تُعتبر المادة "36" من قانون تنظيم السجون، بمثابة مفتاح قانونى سحرى للإفراج عن المساجين، حيث تُتيح العفو الصحى عن المسجون، فى حالة إصابته بمرض يُهدد حياته بخطر أثناء تنفيذه لعقوبة الحبس فى السجن، وقد اعتبر رجال القانون هذه المادة، بمثابة ثغرة من ثغرات القانون المصرى، التى استفاد منها مئات المساجين على مدار السنوات الماضية. وقد أكدت مصادر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد يضطر لاستغلال هذه المادة فى الإفراج عن صحفيى الجزيرة وكذلك محمد سلطان نجل القيادى صلاح سلطان إضافة إلى بعض النشطاء السياسيين مثل أحمد دومة. وتؤكد قرارات العفو الصحى التى صدرت خلال الفترة من 2009 إلى 2012، والمدونة بسجلات مصلحة السجون، أن عدد الذين تمتعوا بقرارات العفو الصحى خلال تلك الفترة مائة مسجون، على رأسهم خيرت الشاطر، القيادى بجماعة الإخوان الإرهابية الذى خرج من السجن فى مارس 2011، نتيجة لظروفه الصحية، وكذلك أيمن نور، رئيس حسب الغد الأسبق الذى أفُرج عنه فى 18 فبراير 2009 قبل إنهاء مدة عقوبة حبسه بعام كامل، وذلك بناءًا على التقرير الطبى الذى أثبت أصابته ببول السكرى، وارتفاع فى ضغط الدم، وكان "نور" محكومًا عليه بالسجن 5 سنوات، بداية من 5 ديسمبر 2005، فى قضية تزوير التوكيلات. ومن أشهر المفرج عنهم صحيًا حسن عز الدين يوسف مالك، وشهرته حسن مالك، القيادى البارز بجماعة الإخوان الإرهابية الذى غادر السجن فى شهر يوليو عام 2010، وكذلك القيادى الإخوانى يحيى محمد طاهر، والذى دخل السجن فى مارس 1995، وكان محكوما عليه بالمؤبد، ولم يقضى سوى 15 عامًا و10شهور، وتم الإفراج عنه فى يناير 2011 ، ومحمد عبد الحميد المغربى الذى كان محكومًا عليه ب 53 عامًا مؤبد، و3 سنوات أخرى، حيث دخل السجن فى عام 1981، وخرج فى شهر يونيو 2011، وكذلك محمد محمود محمد صلاح الأسوانى، وكان محكومًا عليه ب 54 عامًا منها مؤبد فى قضية احراز مفرقعات، و29 سنة فى قضايا ثانية، ودخل السجن فى السجن عام 1981، وخرج فى مارس 2011، بالإضافة إلى جمعة السيد سليمان، وكان محكومًا عليه بالمؤبد بتهمة الانضمام لجماعة محظورة، وخرج فى فبراير2009. من جانبه، أكد المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة السابق أن المادة 36 من قانون السجون تنص على أن كل محكوم عليه يتبين لطبيب أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر، أو يعجزه عجزًا كليا، يتم عرض أمره على مدير القسم الطبى للسجون لفحصه بالإشتراك مع الطبيب الشرعى للنظر فى الإفراج عنه . وأضاف أن تنفيذ قرار الإفراج يتم اعتماده من مدير عام السجون، وبعد موافقة النائب العام عليه، مشيرًا إلى أن هذه المادة تُعطى سلطة تقديرية للقضاء، ومصلحة السجون، ووزارة الداخلية، والنائب العام، لتقدير الحالة الصحية للمسجون. وتابع أن المادة 36 يتم تطبيقها بشرط أن يكون المسجون تحت المتابعة الأمنية داخل دائرته من الشرطة المختصة خلال فترة علاجه. وفى نفس الصدد، أكد الدكتور عزمى عبد الفتاح، استاذ القانون بجامعة القاهرة، أن المادة 36 من قانون السجون تسمح بالإفراح عن السجين، بناءًا على تقرير اللجنة الطبية التى تثبت إصابة السجين بأمراض خطيرة يستحيل الشفاء منها، مؤكدًا على أن قرار الإفراج يتم تنفيذه بعد اعتماده من مدير عام السجون، وموافقة النائب العام، وتخطر بذلك جهه الإدارة، والنيابة المختصة . وأشار إلى أنه يتعين على جهه الإدارة التى يطلب المفرج عنه فى دائرتها عرضه على طبيب الصحة لتوقيع الكشف الطبى عليه كل ستة أشهر، وتقديم تقرير عن حالته، يتم إرساله إلى مصلحة السجون لتبين حالته الصحية، لإلغاء أمر الإفراج عنه إذا اقتضى الحال ذلك. ولفت إلى أنه يجوز لمدير عام السجون ندب مدير قسم طبى السجون، والطبيب الشرعى للكشف على المفرج عنه لتقرير حالته الصحية، ويعاد المسجون الذى أفرج عنه إلى السجن، لإستيفاء العقوبة المحكوم بها عليه بأمر من النائب العام. وأوضح أن هناك من يستغل هذه المادة، ويعتبرها ثغرة قانونية، وستار قانونى من أجل تحقيق أغراض سياسية، مشيرًا إلى أن تدخل السياسة فى القضاء أفسده، ومؤكدًا على أن هناك الكثير الذى تم الإفراج عنهم تحت مسمى الإفراج الصحى، وهو فى حقيقة الأمر إفراج سياسى مخالف. وأكد أن المادة 486 من قانون الإجراءات الجنائية، والتى تنص على أنه إذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية مصابًا بمرض يهدد، بذاته أو بسبب التنفيذ، حياته بالخطر، جاز تأجيل تنفيذ العقوبة عليه حتى يتم شفاؤه. وأوضح أن هناك فارقا بين المادة 36 من قانون السجون، والمادة 486 من قانون الإجراءات القانونية، فالأولى يتم تنفيذها على المسجون الذى صدر عليه حكم نهائى بالحبس، أما المادة الثانية فتنفذ على المسجون الذى صدر عليه حكم الحبس ولكن لم ينفذ الحكم. وأشار أستاذ القانون إلى أن النيابة العامة هى المنوط بها الإشراف على تنفيذ العقوبات الجنائية. وأكد الدكتور عبد الله المغازى، أستاذ القانون الدستورى، أن المادة 36 من قانون السجون من الممكن أن تُطبق بشكل صحيح إذا توافر لدينا الآليات، والقواعد السليمة لتطبيقها. وتابع أن المادة أن 36 من الممكن أن تستخدم كثغرة قانونية فى كثير من الأحيان، موضحًا أن لدينا ثغرات قانونية، ونصوص تشريعية يتم استخدامها بشكل خاطئ، فى أى صفقة سياسية. وأكد "المغازى" أن البرلمان القادم يجب أن تكون مهمته ضبط القواعد التشريعية، وسد الثغرات القانونية التى ينفذ من خلالها الفاسدون. وأكد "المغازى" أن البرلمان القادم يجب أن تكون مهمته ضبط القواعد التشريعية، وسد الثغرات القانونية التى ينفذ من خلالها الفاسدون.