حددت الصين خططا لإجراء ما وصفته بمزيد من الاختبارات لمبادراتها الخاصة بالعملة الرقمية، فمع ازدياد التحول الرقمي للاقتصاد العالمي، يدرك عديد من الحكومات أن البلدان التي ستسخر التقنيات المالية المتطورة، ستحقق مكاسب مستقبلية ضخمة، وستلعب التكنولوجيا المالية الناشئة وتحديدا العملات الرقمية، دورا مهما في اقتصاد المستقبل. ولا ترمي الصين من خلال قيام بنك الشعب الصيني (البنك المركزي الصيني) بإصدار عملة رقمية إلى تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسة في الداخل والخارج فقط، وإنما أيضا تحدي الدولار الأمريكي، لتعزيز مكانتها ودعم مساعيها لتبوؤ هرم النظام الاقتصادي العالمي. تهدف تجربة العملة الرقمية الصينية إلى استباق دورة الألعاب الأولمبية عام 2022، على أمل أن يؤدي نجاحها الأولي إن حدث، إلى استغلال دورة الألعاب الشتوية للترويج للعملة الجديدة، كما أن تجربة تلك العملة تعد جزءا من حزمة واسعة من المبادرات التي أطلقتها الصين لتحفيز الابتكار وتشجيع الانفتاح في قطاع الخدمات. وعلى مدى الأعوام العديدة الماضية، أعطت الصين اهتماما ملحوظا لابتكارات التكنولوجيا المالية، مثل منصات الدفع الرقمية، وعلى الرغم من أن ظهور العملات الافتراضية مثل تحديا للصين، إلا أنها استجابت لهذا التطور عبر اليوان الرقمي الذي سيعمل بشكل أساسي عبر الهواتف الذكية. ويعد والتر كريس الباحث الاقتصادي في الشأن الصيني أن بكين تحركت بسرعة نحو اقتصاد غير نقدي في الأعوام الأخيرة، والفضل في ذلك يعود إلى منصات الدفع عبر الهواتف الذكية مثل ويتشات باي وموقع علي بابا المشابه لموقع أمازون للتجارة الإلكترونية، وجميعها تعمل كمحافظ رقمية تتيح للمستخدمين إجراء عمليات شراء في المتاجر ودفع الفواتير وتحويل الأموال إلى أفراد آخرين. ويقول "كريس" إن العام الماضي استخدم 86 في المائة من الأشخاص في الصين منصات الدفع عبر الهاتف المحمول لإجراء عمليات شراء، وتفوقت الصين على تايلاند التي لديها أعلى نسبة من مستخدمي الدفع عبر الهاتف المحمول وتقدر ب67 في المائة، أي أكثر من ضعف النسبة العالمية التي تبلغ في المتوسط 34 في المائة".". في حقيقة الأمر فإن السلطات الصينية كعديد من حكومات العالم، أدى قلقها من العملات الافتراضية وعدم قدرتها على السيطرة عليها إلى وضع قيود صارمة تجاهها، ففي عام 2013 فرضت الصين قيودا على البنوك الصينية بشأن استخدام البيتكوين كعملة، وبررت ذلك بمخاوفها بشأن الاستقرار المالي وإمكانية استخدام هذا النوع من العملات في أنشطة غير مشروعة، وفي عام 2017 زادت من طبيعة القيود المفروضة على العملات الرقمية الجديدة عبر الإنترنت. وزاد اهتمام الصين العام الماضي بعالم العملات المشفرة، عندما أعلنت "فيسبوك" استعدادها لطرح عملة مشفرة باسم ليبرا، فتلك العملة بخلاف البيتكوين ستكون عملة مستقرة إذ سيتم إدارتها مركزيا وسترتبط قيمتها بالعملات الحالية، ما يوجد طلبا أعلى عليها لإجراء عمليات الشراء بدلا من أن تكون أصلا للمضاربة. وأعرب البنك المركزي الصيني عن مخاوفه أن يؤدي الطلب الكبير على عملة ليبرا إلى هروب رؤوس الأموال المحلية، حيث يقوم الأفراد بتحويل الأصول إلى العملة الرقمية الجديدة، كما يمكن أن تزاحم تلك العملة اليوان الصيني في المدفوعات الدولية. ومن المرجح أن تتمتع الصين بميزة أولية واضحة في تبنيها للعملات الرقمية التي يصدرها البنك المركزي، سواء من حيث التوقيت أو الاستخدام. ويعد البعض أن السياسة الأمريكية الراهنة والمعادية للمنظمات الدولية متعددة الأطراف قد تؤثر سلبا في مكانة الدولار، وتتيح مكانا لليوان الرقمي في نظام المدفوعات الدولية، فالعملة الجديدة توجد نموذجا يمكن الأفراد والشركات حتى الدول من التعامل المباشر وتسوية النزاعات عبر الإنترنت، متجاوزا بذلك أنظمة الدفع التي تهيمن عليها الولاياتالمتحدة نتيجة قوة الدولار.