في خطوة وصفت بأنها تحول استراتيجي في السياسة الخارجية البريطانية، أعلنت المملكة المتحدة اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، إلى جانب دول أخرى مثل كندا وأستراليا والبرتغال. وقد أثار هذا القرار سلسلة من ردود الفعل المتباينة إقليميًا ودوليًا، حيث رحبت به الأطراف الفلسطينية بينما أثار استياءً شديدًا لدى الحكومة الإسرائيلية. خلفية القرار جاء الاعتراف البريطاني في ظل حالة من التصعيد غير المسبوق في الأراضي الفلسطينية، خصوصًا في قطاع غزة والضفة الغربية. الأممالمتحدة أشارت إلى أن الحرب على غزة خلّفت أكثر من 65 ألف قتيل خلال عامين، ووصفت الوضع هناك بأنه يرقى إلى "إبادة جماعية". في هذا السياق، اعتبرت بريطانيا أن الوقت قد حان لإعادة فتح ملف حل الدولتين بشكل جدي، باعتباره المسار الواقعي الوحيد لتحقيق السلام والأمن في المنطقة. وزيرة الخارجية البريطانية، إيفيت كوبر، أوضحت في مقابلة مع "بي بي سي" أن الاعتراف بفلسطين لا يهدف إلى تقويض أمن إسرائيل، بل على العكس، يسعى إلى ضمان استقرارها عبر إيجاد تسوية سياسية عادلة. كما شددت على أن هذا الاعتراف يجب ألا يستخدم كذريعة من قبل إسرائيل لضم أراضٍ جديدة من الضفة الغربيةالمحتلة. الموقف الإسرائيلي الرد الإسرائيلي جاء حادًا، حيث وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القرار البريطاني بأنه "مكافأة للإرهاب"، مؤكدًا رفضه القاطع لإقامة دولة فلسطينية. كما اعتبر مسؤولون إسرائيليون آخرون الخطوة "خيانة"، زاعمين أنها تصب في مصلحة حركة حماس، التي نفذت هجومًا واسعًا على إسرائيل في أكتوبر 2023. هذا الرفض الإسرائيلي يعكس التخوف من أن الاعتراف الدولي المتزايد بدولة فلسطين قد يضعف الموقف التفاوضي الإسرائيلي، ويزيد من عزلة تل أبيب على الساحة الدولية. استقبلت السلطة الفلسطينية القرار بترحيب كبير الموقف الفلسطيني على الجانب الآخر، استقبلت السلطة الفلسطينية القرار بترحيب كبير، معتبرة إياه خطوة مهمة على طريق تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. أما حركة حماس فقد رحبت به أيضًا، لكنها طالبت بخطوات عملية وفورية لوقف الحرب في غزة ورفع الحصار. هذا التباين في المواقف الفلسطينية يعكس الانقسام السياسي الداخلي، لكنه في الوقت ذاته يؤكد أن الاعتراف البريطاني مثّل مكسبًا سياسيًا مهمًا للفلسطينيين على المستوى الدولي. الموقف البريطاني الرسمي رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، سارع للرد على الانتقادات الإسرائيلية، مؤكدًا أن الاعتراف بدولة فلسطين لا يمنح حركة حماس أي شرعية أو دور سياسي مستقبلي. وأكد أن بريطانيا ترفض بشكل قاطع إشراك الجماعات المصنفة إرهابية في أي ترتيبات أمنية أو سياسية تخص فلسطين. عاجل - إعلانها لا يعني قيامها على الفور.. والخارجية البريطانية: حماس ليست في مستقبل فلسطين عاجل| "نتنياهو": سنقضي على المحور الإيراني كما شددت الحكومة البريطانية على أن استمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، رغم مخالفته للقانون الدولي، كان من بين العوامل الأساسية التي دفعت لاتخاذ قرار الاعتراف. الدلالات الاستراتيجية هذا الاعتراف يعكس تحولًا عميقًا في مقاربة بريطانيا للشرق الأوسط، حيث انتقلت من دور "الوسيط الحذر" إلى طرف أكثر انخراطًا في الضغط الدبلوماسي من أجل إحياء حل الدولتين. القرار يمثل رسالة إلى إسرائيل بأن سياساتها الاستيطانية لم تعد مقبولة دوليًا. الخطوة قد تشجع دولًا أوروبية أخرى مثل فرنسا وألمانيا على اتخاذ قرارات مماثلة. كما تحمل رسالة إلى الولاياتالمتحدة بأن لندن مستعدة للتحرك بشكل مستقل في قضايا الشرق الأوسط الحساسة. اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين وتحذيرها إسرائيل من ضم الضفة الغربية لا يعد مجرد خطوة رمزية، بل إشارة واضحة إلى تحول السياسة الخارجية البريطانية نحو تبني نهج أكثر جرأة في التعامل مع النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. ومع تصاعد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب في غزة، يبدو أن لندن تسعى لإعادة التموضع كلاعب رئيسي في ملف الشرق الأوسط، معتمدة على مزيج من الشرعية الدولية والضغط الدبلوماسي.