الكنيسة تحشد أصوات الأقباط.. والتيارات الإسلامية تكفِّر من لا يعطى صوته لها التصويت الطائفى يشعل نيران الفتنة فى الأوساط السياسية والمعارك الانتخابية
الإخوان والسلفيون وسلاح «التصويت من أجل الجنة»
مصدر مجهول يبعث برسائل نصية على هواتف الأقباط تطالبهم باختيار الكتلة المصرية والمرشح الليبرالى
المساجد كلمة السر لحشد الناخبين للتصويت للإسلاميين
«ياراجل عيب عليك.. المسيحى طلع يصوت لقايمة النصارى اطلع صوّت عشان نحافظ على الإسلام ويتقبلنا ربنا بالجنة».. من هذا المدخل الطائفى انهمر سيل دعاية التيارات الدينية مدعومة بفتاوى تكفر من يعطى صوته للكتلة المصرية، وتحشد أكبر قدر من الأصوات لصالح حزبى «النور، والحرية والعدالة».
كانت المساجد هى كلمة السر لحشد الناخبين للتصويت للإسلاميين، فقد حشد الإخوان أنصارهم من مساجد الأوقاف، والسلفيون حاربوا بسلاح مساجد الجمعية الشريعة، والجماعة الإسلامية فى مواجهة الكنائس والإبرشيات، ولم تنقطع مكبرات الصوت فى المساجد والزوايا والمساجد الأهلية ومساجد الجمعية الشريعة ومساجد أنصار السنة المحمدية، المنتشرة فى أرجاء المحافظات التسع التى جرت فيها المرحلة الأولى من الانتخابات، حيث استطاع الإخوان إقناع أئمة المساجد، أن حث الجماهير على التصويت للتيار الإسلامى من الضروريات، واستغلوا فتوى للمفتى وقالوا إن عدم المشاركة فى الانتخابات حرام شرعًا، وأن التصويت للإسلاميين هدفه إعلان الدولة الإسلامية فى مصر، خاصة أن الكنيسة تدعم الأقباط، والإبراشيات تحث الناخبين للتصويت لصالح حزب المصريين الأحرار، ومن ثم لا بد أن يهب الناخبون لنصرة الإسلام والمسلمين.
بينما اتجه السلفيون إلى مساجد الجمعية الشرعية عقب اتصالات مكثفة بين ياسر برهامى إمام الدعوة السلفية بالإسكندرية وبين الدكتور رضا الطيب الأمين العام للجمعية الشريعة، ولم ينس السلفيون الاستعانة بالواعظات المتنقبات فى حشد النساء ووصل الأمر إلى توزيع منشورات فى مساجد الجمعية الشرعية فى محافظة بورسعيد ترشدهم بضرورة التصويت للإسلاميين.
كما لجأت الجماعة الإسلامية إلى الاستعانة بمساجدها التى قامت باستردادها عقب الثورة خاصة فى الصعيد خاصة بمحافظة أسيوط، حيث اعتكف عصام دربالة وأنصاره من الجماعة الإسلامية داخل المسجد الكبير بميدان أم البطل، وقاد الغرفة المركزية للجماعة الإسلامية من داخل المسجد، ورفع أنصارهم شعارات «إسلامية إسلامية.. الله أكبر الله أكبر».
وفى هذا السياق رصدت الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية عضو الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات أن بعض أنصار حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفى بأسيوط قاموا بتكفير من يتوجه لانتخاب الكتلة المصرية، كما أشارت التقارير إلى أن استخدام الشعارات الدينية من قبل حزبى الحرية والعدالة والنور السلفي، وظهور صورة مزيفة للكتلة المصرية تحت مسمى «صوت الكنيسة المصرية.. صوتك لمن يرعى الصليب» على صفحات حزب النور على موقع التواصل الاجتماعى بمثابة تحريض على العنف.
ورصدت «الفجر» فى مدينة أسيوط قيام «الأخوات» بالمرور على منازل الفقراء بمنطقة زرزارة بغرب البلد «أفقر فقراء مصر» واستقطاب السيدات وابنائهم بسيارات تحمل شعار «توصيل الناخبين مجانًا»، فيما قام أعضاء الجماعة بتحفيزهم على الخروج لنصرة الإسلام فى ظل هجوم الالاف من المسيحيين على لجان الاقتراع منذ الصباح الباكر.
وفى مخالفة صريحة لقوانين الانتخاب اعترضت المتنقبات عندما رفض بعض القضاة السماح لهن بالإدلاء بأصوتهن إلا بعد كشف وجوههن، وأطلقن عبارات طائفية لإثارة الناخبين، ومنها «عايزينى أظهر وجهى عشان أصوت.. أنا مسلمة بحافظ على نقابى وعلى تعاليم دينى ومش هظهر وجهى ولو كانت المدنية التى تتحدثون عنها تخالف دينى مش عايزاها»، وهو ما دفع أهالى قرية «بنى مجد بمنفلوط» للتجمهر لفض اشتباك أحد القضاة وناخبة من المتنقبات، حيث تمكنت من الإدلاء بصوتها دون الكشف عن وجهها، بينما تمكن قاضٍ بقرية العتامنة بمركز منفلوط، وتحديدا فى اللجنة رقم 773 من الكشف عن متنقبة تقوم بالتصويت ببطاقات سيدات أخريات، وتقاعس القاضى فى تحرير محضر بالواقعة، حيث اكتفى بإخراجها من اللجنة بعد تدخل الأهالي.
فيما شهدت عملية التصويت مخالفات صارخة بقرى ديروط بعد اكتشاف متابعين ومراقبين- قيام بعض الموظفات من المنتميات للتيار الإسلامي- باستغلال البسطاء من لا يعرفون الكتابة والقراءة وكبار السن ودفعهن لاختيار قوائم الحرية والعدالة والسلفيين، ورصد المراقبون بأسيوط مئات المخالفات الخاصة باستغلال التيارات الدينية الدعاية خارج اللجان وداخل فناء المقرات.
فيما أكد مشروع «شارك وراقب» لمراقبة الانتخابات أن العملية الانتخابية بشكل عام شهدت تصويتا طائفيا لصالح مرشحى الحرية والعدالة والنور السلفى من قبل الجماعات الإسلامية، بينما شهدت شمال القاهرة وعدد من اللجان الانتخابية بالإسكندرية وأسيوط وبورسعيد تصويتا قبطيا لصالح مرشحى الكتلة المصرية.
تصويت قبطى لصالح مرشحى الكتلة المصرية تلقى غالبية الأقباط رسائل ليلة انتخابات مجلس الشعب عن المرحلة الاولى تطالبهم باختيار مرشحين ليبراليين بأعينهم والكتلة المصرية التى تضم الحزب المصرى الديمقراطى وحزب التجمع والمصريين الأحرار، وقد توجهت أصابع الاتهام لتشير الى قائمة النواب التى وضعها بعض الاساقفة فى الكنيسة القبطية وضمت عددا كبيرا من الاسماء فى كل دائرة على حدة، إلا أنه سرعان ما ثبت ضعف حجج الإدانة عليها وانكشفت خيوط الخطة السحرية التى شغلت الكثير من الباحثين الأقباط وعجزوا عن كشف حقيقة الرسائل الغامضة التى كانت تصل الأقباط على البريد الإليكترونى والجوال من خلال رسائل (S.M.S)، فقد كانت الرسائل تأتى مقرونة فى نهايتها بعبارة « mowatna..sh » وهى عبارة عن لجنة للبحث والتقصى داخل الكنائس تدعى لجنة المواطنة وهى لجان سرية، تنظم اجتماعاتها فى غرفة عمليات خاصة وتصدر توصياتها وتعليماتها للاعضاء بعيدا عن الأعين وهو ما يضفى عليها طابع الغموض.
يذكر أن تلك اللجنة أنشئت عقب الثورة مباشرة وبأوامر من الأنبا بولا أسقف طنطا ووكيل المجلس الإكليركى الذى كلف عددا من القساوسة والخدام المكرسين بعمل قاعدة بيانات كاملة عن الاقباط فى كل إيبارشية تمهيدا لتأسيس لوبى قوى يكون قادرا على التأثير فى الانتخابات وهو ما حدث بالفعل.
وقامت لجان المواطنة المشكلة بإرسال تعليماتها للأقباط قبل لانتخابات مباشرة من خلال رسائل نصية تطالبهم بإنجاح بعض المرشحين والتصويت لهم، وهو ما فسره أنصار الأحزاب ذات الصبغة الاسلامية باستخدام الأقباط للكنائس ودور العبادة فى الدعاية الانتخابية، وذلك بتوجيه تعليمات للأقباط على مستوى الجمهورية من خلال الإيبارشيات والكنائس المختلفة بالدوائر بإعطاء أصواتهم لصالح مرشحين قائمة الكتلة المصرية بالإضافة لإرسالها رسائل بريدية لمواطنين على عناوين منازلهم للتصويت لصالح «العين» وهى الرمز الانتخابى لقائمة الكتلة المصرية، و«الخاتم» رمز حزب المصريين الأحرار.
وفى حين يستبعد البعض دعم الكنيسة لمرشحين بأعينهم يرى عدد من المراقبين عكس ذلك بدليل أن دعم الكنيسة بحسب تفسيرهم اقتصر على قوائم الكتلة المصرية بعينها دون «ائتلاف الثورة مستمرة» وهى القائمة الأخرى الوحيدة غير الإسلامية، لأسباب أولها أن ائتلاف الثورة مستمرة لم يضم على قوائمه سوى قبطيين أحدهما على قوائم انتخابات مجلس الشعب، والأخرى سيدة على قوائم الائتلاف فى انتخابات الشورى بالفيوم، أضف إلى هذا أن «الثورة مستمرة» يضم «حزب التيار المصري»، وهو حزب شباب الإخوان المسلمين المنشقين عن الجماعة، كما أن قوائم الثورة مستمرة احتوت على عدد كبير من شباب الإخوان على رءوس القوائم، خاصة فى دائرة شرق القاهرة.
من ناحية أخرى فإن دعم الكنيسة للأفراد المستقلين جاء بناء على عدة معايير من بينها مواقفهم السابقة من حيث مساندتهم للكنيسة بغض النظر عن كونهم من المسلمين أو الأقباط، بالإضافة إلى عدد من اليساريين والليبراليين الذين يؤيدون الدولة المدنية، أو رجال الأعمال من أصحاب العلاقات الطيبة مع الكنيسة.
وقد دعمت الكنيسة على الفردى 5 أقباط فقط هم جورج إسحاق فى بورسعيد وجون طلعت فى شبرا وسمير عجايبى فى البحر الأحمر، كما اختارت دعم حيدر بغدادى عن دائرة منشأة ناصر فى الدائرة السابعة وذلك لوقوفه بجانب الكنيسة فى أزمتها مع محافظ القاهرة الس ابق الدكتور عبد العظيم وزير إزاء قراره بإخلاء دير الأنبا سمعان لوجوده فى منطقة خطرة، كما دعمت طارق طلعت مصطفى بالإسكندرية بالإضافة إلى الحقوقى ناصر أمين بالدائرة التاسعة بالقاهرة، فضلا عن البدرى فرغلى فى بورسعيد
فاطمة الزهراء محمد شيماء جلال - جمال جورج- خالد العسقلانى