قالت وكالة الطاقة الأميركية، في تقريرها الأخير، إن الولاياتالمتحدة الأميركية أكبر مستهلك للنفط في العالم استطاعت أن تلبي 83 في المائة من احتياجاتها من الطاقة من خلال مصادر محلية، خلال أول 5 أشهر من العام الحالي، بسبب زيادة الإنتاج من حقول النفط غير العادية، أي الصخور النفطية من ولايات داكوتا الشمالية ومونتانا وتكساس. وتتوقع الوكالة أن يصل متوسط إنتاج أميركا 6.3 ملايين برميل يومياً في 2012، بزيادة تقدر بنحو 0.7 مليون برميل يومياً عن العام الماضي، وأن يصل متوسط الإنتاج إلى 6.8 ملايين برميل يومياً بحلول 2013، وهو أعلى معدلات الإنتاج منذ عام 1993. وتنتج أميركا ثالث أكبر منتج بعد روسيا والسعودية النفط من عدة ولايات، أكبرها إنتاجاً تكساس والحقول البحرية في خليج المكسيك والساحل الغربي وألاسكا وكاليفورنيا وداكوتا الشمالية. ويزداد إنتاج النفطي الأميركي، منذ عشر سنوات تقريباً، بسبب تطور تقنيات الحفر والإنتاج بوتيرة عالية، خصوصاً أن الولاياتالمتحدة تسعى إلى زيادة الإنتاج من حقول النفط الصخري الذي تمتلك فيه أكبر مخزون عالمي يقدر بنحو 2.6 تريليون برميل، بعد أن حققت معدلات قياسية في إنتاج الغاز من هذه الحقول، تغطي نسبة تتعدى 25 في المائة من احتياجتها سنوياً. وتنتج حالياً أميركا من خام باكين أحد أنواع النفط الصخري نحو 300 ألف برميل يومياً من ولاية داكوتا الشمالية، كما زاد إنتاج خام إيغل فورد من جنوب تكساس وهو نوع آخر من النفط الصخري إلى 283 ألف برميل يومياً، بعد أن كان 98 ألف برميل يومياً في 2011. وقبل الربيع العربي، زاد الهاجس الاميركي والغربي بشأن أمن الطاقة خاصة بعد ارتفاع اسعار النفط الى معدلات 140 دولارا للبرميل الواحد مع ازمة الاقتصاد العالمي في 2008، مما دفع اميركا الى اتباع سياسات جديدة في الطاقة لتأمين احتياجتها وتخفيف اعتمادها على النفط العربي، وزاد ذلك مع الخوف من اغلاق مضيق هرمز، وابرز الاجراءات تخفيف القيود البيئية على طرق الاستخراج هناك رغم كارثة «بي بي» في خليج المكسيك. وعلى ما يبدو فقد احرزت اميركا بعض التقدم في ذلك، فوفق تقرير الوكالة الدولية للطاقة فقد انخفضت واردات اميركا من النفط الخفيف من الخليج بنسبة 56 في المائة منذ عام 2010، علما بان التغير في انتاج النفط الاميركي ولو بشكل بسيط قد يؤثر في الأسواق العالمية بشكل كبير. وقال لينوردو ميجوري كبير المديرين في شركة «اني» الايطالية في ورقة علمية لجامعة هارفرد الاميركية، انه يتوقع ان يضاف الى الانتاج الاميركي من النفط الصخري نحو 4.17 ملايين برميل يوميا بحلول 2020. ويتوقع المحللون ان يصل سعر خام البرنت 80 دولارا للبرميل الواحد خلال العام القادم بناء على معطيات زيادة الانتاج من دول خارج منظمة الاوبك رابطة اكبر منتجي النفط عالميا، وقد يؤدي ذلك الى توجه الإمدادات النفطية الى اسواق اخرى وتشبع بعضها مما سيؤدي الى وجود فائض في المعروض وبالتالي انخفاض في الاسعار. ويحظر القانون الاميركي تصدير الانتاج المحلي الا بموافقة الرئيس الاميركي، وصدرت اميركا في يونيو الماضي 0.7 في المائة من انتاجها وبذلك قد تكون بدأت تحقيق احد الاحلام الاميركية تصدير الخام وتخفيف الاعتماد على الواردات. وتسعى الكثير من الدول الآن الى زيادة الانتاج من النفط الصخري خاصة انه متواجد في معظم دول العالم وتتفاوت امكانية استخراجه ومخاطره البيئية، الا ان مركز «برنستين» للأبحاث النفطية توقع ان يمثل انتاج النفط الصخري نحو 3.2 في المائة من انتاج النفط العالمي بحلول 2015. والنفط الصخري يتفاوت في انواعه وطرق استخراجه الا أن أشهرها الحفر الافقي الذي يثير جدلا بيئيا. كما هناك الضخ بالمياه والضغط الحراري. وبشكل عام هو اقل خطر على البيئة من الرمال النفطية في كندا، ويبلغ الاحتياطي العالمي منه القابل للإنتاج 3.3 تريليونات برميل. وهناك دول مثل استونيا والصين والبرازيل ومصر وعمان وتركيا وروسيا وفرنسا وكندا بدأت في الانتاج من هذه النوعية من النفط. وتواجه كثير من الشركات العالمية النفطية تحديات كبرى في العمل مع الشركات الوطنية لزيادة انتاجها مثل «اكسون موبيل»، و«بي بي»، و«شل»، مما دفعها الى الاستثمار في الحقول البحرية وصرف مبالغ طائلة على انتاج محدود مع مخاطر بيئية كارثية. الا ان التعديلات الاخيرة التي اقرها الرئيس اوباما ادت الى جذب عدد من هذه الشركات والمستثمرين الى آبار النفط الصخري في اميركا، بعد ان حرصت على تقديم امتيازات اكثر جاذبية لهم. ويقول نائب الرئيس التنفيذي في شركة «شل» روس فورد ان الشركة تنتج نحو 381 الف برميل يوميا من النفط الصخري في اميركا، والتقنيات الحديثة ستؤدي مستقبلا الى زيادة الانتاج من الحقول الصخرية بأسعار زهيدة ومعدلات قد لا يتخيلها بعضهم. ووفق هذه الدلائل قد يكون مستقبل دول منظمة الاوبك اقل اشراقا، فزيادة الانتاج من النفط الصخري يعني مستقبلا ان يصل سعر البرميل الى معدل 80 دولارا، ودول المنظمة تحتاج إلى ان يصل سعر البرميل الى 110 على الاقل بحلول 2015 لتتماشى مع ميزانياتها الحكومية. وقالت صحيفة وول ستريت جورنال ان دول منظمة الاوبك قد لا تستطيع مواكبة الطفرة التقنية في انتاج النفط، خاصة وان كثيرا من آبارها الرئيسية دخلت في مرحلة الشيخوخة، وتفتقر هذه الدول الى تقنيات تعزيز استرجاع الانتاج، كما ان البيروقراطية وقوانين الانتاج ستؤدي في النهاية الى انخفاض انتاجها على عكس ما تعلنه من خطط لزيادة الانتاج، مما يهدد مكانتها في اسواق النفط العالمية. والكويت ليست بعيدة عن هذه المشكلة، فوفق مصدر من احد الشركات العالمية لن تستطيع نفط الكويت الالتزام بمخطط 4 ملايين يوميا من النفط. فعلى الرغم من وصول طاقتها الانتاجية الى 3.2 ملايين يوميا الا ان هذه هي اقصى درجات الانتاج التي يمكن الوصول اليها خلال السنوات العشر المقبلة، وربما اكثر بسبب تراجع المخزون الى طبقات ارضية وصخرية لا تمتلك الشركة تقنيات استرجاعها. وقال ان الشركة ترى ان الدستور يقيدها في العمل، الا انه يمكن التوصل الى اتفاقيات تسمح بتوفير التقنيات، وليس الحصول على حصة من الانتاج.