قرار صحيفة "نيويورك تايمز" بإقالة رئيسة التحرير البارزة ، شكل خيبة أمل للنساء في مجال الإعلام، واتهاما للصحفية بالتمييز العنصري ضد النساء وفقدان المصداقية المهنية. أقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، رئيسة تحرير قسم الأخبار جيل أبرامسون، وهي أول امرأة، تعمل في هذا المنصب خلال تاريخ الصحيفة الممتد منذ 163 عاما. وذكرت صحيفة الغارديان في تقرير لها يوم الجمعة، أن "نيويورك تايمز"، وجدت نفسها أمام اتهامات متصاعدة بالتمييز ضد النساء، والسقوط في سياسة إعلامية غير مهنية، إثر قرار الإقالة المفاجئ، كما سرت مزاعم حول خلاف على الأجر، واعتراض أبرامسون على ضآلة تعويضاتها، مقارنة بسابقيها من الذكور. وبعد يوم من الفشل في إعطاء تبريرات وشرح تفاصيل قرار الإقالة، أصدر رئيس الشركة الناشرة، ارثر سولزبيرجر الابن، بيانا نفى فيه الاتهامات بأن قرار الفصل صدر بسبب الخلاف حول أجر أبرامسون. وقال في بيان لموظفيه، يوم الخميس، "ببساطة غير صحيح أن تعويض جيل وأجورها أقل بكثير من سابقها"، وكان سولزبيرجر، فاجأ العاملين في غرفة الأخبار يوم الأربعاء، وأعلن إقالة أبرامسون بشكل غير رسمي في اجتماع عاجل للموظفين، وقال فيه إنه تم استبدالها على الفور بنائبها دين باكيت، لكنه فشل في إعطاء تفسير مقنع لهذا القرار، مشيرا فقط بشكل غامض إلى أمور في إدراة غرفة الأخبار، أدت إلى اختلاف وجهات النظر في عدة تقارير إعلامية. يذكر أن أبرامسون (60 عاما)، عملت في منصبها كرئيس تحرير غرفة الأخبار لفترة أقل من ثلاث سنوات، وكان ينظر إليها، على أنها قائد وحليف للصحفيين، خاصة من النساء، اللواتي اعتبرنها القدوة والمثل الأعلى، لكنها أيضا، وحسب ما ذكرت تقارير، تسببت في حدوث صدامات وخلافات في بعض الأحيان، لم تقتصر على المحررين من زملائها، بل تجاوزتهم إلى خلافات مع اثنين من كبار المسؤولين التنفيذيين في الصحيفة، رئيس الشركة سولزبيرجر، والرئيس التنفيذي مارك تومسون، الذي أحضرها من هيئة الإذاعة البريطانية. وذكر كين التا من "نيويوركر"، أن أبرامسون اشتكت لرؤسائها بأن أجرها أقل من سابقيها الذكور، في البريد الإكتروني لسولزبيرجر، الذي رد بالقول إن مجموع التعويضات التي تقاضتها أبرامسون، في السنة الأخيرة لإدارتها، كانت أكثر بعشرة بالمئة من بيل كيلر، سابقها، في عامه الأخير قبل ثلاث سنوات. وعاد سولزبيرجر لتبرير القرار بالقول، "لم تكن للتعويضات أية علاقة من أي نوع لقراري، لم يحصل أي نقاش حول التعويضات، السبب الوحيد لهذا القرار، كان القلق من بعض جوانب إدارتها لغرفة الأخبار لدينا". وكان خروج أبرامسون غير متوقع ومفاجئا، فقد غادرت دون معالجة الأخبار، ومع هذا انطلقت عناوين الصحيفة في غضون دقائق قليلة من إبلاغ الموظفين بالتغيير، وبدا واضحا أنها صرحت بأنها لم تعد تعمل لحساب الصحيفة. ولم يكن بالإمكان معرفة تفاصيل ما حدث فعلا، نظرا إلى أن الطرف الآخر وهو أبرامسون، قد منعت عن التعليق بموجب اتفاق يقضي بعدم الإفصاح. شعور الظلم لإقالة أبرامسون، حسب المصادر، تأجج قبل اجتماع كبار المسؤولين، المدراء المنفذين، وذلك قبل اجتماع الموظفيين بوقت قصير، الذي تم فيه إعلان فصلها، واقترح رئيس التحرير اليسون ميتشل بأن القرار سيكون مقلقا للنساء في غرفة الأخبار، خصوصا بالنسبة إلى من اعتبرنها نموذجا يحتذى، لكن سولزبيرجر رد بأن رؤساء التحرير من النساء يمكن فصلهن كما الرجال ولا فارق في ذلك. وأعطى سولزبيرجر تفسيرات صغيرة وغير منطقية لقراره، في اجتماع الموظفين، معتبرا أنها محاولة لتحسين منهج غرفة الأخبار، وقال إنه سيعطي أجوبة أكثر تفصيلا فيما بعد. يذكر أن باكيت مدير التحرير، كان غاضبا، من قرار أبرامسون، ضم جانين غيبسون، التي تعمل في صحيفة الغارديان، إليه في إدارة التحرير، لكن غيبسون أكدت أن صحيفة "نيويورك تايمز′′ عرضت عليها العمل، لكنها رفضت. ولم ترد الصحيفة على طلب التعليق حول كيفية التعامل مع إقالة أبرامسون. بدورها اريانا هافينغتون، مؤسس هافينغتون بوست والرائدة في مجال الصحافة الرقمية، هبت للدفاع عن أبرامسون، وقالت "جيل ليست فقط صحفية كبيرة لكنها منحت التايمز في فترة إدارتها، الشغف بصحافة متميزة ومتنوعة، واستيعاب مسألة الحاجة إلى التطور"، وذلك في تصريحها للغارديان. ويبدو أن أبرامسون تحاول تخطي الأمر، فقد نشرت ابنتها يوم الخميس صورة على موقع التواصل الاجتماعي انستغرام، وعلقت عليها "هواية أمي الجديدة"، وظهرت في الصورة أبرامسون ترتدي قبعة وقفازات الملاكمة مع كيس للكم. يذكر أن سمعة أبرامسون التي كونتها على مدى طويل كانت على المحك في تعاملها مع زملائها، لكنها أيضا كانت تملك أنصارا أقوياء، ويمكن الإشارة إلى قائمة من النجاحات الصحفية تتضمن ثماني جوائز بوليتزر خلال ثلاث سنوات في منصبها. من جهتها علقت "ايميلي بيل" في صحيفة الغارديان، أن الغضب من الصحفيات المتعاطفات مع أبرامسون، يمكن اختصاره في أن "الآداء الممتاز ليس كافيا، يجب أن تكون المرأة مختلفة تماما عن الرجال الذين تحل محلهم، أو الذين تستبدلهم، كما يبدو، يجب أن تتكيف مع السلطة، في فترة وجيزة، دون تخطي الدور المحدد لها كامرأة والفاصل بين الجنسين". وأضافت أن أبرامسون عملت في صحيفة نيويورك تايمز لأكثر من عقد من الزمن قبل أن تصعد إلى هذا المنصب. لم يكن هناك شيء غامض أو غير معروف عن شخصيتها، فطبيعتها الفظة والاستعداد للدفاع بقوة عن وجهة نظرها، كانا معروفين عنها، كما أصبحا شيئا مطلوبا (خاصة من قبل بعض الصحفيين الذكور). كما كان واضحا أن شخصية أبرامسون من الممكن أن تتقبل بطريقة أو بأخرى وتستوعب الأشخاص الذين من الصعب عليهم فهمها والتعامل معها.