في مكتب بالمعبد اليهودي بوسط القاهرة ومن ورائها صورة عظيمة لقطاوي باشا وزير المالية اليهودي والمشارك مع طلعت باشا حرب في تأسيس بنك مصر في عهد الملك فاروق التقينا بعدو إسرائيل ابنة عدو إسرائيل التي تولت رئاسة الطائفة اليهودية بمصر منذ خمسة أشهر مضت من هذا العام.. اسمها ماجدة شحاته هارون أخذت عن والدها الاعتزاز بمصر، وكره دولة اسرائيل، فقد ضحي شحاتة هارون بأغلي ما يملك.. ضحي بابنته مقابل الاحتفاظ بجنسيته المصرية حين رفض الهجرة عن مصر ليعالجها، والآن تسير ابنته ماجدة علي نفس خطي والدها الذي تقول إنه جهزها بما زرعه داخلها من مبادئ لأن تكون آخر من يتولي أمر يهود مصر، فهي تتوقع أن اليهود العشرين الذين يعيشون بيننا لن يكون لهم وجود خلال 10 سنوات قادمة لما بلغوه من الكبر عتيا ولما يعانونه من أمراض لا يحتملها جسدهم الواهن، ولا وريث لهم يحمل جنسية مصر ليبقي علي نسلهم، ولكن في كل حال سيكونون أكثر سعادة عندما يواريهم الثري المصري ويدفنون إلي جوار أحبابهم بمقابر البساتين بمصر القديمة، خلال حوارنا معها أكدت ماجدة هارون أنها مصرية عاشت وستموت بمصر وأنها لن تزور أسرائيل رغم رغبتها الجارفة في الحج لبيت المقدس إلا بعد أن تتحرر فلسطين من الاحتلال الصهيوني. يهود مصر في الدستور الجديد سألناها بداية عن رؤيتها لدستور مصر الذي يتم تشكيله حاليا فقالت: لن يكون ليهود مصر مطالب معينة من الدستور بل إن مطالبنا تتشارك مع رغبات وأمنيات الكثير من المصريين في وضع أسس وقواعد لتطوير التعلم والمنظومة الطبية وقوانين تحمي حقوق الإنسان وتحدد له واجباته وتوفر له وسائل قانونية لممارسة مسئولياته التي تحاسبه عليها، فضلا عن قوانين توفر حرية إبداء الرأي وإقامة الشعائر الدينية لكن هناك اقتراحات بتعديل المادة الثالثة من الدستور المعطل واستبدال «المسيحيين واليهود» ب«غير المسلمين» في الاستناد إلي شرائعهم في قضايا الأحوال الخاصة؟ في الواقع تعديل هذه المادة أو الإبقاء عليها كما هي لن ينعكس بشكل مباشر علينا، لأن عدد اليهود بمصر قليل جدا، كما أنهم كبار في السن فلن يتزوجوا أو يطلقوا وحتي بالنسبة للوراثة فيكون عبر إعلام الوراثة بالمحكمة للوريث أما في حالة عدم وجود وريث له فتؤول أملاكه للطائفة. والدستور في الأساس لا يفترض أن يهتم القائمون علي تعديله بتشكيل مواد تنظم علاقة المواطن بربه، فطالما نحن ننشد الدولة الديمقراطية فيفترض أن يمارس كل مواطن عبادته بحرية، لذلك فالمفترض في مواد الدستور أن تنظم علاقة المواطن بوطنه بسن مواد وقوانين تحدد حقوقه وواجباته. وما مطالبك من دستور مصر؟ أن تكون هناك مادة تجرم أي فعل أو تحض علي الكراهية فلا يجوز أن يتبادل المواطنون كراهية بعضهم بعضا، لانتماء مجموعة لديانة أو طائفة كذلك من الضروري أن يكفل الدستور منظومة محترمة للتعليم وتوفير غطاء صحي وتوفير مستوي معيشة آدمي لكل مصري، لأن الفقر والجهل بيئة خصبة لأي تطرف. ولابد من قانون يمنع الأحزاب ذات المرجعية الدينية. وفي كل الأحوال لو استطاعت لجنة الخمسين أن تنجح في تشكيل دستور توافقي قانوني يجمع عليه كل المصريين وظلت مصر تعاني من مشكلة السلوك والعادات لدي البعض ولا يعرفون حقوقهم ولا واجباتهم، فإن هذا الدستور سيكون بلا قيمة فعالة. وكيف تتوقعين مرحلة الاستفتاء علي الدستور؟ ليس كل المصريين متعلمون وإن كانت فئة كبيرة متعلمة فهي لا تملك الوقت أو الدراسة القانونية الكافية التي تمكنها من تفسير جيد لمواد الدستور لمعرفة مدي قانونيتها أو قدرتها علي توفير مزايا تعود عليه بطموحات يرغب بها في تحسين مستقبله ومستقبل مصر، وإذا افترضنا أن هناك شريحة من المصريين سيفهمون عددا معينا من المواد فهما جيدا لارتباطه بمجال عملهم فإنهم لن يستطيعوا تقييم كل مواد الدستور لباقي الشرائح بالمجتمع، ومن ناحية أخري إذا كانت هذه المشكلة ستجري في الاستفتاء للمتعلمين والفئات، فما بالنا بالعمال والفلاحين الأميين الذين لم يدرسوا ويتعلموا من الأساس و"يدوب بيفك الخط"، وهنا علينا أن نتساءل عن مصير استفتاء هذه الفئة الأخيرة علي الدستور فهل قام هذا الشخص الأمي بمحاولة فهم مواد الدستور، أم سيكون الاستفتاء بالنسبة له مجرد الوقوف في الطابور للتصويت بنعم أو لا، بناء علي ما يتردد علي مسامعه من المجتمع المحيط به أو من البرامج التلفزيونية والصحف، أو حتي وصية شخص آخر يقف إلي جواره بطابور الاستفتاء علي الدستور ، وبالبضبط هذا ما حدث في الاستفتاء علي دستور 2012 وكيف نحل هذه الأزمة؟ بصراحة لا أعرف ولا أستطيع أن أفتي فيه فمن يوجه الشعب لابد أن يكون علي مستوي معين من التعليم والإدراك ولا أعني بالتعليم أن يكون طالبا بالجامعة فهناك طلاب جامعيون يعانون من الأمية والجهل ويفكرون بعقلية طالب مرحلة ابتدائية. الطائفة اليهودية كم عدد اليهود الموجودين بمصر؟ 20 وأشعر بأنهم أولادي، لأنهم مسنون يحتاجون للرعاية وأتواصل معهم تليفونيا لصعوبة تنقلهم ونلتقي مرة كل شهر. هل هناك حصر للمتلكات اليهودية بمصر؟ لدي الطائفة 12 معبدا ونحصل علي إيجار زهيد جدا من وزارة التربية والتعليم مقابل إشغال مدرسة مملوكة للطائفة. وكيف تدبرون أمور معيشتكم ؟ هناك مدارس تم تأجيرها لوزارة التعليم العالي وهي ايجارات زهيدة جدا، والانفاق علي السيدات أعضاء الطائفة والموظفين بالمعبد. ألا تتلقي المعابد تبرعات ؟ آخر تبرع تليقناه كان 36 دولارا، وكان صندوق التبرعات بمجمع الأديان يدر دخلا يساعد علي معيشة سيدات الطائفة وعلاجهن لكن الآن لا توجد سياحة فلا نتلقي أية تبرعات عبر صناديق النذور أو التبرعات بالمعبد اليهودي. وماذا عن التمويل الخاص من وزارة الشئون الاجتماعية الذي كانت تمنحه الدولة للطائفة؟ تم إلغاؤه. تحت أي بند؟ قالت بسخرية: توفير في الميزانية، لأن ال 7400 جنيه المنحة الشهرية كان هو السبب الرئيسي لعجز كبير جدا في ميزانية الدولة. ألم تفكري في طلب معونة من دول أجنبية أو جهات خارجية باعتبار الطائفة أقلية؟ ولماذا أطلب معونة أو دعماً؟! فهؤلاء المرضي لهم حقوق علي الدولة التي قرروا أن يحتفظوا بجنسيتها وألا يتركوها ويهاجروا مع أقاربهم لدول أوربية ومستوي معيشي علي الأقل أفضل، فأولاء السيدات لديهن ولاء وحنين غير طبيعي لمصر فإحدي أعضاء الطائفة 82 عاما سافرت منذ 10 أيام لزيارة أختها بالولايات المتحدةالأمريكية وتحدثني كل يوم لتقول لي إنها تشتاق لتعود لمصر، وإحدي السيدات يستمر أقاربها في توجيه دعوات وتوفير سبل راحة لها للسفر إليهم في اوربا، ولكنها تستمر في المماطلة والتسويف وأنا أعلم أن لديها نية بعدم السفر من الأساس لعشقها للقاهرة وخوفها من أن تتوفي خارج مصر. هل لهؤلاء السيدات أبناء باسرائيل قدموا لهن دعوات للسفر اليهم؟ لا يوجد لديهن أبناء باسرائيل، لأن معظمهن أرامل أو لم يتزوجن أو من تزوجن من مسلم أو مسيحي، وبالتالي فأبناؤهم علي دين آبائهم. وما هي المشاكل التي يعاني منها يهود مصر؟ أهم مشكلة هي مشكلة المقابر، فمقابرنا وهي تعد ثروة وجزء من تاريخ مصر وهي أقدم ثاني مقابر لليهود بالعالم كله، تنتهك، لذلك فعدم الحفاظ عليها وترك الأيادي تخرب فيها يشعرني كل يوم بالأسي والأسف، وكل ما أتمناه أن يجد باقي أعضاء الطائفة اليهودية بمصر مكانا يليق بهم يدفنون فيه، ومن ضمن مشاكل الطائفة أنه لا يوجد رجل دين يؤم الصلاة لأن معظم أعضاء الطائفة اليهودية سيدات ولا توجد لدينا أموال لاستقدام رجل دين يهودي يؤم الصلاة كل عيد أو يؤدي الصلاة علي المتوفي فلا نملك ما يكفي لتوفير إقامة له بالفندق فضلا عن تذاكر الطيران، فمن حقنا الطبيعي أن توفر لنا الدولة رجل دين لأداء الصلاة علي المتوفين منا، وقد كانت لدينا أعياد في بداية هذا الشهر لم نحتفل بها بسبب عدم وجود رجل دين، لأن دخل الطائفة لا يكفي حتي للرعاية الطبية لسيدات اليهود المسنات ومعاش يتعيشون منه. كذلك هناك مشكلة تؤرقني وهي من سيهتم بمعابد اليهود وآثارنا بعدما ترحل كل الطائفة ويواريها التراب وما يزيد قلقي وخوفي علي أملاك الطائفة ومعابدها ما نشهده بمصر الآن من قيام البعض بإحراق كنائس قديمة وهي جزء من تاريخ مصر، وكذلك المعابد فهي تراث مصري وما أتمناه قبل وفاتي أن أوسس للمتحف اليهودي، فمصر الآن بها المتحف المصري والمتحف الإسلامي والمتحف القبطي لأنها جزء من تاريخ مصر ومع أن اليهود موجودون بمصر منذ عهد سيدنا موسي، وخلال 10 سنوات لن يكون لنا وجود، فإن مصر لم تفكر في إنشاء متحف لليهود، وحتي الآن لا يعرف الكثير من المصريين أن هناك يهودا مصريين يعيشون بينهم، رغم أننا موجودون منذ العهود القديمة وكانت لنا مساهمات مشهودة عبر تاريخ مصر في الحياة السياسية والاقتصادية والفنية. ولماذا لا تتواصلين مع المسئولين بالدولة لحل هذه المشاكل؟ بصراحة قبل وفاة السيدة كارمن وينشتين رئيسة الطائفة السابقة كنت بعيدة تماما عن الأمور الإدارية بالطائفة وكنت أشارك فقط في الأعياد، ومنذ رئاستي للطائفة في أبريل الماضي تواصلت مع وزير الآثار وطلبت منه حماية المعابد والمقابر وطلبت منه أيضا أن يتبني فكرة إقامة متحف ليهود مصر لكنه رد علي بأن الدولة تقيم المتاحف للآثار فقط، ولكن أقول إن كل بلاد العالم بها متاحف يهودية وليس كل ما يعرض بالمتاحف يشترط أن يكون أثرا مر عليه آلاف السنوات لأن الغرض الأساسي للمتحف الذي يؤسس لفئة أو طائفة معينة أن يذكر الأجيال القادمة بها وأن يفتح مجالا مستمرا لدخل قومي للبلاد، فأنا أريد أن يتذكر المصريون أن هناك يهودا عاشوا بينهم رفضوا كل الإغراءات المادية وتحملوا الكثير وحافظوا علي جنسيتهم المصرية ولم يسافروا يوما لإسرائيل وأريد أن أسجل بفكرة المتحف تاريخ اليهود بمصر من خلال الصور التي جمعتهم بالأفراح أو المناسبات فأنا آخر مرة رأيت المعبد به جموع يهود كان في الستينيات، وكلما دخلت المعبد شعرت باكتئاب لأنني كنت أزور المعبد في طفولتي وألعب مع أقراني في الكنيس والآن لا يوجد في المعبد أحد، فأنا بصراحة أعاني من إحساس رهيب واكتئاب كلما أدخل إلي المعبد وكلما أقارن بين شكله في طفولتي وزحام الأهل والأقارب والأصدقاء وإحساسي بأنني من آخر نسل يهود مصر، لأن هناك إحساسا غريبا يرادوني بأنني سأكون آخر من يغلق باب المعبد. وما تأثير شخصية والدك عليك؟ كان يجهزني لرئاسة الطائفة فقد زرع في حب مصر والانفتاح والاصرار علي حقوقي، كان مبدأه أن الاحترام يكتسب ولا يؤخذ بالقوة. هناك خلط دائم بين اليهودية والصهيونية وينعكس هذا علي يهود بمصر؟ يحدث هذا كثيرا نتيجة سوء فهم ونتيجة وتراكم أفكار سيئة شكلت صورة ذهنية سلبية عن اليهود بشكل عام من خلال الأفلام التي تصور اليهودي بشكل مخيف وعيون جاحظة وأحدب الظهر، وأسلوب معاملة مكير أو حتي الصورة الكاريكاتورية لليهودي فهي تنشر صورة لليهودي صاحب الأنف المعقوف وأظافر اليد الطويلة. وفي الحقيقة أن الجيل الحالي تختلف تربيته عن جيلنا فأنا تربيت علي حب واحترام كل الناس دون أن أسأل عن ديانتهم أو يشغل بالي لونه أو جنسه فحتي الآن وأنا عمري 61 عاما ما زالت صداقتي ممتدة لأصدقائي المسلمين والأقباط منذ فترة الحضانة وأشعر بقربهم مني إلي درجة الأخوة فهم أهلي وأصحابي وعزوتي. يعيش في مصر الآن يهود من كبار السن فلماذا ترك أبناء الطائفة مصر؟ كان اليهودي في كل دول منطقة الشرق الأوسط يعيش مثل أي مواطن ببلده، لكن منذ ثورة يوليو 52 19اتخذت مصر وكل الدول العربية سياسة واحدة وطبقتها علي اليهود تقضي بأن اليهودي إذا قرر أن يسافر من بلده فعليه أن يسافر بلا عودة، وبدأ بالفعل كثير من اليهود يسافرون بلا عودة لبلادهم وزاد من خوف يهود مصر ورغبتهم في السفر وترك وطنهم الأصلي حرائق القاهرة وقيام جماعة الإخوان بحرق محلات مملوكة لليهود ودخول مصطلح القومية العربية وإنشاء دولة اسرائيل فزاد عليهم الخناق فضلا عن وجود منظمات صهيونية كانت موجودة بمصر شجعت عددا كبيرا منهم علي الهجرة لإسرائيل وبمنتهي الصراحة فإن معظم من هاجر من المصريين اليهود إلي اسرائيل هم الفقراء حتي إن تلك المنظمات الصهيونية دفعت لهم ثمن تذاكر السفر، وأما من كان يملك أموالا فقد سافر معظمهم إلي أمريكا خاصة امريكا اللاتيتنة أو سافروا إلي اوربا خاصة فرنسا وايطاليا، كذلك ففي يوم 5 يونيو 1967تم إلقاء القبض علي كل الذكور اليهود المصريين من سن 18 وحتي سن 60، وكان من ضمنهم والدي شحاتة هارون الذي ألقي القبض عليه في الساعة الثالثة عصرا، ولم يكن يعلم أحد موعد خروجهم وإذا أصر أحد اليهود المعتقلين علي رغبته بالخروج فكان الشرط الوحيد أن يخرج من السجن إلي الطائرة أو المركب ويخرج من البلاد وألا يعود لمصر مرة أخري، وهكذا قضي علي وجود اليهود الذكور في مصر، لأن أغلبهم سافر وظل عدد قليل بمصر من ضمنهم والدي. لذلك تزوجت من مسلم؟ في عام 1967كان عندي 18 عاما وعندما وصلت إلي سن الزواج لم يكن هناك رجل يهودي أتزوجه فتزوجت من مسلم. وماذا عن بناتك المسلمات ومشاركتهن في الحياة اليهودية أو أعمال الطائفة؟ لدي ابنتان في أحيان كثيرة أكتشف المزيد من قدرتهما علي العطاء، ففي عيد رأس السنة، المفترض من ضمن الطقوس لثاني أيام العيد النفخ في "النفير"وهو قرن غزال أو ما يشبهه، ولم أجد هذا النفير في أي من معابد القاهرة وخاطبت الطائفة بالاسكندرية لإرسال نفير إن وجدوا فردوا علي بأنهم لا يملكون فاتصلت بابنتي التي تدرس في قبرص وطلبت منها أن تسأل الطائفة أن يرسلوا إلي نفير من عندهم لإتمام طقوس العيد وإعادته لهم مرة أخري، لكنهم قالوا لها إن النفير موجود لكنه ليس للاستعارة بل للبيع، فسافرت للمدينة الأخري التي يوجد بها النفير وقامت بشرائه من مالها الخاص وجاءت به إلي، وشعرت وقتها بالفخر الشديد، وأما ابنتي الأخري وهي تعمل بالمتحف فقد جمعت من زملائها أموالا تبرعوا بها لسيدات الطائفة لرعايتهن طبيا. يهود مصر واسرائيل وما علاقة الطائفة اليهودية باسرائيل؟ قبل أن تجيب ماجدة عن السؤال قامت بفتح حقيبتها وأخرجت جواز سفر وأشهرته مشيرة إلي غلاف جواز السفر وجملة جمهورية مصر العربية وقالت: لا علاقة لنا باسرائيل، فأنا مصرية أعتز بديانتي اليهودية وهي جزء من شخصيتي والدين متوارث من الأسرة مثل لقب العائلة فلو كنت مسلمة أو مسيحية فسأفتخر بمصريتي وإسلامي أو مسيحيتي، وأشعر بضيق شديد عندما يجرح أحد الأشخاص في ديني، تماما عندما يصف أحد الأجانب والدك بأنه ابن لادن. لكن هناك خلطا دائما بين اليهود ودولة اسرائيل؟ يحدث هذا تماما بنفس الأفكار المغلوطة التي تخلط بين الإسلام وبين الإرهاب، أو تنظيم القاعدة والمسلمين وأشعر أيضا بضيق شديد عندما أسافر ويري الأجانب جنسيتي أو جواز سفري المصري ويصفون مصر بأنها بلد الإرهاب. ولماذا لم تسافري لإسرائيل؟ أرفض فكرة السفر لإسرائيل تماما، فرغم رغبتي الشديدة في الحج، لكني اتخذت قرارا بألا أدخل الأراضي الفلسطينية إلا بعد أن يتحرر شعبها من الاحتلال الصهيوني، فطالما أن الشعب الفلسطيني لم يأخذ حقه فلن أسافر، وحين يحدث ذلك سأسافر وأصلي وأشكر ربنا. ولكن السفير الإسرائيلي قام بزيارة معبد شعار هشمايم أثناء طقوس جنازة رئيس الطائفة السابقة وقام بإلقاء كلمة بالجنازة؟ المعبد هو بيت ربنا ولا أستطيع أن أمنع أي شخص من دخوله ولو كانت الظروف الأمنية مواتية لتمنيت أن تفتح أبواب المعبد لكل الناس وأن تزال الحواجز الأمنية الموجودة أمامه، فبيوت الله هي لكل الناس، فأنا مثلا أحب السيد البدوي وأزور باستمرار مقام الشيخ حمزة بوسط القاهرة وكلما ضاقت نفسي ذهبت إلي المقام وصليت هناك حتي تطيب نفسي وأشعر هناك براحة نفسية، فبيت ربنا في كل مكان، والله هو واحد أحد فمن لم يستطع أن يذهب لأداء الصلاة بالمسجد فليدخل المعبد ويصلي فيه. هل واجهت مشاكل بسبب خانة الديانة ببطاقتك الشخصية؟ طبعا، خاصة في إصدار الأوراق الرسمية، فقد واجهتني مشكلة أثناء إصدار شهادة الكمبيوتر المميكنة، فعندما وجد موظف السجل المدني لاستخراج الشهادات الرسمية أن محل الميلاد بشهادة الميلاد القديمة هو مستشفي السقف الاسرائيلي بمدينة الاسكندرية، سألني: هل أنت مصرية، فقلت له: نعم أنا مصرية، فسألني هل أنت مولودة باسرائيل: فرددت عليه بأن منطقة الحضرة موجودة بالاسكندرية وليس باسرائيل، فقال إن المكتوب أمامه أنك مولودة بمستشفي السقف الاسرائيلي فقلت له وهل من يولد بمستشفي السكة الحديد تكون جنسيته هيئة السكة الحديد، وفي نهاية الحوار بيننا اشترط تسليم الشهادة الرسمية بأن أسجل له عنواني وأرقام تليفوناتي لدواع أمنية فما كان مني إلا أن رفضت طلبه هذا، وأصررت أن أستمر في محاولات استخراج الشهادة ما بين دار الوثائق القومية ومطابع الأميرية حتي أصدرتها بعد عامين كاملين. كما تعرضت لموقف آخر أثناء استخراج بطاقة الرقم القومي فبعدما أنهيت كل الاجراءات وجاءت لحظة التوثيق بالتقاط صورتي توقفت الموظفة المسئولة عن الصورة أمام خانة الديانة وأخذت تصيح علي مديرها حتي جاء إليها، وأشارت إليه أن ينظر إلي خانة الديانة اليهودية وتعرف منه إن كانت ستكمل الاجراءات أم تتوقف عن إصدار البطاقة فصاح فيها المدير بأن تصدرها لأن اليهودية ديانة مثل الإسلام والمسيحية، وتم كل هذا الموقف وأنا جالسة أمامها في انتظار التقاط الصورة حتي صدرت البطاقة. مستقبل مصر دون الإخوان شاركت في ثورة 30 يونية فما هي الأسباب؟ قبل ثورة 25 يناير كنت متخوفة جدا، وتوقعت أن الإخوان سيركبون الثورة، وبالفعل حدث ما توقعت لأن الشباب نظموا مظاهرات ولا يملكون رؤية لما بعدها، ولم تكن مطالبهم إسقاط النظام لكنها تلخصت في مطالب معظم الشباب في العيش والحرية والعدالة الاجماعية، ولم يكن لديهم صبر علي الحكومة للاستجابة لمطالبهم فتصاعدت مطالبهم الأخري بإسقاط النظام، وتوقعت أن الإخوان سيحكمون البلد وعشت حالة اكتئاب وفكرت في الهجرة خارج مصر، ثم جاء حكم الإخوان وبدأت الوقفات والاعتراضات ضد الاخوان، وهنا بدأت أشعر بالأمل وانضممت لكل المظاهرات التي كانت تعارض الإخوان لأن الجماعة لم تكن سترحل بعد أربع أو ثمان سنوات، وأنا أري أن فترة حكم الإخوان حققت مكسبا للشعب المصري لأن تلك الفترة أظهرت الإخوان علي حقيقتهم، فقد كانوا مثل السرطان يتنشر بالبلد وبالفعل كان عندي أمل بأن الشعب سيستطيع التغلب علي هذا السرطان، لأن معظم الشعب الذي انتخب جماعة الإخوان بالبرلمان أو انتخب منهم رئيسا لمصر معظمم غير متعلمين ويعيشون تحت الحد الأدني من الفقر ولا يستطيع رب الأسرة الذي انتخب مرسي أن يوفر تعليما مناسبا أو رعاية صحية محترمة لأبنائه و"طافح الكوته" علي الأرض، لذلك لجأ لجماعة الإخوان لأنه يري نفسه لا يعيش حياة آدمية في الدنيا والإخوان عرضوا عليه أن يدخل الجنة مقابل الموافقة علي الدستور أو مقابل انتخاب مرسي رئيسا لمصر، لذلك رأت هذه الشريحة المظلومة أنها علي الأقل إن لم تأخذ من الدنيا شيئا فسيكونون من أصحاب جنات النعيم في الآخرة. ومعظم المصريين كانوا يعتقدون أن الإخوان "بتوع ربنا" لكن مع الوقت اكتشفوا أن غضب ربنا نزل علي مصر بسببهم، فالاسعار تزداد ولا يوجد أمن ولا توظيف ولا تحسن في خدمات توزيع الخبز أو في المواصلات. كيف تنظرين للمستقبل؟ أنا بصراحة عندي إحباط، فلا أعرف بلد بها أكثر من 40 حزبا ماذا سيكون مصيره! من يتحمل مسئولية التخريب وإحراق الكنائس وأعمال القتل؟ الجهل هو المسئول الأول، فمن عرض علي هؤلاء الأفراد الجنة مقابل إحراق الكنائس فهو جاهل، ومن يحرق كنيسة عبارة عن جدران ومن يعادي ويظلم جاره المسيحي فهو جاهل، والسبب الرئيسي هو فساد المنظومة التعليمية والتخطيط بالبلد. لكن الآن نري مظاهرات للاخوان في كل يوم جمعة منذ عزل مرسي تطالب بعودة الجماعة للحكم؟ مظاهرات الإخوان عبارة عن 40 أو 50 نفرا، وكل ما يحدث حولهم من جدل بسبب صوتهم العالي وقدرتهم علي إحداث الضوضاء وماذا عن عودة مرسي؟ مرسي أياديه ملطخة بدماء الأبرياء فمن المستحيل عودته للحياة السياسية مرة أخري ونتوقع من مرسي أن يقوم بأي شيء، فمن الممكن أن يبيع اي جزء من مصر لكي يحقق أهدافه، فولاء مرسي الاول لأفكاره وليس لمصر ولذلك فهو كان يعمل علي تحقيق أفكاره وأهدافه الخاصة، ولا نستبعد عنه أن يبيع سيناء في مقابل أن يتم تحويل مصر الي جزء من الخلافة الاسلامية التي كان ينوي أن ينفذها. وكيف تتوقعين شكل الانتخابات الرئاسية وسط انقسام معظم المصريين بين رئيس مدني أو عسكري؟ طبيعة الجيش المصري تختلف عن طبيعة أي جيش في العالم، فالجيش المصري هو من نسيج أبناء الوطن فلا يوجد عائلة لم ينضم أحد أفرادها للقوات المسلحة، وأما بالنسبة لما يتردد حول الحكم الدكتاتوري، فالجيش لم يكن أبدا جيشا دكتاتوريا ولم يكن أبدا خادما لرغبات الحاكم بدليل نزول الجيش بعد ثورة 25 يناير وكذلك في 30 يونية ومن العيب أن نسمي جيش مصر بالعسكر، وعندما أري أي مجند أحزن بشدة لما يتهمون به، فالجيش المصري ليس جلاداً.