ما زالت حلقات برنامج "مصر أرض الأنبياء" المذاع على قناة مصر الأولى وعدة قنوات تثير الجدل في كثير من المغالطات التاريخية والأثرية، وذكر فضيلة مفتي الديار المصرية الأسبق في الحلقة 21 أن نبي الله موسى كان يقف على جبل التجلي أثناء دك الجبل وأن شكل العجل المنحوت بسانت كاترين هو مكان عبادة العجل الذهبي. ومن ناحيته، أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوبسيناء، أن جبل التجلي ليس هو الجبل الذي كان يقف عليه نبي الله موسى عندما دك سبحانه وتعالى الجبل كما ذكر فضيلة المفتي بل هناك جبلين متواجهين. وأوضح ريحان، أن الجبل الأول هو جبل موسى الذي تلقى من عليه ألواح الشريعة حين تغيب عن بني إسرائيل 40 يومًا وهو الجبل المعروف للعالم كله ويصعده كل رواد المنطقة والحجاج المسيحيون منذ القرن الرابع الميلادي ومن بعدهم المسلمون. أما جبل التجلي فقال عنه ريحان إنه حين طلب نبي الله موسى أن يرى الله جهرة كان يقف على جبل الشريعة، "وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا" ومن الطبيعي أن يكون النظر إلى الجبل المواجه وليس الجبل الذي يقف عليه ليرى المعجزة وهو جبل التجلي الحالي الذي يقع إلى الشمال الشرقي إلى جبل موسى، وعرف بهذا الاسم نتيجة لحادثة التجلي ودك الجبل ولهذا الجبل طبيعة جيولوجية خاصة فهو جبل ركامي وليس جبل جلمود كجبل موسى الحالي وبقية جبال المنطقة وذلك من تأثير المعجزة. أما بخصوص ما أثاره فضيلة المفتي بأن شكل العجل المنحوت بمنطقة سانت كاترين هو مكان عبادة العجل الذهبي فأشار ريحان أن هذا النحت هو نحت طبيعي كالعديد من المنحوتات التي شكلتها عوامل التعرية وهى كثيرة بسيناء وخاصة في منطقة سانت كاترين وفي الوادي الممتد من النقب إلى طابا ولذلك كان مدعاة للخيال الخصب في المرويات الشعبية أن نبي الله موسى حول العجل لأن تنطبع صورته على هذا الجبل وغيرها من الروايات التي لا تستند على أي دليل علمي أو أثري أو تاريخي وكان لا يجب أن يروج برنامج هام يشاهده الملايين لمثل هذه الخرافات. وأكد، أن الحقائق الدينية تشير إلى أن عبادة العجل الذهبي كانت قرب بحر وليست منطقة جبلية حيث قام نبي الله موسى بحرق هذا العجل عند عودته بعد التغيب أربعون يومًا لتلقى ألواح الشريعة ونسفه في اليم أي البحر كما جاء في سورة طه }وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا{ وهذا العجل صنعه السامري وهو صائغ ماهر من بني إسرائيل قام بتحويل الذهب الذي استعرنه نساء بني إسرائيل من السيدات المصريات ثم أخذنه معهن عند خروجهن من مصر. وختم ريحان كلماته قائلًا إن عبادة العجل موقعها حاليًا مدينة طور سيناء قرب وادي حبران وهو الوادي الذي عبره نبي الله موسى ليتلقى ألواح الشريعة عند جبل موسى الموجود حاليًا بمنطقة سانت كاترين وقد تم نسف العجل في خليج السويس حين عودة نبي الله موسى بعد تلقى ألواح الشريعة ولومه لنبي الله هارون على هذا التصرف بصفته نائبًا عنه في قيادة بني إسرائيل وهو الخليج نفسه الذي عبر منه بني إسرائيل في بداية خروجهم من مصر ونجاتهم من الغرق المحقق.