باريس (رويترز) - مثل ستة قراصنة صوماليين اعتقلتهم قوات فرنسية خاصة عام 2008 أمام محكمة في باريس يوم الثلاثاء بتهمة التورط في خطف قارب للنزهة في خليج عدن في ذلك العام وخطف اثنين من الرعايا الفرنسيين. والمحاكمة هي الاولى من أربع محاكمات ستجرى في فرنسا لمحاولة زيادة عدد القراصنة الصوماليين الذين يقدمون الى العدالة وحل مشكلة حولت المياه المقابلة لمنطقة القرن الافريقي الى واحد من أخطر المسطحات المائية في العالم.
وتكثر عمليات القرصنة في المياه المقابلة لسواحل الصومال ولا يزال المجتمع الدولي عاجزا عن الحركة.
وتشير بيانات قوة العمل التابعة للاتحاد الاوروبي الخاصة بمتابعة القرصنة الى أن القراصنة يحتجزون حاليا 243 رهينة وعشر سفن في الاجمالي من أجل الحصول على فدى تبلغ ملايين الدولارات.
وذكر جاك لانج مستشار الاممالمتحدة الخاص السابق لشؤون القرصنة أن نحو 90 في المئة من القراصنة الذين يعتقلون يطلق سراحهم لعدم وجود مكان لمحاكمتهم.
ويفتقر الصومال الى أي بنية أساسية قانونية بينما رفضت دول أخرى أن تتولى أمر أي مساجين لان نظامها القضائي مثقل بالفعل بأعباء تفوق طاقته.
وقال لانج الذي كان يتولى سابقا منصب وزير الثقافة في فرنسا لرويترز "علينا أن نحارب هذا الشعور بالحصانة.. يجب أن يعرف القراصنة أنهم اذا اعتقلوا فسيحاكمون."
وتتراوح أعمار الرجال الستة الذين يحاكمون في باريس بين 21 و36 عاما وهم يواجهون احتمال الحكم عليهم بالسجن مدى الحياة اذا أدينوا بخطف القارب (كاريه داس) في سبتمبر أيلول 2008 واحتجاز جان ايف دولان وزوجته برناديت عشرة ايام للحصول على فدية الى أن تمكن كوماندوس فرنسيون من انقاذهما. ويتوقع أن تستمر المحاكمة حتى مطلع ديسمبر كانون الاول.
وطالب القراصنة في أول الامر بفدية تبلغ أربعة ملايين دولار لكنهم خفضوها بعد ذلك الى مليوني دولار وطالبوا بالافراج عن ستة قراصنة آخرين محتجزين في باريس.
وينتظر 22 صوماليا في الاجمالي المحاكمة في فرنسا بتهمة الهجوم على سفن فرنسية بالقرب من القرن الافريقي.
واعترف بعض الذين مثلوا أمام المحكمة يوم الثلاثاء بارتكاب الجريمة بينما يقول اخرون ان عصابات اجرامية أجبرتهم على تنفيذ الخطف.
وظهر العديد من العصابات الاجرامية في الصومال بعد حرب أهلية استمرت 20 عاما وأدت الى انعدام سلطة القانون على نطاق واسع.
وقال محامي الدفاع جوستاف شارفيه لرويترز "في الصومال السكان وراءهم صحراء من الحجارة وأمامهم بحر تنهبه سفن على متنها مصانع لتجهيز الاسماك وتلوثه كل أنواع النفايات. لم يعد هناك دولة. هم يعرفون أنهم يرتكبون خطأ لكن ليس لديهم خيار آخر."
ويرجع عجز المجتمع الدولي عن وقف القرصنة في أحيان كثيرة الى عدم قدرته على تقديم الجناة الى العدالة حتى بعد اعتقالهم.
وتشير بيانات قوة العمل الخاصة بمكافحة القرصنة التابعة للاتحاد الاوروبي الى أن العام الجاري شهد 165 محاولة هجوم أسفر 24 منها بالفعل عن خطف سفن.
وتوضح البيانات أنه لم تصدر أحكام بالادانة الا على 56 قرصانا حتى الان وكانت ادانة أحدث 11 منهم في محاكمة في سيشل بينما ما زال 55 قرصانا ينتظرون المحاكمة.
وبذلت دول مثل كينيا وسيشل جهودا كبيرة لتقديم الجناة الى المحاكمة. ففي أكتوبر تشرين الاول نفذت كينيا هجوما على جنوب الصومال في أعقاب موجة من خطف الاجانب في أراضيها لمحاولة تأمين حدودها التي يسهل اختراقها من متمردي جركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.
لكن لانج الذي انتهى في مايو ايار التفويض الصادر له كمستشار خاص لشؤون القرصنة ذكر أن مجلس الامن الدولي يتعين أن يمضي قدما في تنفيذ قراره الصادر في أبريل نيسان والذي دعا الى انشاء محاكم خاصة لمحاكمة القراصنة الصوماليين الذين يعتقلون.
وكان لانج أوصى في تقرير لمجلس الامن في يناير كانون الثاني بانشاء محاكم متخصصة في جيبي أرض الصومال وبلاد بونت بشمال الصومال وفي أروشا بتنزانيا التي ينظر اليها على أنها أكثر استقرارا من الصومال نفسه.
وقال لانج يوم الثلاثاء انه حث بان جي مون الامين العام للامم المتحدة في الآونة الاخيرة على تعيين مفوض سام مكلف بمهمة مكافحة القرصنة بهدف تعبئة المجتمع الدولي وتنفيذ قرار الاممالمتحدة الجديد.
وأضاف "لا يمكن إلا لحل صومالي ينفذ في اطار اتفاق دولي أن يضمن بالفعل تقديم القراصنة للمحاكمة على نحو أكثر فعالية."