قال رئيس حزب حركة "النهضة" في تونس راشد الغنوشي, إن الشعوب العربية لا تريد أن تقوم علاقات دولها مع الغرب على عقد الصفقات المشبوهة كما كان يحدث قبل الربيع العربي, وإن السياسات الغربية تجاه العالم العربي كانت خاطئة نظرا لقيامها على ما يحقق مصالح الغرب فقط. ونقلت وكالة الأنباء القطرية (قنا) عن الغنوشي دعوته -خلال كلمته في الجلسة الأولى لمنتدى امريكا والعالم الإسلامي التي تناولت "التغيير السياسي في المنطقة والقوى الدافعة للتحولات الداخلية" المنعقد في قطر- العالم أجمع إلى التعامل مع الشعوب العربية على أساس المصالح المشتركة واحترام سيادتها واستقلالها. وأضاف: أن ثورات الربيع العربي شكلت بداية لتصحيح العلاقة بين الشعوب العربية والغرب بعد عقود من الخلل بسبب دعم بعض الأنظمة الغربية لأنظمة استبدادية في المنطقة, وأن هناك بداية لتصحيح أوضاع تاريخية فاسدة تمثلت في دول غربية تدعم الأنظمة المستبدة في المنطقة وشعوب تكره هذه الدول بسبب ذلك. وأشار رئيس حركة النهضة التونسية إلى أن الثورات قامت بهدف تحقيق إصلاحات داخلية و"ليست بغرض التصدير" ولاتشكل تهديدا للأمن العالمي, وأن التونسيين متفقون على بناء نظام ديمقراطي تتمازج فيه قيم الوطنية مع قيم الحداثة والإسلام ويتساوى فيه الجميع بمختلف اتجاهاتهم وتوجهاتهم. وأوضح الغنوشي أن الحركة أعادت تقويم مسارها مرارا وطرحت أفكارها للنقد دائما حتى تكون على مقربة من الصواب وتبتعد عن أي أخطاء قد تكون ارتكبتها في وقت سابق, مؤكدا أن الديانات السماوية كلها تحث معتنقيها على مراجعة أنفسهم لمعرفة إن كانوا على صواب أم خطأ وأجدر بنا أن نوجه النقد لأنفسنا قبل أن نوجهه للآخرين. وأضاف : أن السلوك الإسلامي هو سلوك بشري وبالتالى صاحبه معرض للخطأ ولذلك لا بد من التوبة كما لا يجب أن يكون هناك استكبار حول ذلك, وأن الوطن ليس لفصيل بعينه ويجب الاعتراف بمبدأ المواطنة وتوزيع الحقوق على الجميع في الوطن الواحد, مشددا على أن حركة النهضة الإسلامية لا تعتبر نفسها وصية على الناس. وقال: إن هناك رفض واضح لفكرة حكم الفرد الدكتاتور, وإن الحركة الإسلامية إذا أرادت أن تحكم بالشكل الصحيح فهذا لن يتم إلا عبر الشعب والتوافق الشعبي وليس عبر الفرد الديكتاتور. وفي مداخلة من قبل أحد المشاركين حول موضوع الأقليات في العالم الإسلامي ومدى حصولها على حقوقها في ظل التغيرات الحالية مقارنة بأوضاعها في السابق, قال الغنوشي إن الإسلام يقدم للعالم نموذجا فريدا للتعدد وقبول البعض للآخر مهما اختلف معه, وإن التاريخ الإسلامي شهد وجود أقليات كثيرة وجدت مكانها لتعيش بكرامة وحرية في الدولة الإسلامية.