ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، قداس أحد تذكار الأبرار والصديقين (وفق الرزنامة الليتورجية المارونية)، وذلك في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان بولس الصياح وسمير مظلوم، بمشاركة عدد من المطارنة والكهنة. وبعد الانجيل المقدس، ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان "كنت جائعا فأطعمتموني" (متى 25: 35)، جاء فيها: حدد الرب يسوع في إنجيل اليوم حاجات الإنسان التي تقتضي محبتنا لنساعده فيها. وهي ست على سبيل المثال لا الحصر: الجوع والعطش والغربة والعري والمرض والسجن. إنها حاجات مادية وحسية وروحية ومعنوية وحقوقية. فالجائع يحتاج إلى الخبز المادي، وإلى الخبز الروحي، خبز كلمة الله وجسد الرب ودمه، وإلى خبز العلم والتربية؛ والعطشان يحتاج إلى الماء وإلى عاطفة ورحمة وعدالة؛ والغريب هو الغريب عن وطنه وأرضه ومحيطه، سواء بداعي الهجرة أو التهجير، أم بداعي الحاجة إلى حياة اقتصادية وأمنية، ويحتاج إلى إستقبال واحترام وتقدير في شخصه وتقاليده وثقافته وإيمانه، والغريب هو أيضا الشخص الذي لا يتفهمه أهل بيته ومحيطه ويشعر كأنه في غربة عنهم؛ والعريان هو المحتاج ليس فقط إلى لباس لجسده، وإلى أثاث لسكناه ولبيته، بل أيضا المحتاج إلى صون كرامته وصيته؛ زيارة المريض تشمل أيضا الحزين والمتروك والوحيد والمعوق، وتعني الإعتناء به ومساعدته وتشجيعه والتخفيف من وجعه؛ وأخيرا تفقد السجين يشمل من كان وراء قضبان الحديد في السجن، أو ضحية الظلم والإستبداد، أو كان أسير عاداته السيئة وانحرافاته وميوله وإدمانه، فلا بد من مساعدته على تحرير ذاته. هذا الإنجيل هو إنجيل المحبة في الحقيقة: الحقيقة هي أن الرب يسوع بتجسده تماهى مع كل إنسان، وبآلامه مع كل متألم. المحبة عنده شملت كل إنسان في جسده ونفسه وروحه. إلى هذه المحبة في الحقيقة يدعونا، وهي لا تستثني أحدا، بل هي واجب بالأخص على كل صاحب مسؤولية في الكنيسة والمجتمع والدولة. إنها واجب على المسؤولين السياسيين عندنا الذين يهملون واجب خدمة الشعب اللبناني وقد بات محروما من أبسط حقوقه الإنسانية للعيش الكريم، فيما هم يشلون الدولة والحياة العامة بعنادهم في تعطيل تشكيل السلطة الإجرائية المتمثلة في الحكومة، فبتنا نشك في نواياهم الوطنية.