وكأنه مكتوب على مصر ألا تكتمل فرحة شعبها بأول رئيس منتخب انتخابًا حرًا من شعب استرد حريته من جلاديه بعد أن دفع أغلى ثمن من دماء خيرة شبابه. وكأنه لا يكفى أن المصريين التفوا حول حازم أبو إسماعيل والبرادعى،.. فتم دفعهم لانتخاب حمدين صباحى وأبو الفتوح،.. ليدخل شفيق ومرسى الإعادة، كى يفوز المجلس العسكرى بحكم مصر!! قدَّر الله أن يتوافق تاريخ انتخاب أول رئيس فى تاريخنا مع عيد الجلاء ذلك اليوم العظيم الذى رحل فيه آخر جندى بريطانى عن تراب مصر فى 18 يونيه 1954، إلا أن هناك مَن يريد أن يستمر الحزن فى قلوب المصريين وأن يخالط طعم الفرحة بعضاً من مرارة العلقم، فسارع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مساء الأحد، بإصدار إعلان دستورى جديد، مكمل للإعلان الصادر فى 30 مارس 2011، حدد فيه الجهة التى سيؤدى أمامها الرئيس المقبل اليمين الدستورية، واسترد بموجبه السلطة التشريعية لحين انتخاب مجلس شعب جديد، كما منح لنفسه ب «التشكيل الحالي» الحق فى تقرير كل ما يتعلق بالقوات المسلحة، والحق فى تشكيل جمعية تأسيسية لوضع الدستور فى فترة أسبوع إذا قام مانع يحول دون عمل الجمعية التأسيسية. ومنحت المادة 53 مكرر فى الإعلان الدستورى المجلس الأعلى للقوات المسلحة «التشكيل القائم وقت العمل لهذا الإعلان الدستورى تقرير كل ما يتعلق بشؤون القوات المسلحة وتعيين قادتها ومد خدمتهم، ويكون لرئيسه، حتى إقرار الدستور الجديد، جميع السلطات المقررة فى القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع». وقيدت المادة 53 مكرر 1 قرار الحرب الذى يتخذه رئيس الجمهورية بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ونصت على: «يعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة». كما منحت المادة 53 مكرر 2 الحق لرئيس الجمهورية بإشراك القوات المسلحة فى حفظ الأمن حال حدوث اضطرابات، وقيد ذلك بموافقة المجلس العسكري، ونصت المادة على: «يجوز لرئيس الجمهورية فى حالة حدوث اضطرابات داخل البلاد تستوجب دخول القوات المسلحة وبعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة إصدار قرار باشتراك القوات المسلحة فى مهام حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية بالدولة، ومنحت المادة 56 مكرر حق التشريع للمجلس العسكري، ونصت على: «يباشر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الاختصاصات المنصوص عليها فى البند (1) من المادة 56 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 من مارس سنة 2011 لحين انتخابات مجلس شعب جديد ومباشرته لاختصاصاته». وعن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، نصت المادة 60 مكرر على: «إذا قام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسية لعملها شكل المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال أسبوع جمعية تأسيسية جديدة – تمثل أطياف المجتمع – لإعداد مشروع الدستور الجديد خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض مشروع الدستور على الشعب لاستفتائه فى شأنه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الانتهاء من إعداده، وتبدأ إجراءات الانتخابات التشريعية خلال شهر من تاريخ إعلان موافقة الشعب على الدستور الجديد». ومنحت المادة 60 مكرر1 رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحق مع رؤساء الجمهورية والوزراء والمجلس الأعلى للهيئات القضائية فى الاعتراض على مشروع الدستور، ونصت على: «إذا رأى رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو رئيس مجلس الوزراء أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية أو خمس عدد أعضاء الجمعية التأسيسية أن مشروع الدستور يتضمن نصاً أو أكثر يتعارض مع أهداف الثورة ومبادئها الأساسية التى تتحقق بها المصالح العليا للبلاد، أو مع ما تواتر من مبادئ فى الدساتير المصرية السابقة فلأى منهم أن يطلب من الجمعية التأسيسية إعادة النظر فى هذه النصوص خلال مدة أقصاها خمسة عشر يوماً، فإذا أصرت الجمعية على رأيها، كان لأى منهم عرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا، وتصدر المحكمة قرارها خلال سبعة أيام من تاريخ عرض الأمر عليها». الإعلان التكميلى فى مجمله يحد من صلاحيات الرئيس القادم، وإن كان الشق الخاص بالسيطرة على زمام أمور القوات المسلحة لا غبار عليه، فمنذ البداية ونحن نطالب بضرورة توزيع الصلاحيات المطلقة لرؤساء الجمهورية السابقين، والتى تؤدى لتحولهم إلى فراعنة بصلاحيات مطلقة، على طريقة «يا فرعون إيه فرعنك» ولكن أيضًا فإن ذلك لا يعنى انتخاب رئيس «خالي» الدسم! عمومًا يبدو أن الصراع سيستمر فترة أطول مما ظننا، وأن الفترة القادمة ستشهد تجاذبًا على السلطة الحقيقية فى البلاد نتمنى ألا يلقى بظلاله على وضع الدستور الذى لا يحتمل أن تدخله مواءمات السياسة الحالية. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. [email protected] twitter@hossamfathy66 نقلا عن المصريون