ليس هناك سلاح أشد فتكًا، ولا درع أقوى حصانة، من الإرادة التي تسكن الإنسان.. تلك الشعلة التي تشتعل في صدره حين يقال له: "لن تستطيع"، فيجعل منها نورًا يشق به الظلام، ونارًا تحرق بها الشكوك! إنها القوة التي تجعل المرء يقف أمام الجبال التي قيل إنها لا تُزحزح، فيهزها بعزيمته، أو يحفر طريقًا يمر من خلالها. مؤمن الجندي يكتب: ظل البقاء مؤمن الجندي يكتب: الهروب العظيم كم من أحلامٍ بدت سرابًا في أعين الناس، لكنها تحولت إلى واقعٍ ثابت بفضل من آمن بها! وكم من أصوات أحبطت أصحاب الهمم، لكنهم أخرسوها بصوت نجاحهم المدوي! إن التحدي ليس مجرد كلمة تُقال، بل هو فعل يُمارس في كل لحظة، حين تنهار الجدران أمامك، ويضيق الأفق حتى تكاد لا ترى منفذًا، حين تكثر الأيدي التي تشير إليك ساخرة، وحين تتردد في أذنك عبارات الفشل، حينها فقط تُختبر إرادتك! هل تنحني، أم ترتفع؟ هل تنطفئ، أم تزداد توهجًا؟ محمد الحسيني نموذج حي للإرادة التي لا تعرف المستحيل.. ولد بمتلازمة داون، لكن والده رفض أن تكون هذه العقبة حاجزًا أمام مستقبله، فخاض رحلة مكثفة من التدريب والتأهيل حتى بدأ رحلته مع السباحة في سن السادسة.. ورغم أن محاولته الأولى لعبور بحر المانش عام 2017 لم تكتمل، إلا أنه لم يستسلم، بل جعل من التحدي وقودًا لاستكمال حلمه، ليصبح أول سباح مصري من أصحاب الهمم يعبر المانش بنجاح عام 2022 بعد 12 ساعة ودقيقتين. أرى أن العظماء لم يكونوا خارقين، ولم يولدوا في كهوف المعجزات، بل امتلكوا تلك الشرارة التي ترفض الخمود.. أُحبط "أديسون" أكثر من ألف مرة وهو يبحث عن الضوء، وسُجن "مانديلا" سبعة وعشرين عامًا لكنه لم يسجن حلمه، وطُرد "والت ديزني" من عمله لأنه "يفتقر للخيال"، لكنه صنع عالمًا كاملًا من الخيال! لم تقتصر إنجازات الحسيني على الرياضة، فقد أثبت تفوقه الأكاديمي بحصوله على 97.2% في الثانوية العامة، والتحاقه بكلية الآداب بجامعة عين شمس.. كان يمكن له أن يرضخ لقيود وضعها المجتمع، لكنه اختار أن يخط طريقه بنفسه، مؤكدًا أن التحدي ليس في الظروف، بل في قدرة الإنسان على كسرها وتحقيق المستحيل. إن أعظم انتصار يحققه الإنسان في حياته هو أن يهزم العجز الذي يُزرع في داخله، أن يمشي في طريق قالوا إنه مستحيل، أن يصل حيث أراد، لا حيث أُريد له أن يكون.. وها هو الحسيني بدعم كبير من الرئيس عبد الفتاح السيسي لأصحاب الهمم، يتألق في تقديمه لبرنامج "أبطال بلس" بعد أن أعطته الشركة المتحدة المساحة الكاملة للتعبير عن نفسه كأول مذيع لبرنامج رياضي في الشرق الأوسط من أصحاب الهمم. في النهاية، ليست المعركة بينك وبين الظروف، ولا بينك وبين من يحاول كسر جناحيك، بل هي بينك وبين نفسك.. فإن كنت تملك الإرادة الحقيقية، فلن يقف شيء في طريقك، وستجعل من كل "لا تستطيع" جسرًا تعبره نحو المجد. للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا