مما لاشك فيه أن محافظات الصعيد كان لها دور فعال فى نجاح ثورة 25 يناير بعد خلع مبارك وفى أكثر من مرحلة مفصلية من تاريخ الثورة..وكان دائما خيار الصعايدة يصب فى مصلحة التيار الإسلامي بصورة أذهلت البعض وأفجعت البعض الأخر.. وبعد مرور أكثر من عامين على الثورة وما يقارب العام على تولى الرئيس مرسي للحكم نطرح السؤال التالي :- هل مازال الناخب الصعيدي يمنح ثقته للإسلاميين أم أن هذه الثقة قد أهتزت ؟ هل مازال التيار الإسلامي يحظي بمصداقية عالية عند الصعايدة أم أن هذه المصداقية قد أصابها خلل ما بسبب ممارسة هذا التيار للسلطة فالطبيعي أنه يخطأ فى بعض الأحيان ويصيب فى أحايين أخرى كثيرة والعكس صحيح . للأجابة عن هذا السؤال دعونا نلقى نظرة سريعة على أهم المحطات فى تاريخ ثورة يناير والتى شهدت أكبر نسبة إقبال فى المشاركة الإنتخابية.. المحطة الأولى هى الإستفتاء على التعديلات الدستورية "غزوة الصناديق" الشهيرة حسب وصف الشيخ محمد حسين يعقوب والتى أعقبت نجاح الثورة فى خلع مبارك مباشرة وأنا أعتبرها أهم محطة إنتخابية على الإطلاق وكانت معبرة بصدق عن موازين القوي فى الشارع المصري بحيث خرج ملايين المصريين لأول مرة ب ليقفوا فى طوابير طويلة أبهرت العالم أجمع وكان هذا اليوم بمثابة أول أيام العيد الحقيقية للثورة المصرية فخرجت النتيجة بنسبة 77% نعم للإسلاميين و 23% نعم للعلمانيين ولا للتعديلات الدستورية التى ستجعل من مصر دولة "دينية" هكذا كان يزعم التيار العلماني فى دعايته للتصويت بلا..والمحطة الثانية التى تفوق فيها أيضا التيار الإسلامي هى إستحقاق الإنتخابات الرئاسية والقياس سيكون هنا على المرحلة الأولى لا الثانية لأننا نتحدث عن مدي تأثر شعبية التيار الإسلامي ككل وليس فصيلا منه.. حصل المرشحون الإسلاميين فى المرحلة الأولى على ما يمثل نسبة 63% وهى نسبة مقاربة للنسبة التى أقر بها الدستور الجديد. إذا هناك تراجع بالفعل فى شعبية التيار الإسلامي يقارب ال15% وربما هذه النسبة وبكل وضوح وصراحة نقول للأسف مرشحة للزيادة إن لم ينتبه التيار الإسلامي لهذا مبكرا ويتوقف فورا عن هذه الحرب الضروس المعلنة بين الإخوان وحزب النور ومحاولة التقريب لا التشتيت والتفتت وتبدأ بوقف الحرب الكلامية والتصريحات التخوينية من كلا الطرفين وللأسف هذا الصراع سببه هو التنافس على لعاعات الدنيا وليس خلاف على أمور الدين مهما حاول البعض أن يلبسها لبوس ذلك وهذا بلاشك أفقدهم نسبة لا بأس بها من شعبيتهم ولكن ليس بالضرورة أن تذهب هذه النسبة للطرف الأخر "العلماني" بل قد تكون إظهار الرفض الشعبي للطرفين ويأسا من محاولة إصلاحهم.. حاول التيار العلماني إختراق القواعد الإسلامية فى الصعيد –وما زال- يحاول عن طريق الدعاية المكثفة ضد الإسلاميين أو إختراق بعض الشباب أو حتى عن طريق تبني حملة –المليون بطانية- لأهل الصعيد وهذه الأخيرة بصراحة ينطبق عليها المثل القائل " جاء يكحلها عماها" فقد أتت بمردود عكسي على من قاموا بها لأنها كانت بمثابة إهانة شديدة للصعايدة يصعب على من قاموا بها أن يشعروا بها. ولكن على الجانب الأخر أيضا التيار الإسلامي لم يقدم شيئا يذكر لأهل الصعيد ولولا أن البيئة الصعيدية هى بيئة محافظة بطبيعتها وملتزمة بالسليقة حتى لو شاب هذا التدين بعض الشوائب التى قد تتعارض فى مفهومها مع جوهر الدين.. ولولا أن الصعايدة بطيبيعتهم يميلون للشخصية البسيطة التى تتسم بالطيبة والتلقائية والأمانة والصدق ويحبون الإستقرار ويبغضون المتلونيين ومن لا يوقرون كبيرا ويتخذون من " قلة الأدب" والسخرية من الدين والغير أسلوبا للمعارضة والتغيير.. لولا كل ذلك لتأثر الصعايدة ووقعوا ضحية لبرامج غسيل المخ فى التوك شو خلال 24 ساعة متواصلة ولعاملوا التيار الإسلامي بالمثل وعاقبوه على إهماله وتقصيره فى حقوقهم ولرأيتهم ينظمون المليونيات والفعاليات المتتالية التى تطالب ب "إسقاط حكم المرشد" وتنادي صراحة بالعلمانية.