أسعار اللحوم الحمراء اليوم 21 ديسمبر.. «الكندوز» تبدأ من 300 جنيه    مقتل 10 وإصابة 10 بإطلاق نار في جنوب افريقيا    مجزرة قرب جوهانسبرج.. مقتل وإصابة 20 في إطلاق نار عشوائي بجنوب أفريقيا    اتهام 4 طلاب بالاعتداء على زميلهم داخل حمام مدرسة بمدينة 6 أكتوبر    حياة كريمة بالغربية.. انتهاء رصف طريق نهطاى – حنون وربطه بالشبكة الإقليمية    مواعيد القطارات المتجهة إلى الوجهين القبلي والبحري – الأحد 21 ديسمبر 2025    لحظات ساحرة لتعامد الشمس على مقصورة قدس الأقداس بمعابد الكرنك.. فيديو    جيهان قمري تتحدى نفسها بدور جديد ومفاجئ في مسلسل "درش" مع مصطفى شعبان    الإجابة الوحيدة نحو الثامنة.. لماذا يشعر حسام حسن بالضغط؟    انقطاع الكهرباء عن عشرات آلاف المنازل بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب قبالة محافظة آوموري باليابان    عامل بالإسكندرية يقتل صديقه.. ويقطعه 4 أجزاء لإخفاء جريمته    محمد علي خير يطالب بعودة بطاقة «الكساء الشعبي»: المواطن محتاج سلفة بنك ومعاش العائلة والجيران لشراء كسوة شتاء    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 22 ديسمبر    محمد علي خير: الرفض لفيلم الست كان أكبر من القبول.. وهذا لم يحدث في تاريخ الصناعة    في عيد ميلادها ال74، نجلاء فتحي «قمر الزمان» تكشف رأيها عن الحب والزواج في حوار نادر    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    فتاة تطارد تامر حسني ومعجب يفقد النطق أمام أحمد العوضي، جمهور النجوم يثير الجدل (فيديو)    الاستخبارات الأمريكية تكشف حقيقة السيطرة الروسية على أوكرانيا    اندلعت بها النيران.. سقوط سيارة نقل من كوبري ترسا بالجيزة | صور    «جبر الخاطر».. محمد شاهين يطرح أحدث أغانيه    مصرع شخص غرقا أثناء الصيد في نهر النيل بمنشأة القناطر    تغطية خاصة حول آخر التطورات فى سوريا وغزة بعد الضربات الأمريكية فى سوريا (فيديو)    الحماية المدنية تسيطر على حريق سيارة نقل بعد انقلابها أعلى دائرى ترسا.. فيديو    بعد تصريحات مدبولي.. محمد علي خير: العاملون بالحكومة و11.5 مليون من أصحاب المعاشات تحت خط الفقر    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    الدولة مش هتسيبهم، تدخل حكومي لحل أزمة أميرة عبد المحسن بعد عرض أطفالها للبيع    وفاة شقيقة جورج كلونى بعد معاناة مع مرض السرطان    مطارات مصر بين الخصخصة والأمن القومي.. لماذا يندفع ساويرس نحو السيطرة على البوابات السيادية؟    معركة السيطرة على أموال التنظيم الدولي.. انقسام حاد بين قيادات «إخوان لندن»    لأول مرة.. "الصحة": أعداد المواليد لم يتجاوز مليوني مولود سنويًا    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    ضعف المياه بمركز طهطا بسوهاج لأعمال تطهير محطة شطورة السطحية    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    توروب يشترط ضم هذا اللاعب قبل الموافقة على إعارة محمد شكري في يناير    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    إنبي يخطف فوزًا قاتلًا من طلائع الجيش في كأس الرابطة المصرية    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    أمم إفريقيا - ندالا حكم مباراة الافتتاح بين المغرب وجُزر القُمر    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    محمد صبحي: غزة اختبار سقطت فيه كل الشعارات والمواثيق.. والقوى الدولية تلعب دور محامي العدو    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    مبابي يعادل رقم رونالدو التاريخي ويحتفل على طريقته    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاطف حسانين يكتب: الإمام الأعظم أبو حنيفة بين الثورة والقضاء
نشر في الفجر يوم 07 - 12 - 2011

"الإمام الأعظم"؛ هكذا كان يُلقّبه أحبابه وأتباعه ومريدوه وعلماء جاءوا بعده يُثنون على بالغ علمه، وشديد تحمّله في سبيل العمل بما يعلم من الأذى في سبيل الله.. قيل عنه: إنه استحوذ على ثلاثة أرباع العلم، وشارك العلماء في الربع الرابع.

مولده ونسبه
هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الفارسي، وُلد في الكوفة سنة ثمانين للّهجرة لأسرة فارسية، وسمي النعمان تيمّناً بأحد ملوك الفرس.. من أجل ذلك كبُر على المتعصبين العرب أن يبرُز فيهم فقيه غير عربي الأصل.. حاول بعض محبيه أن يفتعل له نسباً عربياً؛ ولكنه كان لا يحفل بهذا كله؛ فقد كان يعرف أن الإسلام قد سوى بين الجميع، وأن الرسول صلى الله عليه، احتضن سلمان الفارسي وبلالاً الحبشي، وكانا من خيرة الصحابة حتى لقد كان الرسول يقول: "سلمان منّا أهل البيت"، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عن بلال: "سيدنا بلال".

ومما يذكر عن شخصية الإمام أنه شهد في طفولته فظائع الحجاج -والي العراق- وبطشه بكل من يعارض الأمويين حتى الفقهاء الأجلاء؛ فدخل في نفسه منذ صباه عزوف عن الأمويين واستنكار لاستبدادهم، ورفض للطغيان.. ثم إنه ورث عن أبيه وأمه حباً لآل البيت؛ فما كان في ذلك العصر رجال ينبذون التفرقة بين المسلمين العرب وغير العرب إلا آل البيت.

وقد تمكّن حب آل البيت من قلبه عندما تعرّف على أئمتهم وتلقّى عنهم، وعندما عاين أشكال الاضطهاد التي يكابدونها في كل نهار وليل؛ حتى شاهد الإمام الصادق واقفاً يستمع إليه وهو يفتي في المدينة؛ فوقف قائلاً: "يا ابن رسول الله، لا يراني الله جالساً وأنت واقف".

لمحات من حياة الإمام
يقول عبد الرحمن الشرقاوي في رائعته "الإمام الشهيد أبو حنيفة": "لقد كان أبوه تاجراً كبيراً؛ فعمل معه وهو صبي، وأخذ يختلف إلى السوق ويحاور التجار الكبار ليتعلم أصول التجارة وأسرارها؛ حتى لفت نظر أحد الفقهاء؛ فنصحه أن يختلف إلى العلماء؛ فقال أبو حنيفة: "إني قليل الاختلاف إليهم"؛ فقال له الفقيه الكبير: "عليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء؛ فإني أرى فيك يقظة وفطنة".

ومنذ ذلك اليوم؛ فقد وهب الفتى نفسه للعلم، واتصل بالعلماء ولم تنقطع تلك الصلة حتى آخر يوم في حياته.. ولكم تعب وأتعب الآخرين في هذا الميدان الجديد الذي استنفر كل مواهبه وذكائه وبراعته.. لقد مضى ينشد العلم في حلقات البصرة.

وبهرته حلقة علماء الكلام، لما كان يثور فيها من جدل مستعر يرضي فتونه.. ولزم أهل الكلام زمناً، ثم عدل عنهم إلى الحلقات الأخرى؛ فقد اكتشف -عندما نضج- أن السلف كانوا أعلم بأصول العقائد ولم يجادلوا فيها؛ فلا خير في هذا الجدل. ومن الخير أن يهتم بالتفقه في القرآن الكريم والحديث.

وانتهت به رحلاته بين البصرة والكوفة بالعودة إلى موطنه بالكوفة، وإلى الاستقرار في حلقات الفقه، لمواجهة القضايا الحديثة التي استحدثت في عصره، ولدراسة طرائق استنباط الأحكام.

وكان أبوه قد مات، وترك له بالكوفة متجراً كبيراً للحرير يُدرّ عليه ربحاً ضخماً؛ فرأى أبو حنيفة أن يشرك معه تاجر آخر؛ ليكون لديه من الوقت ما يكفي لطلب العلم وللتفقه في الدين ولإعمال الفكر في استنباط الأحكام.

في دروب المعرفة
ودرس على عدة شيوخ في مسجد الكوفة، ثم استقرّ عند شيخ واحد فلزمه؛ حتى إذا ما ألمّ بالشيخ ما جعله يغيب عن الكوفة، نصّب أبا حنيفة شيخاً على الحلقة حتى يعود.. وكانت نفس أبي حنيفة تنازعه أن يستقلّ هو بحلقة؛ ولكنه عندما جلس مكان أستاذه سُئِل في مسائل لم تَعرض له من قبل؛ فأجاب عليها وكانت ستين مسألة.

وعندما عاد شيخه عرض عليه الإجابات؛ فوافقه على أربعين، وخالفه في عشرين؛ فأقسم أبو حنيفة ألا يفارق شيخه حتى يموت.

ومات الشيخ وأبو حنيفة في الأربعين؛ فأصبح أبو حنيفة شيخاً للحلقة، وكان قد دارَسَ علماء آخرين في رحلات إلى البصرة، وإلى مكة والمدينة خلال الحج والزيارة، وأفاد من علمهم، وبادلهم الرأي، ونشأت بينه وبين بعضهم مودّات، كما انفجرت خصومات.

ووزع وقته بين التجارة والعلم، وأفادته التجارة في الفقه، ووضع أصول التعامل التجاري على أساس وطيد من الدين.

كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه هو مَثَلُه الأعلى في التجارة، وحُسن التعامل، والتقوى، والربح المعقول الذي يدفع شبهة الربا.

محنته بين الثورة والقضاء
عاش أبو حنيفة رضي اللّه عنه عصراً مليئاً بالمشاحنات والتيارات؛ فقد أدرك دولتي بني أمية وبني العباس، وكان موقفه واضحاً من كل ما يجري حوله.. وقد نال حظاً من بطش سلطاني الدولتين؛ فقد عذب في الأولى، حين امتنع عن معاونة عمر بن هبيرة -والي الأموّيين- في ترسيخ أركان الدولة الأموية التي لم يكن راضياً عن سياستها، وتعمية الناس عن تجاوزاتها؛ لكن ذلك لم يحمله على الخروج عليهم؛ برغم حبه، وإجلاله لآل بيت النبوة، ورغبته الداخلية في أن يكون آل محمد على رأس الدولة يقيمون حدود الله فيها؛ فأخذ بجريرة قلبه، وأشيع عنه أنه ثار مع الثائرين؛ فسُجن وعُذّب، ثم هرب ولجأ إلى مكة، واتخذها مقاماً ومستقراً له من سنة (130 - 136) للّهجرة؛ فعكف على الفقه والحديث يطلبهما بمكة التي ورثت علم ابن عباس رضي اللّه عنهما.

ولما استتبّ الأمر للعباسيين عاد إلى الكوفة وأعلن ولاءه لهم، وتابع حلقات درسه في مسجد الكوفة، واستمر على ولائه للدولة العباسية؛ إلا أنه على ما يظهر انتقد موقف الخليفة المنصور من بعض آل البيت من أبناء علي رضي اللّه عنه، وكان حول الخليفة كثيرون يحسدون أبا حنيفة -رضي اللّه عنه- ويوغرون صدر المنصور عليه؛ فكان أن عرض عليه الخليفة المنصور منصب القضاء امتحاناً لإخلاصه؛ فاعتذر الإمام عن قبول المنصب تحرّجاً من الوقوع في الإثم؛ لأنه يرى القضاء منصباً خطيراً لا تقوى نفسه على احتماله، وليس بسبب عدم رضاه عن أن يكون في حاشية السلطان الظالم، كما وشى به الوشاة؛ فتعرّض لمحنة قاسية بسبب رفضه؛ إذ وجد الخليفة المنصور الفرصة مواتية للنيل منه؛ فسُجن وعذّب، ثم أُخرج من السجن على أن يفتي؛ فكان يُرْجِعُ المسائل ولا يفتي فيها بشيء؛ فسُجن من جديد، ثم أُخرج ومُنع من الفتوى والناس والخروج من المنزل؛ فكانت تلك حاله إلى أن توفي رحمه اللّه سنة (150) للّهجرة على أصح الأقوال.

رحمة الله عليه
قيل: إنه مات مقتولاً بالسم في سجنه.. رحم الله الإمام؛ فقد ناله ما ناله من أجل إعلاء كلمة الحق، وتحمّل في سبيل الله فوق ما تحتمل الجبال الرواسي؛ فرضِيَ الله عنه وأرضاه، وألحقنا به على الخير، وبلغ علماءنا منه القدوة الصالحة الطيبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.