تشهد محافظة بني سويف منذ أيام أزمة مرورية حادة بعد قرار نقل موقف الواسطى من موقعه القديم إلى المنطقة الجديدة أسفل كوبري عدلي منصور، وهو القرار الذي أثار حالة من الاستياء والغضب بين المواطنين والسائقين على حد سواء، نتيجة ما وصفوه ب"سوء التخطيط" و"عدم تهيئة المكان لاستقبال الأعداد الكبيرة من الركاب والسيارات". موقف عدلي منصور أرقام تكشف حجم الأزمة وفقًا لتقديرات محلية، يبلغ عدد سكان محافظة بني سويف أكثر من 3.6 مليون نسمة، يعتمد نحو 60% منهم على وسائل النقل العام والميكروباصات في تنقلاتهم اليومية بين المراكز السبع للمحافظة. كما يضم نطاق جامعة بني سويف وشرق النيل أكثر من 65 ألف طالب وطالبة، يأتي ما يقارب 20 ألفًا منهم من مراكز الواسطي وناصر وإهناسيا، وهي المناطق الأكثر تضررًا من قرار نقل الموقف.
زحام واختناقات مرورية: منذ اليوم الأول لتطبيق القرار، شهدت شوارع مدينة بني سويف – خاصة منطقة الكورنيش وشارع صلاح سالم – ازدحامًا غير مسبوق، حيث اضطر السائقون إلى السير لمسافات طويلة للوصول إلى الموقف الجديد، ما تسبب في اختناقات مرورية متكررة، خصوصًا في أوقات الذروة الصباحية والظهرية. وقال أحد السائقين: "نقطة عدلي منصور بعيدة عن قلب المدينة، والطرق المؤدية إليها غير ممهدة بشكل كافٍ، مما يضيع وقتنا ويزيد من تكلفة البنزين." موقف عدلي منصور المواطنون يشكون بعد المسافة وصعوبة الوصول من جانبهم، أعرب عدد من المواطنين عن غضبهم من القرار المفاجئ، مؤكدين أن نقل الموقف زاد من معاناتهم اليومية، خاصة كبار السن والطلاب والموظفين الذين يعتمدون على خطوط الواسطي بشكل أساسي. تقول "أم محمود " – إحدى الركاب الدائمات –: "كنا نركب من الموقف القديم في دقائق، أما الآن فنحتاج ميكروباص آخر للوصول لموقف عدلي منصور، يعني مشوارنا اتضاعف ومصاريفنا كمان." تأثير الأزمة على طلاب الجامعة والموظفين. الأزمة لم تتوقف عند حدود الزحام فقط، بل امتدت لتؤثر بشكل مباشر على حركة الطلاب والموظفين الذين يعتمدون على مواصلات الواسطي بشكل يومي. فقد اشتكى طلاب جامعة بني سويف من تأخرهم عن المحاضرات بسبب طول المسافة من أماكن سكنهم إلى الموقف الجديد، إلى جانب صعوبة إيجاد مواصلات في الصباح الباكر. وقالت "مي عبد الرحمن"، طالبة بكلية التربية: "بقينا نخرج قبل ساعتين من ميعاد المحاضرة علشان نلحق المواصلات، والموضوع مرهق جدًا." أما الموظفون، فأكدوا أن الأزمة تسببت في تأخيرهم عن أعمالهم وزيادة العبء المالي عليهم، خاصة مع اضطرارهم لاستخدام وسيلتين أو ثلاث للوصول إلى أماكن عملهم. وطالبوا المحافظ بسرعة إيجاد حل عملي مثل تشغيل خطوط داخلية تربط الموقف الجديد بالميادين الرئيسية في المدينة لتخفيف الضغط اليومي عن المواطنين. معاناة طلاب جامعة شرق النيل.. رحلة يومية من العذاب. لم يسلم طلاب جامعة شرق النيل من تداعيات أزمة المواصلات بعد نقل موقف الواسطى إلى كوبري عدلي منصور، حيث تحولت رحلتهم اليومية من وإلى الجامعة إلى معاناة حقيقية. تشير التقديرات المحلية إلى أن أكثر من 8 آلاف طالب وطالبة من المقيمين في مراكز الواسطي وناصر وإهناسيا يتأثرون يوميًا بهذا القرار، إذ يضطر أغلبهم إلى قطع مسافة تتجاوز 20 كيلومترًا للوصول إلى الجامعة، باستخدام ما لا يقل عن 3 وسائل مواصلات متتالية. وقالت "سارة محمود" – طالبة بكلية التجارة –: "الموقف الجديد بعيد جدًا، بنركب من الواسطي لبني سويف، وبعدها تاكسي أو توك توك لحد الموقف، وبعدين ميكروباص تاني لشرق النيل. المواصلات بقت مرهقة ومكلفة جدًا." كما أوضح عدد من طلاب الاتحاد أن نسبة التأخير عن المحاضرات العملية ارتفعت بأكثر من 40% خلال الأسبوع الأول من تطبيق القرار، مطالبين بضرورة توفير خط مباشر من الموقف الجديد إلى جامعة شرق النيل أو تخصيص أوتوبيسات جامعية بأسعار رمزية لتخفيف العبء عنهم. استغلال سائقي التاكسي ورفع الأجرة بشكل مبالغ فيه مع تفاقم أزمة المواصلات في بني سويف عقب نقل موقف الواسطى إلى كوبري عدلي منصور، ظهرت ظاهرة جديدة من الاستغلال تمثلت في قيام عدد من سائقي التاكسي والميكروباصات الصغيرة برفع الأجرة بشكل غير رسمي، مستغلين حاجة المواطنين وسوء توافر المواصلات العامة في بعض المناطق. وأكد عدد من الأهالي أن تعريفة التاكسي من وسط المدينة إلى الموقف الجديد ارتفعت من 10 جنيهات إلى ما بين 25 و30 جنيهًا في بعض الأوقات، بينما يبرر السائقون ذلك ب"زيادة المسافة وازدحام الطرق". وقال أحد المواطنين غاضبًا: "الناس مش لاقية تركب، والسواقين بيستغلوا الموقف، كل واحد بيحسب على مزاجه، ومفيش رقابة حقيقية." من جانبهم، طالب الأهالي إدارة المرور ومحافظة بني سويف بتكثيف الرقابة الميدانية على سائقي التاكسي، وتحديد تعريفة رسمية واضحة تمنع الاستغلال وتخفف العبء عن المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الأسر. "تربيع الكراسي".. وسيلة جديدة لاستغلال الركاب لم يتوقف الاستغلال عند سائقي التاكسي فقط، بل امتد ليشمل بعض سائقي الميكروباصات الذين لجأوا إلى ما يُعرف بين الركاب ب"تربيع الكراسي"، أي تحميل عدد أكبر من الركاب فوق السعة القانونية للمركبة من أجل زيادة الإيراد اليومي، خاصة بعد نقل الموقف إلى كوبري عدلي منصور وارتفاع زمن الرحلة وتكلفتها. وأكد شهود عيان أن بعض السائقين باتوا يزيدون عدد الركاب في الصف الأخير أو المقاعد الأمامية بشكل غير آمن، في ظل غياب الرقابة المرورية، مما يتسبب في تكدس داخل السيارة ومضايقات للركاب، إلى جانب خطر واضح على السلامة المرورية. وقال أحد الطلاب: "الميكروباص بيشيل أكتر من حقه، أربع في الكرسي الخلفي وأحيانًا خمسة، وكل دا علشان يعوض الوقت اللي بيضيع في الزحمة." وطالب المواطنون بتشديد الرقابة من جانب إدارة المرور، وتوقيع غرامات على السائقين المخالفين، مؤكدين أن "تربيع الكراسي" أصبح مشهدًا يوميًا يؤكد تفاقم أزمة المواصلات في المحافظة مطالب الأهالي: يطالب الأهالي في بني سويف المحافظ بإعادة النظر في موقع الموقف الجديد أو توفير خطوط نقل داخلي منظمة بأسعار مناسبة، مع تشديد الرقابة على التعريفة الرسمية وتوفير خدمة نقل جامعي للطلاب. كما دعوا إلى تحسين البنية التحتية للطريق المؤدي إلى كوبري عدلي منصور لتقليل الازدحام وضمان سلامة الركاب. مخاوف الأهالي على بناتهم من الموقف الجديد ليلًا: أعرب عدد كبير من الأهالي في بني سويف عن قلقهم الشديد على بناتهم بعد نقل موقف الواسطي إلى منطقة كوبري عدلي منصور، التي تقع على أطراف المدينة وتُعد بعيدة عن التجمعات السكنية. وأشار الأهالي إلى أن قلة الإضاءة في المنطقة وضعف الوجود الأمني في ساعات الليل جعلا الموقف مصدر خوف للفتيات اللاتي يدرسن أو يعملن حتى فترات متأخرة. تقول "سعاد منصور " – ولية أمر إحدى الطالبات –: "بنتي بترجع من الجامعة بعد المغرب، والموقف بعيد ومظلم، بنعيش في قلق كل يوم لحد ما توصل." وطالب الأهالي بتكثيف الخدمات الأمنية والإضاءة العامة في محيط الموقف الجديد، وتوفير وسائل مواصلات آمنة وسريعة في فترات المساء، لحماية الفتيات وضمان أمن الركاب. السائقون يطالبون بإعادة النظر في القرار: عدد من السائقين طالبوا محافظة بني سويف بإعادة النظر في القرار أو على الأقل تطوير الموقف الجديد عبر تمهيد الطرق وتوفير الخدمات الأساسية مثل مظلات للركاب ودورات مياه ونقطة إسعاف. وقال أحد ممثلي السائقين: "نحن لا نرفض التنظيم، لكن النقل المفاجئ دون تجهيز يضر الجميع." رد الجهات الرسمية: من جهتها، أوضحت محافظة بني سويف في بيان مقتضب أن نقل الموقف يأتي في إطار خطة لتطوير منظومة النقل الداخلي وتنظيم حركة المواقف داخل المدينة، بهدف تقليل التكدس في المناطق السكنية. وأكدت المحافظة أنه سيتم تطوير الموقف الجديد خلال الفترة المقبلة لتوفير كافة الخدمات المطلوبة للمواطنين والسائقين. ختامًا.. صرخة من الشارع البني سويفي تنتظر الحل: أزمة المواصلات في بني سويف لم تعد مجرد شكوى يومية، بل تحولت إلى قضية رأي عام تمس حياة آلاف المواطنين والطلاب والموظفين الذين يواجهون يوميًا رحلة شاقة بين الموقف الجديد وكافة أنحاء المحافظة. فبين زحام الطرق واستغلال السائقين وتضاعف الأجرة وتربيع الكراسي، يقف المواطن البسيط عاجزًا أمام واقع مرهق، في انتظار تحرك حقيقي من المسؤولين يعيد الانضباط إلى الشارع ويخفف أعباء المعيشة. ويبقى السؤال الذي يتردد على ألسنة الجميع: هل يسمع أحد صرخة بني سويف قبل أن تتحول أزمة المواصلات إلى كابوس دائم؟