رغم إعلان البنك المركزي بسلطة الانقلاب العسكري عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي إلى 48.143 مليار دولار بنهاية أبريل الماضي، مقابل 47.757 مليار دولار في مارس، يرى خبراء اقتصاديون أن هذه الأرقام تعكس "احتياطيًا وهميًا"، يعتمد على مصادر مؤقتة وغير مستقرة، ولا يعبّر عن قوة حقيقية للاقتصاد المصري. تضخم مرتفع واحتياطي لا يُترجم لتحسن معيشي ويأتي هذا الإعلان في وقت يعاني فيه المصريون من تضخم قياسي في أسعار السلع والخدمات، إذ تجاوز معدل التضخم السنوي 30%، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مما يطرح تساؤلات حول الجدوى الفعلية من هذا الاحتياطي، ومدى قدرته على دعم الجنيه أو تخفيف الأعباء عن المواطن.
ودائع خليجية.. لا سيولة حقيقية ويُجمع عدد من الخبراء على أن الجزء الأكبر من هذا الاحتياطي عبارة عن ودائع خليجية قصيرة الأجل مودعة في البنك المركزي، ولا تُعد أموالًا متاحة للاستخدام الحر أو لدعم السوق. ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق المعتقل بسجون الانقلاب في تصريحات صحفية سابقة أن "نحو 28 إلى 30 مليار دولار من هذا الاحتياطي هي ودائع خليجية، لا يمكن للبنك المركزي التصرف فيها بحرية، وهو ما يُفقد الاحتياطي قيمته كأداة حقيقية للدفاع عن الاقتصاد".
شُبهات في مصادر النمو يُشار إلى أن القفزة في الاحتياطي تزامنت مع تلقي مصر 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ضمن الشريحة الرابعة من قرض تم الاتفاق عليه عام 2022، كما أعلن البنك المركزي أن تحويلات المصريين بالخارج تضاعفت لتبلغ 17 مليار دولار في النصف الأول من العام المالي، وهي زيادة مفاجئة وغير مفهومة في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة، ما يثير شكوكًا حول دقتها أو استدامتها.
موارد أخرى هشة ورغم تراجع إيرادات قناة السويس إلى 1.8 مليار دولار فقط في النصف الأول من العام المالي، مقارنة ب4.8 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق، عوّضت الحكومة ذلك جزئيًا بارتفاع إيرادات الصادرات بنسبة 13.7% إلى 18.71 مليار دولار، وزيادة إيرادات السياحة إلى 8.7 مليار دولار، فضلًا عن تحسن طفيف في الاستثمار الأجنبي المباشر الذي بلغ 6 مليارات دولار.
لكن خبراء يرون أن هذه الموارد، رغم تحسنها النسبي، لا يمكن الاعتماد عليها لبناء احتياطي صلب، خصوصًا مع هشاشة السياحة وغياب الصناعة القوية.
الاحتياطي لا يعكس استقرارًا ويقول الخبير الاقتصادي ممدوح الولي في تصريحات صحفية: إن "الاحتياطي الحالي لا يعكس استقرارًا نقديًا حقيقيًا، بل هو نتاج تدفقات مؤقتة مرتبطة بقروض وودائع ومساعدات، وكلها يمكن أن تتوقف أو تُسحب في أي وقت، الاحتياطي الحقيقي هو الناتج عن الفائض التجاري والاستثمار الإنتاجي، لا الأموال الساخنة أو المساعدات المشروطة".