في تطور قانوني ودبلوماسي لافت، رفضت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، اليوم الجمعة، الطلب الإسرائيلي الرامي إلى إلغاء مذكرتي التوقيف الصادرتين بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق "يوآف غالانت"، وفق ما أوردته القناة 12 العبرية. ويعد هذا القرار استمرارًا لموقف المحكمة الرافض لمحاولات إسرائيل تعطيل مسار العدالة الدولية، إذ سبق أن رفضت المحكمة طلبًا مماثلًا في يوليو/تموز الماضي. الطلب الإسرائيلي الأخير تضمن أيضًا دعوة إلى تجميد التحقيق الجاري في ملف الحرب على غزة، غير أن المحكمة رفضت ذلك بشكل قاطع، مؤكدة مضيّها في النظر في الانتهاكات المرتكبة خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد المدنيين في القطاع. وتشير لوائح الاتهام إلى أن نتنياهو وغالانت متهمان بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تشمل استخدام سياسة التجويع كسلاح حرب، واستهداف المدنيين، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة. انتكاسة دبلوماسية لدى إسرائيل ويُعتبر هذا القرار انتكاسة دبلوماسية كبيرة لإسرائيل التي كثّفت خلال الأشهر الماضية تحركاتها السياسية والديبلوماسية في محاولة لحشد دعم دولي يهدف إلى إبطال مذكرتي التوقيف. وقد بررت تل أبيب موقفها بالقول إن المحكمة لا تملك ولاية قضائية على النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، باعتبار أن إسرائيل ليست طرفًا في نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة. ومع ذلك، تستند المحكمة إلى اعتراف الأممالمتحدة بدولة فلسطين كعضو مراقب لتأكيد ولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. من جانبها، تنفي الحكومة الإسرائيلية جميع الاتهامات الموجهة إليها، وتعتبر أن مذكرات التوقيف ذات دوافع سياسية تهدف إلى نزع الشرعية عن إسرائيل في حربها ضد حركة حماس. في المقابل، ترى أطراف دولية ومنظمات حقوقية أن الخطوة التي اتخذتها المحكمة تشكّل سابقة مهمة في سبيل محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في غزة، بغض النظر عن مناصبهم السياسية أو العسكرية. ويعيد هذا القرار طرح السؤال الأبرز: هل يمكن أن يمثل نتنياهو أمام العدالة الدولية بوصفه "مجرم حرب"؟ ورغم أن تنفيذ مذكرات التوقيف مرهون بتعاون الدول الأعضاء في المحكمة، فإن استمرارها يمثل ضغطًا قانونيًا ومعنويًا متزايدًا على الحكومة الإسرائيلية، ويعزز مبدأ عدم الإفلات من العقاب في الجرائم الدولية. وبذلك، تكون المحكمة الجنائية الدولية قد وجّهت رسالة واضحة مفادها أن العدالة الدولية لا تخضع للضغوط السياسية، وأن القانون الدولي الإنساني يظل المرجع الأساسي في التعامل مع الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين في النزاعات المسلحة.