أصدرت منذ عددة أسابيع دار نشر جان بيكوليك الفرنسية كتاب بعنوان "وصايا بن لادن" من إعداد رولان جاكار وعثمان تازاغارت. ويرصد الكتاب بداية أسامة بن لادن كقائد وعلاقته بتنظيم القاعدة كما يكرس الكتاب إلى أن بن لادن كان يطالب دائمًا للقيام بهجمات ضد القطارات أو الطائرات في مدن أمريكية صغيرة، وأنه السبب الرئيسي في أحداث 11 سبتمبر التي غيرت تاريخ البشرية. كما يرصد بن لادن خلال مدوناته السرية التي أعدها المؤلفون أن عملية الكوماندوز، التي نفذت في مايو 2011، على المكان الذي يعيش به زعيم القاعدة أسامة بن لادن، لم تضم فقط الفرقة العسكرية، التي ضمت الخمسين جنديًا الذين شاركوا، بل هناك نحو عشرين من المخابرات الأمريكية (C.I.A) مهمتهم وضع اليد على الأرشيف السري لبن لادن وعلى عجالة، وبحدود 40 دقيقة، صادر هؤلاء 10 آلاف صفحة و15 كومبيوتر، وعشر أسطوانات. كما تم وضع اليد إلى مئات من مفاتيح «USB»، خصوصًا دفترًا صغيرًا، مكتوبًا باليد من 82 صفحة كان بن لادن يدوّن ملاحظاته ومخططاته للمستقبل، بالإضافة وثائق «متفجرة»، ترجمها كل من رولان جاكار وأتمان تازاجارت، وأصدراها في كتاب (نشر حديثًا في باريس بعنوان «Les Testaments de Ben Laden». وتكشف الوثائق المنشورة، أن مؤسس القاعدة لم يتركها ولا لحظة واحدة عكس ما هو شائع عن بعض الخبراء، أنه كان يهتم بكل شيء، كما أنه كان المسئول الأول عن العمليات العسكرية، وتمويل التنظيم، ومساعدة عائلات الشهداء. وترصد الوثائق أنه منذ 1987 خصّص بن لادن 1500 دولار لطبيب عمليات مصري ليبقى إلى جانبه حتى سقوط مخبئه في أفغانستان بعد 11 سبتمبر 2001. وشرح الكتاب كيف كان يعامل بن لادن زوجاته، ويشكو من «خيانات»، وطلب من المجاهدين تطهير صفوفهم من «الجواسيس والجبناء». وورد في دفتر بن لادن الصغير، أنه كان يحث أنصار تنظيمه على القيام بعمليات واسعة في أوقات رمزية، مثل «يوم الاستقلال في أمريكا» في ذكرى 11 سبتمبر 2001، وأعياد آخر السنة، ويوم افتتاح الدورة العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، وكذلك في المسابقات الرياضية الكبيرة، والتظاهرات السياسية والثقافية التي تجمع جمهورًا واسعًا ومهمًا. ويطرح بن لادن عددًا من الأسئلة ذات طبيعة تقنية أو علمية، ويتساءل حول إمكانية اختراق بعض فئات الشعب الأمريكي غير المسلمين، بين المجتمعات السوداء أو الإسبانية المهمشة من قبل النخب البيضاء المهيمنة، للقيام بأعمال مشتركة مع متطوعين جهاديين. وكان بن لادن يتساءل إذا كان في الإمكان «تلقيح الانتحاريين بفيروسات، أو متفجرات سائلة أو مواد أخرى»؟ وجوابًا عن هذه الأسئلة، رسالة من النوع الطبي، وقّعها أيمن الظواهري (طبيب)، يفصّل فيها الاحتياطات الأمنية والطبية التي يجب الأخذ بها للنجاح في القيام بعمليات جهادية مدروسة. أما «الجهاد النووي» كما يورد الكاتبان، فكان يشكل هاجسًا حقيقيًا عند بن لادن، وذلك مذكور مرتين في دفتره الصغير، و كان بن لادن يرى سيناريو آخرًا ذا هدف نووي: «القيام بأعمال جهادية لضرب استقرار الأنظمة في بعض الجمهوريات الإسلامية من الاتحاد السوفيتي السابق للاستفادة من الفوضى، ووضع اليد على الترسانات النووية أو المواد الانشطارية». مع هذا، فالمقطع الذي أثار أكبر قلق عند الأمريكيين عند تحليل دفتر مدوّنات بن لادن، ملحوظة صغيرة، يرى فيها بن لادن «تكليف بعض خبراء المعلوماتية»، بتقصي شبكات التواصل على الإنترنت، بهدف كشف التسرّبات المحتملة الموزعة، تتعلق بالشفرات السرية لأنظمة الدفاع الأمريكية». وبعد بضعة أسابيع من إرسال تعليمات بن لادن حول هذا الموضوع، تمّ تسريبها من إحدى شبكات «PQP» وكشفت مجموعة سرية للوحدات الخاصة ل«فور براج»، تتضمن معلومات خاصة تتعلق ب50 ألف عسكري أميركي. وسجل بن لادن: «إن القيام بأكبر عملية جهادية في مضيق هرمز سيزعزع الاقتصاد العالمي بإحداث ارتفاع كبير غير مسبوق بأسعار البترول، والتي لا تستطيع الدول الغربية تحمّلها». ومن بين الوثائق التي أخذها الأمريكيون عبر «هجوم على مخبأ بن لادن تتمثل بخرائط بحرية لخليج عدن ومضيق هرمز»، وبحسب المعلومات، فكانت مكتظة بالملاحظات بخط بن لادن. وعلى امتداد عشر سنوات كان بن لادن يحلم إعادة تجربة هجوم 11 سبتمبر، من خلال القيام بهجوم جوي آخر على الأرض الأمريكية، ومن بين الأفكار المقترحة، مشروع يهدف إلى تغيير مسار طائرات صغيرة أكثر مرونة وأسهل للقيادة، لسحقها على بعض النقاط الشهيرة، مثل بروكلين ونيويورك، والجسر الذهبي "جولدن بريدج" في سان فرنسيسكو أو إحدى النقاط الخمس وأربعين المتحركة التي تحاذي نهر شيكاغو. ويقترح بن لادن «القيام بهجمات ضد القطارات أو الطائرات في مدن أمريكية صغيرة، لان جهاز الأمن يكون أقل تجهيزًا مما هو عليه في المدن الكبرى مثل واشنطنونيويورك ولوس أنجلوس». وتعتبر سرّ فكرة استهداف القطارات تتوضح: «يلزمنا، يدوّن بن لادن في مقطع آخر من دفتره، القيام بهجمات متزامنة ضد القطارات، لإحداث انفجارات قادرة على خروجها من سككها في أماكن حساسة، في أنفاق أو جسور أو من أعلى الوديان». وأشار إلى أنه «يجب الأخذ في الاعتبار أن لكل قسم من القطار، بحسب الموديلات الأخيرة، نظامه الخاص المتعلق بالكبح (أو الفرامل)، مما يمنع المقطورات من أن تميل في حال الخروج على السكك».