تحتفل دول العالم يوم الجمعة القادم الموافق 16 سبتمبر من كل عام باليوم الدولى لحفظ طبقة الاوزون وهو اليوم الذى أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام 1994 بمناسبة ذكرى التوقيع -عام 1987- على بروتوكول مونتريال المتعلق بالمواد المستنفدة لطبقة الأوزون من قبل 189 دولة التزمت بالمحافظة على البيئة. وقد دعت الجمعية العامة إلى تكريس هذا اليوم لتشجيع الاضطلاع بأنشطة تتفق مع أهداف ومقاصد البروتوكول وتعديلاته ، وطبقة الأوزون حاجز حساس من الغازات يحمى الأرض من الجزء الضار من أشعة الشمس وهى بذلك تحمى الحياة على كوكب الأرض . وكانت الاممالمتحدة قد حذرت فى ابريل الماضى من أن الثقب فى طبقة الأوزون فوق الدائرة القطبية الشمالية بلغ أعلى مستوى له، بسبب استمرار وجود مواد ضارة فى الجو، حيث أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة أن كمية الأوزون التى تحمى الأرض من الأشعة فوق البنفسجية تراجعت إلى معدلات قياسية فوق القطب الشمالى بسبب استمرار تواجد المواد المضرة بالأوزون فى الجو وحذرت من شتاء قارس البرودة فى الطبقة العليا من الغلاف الجوى . وقالت المنظمة فى بيانها "إن المشاهدات التى سجلت من الأرض وبواسطة منطاد فوق المنطقة المحيطة بالقطب الشمالى، وكذلك بواسطة الأقمار الصناعية، أظهرت أن طبقة الأوزون فقدت نحو 40 \% فى هذه المنطقة بين بداية فصل الشتاء وآخر شهر مارس الماضى ، وأوضحت أن الرقم القياسى السابق وصل إلى 30\% خلال فصل الشتاء، حيث تقوم طبقة الأوزون بحماية الأرض من الأشعة فوق البنفسجية ذات الآثار الضارة على الصحة. وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قد حذرت ، فى تقرير صدر فى اغسطس 2009 ، من أن ثقب الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية اتسع ليصبح أكبر وأعمق من أى ثقب آخر سبق رصده . وذكرت المنظمة أن طبقة الأوزون تحمى الأرض من أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة، لكن سمك الطبقة فوق القطب الجنوبى يتضاءل كل عام بسبب انبعاثات غازي الكلور والبرومين الناتجين عن المركبات الكيميائية التى يصنعها الانسان مما يؤدى إلى تآكل طبقة الاوزون باتجاه طبقات الجو العليا . وأوضح التقرير أن تغير درجات الحرارة فى طبقات الغلاف الجوى العليا للقطب الجنوبى يؤدى إلى اتساع ثقب الاوزون من عام إلى آخر ، وتؤدى درجات الحرارة الأكثر برودة إلى حدوث ثقوب أكثر اتساعا وعمقا في طبقة الاوزون، بينما تؤدى درجات الحرارة الادفأ إلى حدوث ثقوب أصغر . وحذر العلماء من أن تزايد انبعاثات ثانى أوكسيد الكربون وغازات أخرى سيؤدى إلى رفع متوسط حرارة الارض بمقدار من 5ر1 إلى 5ر4 درجات مئوية بحلول النصف الثانى من القرن الحالى . يذكر أن بروتوكول مونتريال هو معاهدة دولية تهدف إلى حماية طبقة الأوزون من خلال التخلص التدريجى من انتاج عدد من المواد التي يعتقد أنها مسئولة عن نضوب طبقة الأوزون . وكانت المعاهدة وضعت للتوقيع فى 16 سبتمبر 1987، ودخلت حيز التنفيذ فى يناير 1989، تلتها الجلسة الاولى فى هلسنكى، فى مايو 1989 .. ومنذ ذلك الحين، مرت بسبعة تنقيحات، فى عام 1990 (لندن)، 1991 (نيروبى)، 1992(كوبنهاجن)، 1993 (بانكوك)، 1995 (فيينا)، 1997 (مونتريال)، و1999 (بكين) ..ومن المفروض أنه إذا التزم بتطبيق الاتفاقية، فإن طبقة الأوزون ستتعافى بحلول عام 2050 ، ونظرا لاعتمادها وتنفيذها على نطاق واسع، فقد أشيد بها كمثال استثنائى للتعاون الدولى .والأوزون ذلك الغاز الأزرق الباهت شديد السمية ، وتعنى "أوزون" فى اللغة اللاتينية "رائحة"، وهو مركب كيميائى يتكون من اتحاد 3 ذرات أكسجين ، وهو ذو رائحة مميزة: رائحة البحر التى تعزى لتصاعد كميات قليلة من الأوزون، الذى تفوق سميته مركبات أول أكسيد الكربون والسيانيد. ويتصف الأوزون بأنه يتفكك بالتسخين، وذلك عندما تتجاوز درجة الحرارة مائة درجة مئوية، ويتصف بقابليته للذوبان فى الزيوت العطرية وبحساسيته الشديدة للصدمات والاهتزازات، كما أنه قابل للانفجار إذا وجدت معه وهو سائل بضع ذرات من الغازات العضوية يتكون الأوزون بشكل طبيعى نتيجة التفريغ الكهربى الناتج عن البرق، كما يتكون نتيجة النشاطات البشرية فى طبقة الستراتوسفير بواسطة التفاعلات الكيموضوئية، وطبقة الستراتوسفير إحدى أهم طبقات الغلاف الجوى، وتعرف أيضا بطبقة الأوزونوسفير لأنها غنية بغاز الأوزون، ويبلغ سمكها 40 كم. وفى العشرة كيلومترات الأولى من هذه الطبقة تظل درجات الحرارة ثابتة (حوالي 55 درجة مئوية تحت الصفر)، ثم ترتفع درجات الحرارة تدريجيا لتصل فى نهاية الطبقة إلى حوالى مائة درجة مئوية، وذلك لوجود غاز الأوزون الذى يمتص الأشعة الحرارية ويعكس معظم الأشعة فوق البنفسجية. ويمثل وجود طبقة الأوزون ضرورة لاستمرار الحياة على كوكب الأرض، حيث تمثل حزاما واقيا ودرعا حامية من الأشعة فوق البنفسجية، كما أنها تمتص جزءا كبيرا من الإشعاعات الكهرومغناطيسية ،والأوزون الموجود في الغلاف الجوى للأرض فى حالة توازن ديناميكى، حيث يتعرض لعمليتي البناء والهدم بصورة مستمرة ومتوازنة ومتساوية في المقدار ، ويمثل هذا التوازن ناموسا كونيا حتى تستقر الحياة. غير أن الملوثات البيئية التي تنشأ عن الصناعة والأنشطة البشرية ذات المنفعة المادية تؤدى إلى خرق هذا التوازن الفطرى، مما يؤدى إلى حدوث الاضطرابات الكونية والتدهور البيئى . وهناك مجموعة من الأسباب والأنشطة الصناعية والتنموية التى تسهم فى اضمحلال وتآكل الأوزون فى طبقة الستراتوسفير، وتتلخص فى المذيبات العضوية المتطايرة، حرائق الغابات، عوادم السيارات، أبخرة الوقود، حرق النفايات، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية المعتمدة على الوقود الأحفورى . ويعتبر العالم "ماتينوس فان ماركوس" أول من اكتشف وحضر الأوزون عام 1758م، ثم حضره "كريستيان سشونيين" عام 1860م وأطلق عليه "الأوزون"، ويتم تحضير الأوزون فى المختبر بالاعتماد على تحليل جزيئات الأكسجين باستخدام الطاقة .ولا تتوقف الآثار السلبية لتقليص طبقة الأوزون على البشر وحدهم، فيسهم تدمير طبقة الأوزون واتساع الثقب فيها ، فى زيادة درجة حرارة سطح الأرض، مما يؤدى الى ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحرارى . ومن ناحية أخرى، هناك مخاوف من إضعاف تجمعات الكائنات الحية الدقيقة، الموجودة فى مياه البحار والمحيطات، والمعروفة بالعوالق النباتية، نتيجة تعرضها للأشعة فوق البنفسجية، وتعتبر هذه الكائنات أساسا مهما لسلسلة الغذاء فى الأنظمة البيئية الموجودة فى المياه العذبة والمالحة، وفى مقدمتها الأسماك..كما أن العوالق النباتية تقوم بدور كبير فى امتصاص غاز ثانى أكسيد الكربون في الجو، كما أنها تطلق الأكسجين الضرورى لاستمرار الحياة. وبالرغم من سمية الأوزون فإن له استخدامات عديدة فى الكثير من العمليات الصناعية التي تطبق فيها عمليات الأكسدة، كما أنه مادة مبيضة تستخدم لتبييض مختلف المركبات العضوية وخاصة الشموع والزيوت، بل ويستخدم في إزالة الروائح الكريهة من بعض المواد الغذائية، ويستعمل فى صناعة بعض الأدوية مثل الكورتيزون. ويستخدم الأوزون فى تعقيم وتكرير المياه ومعالجة مياه الشرب، كما يعد عاملا منظفا للبيئة، لكن زيادة نسبته عن الحد المسموح به تحوله إلى عنصر ضار ومدمر لها. ويؤكد الأطباء الفرنسيون الذين يستعملون الأوزون في الطب وعلاج الأمراض أن جرعات قليلة من الأوزون تفيد فى تنقية الجسم من السموم وإزالة التوتر النفسى . وقد اعترف بالأوزون كوسيلة علاجية فى العديد من الدول الأوروبية مثل إيطاليا والنمسا وفرنسا وسويسرا وإنجلترا وغيرها من الدول مثل اليابان والولايات المتحدةالأمريكية حتى وصل إلى مصر. ويعتمد الاستخدام الطبى للأوزون على تنشيطه لخلايا الجسم الطبيعية بشكل آمن عن طريق زيادة نسبة الأكسجين المتاحة للخلايا إلى الحد الأمثل الذى يسمح بإطلاق المطلوب من الطاقة لأداء وظائفها الكاملة، ورفع درجة مناعتها لمقاومة الأمراض ، كما أنه يثبط الفيروسات والبكتريا والفطريات والخلايا السرطانية عن طريق اختراقها وأكسدتها. وأنشئ عام 1973 الاتحاد العالمى للأوزون، نظرا لتعدد فوائده، وانتشار استخدامه في المجالات الطبية والصحية العامة، ويحتفل العالم بالأوزون فى شهر سبتمبر من كل ام، تقديرا لخدماته الجليلة التى يقدمها للبشرية، وتذكيرا بأهميته وأهمية الحفاظ على طبقة الأوزون من التآكل، لأن بهلاكها تهلك جميع الكائنات الحية، وتندثر الحياة على الكرة الأرضية.