نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية صورة غريبة لمجموعة من اليهود المتدينين وهم يستحمّون بأحد شواطئ بات يام بتل أبيب، ويضعون حول أنفسهم عوّامات طفو، الصورة التي تبدو مضحكة لكل من يراها بالعالم العربي يقف وراءها سر خطير ربما لا يعرفه أحد عن المجتمع الديني في إسرائيل. "مواطنو بات يام من اليهود المتدينين الحريديم -طائفة يمينية متشددة- يقضون عطلتهم من الدراسات الدينية في أحد الشواطئ المخصصة للرجال"، هذا كان تعليق يديعوت أحرونوت على الصورة التي أوردتها في قسم (صورة اليوم) بالصحيفة العبرية، وقامت بالتقاطها وكالة الأنباء الفرنسية.
"الشواطي المعزولة" هو حلّ اللغز وراء تلك الصورة المثيرة للسخرية، تلك الشواطئ ووفقا للقانون الإسرائيلي الخاص بتنظيم أماكن الاستحمام والصادر عام 1964 ينص على تخصيص أماكن لاستحمام الرجال المتدينين فقط، ونفس الشيء بالنسبة للنساء المتدينات؛ وذلك بسبب اعتقاد هؤلاء وهؤلاء أن الشريعة اليهودية تمنع عليهم الاستحمام في نهر أو بحيرة أو حمام سباحة مشترك من الذكور والإناث.
قائمة الشواطئ المعزولة في إسرائيل طويلة، لكن تأتي على رأسها شواطئ في كل من مدن أشدود وأشكلون وبات يام وجوش قاطيف بإسرائيل، وهي الشواطئ التي يتم عزلها بسياج منيع بعيدا عن الشواطئ الأخرى المختلطة بجانبها، والتي يستحمّ فيها الذكور والإناث من غير المتشددين.
لكن سياسة الفصل بين الذكور والإناث عند الحريديم أو المتشددين اليهود لم تتوقف عند الشواطئ المعزولة، بل إن تلك تعد أحدث القصص؛ ففي السادس من يناير الماضي -على سبيل المثال- قضت المحكمة الإسرائيلية العليا بقرار يُسمح فيه بالفصل بين الجنسين الذكور والإناث في الأتوبيسات العامة العاملة على خطوط نقل الركاب بين المجمعات السكنية للحريديم، لكن المحكمة اشترطت أن يجرى ذلك بموافقة سكان تلك المجمعات أنفسهم، وقررت المحكمة الإسرائيلية الفصل نهائيا بين الجنسين بعد فترة تجريبية مدتها عام يجرى خلالها التفريق بين ركاب الحافلات على خط معين واحد.
وتجدر الإشارة إلى أن المتدينين المتشددين اليهود يحرّمون على الرجال لمس النساء باستثناء زوجاتهم، وكانت إحدى شركات النقل قد أصدرت تعليمات بأن تحتلّ النساء المقاعد في الجزء الخلفي للحافلات في خطين يربطان بين المجمعات السكنية للحريديم، إلا أن هذا القرار أثار غضب نشطاء الجماعات الحقوقية والحركات النسائية الذين توجّهوا للمحكمة العليا طالبين إلغاءه