شهدت الساحة اليمنية مؤخرًا تصعيدًا جديدًا بعد إعلان الأممالمتحدة عن ارتفاع عدد موظفيها المحتجزين لدى مليشيات الحوثي إلى 54 موظفًا، في موجة جديدة من الاعتقالات التعسفية التي طالت كوادرها المحليين. هذا التصعيد أثار قلقًا عالميًا واسعًا لما يمثله من انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني، ولما يترتب عليه من تداعيات مباشرة على العمل الإنساني في اليمن، البلد الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم. كم عدد موظفي الأممالمتحدة المحتجزين تعسفيًا في اليمن منذ عام 2021؟ الحوثيون في اليمن يعلنون استهداف مناطق "حساسة" في إسرائيل بصاروخ أسرع من الصوت أكثر من 1000 مدني معتقل في اليمن.. مليشيات الحوثي تلاحق أنصار ثورة سبتمبر منذ عام 2021 وحتى أغسطس 2025، تؤكد بيانات الأممالمتحدة أن مليشيات الحوثي اختطفت أكثر من 54 موظفًا أمميًا يعملون ضمن وكالاتها وبرامجها المختلفة. وقد شملت هذه الاعتقالات موظفين تابعين لبرامج إنسانية مثل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي (UNDP)، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، بالإضافة إلى آخرين من بعثات دبلوماسية ومنظمات مجتمع مدني شريكة. وتشير التقارير إلى أن الموجة الأخيرة من الاعتقالات بدأت مطلع أكتوبر 2025، حين أقدمت المليشيات على احتجاز تسعة موظفين جدد، قبل أن يتبعها اختطاف موظف عاشر خلال ساعات، ما رفع العدد الإجمالي إلى 54 موظفًا محتجزًا حتى تاريخه. من هم الموظفون التسعة الجدد الذين احتجزهم الحوثيون مؤخرًا؟ ووفق بيان صادر عن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، فإن الموظفين التسعة الجدد هم من الكوادر المحلية اليمنية العاملة في مكاتب الأممالمتحدة داخل مناطق سيطرة الحوثيين، وتتنوع اختصاصاتهم بين الشؤون الإنسانية، والصحة، والتنمية المجتمعية، والمراقبة الميدانية للمساعدات. ولم تكشف الأممالمتحدة عن هوياتهم حفاظًا على سلامتهم، إلا أن مصادر محلية أكدت أن الاعتقالات جاءت بشكل منسق واستهدفت موظفين محددين ضمن مكاتب الأممالمتحدة في صنعاء والحديدة وصعدة. كيف يؤثر احتجاز موظفي الأممالمتحدة على تقديم المساعدات الإنسانية في اليمن؟ يُعد احتجاز هؤلاء الموظفين ضربة قوية لجهود الإغاثة الإنسانية في اليمن. فبحسب المتحدث باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك، فإن استمرار هذه الممارسات «يعيق قدرة الأممالمتحدة على العمل وتقديم المساعدات الحيوية لمن يحتاجون إليها». ويعاني أكثر من 21 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي، فيما يحتاج نحو 17 مليونًا إلى مساعدات عاجلة، ومع تقييد حركة موظفي الأممالمتحدة، تتوقف عمليات التوزيع والمراقبة الميدانية للمساعدات، مما يفتح الباب أمام تفشي الفساد وسوء استخدام الموارد الإغاثية. كما أشار دوجاريك إلى أن الحوثيين استولوا على بعض مباني الأممالمتحدة وأصولها في المناطق التي يسيطرون عليها، ما أدى إلى شلل شبه تام في بعض البرامج الإنسانية الحيوية. ما موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من هذه الاحتجازات؟ الأمين العام أنطونيو غوتيريش عبّر عن قلقه العميق واستيائه الشديد من استمرار الاحتجازات التعسفية لموظفي الأممالمتحدة وشركائها. وفي بيانه الأخير، وصف غوتيريش هذه الممارسات بأنها "انتهاك خطير للقانون الدولي"، مؤكّدًا أنه لم يُسمح لأي من ممثلي الأممالمتحدة بالتواصل مع المحتجزين رغم الطلبات المتكررة. كما دعا غوتيريش إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الموظفين المحتجزين، مشددًا على ضرورة احترام حصانتهم القانونية وحمايتهم وفقًا لاتفاقية امتيازات وحصانات الأممالمتحدة لعام 1946. ما الإجراءات التي تطالب بها الأممالمتحدة لضمان سلامة موظفيها في اليمن؟ تطالب الأممالمتحدة عبر مختلف قنواتها الدبلوماسية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الموظفين الأمميين والسماح بالوصول الإنساني الكامل إلى المناطق المتضررة دون قيود أو تدخل وضمان أمن موظفيها ومكاتبها في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للحوثيين وإجراء تحقيق دولي مستقل حول انتهاكات الحوثيين ضد العاملين في المجال الإنساني وتحميل المسؤولية القانونية للجهات والأفراد المتورطين في هذه الاعتقالات. كيف تتعارض هذه الاحتجازات مع القانون الدولي واتفاقية امتيازات وحصانات الأممالمتحدة؟ تُعد هذه الاحتجازات انتهاكًا مباشرًا لاتفاقية امتيازات وحصانات الأممالمتحدة لعام 1946، والتي تنص بوضوح على أن موظفي المنظمة يتمتعون بالحصانة من الاعتقال والتوقيف التعسفي أثناء أداء مهامهم الرسمية. كما تُخالف هذه الممارسات مبادئ اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني الذي يحظر استهداف العاملين في المجال الإغاثي. ويعتبر القانون الدولي أن أي اعتداء على موظفي الأممالمتحدة يُصنّف كجريمة ضد السلام والأمن الدوليين، وهو ما يفتح الباب أمام إجراءات قانونية محتملة أمام مجلس الأمن أو المحكمة الجنائية الدولية في حال استمرار الانتهاكات الحوثية. موقف الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي أدانت الحكومة اليمنية الشرعية موجة الاختطافات الحوثية الجديدة، ووصفتها بأنها «نتيجة مباشرة لصمت الأممالمتحدة وتقاعسها عن اتخاذ موقف حازم». كما شددت على أن هذه الممارسات تعرقل الجهود الإنسانية وتكشف «الوجه الحقيقي للمليشيات التي تستغل العمل الإنساني لتحقيق مكاسب سياسية». وفي المقابل، عبّرت عدة دول ومنظمات دولية عن تضامنها الكامل مع الأممالمتحدة، داعيةً إلى ممارسة ضغط دولي على الحوثيين لضمان الإفراج عن جميع المحتجزين فورًا. نحو تحرك دولي أكثر صرامة تؤكد التطورات الأخيرة في اليمن أن السكوت الدولي على انتهاكات الحوثيين شجّعهم على التمادي في ممارساتهم ضد المنظمات الإنسانية. فبينما تواصل الأممالمتحدة مساعيها الدبلوماسية، يبدو أن الحل لن يتحقق إلا من خلال موقف دولي موحد يفرض عقوبات واضحة ويضمن سلامة موظفي الإغاثة وحرية العمل الإنساني في جميع المناطق اليمنية. إن استمرار احتجاز موظفي الأممالمتحدة لا يشكل تهديدًا فحسب للمنظمة الدولية، بل يمس جوهر العمل الإنساني العالمي، الذي يقوم على مبدأ الحياد والاحترام المتبادل. بعد استهدافه.. كل ما تريد معرفته عن ميناء الحديدة شريان اليمن الحيوي اليمن بين الإصلاحات الاقتصادية والتحرك الدولي لمواجهة الحوثيين