لم يكن غريباً أن يخرج علينا السلفيون وهم يشهرون السيوف فى وجوهنا.. لم يكن غريباً أن يمارسوا إرهابا على المصريين فيحرمون ويمنعون ويهددون ويغيرون بأيديهم وينبشون فى قبور الموتى ويكفرون كل من يختلف معهم.. لم يكن غريباً أن يفعلوا كل ذلك فهذا هو دينهم الذين يؤمنون به ولا دين غيره.. هم من اختصروا الدين الإسلامى فى شخصية قياداتهم.. من يتطاول عليهم يعتبرونه تطاولاً على الدين الإسلامى ونيلاً منه.. لايقبل الواحد منهم أن يرده أحد من يفعلها فهو آثم قلبه.. من يفعلها فقد خرج من الملة.. قبل ثورة 25 يناير لم تكن تسمع صوتاً واحداً منهم.. مصالحهم الشخصية كانت تقضى بأن يكونوا بعيدين عن السياسة وعن ألاعيبها.. كانت تقضى بأن يكونوا رهن إشارة الحاكم فلا يخرجون عليه ولا يردونه إذا تجاوز فى ظلمه وفساده.. لكنهم كانوا ينزلون إلى الشارع اذا ما أشار إليهم الحاكم.. ينزلون لخوض المعارك نيابة عنه أو ينزلون لدعمه حتى يرضى عنهم.. بعد الثورة خرج السلفيون علينا كالمغول.. خرجوا ليأخذوا ما رأوه نصيبهم فى السلطة والحكم.. خرجوا واستقبلهم المجلس العسكرى فأحسن استقبالهم.. مهد أمامهم الطريق ليعتقد الناس فيهم أكثر.. ليؤمنوا بأنهم القادرون على حل المشكلات الكبيرة.. كلما وجد المجلس العسكرى نفسه فى ورطة استدعى واحداً من قيادات السلفية ليكون بجواره.. فعلها مع الشيخ محمد حسان الذى كان يجلس متوسطاً أعضاء المجلس العسكرى.. استعانوا به فى مناطق مشتعلة لإطفائها نجح فى بعضها وفشل فى قنا فشلاً ذريعاً.. المجلس العسكرى هو من مكن السلفيين منا ليغرقوا مصر بجحيم أفكارهم المتطرفة.. هو من حضر العفريت لكنه غير قادر على صرفه الآن.. هو من جعلهم يتصدرون المشهد ولن يستطيع أن يزيحهم منه حتى لو فكر فى التنكيل بهم أو الزج بهم داخل السجون.. كان فى إمكان المجلس العسكرى أن يصرف عفريت السلفيين والإخوان والشخصيات السياسية المزيفة والمصطنعة وكما قال الخال عبدالرحمن الأبنودى لو استثمر ما جرى فى الموجة الثانية من الثورة.. ففيها قام ثوار التحرير بتنظيف الميدان من كل الوجوه القبيحة.. قاموا بطرد الحواة من السياسيين والإسلاميين الذين يأكلون على كل الموائد ويتحالفون مع الطرف الأقوى فى الحكم.. لم يستثمر المجلس العسكرى هذه الفرصة التى جاءته على طبق من ذهب فأصبح محاصراً من كل الجهات، ويفكر الآن كيف يخرج خروجاً مشرفاً. جلوس المجلس العسكرى-الطرف الأقوى بعد قيام الثورة مباشرة- زادهم غطرسة تجلت فى الاستفتاء على الدستور.. عندما خرجوا على المصريين ومعهم الإخوان ليدعوهم بقول «نعم» حتى يدخلوا الجنة اما من يقول «لا» فله جهنم وبئس المصير.. خرج محمد حسين يعقوب ليصف يوم الاستفتاء بغزوة الصناديق.. وقتها كتبت فى مجلة الإذاعة والتليفزيون وتحت عنوان «دين السلفيين» أنه لم يكن غريباً أن يقول هذا.. لم يكن غريباً ان يدعوا من قالوا لا ليعيشوا بعيداً عن وطنهم..من قالوا «نعم» -من وجهة نظره- هم المؤمنون فقط.. هم الذين سيدخلون الجنة ويفوزون بنعيمها فيشربون من أنهار الخمر ويستمتعون بالحور العين ويقطفون ما يشاءون من فاكهة.. هم من انتصروا للإسلام رغم أن التعديلات الدستورية لم تضمن المادة الثانية من الدستور.. من قالوا نعم كما رآهم الشيخ يعقوب ومن على شاكلته هم الذين وقفوا فى وجه الذين كفروا وخرجوا عن الملة وقالوا «لا».. .. أقول لم يكن غريباً أن يتبنى يعقوب، ومن على شاكلته هذا الرأى المضلل، وأن يشهر سيفه فى وجوهنا ليفزعنا ويخوفنا ويعدنا بالجحيم.. الشيخ يعيد محاكم التفتيش مرة أخرى.. يريد أن يشق قلوبنا ليكشف عما فيها.. يعقوب يعرف أنه سيخسر كثيراً إذا لم يجعل المصحف بيننا وبينه.. يفسر كلام الله على هواه ليحرمنا من أن نعترض على ما يخرج منه من هراء.. يعدنا بالجحيم فى الآخرة إن لم نتبعه هو والسلفيين كارهى الحياة.. الجحيم فى الآخرة وفى الدنيا يريد أن يعصف بنا فيحرض علينا ما استطاع إلى ذلك سبيلا.. تخيل يعقوب أن الدولة دولته فيقرر -ولا راد لقراره- من يستحق العيش هنا ومن يجب عليه أن ينفى فى الخارج.. لقد تعود السلفيون أن يفزعوا الناس ليرضخوا لهم.. يفزعوا الناس ليعتقدوا أنهم هم الخلاص.. وكان محمد حسين يعقوب واحداً من الذين يجيدون هذه اللعبة كان يمارسها باستمرار من خلال شرائط الكاسيت ثم القنوات الفضائية المتطرفة.. فالسلفيون هم من حولوا حياتنا كلها إلى حرام.. فالبنوك حرام، والنوم على البطن حرام.. ترقيق المرأة لحاجبيها حرام.. مهنة الحلاقة حرام.. الكوافير حرام.. عمل المهندس فى بناء القرى السياحية حرام.. العمل فى الفنادق حرام..حصول مندوب المشتريات على نسبة أو مكافأة من صاحب العمل حرام.. لعبة الشطرنج حرام.. كرة القدم حرام.. استخدام الصابون برائحة حرام، والعطور نجس.. ترزى السيدات حرام..النصارى كفرة وكتبهم المقدسة غير سماوية.. لا يجوز لمسلم أن يبدأ بالسلام على نصرانى، ولا يجوز له أن يساعد فى بناء كنائس.. الاحتفال بالمولد النبوى حرام فهو بدعة استوردناها من الكفار.. لبس الرجال للبنطلونات حرام.. الموسيقى حرام، والأفلام داعرة، والمسلسلات تخالف شرع الله.. كله حرام.. صوروا للناس جميعا أنهم يغرقون فى المعصية، يعيشون فى الضلال.. أما الحلال فهو ما يناسبهم فقط ويأتى على هواهم.. فالتصدق للقنوات الدينية حلال.. الرشوة حلال.. بيع الرقيق حلال.. وأخذ الزوجة لأموال زوجها من ورائه حلال.. وأخذ الأبن لأموال من وراء أبيه للتصدق حلال.. فوائد البنوك حلال فى حالة إنفاقها على الفقراء أى أنه لا مانع لدى هؤلاء الشيوخ أن يأكل الفقراء من أموال حرموها.. السلفيون دائما ينتصرون لأفكارهم.. لا يؤمنون بالآخر ولا يمنحونه الفرصة لأن يحيا دون أن يتجاوز فى حق الله.. يريدون أن تتحول الدنيا من حولنا إلى جلاليب بيضاء ولحى مقززة.. تمنوا لو اختفى الأقباط من على وجه الأرض.. السلفيون لا ينتصرون لأفكار إنسانية كل همهم الانتصار لما يرونه هم صائباً.. لقد خرج السلفيون فى مظاهرات حاشدة فى المساجد والشوارع من أجل عيون كاميليا شحاتة المرأة التى قالوا إنها أسلمت ويحبسونها فى أحد الأديرة.. سلموا بإسلامها ولم يرتضوا بنتيجة أخرى.. بل طالبوا بأن تظهر لتنفى إسلامها وأنها لم تحبس وعندما حدث وظهرت شككوا فى كلامها وظلوا على غضبهم.. فعلوها من قبل مع وفاء قسطنطين.. تلقفوا إسلامها على أنه هدية من السماء.. تعاملوا معه على أنه انتصار للإسلام والمسلمين فهى امرأة غير عادية ليست قبطية فحسب وإنما زوجة لأحد القساوسة فاعتبروا ذلك ضرباً مباشراً فى العقيدة.. أى انتصار يتحدث عنه السلفيون المتشددون.. لن يزيد الإسلام اذا ما دخله قبطى ولن ينقص إذا فكر مسلماً أن يخرج منه.. من حق أى إنسان ان يعتقد ما يراه مناسباً له.. السلفيون اشعلوا النار ايضا بمظاهراتهم ولافتاتهم الدينية عندما قتلت مروة الشربينى فى ألمانيا.. اقاموا الدنيا لأن مروة محجبة.. لم يفعلوها عندما قتل شاب قبطى فى إيطاليا وبطريقة بشعة.. لم يفعلوها رغم أن مروة والشاب يحملان الجنسية المصرية.
خرج عفريت السلفيين من القمقم ومعه خرج ما فى بطونهم.. راهنوا على الانتخابات ليحتلوا البرلمان ومعه يمكنهم أن يفرضوا على المصريين أفكارهم بعد أن يحولوها إلى قوانين تصير إجبارية.. لن يتغير السلفيون ولا يجب ان نصدقهم إذا ماغازلوا المصريين بأنهم لن يضيقوا الحياة عليهم.. سلفيو تونس لحسوا كل كلامهم وراحوا يخربون ويطاردون النساء والصحافة ويحطمون المحلات والمقاهي.. فعلها سلفيو تونس وسوف يسير على الدرب سلفيو مصر.. هم يفعلون ذلك من الآن يقتحمون الحفلات الغنائية ويطاردون النساء فى الشوارع بالإهانات والبصق.. هم من يحرقون الأضرحة ويصفون الصوفيين بالملاحدة والليبراليين بالمنحرفين فلا تنتظروا منهم خيراً