مر ما يزيد عن الأربعين يوما وما زال الأردنيون يتوافدون الى مسرح 'الكونكورد' في العاصمة عمان لمشاهدة مسرحية 'الآن فهمتكم' بطولة الفنان الكوميدي موسى حجازين واخراج محمد الضمور، ولرؤية صورة الديكتاتور العربي وهو في حالة تعر يحمل تماثيله على ظهره ويخرج من منزله بعد أن عاث استبدادا في أهل بيته. مسرحية 'الآن فهمتكم' التي كتب نصها الكاتب الساخر أحمد حسن الزعبي واستطاع من خلال تجربته الأولى في النص المسرحي أن يعيد حجازين على خشبة المسرح بعد انقطاع قارب الخمس سنوات، تجاوزت خطوطا حمراء لم يتطرق لها المسرح الأردني سابقا، وعكست ما يدور ببال الأردنيين بلغة بسيطة وبلهجة محكية، فصاح حجازين تكرارا 'باعوها باعوها' وهو يبوح لأخيه المغترب عن خصخصة مؤسسات الوطن والتعدي على المال العام، وحين كان يسأل الأخ المغترب حجازين 'مين اللي باعوها'، كان يكتفي حجازين الذي جسد دور أبو صقر بالاشارة والتمتمة بأحرف غير مفهومة. استطاع الثلاثي حجازين والضمور والزعبي بمشاهد المسرحية الأربعة التطرق الى أهم القضايا المفصلية في الأردن والمطالب التي يصرخ بها الشارع منذ بدء عام 2011، ابتداء من التدخلات الأمنية في الحياة العامة مرورا بالطريقة التي يشكل خلالها الفريق الوزاري بطريقة أشبه ب 'اليانصيب الخيري' التي لا تشترط بالوزير الا أن يكون وزيرا سابقا أو ابن وزير أو أمه كانت وزيرة، انتقالا بالحديث عن الاقليمية وتوجيه أصابع الاتهام الى الحكومات باثارة تلك النزعات واستخدامها كورقة رابحة متى شاءت. كما باح حجازين عن وجع الوطن قائلا 'اعيدوا لنا قلوبنا التي قسَتها الحكومات .. سامحونا فقد اصبح الوطن عبارة عن شقف وكل واحد منا صار يشعر أنه شقفة.. الوطن صار كالخبز فالكل يحلف عليه والكل يأكلهّ!!'. وعلى الرغم من أن المسرحية تطرقت لعدد كبير من القضايا الأردينة الا أنها استشرفت بصورة عامة حالة الديكتاتور ابتداء من رب الأسرة وصولا الى الحاكم المستبد، فالنص ولد من رحم الياسمين الذي أزهر في الدول العربية، يقول الزعبي 'من كتب النص هم 300 مليون عربي لم يقفوا على منصات التنظير ولم يكن همهم التسابق للظهور على شاشات التلفاز، من كتب النص 300 مليون عربي يحلمون ويحاربون من أجل الحرية، كما أن المسرحية جزء من الاصلاح السياسي والاصلاح المسرحي والثقافي'. أغلق فريق عمل 'الآن فهمتكم' الباب على نفسه طوال فترة التحضير للمسرحية حتى لا تزعجهم أقلام بعض المتبرعين بكتابة التقارير، وحتى لا ينغص ابداعهم هاتف يطلب حذف جملة أو تبديل عبارة أو تجنب ذكر ذلك الموضوع أو تلك القضية، ولم يفتحوا الباب الا يوم العرض الأول في أواخر شهر أب، وحتى الآن لم يتعرض فريق العمل الى أي مضايقات أو اتصالات تطلب الكف عن الحديث بقضية ما. ويشارك حجازين في التمثيل جورج حجازين، معتصم فحماوي، غازي قارصلي، أريج دبابنة، خلدون حجازين، حنين، بتول الضمور، محمد الصبيحي، غيث الفاعوري، ومحمد السوالقة الذي كان مهندسا للديكور أيضا. عاد حجازين بنص متماسك لم يطله مقص الرقيب وبحركات رشيقة على المسرح، وبصوت حنون دندن 'وين زلام الدار؟!'، ليزهر الربيع العربي على المسرح الأردني. صحافية اردنية