الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
بعد مقتل 3 جنود في كمين، حصيلة جديدة لقتلى الجنود الإسرائيلي في غزة منذ مارس
شعبة الأدوية تطالب بزيادة أسعار 1000 صنف دوائي وتوضح الأسباب
اليوم، إعادة فتح الطريق الدائري الإقليمي بعد إصلاحه ووضع مخطط لضبط الحركة المرورية
اليوم، آخر موعد لدفع فاتورة التليفون الأرضي بدون غرامة
احذر.. انتحال صفة شخص من ذوي الإعاقة يُعرضك للحبس والغرامة.. وفقًا للقانون
لماذا تراجعت أسعار الذهب خلال الفترة الأخيرة؟ (رئيس الشعبة يوضح)
مياه أسيوط: الانتهاء من إصلاح تسريب خط المياه الرئيسي وضخ المياه تدريجيًا
القانون يحدد شروط وإجراءات التنقيب في المناجم.. إليك التفاصيل
براتب 11000 جنيه.. العمل تُعلن 1787 وظيفة بمحطة الضبعة النووية
الوسطاء يكثفون جهود وقف إطلاق النار فى غزة وإنجاز «خرائط الانسحاب»
جيش الاحتلال الإسرائيلي ينسف مبانٍ سكنية وسط مدينة خان يونس
ممثل أمريكا لدى الناتو: ترامب يرى فرصة اقتصادية في تصنيع أسلحة لكييف بتمويل أوروبي
إعلام إسرائيلي: انتحار 15 جنديًا منذ بداية عام 2025
بعد انتقاله لميلان.. مودريتش: ريال مدريد سيبقى في قلبي
صفقة جديدة لزعيم الفلاحين.. المحلة يتعاقد مع لاعب كاميروني
بسبب خلافات حول بنود التعاقد.. الحزم السعودي يتراجع عن ضم أحمد عبدالقادر
محمد حمدي: هذه أسباب عدم نجاحي مع الزمالك
الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله
بيراميدز يستفسر عن ثنائي الزمالك.. ويرفض التفريط في نجمه للأبيض (تفاصيل)
الزمالك يحسم التعاقد مع نجم زد.. كريم حسن شحاتة يكشف
القانون يحدد ضوابط لنقل وزراعة الأعضاء البشرية.. تعرف عليها
موجة حارة وأمطار رعدية.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس غدًا الأربعاء
محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه
بدء إصلاح سنترال رمسيس جزئيًا.. وشكاوى من استمرار انقطاع الخدمة
نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. اَخر تطورات عملية التصحيح ورابط الاستعلام الرسمي
وفاة مسنة سقطت من علو داخل منزلها في سمالوط بالمنيا
حبس عاطل 15 يومًا لتبوله على سيارة محامية بالمحلة الكبرى
أحمد وفيق: عملت في الإضاءة والديكور وتمصير النصوص المسرحية قبل احترافي الإخراج
خاص | أسرة حفيدة أم كلثوم ترد على مدحت العدل بعد انتقاده حجابها
أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني
حكاية صورة | خريطة نادرة تكشف ملامح «القاهرة» كما رآها الأوروبيون قبل 400 عام
أصل الحكاية| «جحوتي» القرد الحكيم الذي أنقذ البشرية وألهم ديزني في The Lion King
أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك
القانون يحدد شروط وضوابط ممارسة مهنة الطب البيطري.. تعرّف عليها
«مستقبل وطن» يُسلم وحدة غسيل كلوي لمستشفى أبو الريش بحضور قيادات جامعة القاهرة
د.حماد عبدالله يكتب: جودة الحياة في مصر!!
وسام أبو علي يرفض قرار الأهلي بإغلاق ملف رحيله
سعر الموز والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025
مستوطنون يحرقون مخزن سيارات «شرق رام الله» بالضفة الغربية
الأوقاف تُطلق الأسبوع الثقافى ب27 مسجدًا على مستوى الجمهورية
في منتصف صراع كالعادة.. حظ برج الدلو اليوم 15 يوليو
4 أبراج «بيبصوا لنُص الكوباية المليان».. متفائلون دائمًا يحولّون الأزمات لمواقف مضحكة
الانتخابات المنسية
أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)
المنقلبون على أعقابهم!
سعر السبيط والجمبرى والأسماك بالأسواق اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025
القضاء الإداري يصدر أحكاماً في طعون انتخابات مجلس الشورى (تفاصيل)
لتجنب انخفاض الكفاءة والعفن.. طريقة تنظيف الغسالة في 4 خطوات بسيطة
علاج شعبي ونبات رسمي لولاية أمريكية.. التين الشوكي فاكهة ذات 12 فائدة
بمكونات موجودة في المنزل.. 5 طرق طبيعية للقضاء على ألم الأسنان
تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا
أسعار طبق البيض اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في قنا
أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا
اليونيسف تنعى 7 أطفال قُتلوا أثناء انتظارهم للحصول على الماء في غزة
السيطرة على حريق في مخلفات بقطعة أرض ببنها
فاينانشيال تايمز تنصح المستثمرين الأمريكيين بتوخي الحذر من التراخي في تطبيق التعريفات الجمركية
"الوطنية للانتخابات" تطلق "دليلك الانتخابي" عبر الموقع الرسمي وتطبيق الهيئة
كيفية تطهر ووضوء مريض القسطرة؟.. عضو مركز الأزهرتجيب
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
اِخْتِلَاف الْعُلَمَاء فِي الْإِيمَان وَالْإِسْلَام
رويدا عمار
نشر في
الجمعة
يوم 27 - 01 - 2013
أَهَمُّ مَا يُذْكَرُ فِي الْبَاب اِخْتِلَاف الْعُلَمَاء فِي الْإِيمَان وَالْإِسْلَام ، وَعُمُومهمَا ، وَخُصُوصهمَا ، وَأَنَّ الْإِيمَان يَزِيد وَيَنْقُص أَمْ لَا ؟ وَأَنَّ الْأَعْمَال مِنْ الْإِيمَان أَمْ لَا ؟ وَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاء رَحِمَهُمْ اللَّه تَعَالَى مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ الْقَوْل فِي كُلّ مَا ذَكَرْنَاهُ .
وَأَنَا أَقْتَصِرُ عَلَى نَقْلِ أَطْرَافٍ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ كَلَامِهِمْ يَحْصُل مِنْهَا مَقْصُود مَا ذَكَرْته مَعَ زِيَادَات كَثِيرَة .
قَالَ الْإِمَام أَبُو سُلَيْمَان أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْخَطَّابِيُّ الْبُسْتِيّ الْفَقِيه الْأَدِيب الشَّافِعِيّ الْمُحَقِّق - رَحِمَهُ اللَّه - فِي كِتَابه مَعَالِم السُّنَن : مَا أَكْثَرَ مَا يَغْلَطُ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة .
فَأَمَّا الزُّهْرِيّ فَقَالَ : الْإِسْلَام الْكَلِمَة ، وَالْإِيمَان الْعَمَل ، وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ يَعْنِي قَوْله سُبْحَانه وَتَعَالَى : { قَالَتْ الْأَعْرَاب آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُل الْإِيمَانُ فِي قُلُوبكُمْ } وَذَهَبَ غَيْره إِلَى أَنَّ الْإِسْلَام وَالْإِيمَان شَيْء وَاحِد . وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْر بَيْت مِنْ الْمُسْلِمِينَ } قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْبَاب رَجُلَانِ مِنْ كُبَرَاء أَهْل الْعِلْم ، وَصَارَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى قَوْل مِنْ هَذَيْنِ . وَرَدَّ الْآخَرُ مِنْهُمَا عَلَى الْمُتَقَدِّم ، وَصَنَّفَ عَلَيْهِ كِتَابًا يَبْلُغُ عَدَدُ أَوْرَاقِهِ الْمِئَيْنِ .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَالصَّحِيح مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَيَّد الْكَلَام فِي هَذَا ، وَلَا يُطْلَق ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِم قَدْ يَكُون مُؤْمِنًا فِي بَعْض الْأَحْوَال ، وَلَا يَكُون مُؤْمِنًا فِي بَعْضهَا . وَالْمُؤْمِن مُسْلِم فِي جَمِيع الْأَحْوَال ؛ فَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا . وَإِذَا حَمَلْت الْأَمْر عَلَى هَذَا اِسْتَقَامَ لَك تَأْوِيل الْآيَات ، وَاعْتَدَلَ الْقَوْل فِيهَا ، وَلَمْ يَخْتَلِف شَيْء مِنْهَا .
وَأَصْل الْإِيمَان : التَّصْدِيق ، وَأَصْل الْإِسْلَام : الِاسْتِسْلَام وَالِانْقِيَاد ؛ فَقَدْ يَكُون الْمَرْء مُسْتَسْلِمًا فِي الظَّاهِر ، غَيْرَ مُنْقَادٍ فِي الْبَاطِن ، وَقَدْ يَكُون صَادِقًا فِي الْبَاطِن غَيْرَ مُنْقَادٍ فِي الظَّاهِر . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا فِي قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْإِيمَان بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً " فِي هَذَا الْحَدِيث بَيَانُ أَنَّ الْإِيمَان الشَّرْعِيّ اِسْم لِمَعْنًى ذِي شُعَب وَأَجْزَاء لَهُ أَدْنَى وَأَعْلَى ، وَالِاسْم يَتَعَلَّق بِبَعْضِهَا ، كَمَا يَتَعَلَّق بِكُلِّهَا ، وَالْحَقِيقَة تَقْتَضِي جَمِيع شُعَبه ، وَتَسْتَوْفِي جُمْلَة أَجْزَائِهِ ؛ كَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّة لَهَا شُعَب وَأَجْزَاء ، وَالِاسْم يَتَعَلَّق بِبَعْضِهَا ، وَالْحَقِيقَة تَقْتَضِي جَمِيع أَجْزَائِهَا وَتَسْتَوْفِيهَا . وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْحَيَاء شُعْبَة مِنْ الْإِيمَان " . وَفِيهِ : إِثْبَات التَّفَاضُل فِي الْإِيمَان ، وَتَبَايُنُ الْمُؤْمِنِينَ فِي دَرَجَاتِهِ . هَذَا آخِر كَلَام الْخَطَّابِيّ . وَقَالَ الْإِمَام أَبُو مُحَمَّد الْحُسَيْن بْن مَسْعُود الْبَغَوِيُّ الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه - فِي حَدِيث سُؤَال جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَجَوَابه ، قَالَ : جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ اِسْمًا لِمَا ظَهَرَ مِنْ الْأَعْمَال ، وَجَعَلَ الْإِيمَان اِسْمًا لِمَا بَطَنَ مِنْ الِاعْتِقَاد ؛ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ لَيْسَتْ مِنْ الْإِيمَانِ ، وَالتَّصْدِيقَ بِالْقَلْبِ لَيْسَ مِنْ الْإِسْلَامِ ؛ بَلْ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ لِجُمْلَةٍ هِيَ كُلُّهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ ، وَجِمَاعهَا الدِّين ، وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ " وَالتَّصْدِيقُ وَالْعَمَلُ يَتَنَاوَلُهُمَا اِسْمُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ جَمِيعًا ؛ يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله - سُبْحَانه وَتَعَالَى - { إِنَّ الدِّين عِنْد اللَّه الْإِسْلَام } { وَرَضِيت لَكُمْ الْإِسْلَام دِينًا } وَ { مَنْ يَبْتَغِ غَيْر الْإِسْلَام دِينًا فَلَنْ يُقْبَل مِنْهُ } فَأَخْبَرَ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَنَّ الدِّين الَّذِي رَضِيَهُ وَيَقْبَلهُ مِنْ عِبَاده هُوَ الْإِسْلَام ، وَلَا يَكُون الدِّين فِي مَحَلّ الْقَبُول وَالرِّضَا إِلَّا بِانْضِمَامِ التَّصْدِيق إِلَى الْعَمَل . هَذَا كَلَام الْبَغَوِيِّ .
وَقَالَ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن الْفَضْل التَّمِيمِيّ الْأَصْبَهَانِي الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه - فِي كِتَابه التَّحْرِير فِي شَرْح صَحِيح مُسْلِم : الْإِيمَان فِي اللُّغَة هُوَ التَّصْدِيق فَإِنْ عَنَى بِهِ ذَلِكَ فَلَا يَزِيد وَلَا يَنْقُص ؛ لِأَنَّ التَّصْدِيق لَيْسَ شَيْئًا يَتَجَزَّأ حَتَّى يُتَصَوَّرَ كَمَالُهُ مَرَّة وَنَقْصُهُ أُخْرَى . وَالْإِيمَان فِي لِسَان الشَّرْع هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ وَالْعَمَل بِالْأَرْكَانِ . وَإِذَا فُسِّرَ بِهَذَا تَطَرَّقَ إِلَيْهِ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ . وَهُوَ مَذْهَب أَهْل السُّنَّة ، قَالَ : فَالْخِلَاف فِي هَذَا عَلَى التَّحْقِيق إِنَّمَا هُوَ أَنَّ الْمُصَدِّق بِقَلْبِهِ إِذَا لَمْ يَجْمَعْ إِلَى تَصْدِيقِهِ الْعَمَلَ الْإِيمَان هَلْ يُسَمَّى مُؤْمِنًا مُطْلَقًا أَمْ لَا ؟ وَالْمُخْتَار عِنْدنَا أَنَّهُ لَا يُسَمَّى بِهِ . قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِن " لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَل بِمُوجَبِ الْإِيمَان فَيَسْتَحِقَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ . هَذَا آخِر كَلَام صَاحِب التَّحْرِير .
وَقَالَ الْإِمَام أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن خَلَف بْن بَطَّال الْمَالِكِيّ الْمَغْرِبِيّ فِي شَرْح صَحِيح الْبُخَارِيّ : مَذْهَب جَمَاعَة أَهْل السُّنَّة مِنْ سَلَف الْأُمَّة وَخَلَفِهَا : أَنَّ الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل يَزِيد وَيَنْقُص ، وَالْحُجَّة عَلَى زِيَادَته وَنُقْصَانه : مَا أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيّ مِنْ الْآيَات ، يَعْنِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ : { لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهمْ } ، وَقَوْله تَعَالَى : { وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } ، وَقَوْله تَعَالَى : { وَيَزِيد اللَّه الَّذِينَ اِهْتَدَوْا هُدًى } وَقَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ اِهْتَدَوْا زَادَهُمْ } وَقَوْله تَعَالَى : { وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا } وَقَوْله تَعَالَى : { أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا } وَقَوْله تَعَالَى : { فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا } وَقَوْله تَعَالَى : { وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا } قَالَ اِبْن بَطَّال : فَإِيمَان مَنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الزِّيَادَةُ نَاقِصٌ ، قَالَ : فَإِنْ قِيلَ : الْإِيمَان فِي اللُّغَة التَّصْدِيق ، فَالْجَوَاب : أَنَّ التَّصْدِيق يَكْمُلُ بِالطَّاعَاتِ كُلِّهَا ، فَمَا اِزْدَادَ الْمُؤْمِن مِنْ أَعْمَال الْبِرّ كَانَ إِيمَانُهُ أَكْمَلَ ، وَبِهَذِهِ الْجُمْلَة يَزِيد الْإِيمَان وَبِنُقْصَانِهَا يَنْقُص ، فَمَتَى نَقَصَتْ أَعْمَال الْبِرّ نَقَصَ كَمَالُ الْإِيمَان ، وَمَتَى زَادَتْ زَادَ الْإِيمَان كَمَالًا . هَذَا تَوَسُّطُ الْقَوْلِ فِي الْإِيمَان . وَأَمَّا التَّصْدِيق بِاَللَّهِ تَعَالَى وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلَا يَنْقُص وَلِذَلِكَ تَوَقَّفَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّه - فِي بَعْض الرِّوَايَات عَنْ الْقَوْل بِالنُّقْصَانِ ؛ إِذْ لَا يَجُوز نُقْصَان التَّصْدِيق ؛ لِأَنَّهُ إِذَا نَقَصَ صَارَ شَكًّا ، وَخَرَجَ عَنْ اِسْم الْإِيمَان .
وَقَالَ بَعْضهمْ إِنَّمَا تَوَقَّفَ مَالِك عَنْ الْقَوْل بِنُقْصَانِ الْإِيمَان خَشْيَة أَنْ يُتَأَوَّل عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ أَهْل الْمَعَاصِي مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِالذُّنُوبِ ، وَقَدْ قَالَ مَالِك بِنُقْصَانِ الْإِيمَان مِثْل قَوْل جَمَاعَة أَهْل السُّنَّة . قَالَ عَبْد الرَّزَّاق : سَمِعْت مَنْ أَدْرَكْت مِنْ شُيُوخنَا وَأَصْحَابنَا سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَمَالِك بْن أَنَس ، وَعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر ، وَالْأَوْزَاعِيّ ، وَمَعْمَر بْن رَاشِد وَابْن جُرَيْجٍ ، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ ، يَقُولُونَ : الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل يَزِيد وَيَنْقُص وَهَذَا قَوْلُ اِبْن مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَعَطَاءٍ ، وَطَاوُسٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَعَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك . فَالْمَعْنَى الَّذِي يَسْتَحِقّ بِهِ الْعَبْدُ الْمَدْحَ وَالْوِلَايَة مِنْ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ إِتْيَانه بِهَذِهِ الْأُمُور الثَّلَاثَة : التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ ، وَالْإِقْرَار بِاللِّسَانِ ، وَالْعَمَل بِالْجَوَارِحِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَاف بَيْن الْجَمِيع : أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ وَعَمِلَ عَلَى غَيْر عِلْمٍ مِنْهُ وَمَعْرِفَةٍ بِرَبِّهِ ، لَا يَسْتَحِقّ اِسْم مُؤْمِن . وَلَوْ عَرَفَهُ ، وَعَمِلَ ، وَجَحَدَ بِلِسَانِهِ ، وَكَذَبَ مَا عَرَفَ مِنْ التَّوْحِيد ، لَا يَسْتَحِقّ اِسْم مُؤْمِن ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَبِرُسُلِهِ - صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَلَمْ يَعْمَل بِالْفَرَائِضِ ، لَا يُسَمَّى مُؤْمِنًا بِالْإِطْلَاقِ وَإِنْ كَانَ فِي كَلَام الْعَرَب يُسَمَّى مُؤْمِنًا بِالتَّصْدِيقِ فَذَلِكَ غَيْر مُسْتَحَقّ فِي كَلَام اللَّه تَعَالَى ؛ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبهمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاته زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا } فَأَخْبَرَنَا سُبْحَانه وَتَعَالَى : أَنَّ الْمُؤْمِن مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَته .
وَقَالَ اِبْن بَطَّال فِي بَاب مَنْ قَالَ الْإِيمَان هُوَ الْعَمَل : فَإِنْ قِيلَ : قَدْ قَدَّمْتُمْ أَنَّ الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق قِيلَ : التَّصْدِيق هُوَ أَوَّل مَنَازِل الْإِيمَان ، وَيُوجِب لِلْمُصَدِّقِ الدُّخُولَ فِيهِ ، وَلَا يُوجِب لَهُ اِسْتِكْمَالَ مَنَازِلِهِ ، وَلَا يُسَمَّى مُؤْمِنًا مُطْلَقًا . هَذَا مَذْهَب جَمَاعَة أَهْل السُّنَّة : أَنَّ الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل .
قَالَ أَبُو عُبَيْد : وَهُوَ قَوْل مَالِك وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَرْبَاب الْعِلْم وَالسُّنَّة الَّذِينَ كَانُوا مَصَابِيح الْهُدَى وَأَئِمَّة الدِّين مِنْ أَهْل الْحِجَاز وَالْعِرَاق وَالشَّام وَغَيْرهمْ .
قَالَ اِبْن بَطَّال : وَهَذَا الْمَعْنَى أَرَادَ الْبُخَارِيّ - رَحِمَهُ اللَّه - إِثْبَاته فِي كِتَاب الْإِيمَان وَعَلَيْهِ بَوَّبَ أَبْوَابه كُلّهَا . فَقَالَ : بَاب أُمُور الْإِيمَان ، وَبَاب الصَّلَاة مِنْ الْإِيمَان ، وَبَاب الزَّكَاة مِنْ الْإِيمَان ، وَبَاب الْجِهَاد مِنْ الْإِيمَان ، وَسَائِر أَبْوَابه ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ فِي قَوْلِهِمْ : إِنَّ الْإِيمَان قَوْل بِلَا عَمَلٍ وَتَبْيِين غَلَطِهِمْ ، وَسُوءَ اِعْتِقَادِهِمْ وَمُخَالَفَتهمْ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّة وَمَذَاهِب الْأَئِمَّة ثُمَّ قَالَ اِبْن بَطَّال فِي بَاب آخَر : قَالَ الْمُهَلَّبُ : الْإِسْلَام عَلَى الْحَقِيقَة هُوَ الْإِيمَان الَّذِي هُوَ عَقْد الْقَلْب الْمُصَدِّق لِإِقْرَارِ اللِّسَان الَّذِي لَا يَنْفَع عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُهُ .
وَقَالَتْ الْكَرَّامِيَّة وَبَعْض الْمُرْجِئَة : الْإِيمَان هُوَ الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ دُون عَقْد الْقَلْب ، وَمِنْ أَقْوَى مَا يُرَدُّ بِهِ عَلَيْهِمْ إِجْمَاع الْأُمَّة عَلَى إِكْفَار الْمُنَافِقِينَ وَإِنْ كَانُوا قَدْ أَظْهَرُوا الشَّهَادَتَيْنِ ، قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله ... إِلَى قَوْله تَعَالَى وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ } هَذَا آخِر كَلَام اِبْن بَطَّال .
وَقَالَ الشَّيْخ الْإِمَام أَبُو عَمْرو بْن الصَّلَاح - رَحِمَهُ اللَّه - : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْإِسْلَام : " أَنْ تَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اِسْتَطَعْت إِلَيْهِ سَبِيلًا ، وَالْإِيمَان : أَنْ تُؤْمِن بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته ، وَكُتُبه ، وَرُسُله ، وَالْيَوْم الْآخِر ، وَتُؤْمِن بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " قَالَ : هَذَا بَيَان لِأَصْلِ الْإِيمَان ، وَهُوَ التَّصْدِيق الْبَاطِن ، وَبَيَان لِأَصْلِ الْإِسْلَام وَهُوَ الِاسْتِسْلَام وَالِانْقِيَاد الظَّاهِر ، وَحُكْم الْإِسْلَام فِي الظَّاهِر ثَبَتَ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، وَإِنَّمَا أَضَافَ إِلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالزَّكَاة ، وَالْحَجّ ، وَالصَّوْم ، لِكَوْنِهَا أَظْهَرَ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَأَعْظَمِهَا وَبِقِيَامِهِ بِهَا يَتِمُّ اِسْتِسْلَامه ، وَتَرْكُهُ لَهَا يُشْعِرُ بِانْحِلَالِ قَيْدِ اِنْقِيَادِهِ أَوْ اِخْتِلَالِهِ ، ثُمَّ إِنَّ اِسْم الْإِيمَان يَتَنَاوَل مَا فُسِّرَ بِهِ الْإِسْلَامُ فِي هَذَا الْحَدِيث وَسَائِر الطَّاعَات لِأَنَّهَا ثَمَرَات لِلتَّصْدِيقِ الْبَاطِن الَّذِي هُوَ أَصْل الْإِيمَان ، وَمُقَوِّيَات وَمُتَمِّمَات وَحَافِظَات لَهُ ، وَلِهَذَا فَسَّرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَان فِي حَدِيث وَفْدِ عَبْد الْقَيْس بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وَإِعْطَاء الْخُمُس مِنْ الْمَغْنَم . وَلِهَذَا لَا يَقَع اِسْم الْمُؤْمِن الْمُطْلَق عَلَى مَنْ اِرْتَكَبَ كَبِيرَةً ، أَوْ بَدَّلَ فَرِيضَة ، لِأَنَّ اِسْم الشَّيْء مُطْلَقًا يَقَع عَلَى الْكَامِل مِنْهُ ، وَلَا يُسْتَعْمَل فِي النَّاقِص ظَاهِرًا إِلَّا بِقَيْدٍ ؛ وَلِذَلِكَ جَازَ إِطْلَاق نَفْيِهِ عَنْهُ فِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَسْرِق السَّارِق حِين يَسْرِق وَهُوَ مُؤْمِن " وَاسْم الْإِسْلَام يَتَنَاوَل أَيْضًا مَا هُوَ أَصْل الْإِيمَان وَهُوَ التَّصْدِيق الْبَاطِن ، وَيَتَنَاوَل أَصْل الطَّاعَات ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلّه اِسْتِسْلَام . قَالَ : فَخَرَجَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَحَقَقْنَا أَنَّ الْإِيمَان وَالْإِسْلَام يَجْتَمِعَانِ وَيَفْتَرِقَانِ ، وَأَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا . قَالَ : وَهَذَا تَحْقِيق وَافِر بِالتَّوْفِيقِ بَيْن مُتَفَرِّقَات نُصُوص الْكِتَاب وَالسُّنَّة الْوَارِدَة فِي الْإِيمَان وَالْإِسْلَام الَّتِي طَالَمَا غَلِطَ فِيهَا الْخَائِضُونَ . وَمَا حَقَّقْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ مُوَافِق لِجَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ أَهْل الْحَدِيث وَغَيْرهمْ . هَذَا آخِر كَلَام الشَّيْخ أَبِي عَمْرو بْن الصَّلَاح ، فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَذَاهِب السَّلَف ، وَأَئِمَّة الْخَلَف ، فَهِيَ مُتَظَاهِرَة مُتَطَابِقَة عَلَى كَوْن الْإِيمَان يَزِيد وَيَنْقُص . وَهَذَا مَذْهَب السَّلَف وَالْمُحَدِّثِينَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ .
وَأَنْكَرَ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ زِيَادَتَهُ وَنُقْصَانَهُ ، وَقَالُوا : مَتَى قَبِلَ الزِّيَادَة كَانَ شَكًّا وَكُفْرًا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابنَا الْمُتَكَلِّمِينَ : نَفْس التَّصْدِيق لَا يَزِيد وَلَا يَنْقُص . وَالْإِيمَانُ الشَّرْعِيُّ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ بِزِيَادَةِ ثَمَرَاته ، وَهِيَ الْأَعْمَال وَنُقْصَانهَا قَالُوا : وَفِي هَذَا تَوْفِيق بَيْن ظَوَاهِر النُّصُوص الَّتِي جَاءَتْ بِالزِّيَادَةِ وَأَقَاوِيل السَّلَف ، وَبَيْن أَصْلِ وَضْعِهِ فِي اللُّغَة وَمَا عَلَيْهِ الْمُتَكَلِّمُونَ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا حَسَنًا فَالْأَظْهَرُ - وَاَللَّه أَعْلَمُ - أَنَّ نَفْس التَّصْدِيق يَزِيد بِكَثْرَةِ النَّظَر وَتَظَاهُرِ الْأَدِلَّة وَلِهَذَا يَكُون إِيمَان الصِّدِّيقِينَ أَقْوَى مِنْ إِيمَان غَيْرهمْ بِحَيْثُ لَا تَعْتَرِيهِمْ الشُّبَهُ ، وَلَا يَتَزَلْزَلُ إِيمَانُهُمْ بِعَارِضٍ ، بَلْ لَا تَزَالُ قُلُوبُهُمْ مُنْشَرِحَةً نَيِّرَةً وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ عَلَيْهِمْ الْأَحْوَال .
وَأَمَّا غَيْرهمْ مِنْ الْمُؤَلَّفَة وَمَنْ قَارَبَهُمْ وَنَحْوِهِمْ فَلَيْسُوا كَذَلِكَ فَهَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ إِنْكَارُهُ . وَلَا يَتَشَكَّك عَاقِل فِي أَنَّ نَفْس تَصْدِيق أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - لَا يُسَاوِيهِ تَصْدِيقُ آحَاد النَّاس ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه : قَالَ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة : أَدْرَكْت ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلّهمْ يَخَاف النِّفَاق عَلَى نَفْسه ، مَا مِنْهُمْ أَحَد يَقُول إِنَّهُ عَلَى إِيمَان جِبْرِيل وَمِيكَائِيل . وَاَللَّه أَعْلَمُ .
وَأَمَّا إِطْلَاق اِسْم الْإِيمَان عَلَى الْأَعْمَال فَمُتَّفَق عَلَيْهِ عِنْد أَهْل الْحَقّ . وَدَلَائِلُهُ فِي الْكِتَاب وَالسُّنَّة أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَر وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُشْهَر . قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَمَا كَانَ اللَّه لِيُضِيعَ إِيمَانكُمْ } أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَاد صَلَاتكُمْ .
وَأَمَّا الْأَحَادِيث فَسَتَمُرُّ بِك فِي هَذَا الْكِتَاب مِنْهَا جُمَلٌ مُسْتَكْثَرَات وَاَللَّه أَعْلَمُ .
وَاتَّفَقَ أَهْل السُّنَّة مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاء وَالْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِن الَّذِي يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْل الْقِبْلَة وَلَا يُخَلَّد فِي النَّار لَا يَكُون إِلَّا مَنْ اِعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ دِينَ الْإِسْلَامِ اِعْتِقَادًا جَازِمًا خَالِيًا مِنْ الشُّكُوك ، وَنَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، فَإِنْ اِقْتَصَرَ عَلَى إِحْدَاهُمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْل الْقِبْلَة أَصْلًا إِلَّا إِذَا عَجَزَ عَنْ النُّطْق لِخَلَلٍ فِي لِسَانه أَوْ لِعَدَمِ التَّمَكُّن مِنْهُ لِمُعَاجَلَةِ الْمَنِيَّةِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُون مُؤْمِنًا . أَمَّا إِذَا أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ فَلَا يُشْتَرَط مَعَهُمَا أَنْ يَقُول وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ إِلَّا إِذَا كَانَ مِنْ الْكُفَّار الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ اِخْتِصَاصَ رِسَالَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْعَرَب فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إِلَّا بِأَنْ يَتَبَرَّأَ ، وَمِنْ أَصْحَابنَا أَصْحَاب الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه مَنْ شَرَطَ أَنْ يَتَبَرَّأ مُطْلَقًا ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ : أَمَّا إِذَا اِقْتَصَرَ عَلَى قَوْله لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ، وَلَمْ يَقُلْ : مُحَمَّد رَسُول اللَّه : فَالْمَشْهُور مِنْ مَذْهَبنَا وَمَذَاهِب الْعُلَمَاء أَنَّهُ لَا يَكُون مُسْلِمًا . وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ : يَكُون مُسْلِمًا وَيُطَالَب بِالشَّهَادَةِ الْأُخْرَى ، فَإِنْ أَبَى جُعِلَ مُرْتَدًّا . وَيُحْتَجّ لِهَذَا الْقَوْل بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ " وَهَذَا مَحْمُول عِنْد الْجَمَاهِير عَلَى قَوْل الشَّهَادَتَيْنِ ، وَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ إِحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى لِارْتِبَاطِهِمَا وَشُهْرَتِهِمَا وَاَللَّه أَعْلَمُ .
أَمَّا إِذَا أَقَرَّ بِوُجُوبِ الصَّلَاة أَوْ الصَّوْم أَوْ غَيْرهمَا مِنْ أَرْكَان الْإِسْلَام وَهُوَ عَلَى خِلَاف مِلَّته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فَهَلْ يُجْعَل بِذَلِكَ مُسْلِمًا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا ، فَمَنْ جَعَلَهُ مُسْلِمًا قَالَ : كُلّ مَا يَكْفُر الْمُسْلِمُ بِإِنْكَارِهِ يَصِيرُ الْكَافِرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ مُسْلِمًا . أَمَّا إِذَا أَقَرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ فَهَلْ يُجْعَلُ بِذَلِكَ مُسْلِمًا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا : الصَّحِيح مِنْهُمَا أَنَّهُ يَصِير مُسْلِمًا لِوُجُودِ الْإِقْرَار ، وَهَذَا الْوَجْه هُوَ الْحَقّ وَلَا يَظْهَر لِلْآخَرِ وَجْه وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي شَرْح الْمُهَذَّبِ وَاَللَّه أَعْلَمُ .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَغَيْرهمْ فِي إِطْلَاق الْإِنْسَان قَوْله : ( أَنَا مُؤْمِن ) فَقَالَتْ طَائِفَة : لَا يَقُول أَنَا مُؤْمِن مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ بَلْ يَقُول : أَنَا مُؤْمِن إِنْ شَاءَ اللَّه . وَحَكَى هَذَا الْمَذْهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا الْمُتَكَلِّمِينَ ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى جَوَاز الْإِطْلَاق وَأَنَّهُ لَا يَقُول : ( إِنْ شَاءَ اللَّه ) . وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار ، وَقَوْل أَهْل التَّحْقِيق . وَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْره إِلَى جَوَاز الْأَمْرَيْنِ . وَالْكُلّ صَحِيح بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَمَنْ أَطْلَقَ نَظَرَ إِلَى الْحَال وَأَحْكَامُ الْإِيمَانِ جَارِيَةٌ عَلَيْهِ فِي الْحَال ، وَمَنْ قَالَ : إِنْ شَاءَ اللَّه فَقَالُوا فِيهِ : هُوَ إِمَّا لِلتَّبَرُّكِ ، وَإِمَّا لِاعْتِبَارِ الْعَاقِبَة وَمَا قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى ؛ فَلَا يَدْرِي أَيَثْبُتُ عَلَى الْإِيمَان أَمْ يُصْرَفُ عَنْهُ ، وَالْقَوْل بِالتَّخْيِيرِ حَسَنٌ صَحِيحٌ نَظَرًا إِلَى مَأْخَذ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَرَفْعًا لِحَقِيقَةِ الْخِلَاف وَأَمَّا الْكَافِر فَفِيهِ خِلَاف غَرِيب لِأَصْحَابِنَا ، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يُقَال : هُوَ كَافِر ، وَلَا يَقُول إِنْ شَاءَ اللَّه ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هُوَ فِي التَّقْيِيد كَالْمُسْلِمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَيُقَال عَلَى قَوْل التَّقْيِيد : هُوَ كَافِر إِنْ شَاءَ اللَّه نَظَرًا إِلَى الْخَاتِمَة وَأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ ، وَهَذَا الْقَوْل اِخْتَارَهُ بَعْض الْمُحَقِّقِينَ وَاَللَّه أَعْلَمُ .
وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ : أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْل الْقِبْلَة بِذَنْبٍ وَلَا يَكْفُرُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَع ، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ مَا يُعْلَمُ مِنْ دِينِ الْإِسْلَام ضَرُورَةً حُكِمَ بِرِدَّتِهِ وَكُفْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُون قَرِيب عَهْد بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ وَنَحْوه مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَيُعَرَّفُ ذَلِكَ ؛ فَإِنْ اِسْتَمَرَّ حُكِمَ بِكُفْرِهِ ، وَكَذَا حُكْم مَنْ اِسْتَحَلَّ الزِّنَا أَوْ الْخَمْرَ أَوْ الْقَتْلَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَات الَّتِي يُعْلَمُ تَحْرِيمُهَا ضَرُورَةً . فَهَذِهِ جُمَل مِنْ الْمَسَائِل الْمُتَعَلِّقَة بِالْإِيمَانِ قَدَّمْتهَا فِي صَدْر الْكِتَاب تَمْهِيدًا لِكَوْنِهَا مِمَّا يَكْثُر الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ وَلِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهَا وَتَرْدَادِهَا فِي الْأَحَادِيث ، فَقَدَّمْتهَا لَأُحِيلَ عَلَيْهَا إِذَا مَرَرْت بِمَا يُخَرَّجُ عَلَيْهَا وَاَللَّه أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ . وَلَهُ الْحَمْد وَالنِّعْمَة وَبِهِ التَّوْفِيق وَالْعِصْمَة .(منقول من شرح النووى على مسلم باب الايمان)
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
المصري اليوم، أخبار اليوم من مصر
أصول أهل السنة والجماعة
هل الماكياج خارج البيت حرام؟
شروط لا إله إلا الله
شروط لا إله إلا الله
أبلغ عن إشهار غير لائق