزان التجارى بينا مختل، فصادراتنا إليها لا تتعدى مليارا ونصف المليار دولار، أما واردتنا منها فتقدر ب7.5 مليار.
لذلك اقترحت أن تُستغل المراكب التى تستقدم لنا بضاعة وتعود خاوية فى أن تحمل حديد تسليح، ونحصل على خصم على هذه المراكب وهى عائدة ب80%، حتى نتمكن من المنافسة، لأن تكلفة النقل إلى هذه البلد مرتفعة جدا، على حد قوله، موضحا أن الجانب الصينى يدرس هذا الاقتراح حاليا «ونحن فى انتظار رده».
وقد ارتبط اسم أبوهشيمة بمجلس الأعمال القطرى فهو عضو فيه، وأثناء زيارة رئيس الوزراء القطرى، حمد بن جاسم، الأخيرة لمصر عرض أبوهشيمة عليه إقامة منطقة حرة تعمل بالغاز المستورد من قطر تجمع المصانع كثيفة الاستخدام للطاقة. أبو هشيمة يقول إن الجانب القطرى رحب بالمشروع، وأظهر اهتمامه بالاستثمار فى مصر فى مشروعات شرق التفريعة، والساحل الشمالى، مضيفا أنه من النتائج الإيجابية للزيارة موافقة رئيس الوزراء القطرى على رعاية مجلس الأعمال المشترك، مما سينتج عنه دعم من قطر للاستثمار فى مصر وتشجيع كبار المستثمرين لديها على ذلك.