أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تقريرًا بعنوان: "الصحة في سجون مصر "، وكشفت نتائج البحث عن تدهور الأوضاع المعيشية والصحية داخل السجون - بشكل لا يتماشى مع الحد الأدنى من مكونات الحق في الصحة، وذلك على مستوى إتاحة الخدمات الصحية وجودتها وكفاءة القائمين عليها، كما رصد صعوبة حصول السجناء على خدمات الرعاية الصحية الجيدة والمُرضية، وغياب آليات واضحة تمكن السجناء من الحصول على هذه الرعاية داخل السجون. ذكرت هبة ونيس الباحثة بالمبادرة المصرية أن: "البحث قد قيمَ الأوضاع الصحية في ستة عشر سجنًا ومركزًا للشرطة في مصر عن طريق إجراء مقابلات مع سجناء سابقين، وأشخاص معنيين بالاحتجاز من أطباء ومحامين وخبراء " وتناول نطاق البحث إتاحة الرعاية الصحية وجودتها، وتشمل سهولة الوصول إليها وكفاءة مقدمي الخدمات الصحية، والحصول على الدواء، والتجهيزات والبنية الأساسية للرعاية الصحية، والتمييز في الحصول على الرعاية الصحية، والتعامل مع الحالات الحرجة، والرعاية الصحية للنساء والأطفال، والصحة النفسية، والمقومات الأساسية للصحة. وأوضح التقرير أن مستوى الخدمات الصحية يتفاوت بشكل كبير بين السجون في مصر، من حيث البنية الأساسية والتجهيزات والموارد البشرية. كما أظهرت نتائج البحث أن هناك قصورًا في توفير الخدمات العاجلة في حالات الطوارئ وبطئًا في سير الإجراءات واتخاذ القرارات للتدخل في الحالات الصحية الحرجة، خصوصًا وأن الأطباء في أماكن الاحتجاز لا يعدون تابعين لوزارة الصحة، بل يتبعون إدارة مصلحة السجون تبعية كاملة من حيث الإشراف والرقابة وتوقيع الجزاء، وأيضًا يحملون رتبًا شرطية تابعة لوزارة الداخلية. وهو ما يؤثر سلبًا على استقلالية الرأي الطبي داخل السجون، خصوصًا في الحالات التي تحتاج إلى قرار بالإفراج الصحي. وأضاف التقرير أن التكدس الشديد وغياب النظافة والصيانة للعنابر والزنازين ودورات المياه، كان لها جميعًا دور سلبي في التأثير على صحة السجناء. وفي بعض السجون، وصل الاكتظاظ إلى درجة أنه يتم تقسيم مساحة الغرفة على السجناء بالسنتيمتر، في غرف لا يوجد بها أسِرَّة للنوم. وبالإضافة إلى ذلك، فسوء التهوية مع دخان سجائر المدخنين من السجناء – وهم الغالبية – إلى جانب الحرارة والرطوبة صيفًا، تشكل بيئة مساعدة لانتقال عدوى الأمراض الجلدية والصدرية التي عانى منها غالبية السجناء الذين أدلوا بإفادات لغرض هذا البحث. وأوضحت نتائج البحث أنه ليس هناك رقابة تضمن إنفاذ القوانين التي تحمي صحة وحياة المحتجزين، وأن التزام المؤسسات العقابية بالنصوص القانونية المتعلقة بصحة المسجونين – وغيرها بالطبع – مرتبط في الأغلب بأهواء المسئولين عن إدارة السجن. تجدر الإشارة إلى أن الدولة المصرية ملزمة قانونيًّا بحماية صحة السجناء والمحتجزين وبتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم، وذلك بموجب نص الدستور المصري وقانون تنظيم السجون لسنة 1956 واللائحة الداخلية للسجون لسنة 1961، وهي النصوص المنظمة لأدوار وواجبات القائمين على العمل الصحي – خصوصًا الأطباء – داخل السجون في مصر. هذا إلى جانب الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ومن الجدير بالذكر أن المبادرة المصرية بإرسال نسخ مطبوعة من هذا التقرير إلى مصلحة السجون وقطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية وقطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة والسكان، مرفقة بخطاب يتضمن أهم النتائج والتوصيات الواردة في التقرير، وذلك بتاريخ 10 مايو 2014، ولم يرد إليها أي ردود من أيٍّ من الجهات الرسمية حتى نشر هذا البيان