أكد كبار أساتذة الجهاز الهضمي والكبد بمصر والشرق الأوسط أن وزارة الصحة تسرعت في التعاقد علي شراء دواء جديد لعلاج فيروس سي، كما تسرعت في الإعلان عن توافر الدواء للمرضي دون الاستناد إلي معايير علمية أو دراسات واضحة لقياس مدي فاعلية الدواء في الشفاء النهائي من المرض أو قياس مضاعفاته، موضحين أن الدواء الجديد يحتاج إلي الكثير من الدراسات علي مرضي فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي سي من النوع الرابع الذى يدمر أكباد المصريين، مؤكدين أن بروتوكول العلاج الأكثر فعالية للمرضي هو استخدام ثلاثة أدوية بما يقدم نتائج شفاء تتجاوز ال96%، وأشار الأطباء إلي أن وزارة الصحة أخطأت في الإعلان عن كفاءة الدواء الجديد لعلاج فيروس سي منفردا بنسبة 90 % لأن الحقيقة أن نسبة الشفاء باستخدام الدواء لن تتعدي نسبة ال80% لأن التجارب الأولية للدواء قد أجريت علي مرضي غير مصابون بتليف الكبد، مؤكدين أن استخدام العلاج الثلاثي المكون من أدوية" الإنترفيرون والريبافرين والسوفالدي" هو الأكثر فعالية في تحقيق نسب شفاء لمرضي الكبد بمصر تتعدي 96%. وقال الدكتور حلمى أباظة أستاذ أمراض الجهاز الهضمي والكبد بكلية طب جامعة الإسكندرية ورئيس الجمعية المصرية لأمراض الكبد والجهاز الهضمي أن طرح أي أدوية جديدة لعلاج فيروس سي مرحب بها ونريد أن نسرع في استخدامها، لكن ما حدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية أنها لم تتسرع في استخدام الدواء الجديد رغم ما تملكه من إمكانات فبعد الإعلان عن دواء "سوفالدي" امتنعت عن استخدامه بحجة أن الشركة المنتجة للدواء طرحته بأسعار مبالغ فيها، وأن أمريكا لا يمكنها استخدام هذا الدواء لأنها تعالج المرضي علي نفقة التأمين الصحي، موضحا أن مصر تحتاج أن تعالج مرضاها لكن يجب التروي وعدم التسرع في التعاقد مع أي دواء جديد لكي لا يصاب المصريون بمضاعفات أمراض خطيرة، لافتا أن التسرع في التعاقد علي أدوية جديدة قد يكون مضرا في أحيان كثيرة، مثلما حدث في مصر عام 1975 حين تسرعت مصر وتعاقدت لشراء دواء كان مطروحا لعلاج مرض البلهارسيا فكانت نتيجة التسرع في استخدام الدواء عن طريق الحقن الزجاجية أن انتشر مرض فيروس سي بين أكثر من 14 مليون مصري وهم الآن أنفسهم قد يقعون ضحية التسرع في استخدام الدواء الجديد، وقال إن الشركات العالمية بدأت تولي اهتماما كبيرا لعلاج مرضي فيروس سي بمصر، وحاليا هناك أكثر من 20 دواء جديد تم اختباره وسيتم طرحه للمجتمع الطبي خلال 6 أشهر. وأشار الدكتور يسري طاهر أستاذ الكبد والجهاز الهضمي بكلية طب جامعة الإسكندرية إلي أن 20% من المصريين مصابون بفيروس "سي" وأن أعداد المرضي في تزايد ويصاب سنويا 160 ألف حالة جديدة مما أدي إلي تزايد معدلات الإصابة بأورام الكبد، موضحا أن اللجنة التي شكلتها وزارة الصحة من 100 طبيب والتي تضم كبار خبراء الكبد علي مستوي الجمهورية أكدوا أن العلاج الثلاثي الذى يشمل "سوفالدي" أو "سوبوسفير" و"الانترفيرون و"الريبافيرين" هو العلاج الأمثل لمريض فيروس سي من النوع الجيني الرابع، مشيرا إلي أن الدواء الجديد يجب الالتزام الكامل بتناوله في مواعيده المحددة وأنه سيأتي بأفضل نتائجه إذا التزم المريض بتعاليم العلاج. وأوضح الدكتور حسن حمدي أستاذ الكبد والأمراض المتوطنة بكلية طب جامعة عين شمس خلال المؤتمر السنوي السادس عشر للجمعية المصرية لأمراض الكبد والجهاز الهضمي أن العلاج الثلاثي يحقق استجابة مستدامة بنسبة 96% متفوقا بذلك علي كل البدائل المطروحة مضيفا أنه إلي جانب فاعلية العلاج الثلاثي فإن فترة العلاج تدوم ثلاثة أشهر فقط مما يعني أنه أوفر للمرضي وللدولة ويتيح إمكانية علاج عدد أكبر من المرضي، موضحا أن علاج المريض يحمي من 3 إلي 6 أفراد من الإصابة بفيروس سي، لافتا إلي أن الاتفاقية التي وقعتها وزارة الصحة كان بها العديد من المزايا منها وضع حد أقصي لسقف توقعات أي دواء جديد سيتم طرحه لعلاج فيروس سي فلا تستطيع أي شركة أدوية أن تطرح عقارا لعلاج المرضي بأسعار أعلي مما اتفقت عليه الوزارة مسبقا، إلي جانب الحصول علي أفضل استجابة ممكنة بأقل فترة علاج وبأقل تكلفة وأقل مضاعفات وأقل إشكالات في متابعة المرضي وأن الدواء يستخدم في مصر لمدة 6 أشهر رغم أن الشركة أرادت أن تبيعه لمصر لمدة أربعة أعوام، وكذلك مصر حصلت علي امتيازات إلي جانب السعر المنخفض للدواء منها إمكانية إنتاج دواء مماثل في مصر أو الشراء من مكان آخر. في حين قال الدكتور محمد علي عز العرب استشاري أمراض الكبد والجهاز الهضمي والمناظير ورئيس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد أن المجتمع الطبي لا يختلف علي أن العلاج الثلاثي هو الأكثر فعالية لعلاج فيروس سي بمصر ولكن الخلاف علي استخدام الدواء الجديد كعلاج منفردا أو كعلاج ثنائي لأنه لم تثبت فعاليته بهذا الشأن حتي الآن، كذلك أبدي عز العرب اختلافه مع لجنة المفاوضات مشيرا إلي أن الشركة عندما منحت مصر سعر الدواء بقيمة 1 % من السعر فهو لم يكن نتيجة إنجاز من مصر بقدر ما هو سياسة متبعة في الشركة المنتجة للدواء والتي قسمت العالم لثلاث فئات وجاءت مصر في المرتبة المنخفضة بجهود لجنة المفاوضات، كما أن عدد من الدول الإفريقية أجبرت شركات الأدوية القومية ببلادها علي تصنيع دواء لعلاج فيروس سي وهذا ما لم تنجح فيه لجنة المفاوضات لأن الهند وباكستان حصلوا علي الدواء بنفس السعر وتم الاتفاق مع شركة جلياد المصنعة للدواء و60 دولة افريقية وآسيوية علي إنتاج مثيل للدواء من الشركة نفسها وليس أن يشتروا المادة الخام من السوق السوداء كما ستفعل مصر، موضحا أن هناك شركات هندية ستخرج باتفاق نهائي خلال شهر سبتمبر القادم بإنتاج الدواء بسعر 2 دولار أو ما يعادل 15 جنيه مصري للحبة الواحدة من الدواء الجديد. وقال الدكتور حسني سلامه أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي بكلية طب جامعة القاهرة أن وزارة الصحة تعاقدت مع الشركة المنتجة للدواء ودفعت لها ما يقارب نصف مليار جنيه ولكن خلال شهرين أو ثلاثة أشهر قد يحدث تغير في سوق الدواء ويظهر دواء أكثر فعالية أو أن تقوم الشركة المنتجة للدواء بسحبه من السوق وبالتالي تخسر مصر الأموال التي دفعتها ، موضحا أن أولوية العلاج بالدواء الجديد تكون لمن نخشي عليه من الانتظار علي المدي القصير كما أصبح لزاما الوصول إلي العلاج الأفضل والأسرع حتي يتيسر علاج أكبر عدد من المرضي وتحقيق الشفاء التام لهم فلابد من التعامل من منطلق الوقاية ومنع الانتشار وكذلك علاج المرضي حتي لا يكونوا مصدرا لعدوي لأسرهم والمتعاملين معهم. وأشار الدكتور أحمد الجارم أستاذ أمراض الجهاز الهضمى والكبد بجامعة القاهرة إلي أن الدواء الجديد لن يعطي لكل مرضي فيروس سي لكنه سيعطي فقط لمن يعانون من آثار المرض ومضاعفاته علي كل أعضاء الجسم موضحا ضرورة التروي ومنح مزيد من الفرص للدراسات والأبحاث حيث ستظهر خلال الستة أشهر القادمة أدوية جديدة تعطي عن طريق الفم لعلاج فيروس سي وبعد أن دفعت وزارة الصحة ملايين الجنيهات لشركة أدوية عليها الآن أن تدرس وتختار أفضل ما يناسبها من بين الأدوية المطروحة.