توافد كثيف للناخبين على لجان الجيزة للإدلاء بأصواتهم في انتخابات إعادة الدوائر ال19 الملغاة    رئيس جامعة دمياط يتفقد امتحانات ثلاث كليات    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    محافظ دمياط يتفقد مبادرة تشجير رأس البر    مجموعات مسلحة تطلق النار على قوات الأمن في اللاذقية السورية    رئيس وزراء بولندا: وجود ضمانات أمنية ملموسة لأوكرانيا تعني بولندا أكثر أمانًا    كأس أمم أفريقيا.. موزمبيق يفوز على الجابون بثلاثة أهداف لهدفين    ميلان يضرب بقوة ويكتسح فيرونا بثلاثية نظيفة في الكالتشيو    حبس 4 متهمين اقتحموا مقهى بقرية الدير بطوخ بأنبوبة غاز 4 أيام    الأردن: إحباط تهريب 138 ألف حبة مخدرة في المنطقة الحرة السورية الأردنية ومنطقة صحراوية    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    نجوم الفن يشيعون جثمان المخرج داود عبد السيد.. صور    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    تشييع جثمان دقدق من المرج بعد صلاة المغرب    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    تكثيف حملات النظافة حول الكنائس بالشرقية    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    نائب محافظ الدقهلية يتفقد مشروعات الخطة الاستثمارية بمركز ومدينة شربين    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    انطلاق أعمال لجنة اختيار قيادات الإدارات التعليمية بالقليوبية    وزيرا خارجية تايلاند وكمبوديا يصلان إلى الصين لإجراء محادثات    تأجيل تصوير مسلسل «قتل اختياري» بعد موسم رمضان 2026    أكرم القصاص للأحزاب الجديدة: البناء يبدأ من القاعدة ووسائل التواصل نافذة التغيير    من مستشفيات ألمانيا إلى الوفاة، تفاصيل رحلة علاج مطرب المهرجانات "دقدق"    عاجل- هزة أرضية عنيفة تهز تايوان وتؤدي لانقطاع الكهرباء دون خسائر بشرية    صعود مؤشرات البورصة بختام تعاملات جلسة بداية الأسبوع    بابا لعمرو دياب تضرب رقما قياسيا وتتخطى ال 200 مليون مشاهدة    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    وليد الركراكي: أشرف حكيمي مثل محمد صلاح لا أحد يمكنه الاستغناء عنهما    الزمالك يصل ملعب مباراته أمام بلدية المحلة    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حينما نزل الغيث ؟!    وزارة الصحة: غلق مصحة غير مرخصة بالمريوطية وإحالة القائمين عليها للنيابة    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    وصول جثمان المخرج داوود عبدالسيد إلى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    «ليمتلس ناتشورالز» تعزز ريادتها في مجال صحة العظام ببروتوكول تعاون مع «الجمعية المصرية لمناظير المفاصل»    ولادة عسيرة للاستحقاقات الدستورية العراقية قبيل عقد أولى جلسات البرلمان الجديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    وزير الصناعة يزور مقر سلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي ويشهد توقيع عدد من الاتفاقيات    مد غزة ب7400 طن مساعدات و42 ألف بطانية ضمن قافلة زاد العزة ال103    أحمد سامي: تعرضت لضغوطات كبيرة في الاتحاد بسبب الظروف الصعبة    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    كيف ينتج تنظيم الإخوان ازدواجيته.. ثم يخفيها وينكرها؟    إصابة شخصان إثر تصادم ميكروباص مع توك توك بقنا    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة «إفلاس مصر» من واشنطن للمجلس العسكرى
نشر في الفجر يوم 19 - 10 - 2011


قرض صندوق النقد لم ينتظر طويلاً

أزمة «إفلاس مصر» من واشنطن للمجلس العسكرى

■ خلاف بين الببلاوى والبنك المركزى بسبب تصريحه عن أزمة الكاش


حتى فى أسوأ كوابيسه لم يتصور الدكتور حازم الببلاوى أن تتدهور الاوضاع فى وزارته بهذه السرعة. كان قبوله المنصب مخاطرة لابد منها، فبعد تغريبة طويلة عن الوطن عاد أحد أهم مفكرى الاقتصاد الى العمل التنفيذى.. عاد فى الوقت شبه الضائع، كان عليه أن يقبل منصب نائب رئيس الوزراء فقط، وان يبحث عن مجموعة وزارية اقتصادية أو مجموعة من الفدائيين، وفشل الدكتور الببلاوى فى مهمته، واضطر الى تولى حقيبة المالية وتولى النائب الاخر لرئيس الحكومة الدكتور على السلمى وزارة الاستثمار، ولم يعد لمسمى نائب رئيس الحكومة معنى تنسيقى أو تنفيذى، لكنه صار مجرد نوع من التكريم الأدبى لرجل من كبار مفكرى الاقتصاد يعمل مع رئيس حكومة فى سن تلاميذه.
يبدو أن تزايد المشكلات الاقتصادية قد داهمته. وأوقعته فى المحظور وأدخلته حلقة الازمات، أهم أزمة واجهها الدكتور الببلاوى كانت تصريحه فى واشنطن بأن مصر فى حاجة إلى سيولة نقدية عاجلة «كاش». ولم يلق تصريح الببلاوى قبولا فى اوساط الحكومة والبنك المركزى، فهو تصريح خطير وغبر مقبول من وزير مالية مصر.
ولم يمح أثر هذا الكلام تصريح الببلاوى فى الصحف المصرية بأن مصر لم تفلس، لأن تصريح واشنطن بأن مصر فى حاجة لكاش عاجل يعنى ببساطة أن مصر على وشك الإفلاس.
دوليا وعلميا فإن إفلاس اى دولة يعنى عدم قدرتها على سداد مديونياتها الخارجية. وهذا ما تواجهه دول أوروبية مثل اليونان.. يبدأ شبح الإفلاس يواجه دولة عندما يحين موعد سداد دين خارجى، وتعجز الدولة على سداد الدين، وتضطر الى طلب جدولة الدين بفوائد جديدة، وتدخل الدولة المرحلة الثانية من طريق الافلاس عندما ترفض الجهات الدائنة جدولة الدين لعدم الثقة فى اقتصاد البلد.
ديون مصر الخارجية لاتمثل سوى أقل من 10% من حجم الدين العام. وبقية الدين هو دين داخلى يسدد بالجنيه المصرى، ويمثل الدين الخارجى لمصر أقل من 15% من الناتج الاجمالى. وهناك ميزة إضافية فى الديون الخارجية لمصر، فهى ديون مجدولة على سنوات طويلة تصل لعشرين عاما.
ولذلك فقد أخطأ المفكر الاقتصادى الدكتور الببلاوى عندما استخدم تعبيراً صادما مثل حاجة مصر الى سيولة عاجلة.
ويضاعف من حجم الخطأ أن هذا التعبير صدر من وزير المالية وفى اجتماعات صندوق النقد بواشنطن، هذا التصريح ممكن أن يصدر عن سياسى مثل الدكتور محمد البرادعى أو صحفية مثلي، لأنه فى هذه الحالة يهدف الى تنبيه المجتمع الى مخاطر تدنى الانتاج أو استمرار الاضطرابات.. تعبير إفلاس مصر بالنسبة للبرادعى وللصحفيين هو تعبير أدبى مجازى وتحذيري، لكن حين يصدر هذا التعبير من وزير المالية فهو كارثة.
وقد تسبب هذا التصريح فى ازمة مكتومة بين الببلاوى وقيادات البنك المركزى من ناحية. وبينه وبين وزراء بحكومة شرف من ناحية أخري، وبحسب مصادرنا فإن المجلس الاعلى للقوات المسلحة لم يعجبه هذه التصريحات.
ورغم هذا الخلاف فإن هناك اتفاقاً بين جميع الاطراف ان مصر تعانى أزمة اقتصادية طاحنة، ومكمن الخطورة لا يأتى من عجز مصر عن سداد المديونية الخارجية، لكنه يأتى من دخول مصر دوامة التضخم اللعينة.
فمع استمرار الإضرابات والاعتصامات وانخفاض مستويات الإنتاج ستحدث ظاهرة مزدوجة، فسيقل المعروض من المنتجات والسلع وينخفض فى الوقت نفسه عائدات مصر المالية، ولمواجهة هذه الحالة يلجأ البنك المركزى الى ظاهرة طبع البنكنوت. ومن هنا تبدأ مصر بالدخول فى دوامة التضخم الجهنمية.. ترتفع اسعار السلع ارتفاعات جنونية، فالفلوس موجودة ولكن السلع غير موجودة.. وهذا الوضع عرفته دول عديدة مثل ايطاليا والمكسيك، فى هذه الحالة قد يصل سعر كيلو الطماطم الى مائة جنيه، وتفقد الفلوس قيمتها، وفى بعض دول امريكا اللاتينية اضطرت البنوك المركزية لطبع فئات اكبر من العملة لمواجهة الظاهرة، لان فئات المئات من العملة المحلية لم تعد تكفى لشراء الدقيق أو الخضراوات. أو لتوفير وجبة غداء أو عشاء لأسرة متوسطة العدد.
ومن وجهة نظر البنك المركزى فإن هذا الوضع هو الخطر الاقتصادى الحقيقى الذى قد تواجهه مصر، لذلك فإن الدعوة الى عودة مستويات الانتاج الى معدلاتها الطبيعية هى المدخل الرئيسى وربما الوحيد لإنقاذ الاقتصاد المصري.
ولذلك كانت اللقاءات المشتركة التى جمعت قيادات بالبنك مع الببلاوى محفوفة بالخلافات، فالببلاوى يركز على قيمة الاحتياطى النقدى فى البنك المركزي، ولا يوجه المناقشات الى خطط عاجلة وقصيرة الاجل لرفع مستويات الانتاج الى معدلات أكبر، لم يطلب وزير المالية دعم البنوك للمصانع المتعثرة، أو ضخ استثمارات جديدة فى مشروعات جديدة محلية، فالاجانب لم يأتوا الآن.
الخلاف الآخر أو بالاحرى الخطأ الآخر للدكتور الببلاوى هو ثقته المطلقة فى مساعدات دول الخليج.. راهن الببلاوى على شبكة علاقاته بكبار الاقتصاديين والمسئولين فى دول الخليج.. ولم يتصور أن أحكام السياسة أقوى من روابط الصداقة فى الفكر، وقد أدى هذا الإيمان الى ارتكان الدكتور الببلاوى على وعود خليجية عائمة، وتسرع الببلاوى بالإعلان عن منح عاجلة خليجية قبل التوثق من قدوم هذه المساعدات لدعم الاقتصاد.
رغم محنة الاقتصاد الآن إلا أن هناك حلولاً لاتزال تبحث عن التطبيق، ومن بين هذه الحلول تنفيذ مشروع وزيرة التعاون الدولى فايزة أبوالنجا بإصدار سندات للمصريين فى الخارج.
وفى هذا الاقتراح لا تطلب مصر دعماً أو تبرعات من المصريين بالخارج.. ولكنها تطلب منهم شراء سندات مصرية بفوائد كبرى (14%).. ويوفر تفعيل هذا المشروع نحو 4 مليارات دولار للاقتصاد المصري. (24 مليار جنيه مصري).
ويمثل قرض صندوق النقد الدولى حلا آخر وبديلا أفضل من الاقتراض الداخلي. وكانت مصر قد انهت شروط الحصول على قرض ب3 مليارات دولار(18 مليار جنيه ) بشروط ميسرة وفائدة صغيرة، ولكن اولى الامر رفضوا اتمام الصفقة فى اللحظة الاخيرة، ولابد من إعادة النظر فى قبول القرض، بل الاسراع فيه.. فهناك مشاكل دولية فى منطقة اليوور أوروبا قد تخطف الاهتمام من مشاكل مصر ومنطقة الربيع العربى كلها).
محليا لايزال أمام مصر فرص لحل الازمة، إعادة النظر فى الموازنة وبعض بنودها لا تزال الموازنة المصرية تعطى نحو 50 مليار جنيه لدعم المواد البترولية للمصانع، لكن هذا الدعم لم يمنع رجال الاعمال من رفع أسعار منتجاتهم ومعاملة المواطن المصرى بالسعر العالمي.. من الممكن الحفاظ على دعم الصادرات، بشرط توجيهه للشركات الصغيرة والمتوسطة فقط، فالشركات الكبرى تستطيع تحمل أعباء دفع عجلة الصادرات.
وقد رفض وزير المالية الدكتور الببلاوى هذا الحل، وسار على نمط سلفه الدكتور سمير رضوان، وهو رفض غير مبرر، ولا يمكن قبوله.. فهذه المليارات يجب ان توجه لرفع اجور الموظفين وتلبيه المطالب الفئوية، ولكن الدكتور الببلاوى الحائر بين أفكاره الاقتصادية والازمة الاقتصادية يبدو متخبطا.
ولعل أكبر مثال على تخبطه هو تصريحاته حول الضريبة العقارية، فقد اعلن الببلاوى انه سيرفع حد الاعفاء الضريبى الى 3 ملايين جنيه، وهو تصريح كارثي، فوزير المالية اعتبر ان كل من يملك شقة أو بالاحرى فيللا ب3 ملايين جنيه يستحق الاعفاء. لم يسأل وزير المالية نفسه اسئلة من نوع إذا كان من يملك شقة ب3 ملايين جنيه فقيراً يستحق الاعفاء.. فماذا نطلق على المواطن الذى يملك شقة ب300 ألف جنيه؟ والاهم وما حجم الاعفاءات التى يجب ان تقدم لهذا المواطن؟ وما هو حجم الدعم الذى يجب أن تقدمه حكومة الببلاوى لهذا المواطن؟
لم يهتم الدكتور الببلاوى بالاجابة عن هذه الاسئلة لانه بصراحة وعلى «بلاطة» يطلق تصريحاته قبل أن يفكر فيها. . وتصريحاته قابلة دوما للنفى والتراجع والالغاء، بداية من تصريح مصر فى حاجة الى «كاش» عاجل، مرورا بتصريح الضرائب العقارية، وانتهاء بتصريح زيادة المعاشات ب10%. وقد نفى الببلاوى هذا التصريح قبل مرور 24 ساعة من صدور بيان رسمى به.
لا يعرف الدكتور الببلاوى أن الله خلق الإنسان بأذنين ولسان واحد، لان الانسان يجب أن يستمع أكثر مما يتكلم، ويفكر بالطبع قبل ان يتكلم، وربما لو أمعن الدكتور الببلاوى التفكير فى ملفاته لما وصلت مصر لمرحلة أزمة السيولة ولما قال إن مصر فى حاجة الى كاش عاجل. بصراحة مصر فى حاجة الى وزير مالية بشكل عاجل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.