من الصعب على رجل السياسة الذى قضى عمره راهباً فى محرابها أن يعلن فجأة تخليه عنها بشكل كامل .. لكن قد لانشعر بالإستغراب إذا ما عرفنا أن الرجل قد بلغ من العمر أرزله ولم يعد قادراً على مجابهة المتاعب و الضغوط التى تسببها على أية حال فإن الأمر لم يدم طويلاً وسرعان ماعاد الراهب عبد الغفار شكر إلى المحراب مرة أخرى بعد مطالبات من المحيطين به من أقاربه وأصدقائه وأعضاء فى الحزب الذى أسسه "التحالف الشعبى الإشتراكى " إلى السياسة مرة أخرى كان شكر البالغ من العمر 78 عاماً قد إتخذ قراراً منذ مايزيد عن العام بإعتزال العمل السياسى نظراً لكبر سنه ورغبته فى إفساح المجال لمن هم أصغر سناً وأكثر حيوية وشباباً وعلى مايبدو أن هذه الرغبة لم تدم طويلاً فقرر أن يعود إلى قيادة حزبه مرة أخرى لينافس به فى إنتخابات مجلس النواب المقبلة ولد شكر فى 27 مايو 1936 بقرية تيرة مركز نبروه محافظة الدقهلية وبدأ حياته السياسية عندما إلتحق بالإتحاد القومى عام 1958 ثم الاتحاد الاشتراكي عام 1963 وفي العام 1964 أصبح أمينا للتثقيف في تنظيم الشباب الإشتراكي الذي كان يعتبر أحد الاجهزة المعلنة للإتحاد الإشتراكي وانتمى شكر للتنظيم الطليعي الذي اسسه جمال عبد الناصر كتنظيم سري موازى للتنظيم العالمي للإتحاد الاشتراكي وفى عهد الرئيس الراحل أنور السادات جاء إسمه من بين مئات السياسيين و المثقفين و الصحفيين الذى تم إعتقالهم على خلفية الإعتراضات على إتفاقية كامب ديفيد التى أبرمها السادات مع إسرائيل أما فى عهد الرئيس مبارك فبرز دور شكر كمعارض قوى من خلال إنتمائه لحزب التجمع الذى كان من بين مؤسسيه مع خالد محيى الدين ورفعت السعيد وغيرهم وظل يحارب من خلاله كعضو بمكتبه السياسى إلى أن رأى أن الحزب يحيد عن مساره فطالب بإجراء اصلاحات داخلية في سياسات وهياكل الحزب تعيده الى تقدميته وتجعله بيتاً حقيقياً لليسار المصري وكان من بين مطالب شكر توافر مجموعة من المقومات الأساسية لضمان وضع رؤية سليمة للحزب وتحديد التزامات أساسية تجعل من سياسة تحالفات الحزب في الموضع الصحيح له كجزء من الحركة التقدمية الديمقراطية خاصة بعد أن كانت قد ترددت أنباء عن عقد الحزب صفقة مع الحكومة حصل بموجبها على عدد من مقاعد البرلمان فى عام 2000 كما طالب شكربضرورة توافر بنيان حزبي مؤسس ديمقراطياً يعلو فوق إرادات الأفراد وأن يكون التجمع بيتاً لليسار المصري الواسع وتكون علاقته ودية مع الجميع وأن تفتح صحافته لمختلف التيارات والآراء اليسارية من القيادات الشابة بشكل يمكن من وجود مناقشة حقيقية مع كل الهيئات القيادية. ولم يكن عدم الإهتمام بهذه المطالب هو السبب وراء خروج شكر من التجمع لكنه ظل منتمياً له لسنوات عدة إلى أن تركه إعتراضاً على سياسات رئيس الحزب فى ذلك الوقت ورفيق كفاح شكر فى خدمة اليسار الدكتور رفعت السعيد قبل ثورة يناير ببضع أعوام بعد أن إتهمه بالتواطئ مع نظام مبارك و التنسيق معه منذ العام 1990 فى الإنتخابات النيابية ليؤسس بعد الثورة حزب التحالف الشعبى الإشتراكى الذى بدأ يثبت للجميع أن لليسار فى مصر بيت آخر غير التجمع بالإشتراك مع القيادى اليسارى الراحل أبو العز الحريرى فيما رآه البعض إنشقاقاً رسيماً عن التجمع وكما كان له دور فى عهود عبد الناصر و السادات ومبارك أكمل شكر نضاله ضد الإخوان فى عهد الرئيس السابق محمد مرسى وعلى الرغم من محاولة الإخوان إستقطابه من خلال تعيينه فى المجلس القومى لحقوق الإنسان فى فترة حكمهم وترشيحه للجمعية التأسيسة التى وضعت دستور 2012 إلا أنه كان عضواً بارزاً فى جبهة الإنقاذ الوطنى التى أسس لها الدكتور محمد البرادعى وحمدين صباحى وعمرو موسى ضد جماعة الإخوان المسلمين ورئيسها عقب الإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012 وبالرغم من إعتراض شكر على تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان ووصفه له بأنه غير متوازن لأن غالبية أعضائه من الإخوان بالإضافة إلى إنشغاله بتأييد قرارت حكومة الإخوان بدلا ً من الإهتمام بحقوق الإنسان إلا أنه أمهل نفسه ستة أشهر قام بعدها بتقديم إستقالته مع مجموعة من أعضاء المجلس المحسوبين على التيار المدنى الآن وفى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى يشغل شكر منصب نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان ويرأس حزب التحالف الشعبى الإشتراكى ويقود التحالف الديموقراطى الذى سينخرط خلال أيام قليلة مع تحالف الوفد المصرى لخوض الإنتخابات البرلمانية المقبلة ومازال يمارس العمل السياسى بشتى صوره فى الوقت الذى أعلنت فيه مجموعة كبيرة من شباب حزب التحالف تجاوزت ال 25 إسماً الإستقالة من الحزب من بينهم المحامى اليسارى خالد على ومنى عزت وعماد عطية ومحمد سعد خير الله