قال الخبير الإسرائيلي في الشأن الأمريكي البروفيسور إيتان غلبواع، إنّ محاكمة الرئيس المصري السابق مبارك، تؤكد أن أمريكا فقدت تأثيرها في الشرق الأوسط، وأن المصريين لا يعيرون واشنطن، التي تدفع للقاهرة مليار ومائتي ألف دولار سنوياً، أي اهتمام، وتحت عنوان (مبارك يحاكم: وفي العالم العربي يحاكمون أيضاً أمريكا)، قالت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة إنّ الخبير في شؤون الولاياتالمتحدةالأمريكية في جامعة بار إيلان، والذي كان مستشاراً لمكتب رئيس الحكومة ووزير الدفاع، قال معقباً على محاكمة الرئيس مبارك بتهمة قتل المتظاهرين: لو أنت رميت صديق مثل حسني مبارك في القفص، أنت تبدو كمن لا يمكن الاعتماد عليه. وأكد البروفيسور غلبواع على أنّ قرار النظام المصري برئاسة المشير طنطاوي يؤكد أن أمريكا ليست في دماغ المصريين، قائلاً: السلطة التي لا تستخدم تعتبر ضعفاً في هذا الوقت من العالم.
لو أن المصريين يعملون ما يريدون على عكس موقفك، وعلى الرغم من أن 1.2 مليار دولار تعطيها لهم كل سنة، فأنت لست على الخريطة، لقد خرجت من دماغهم، على حد وصفه.
وفي السياق ذاته قال البروفيسور يورام ميطال رئيس قسم دراسات الشرق الأوس في جامعة بن غوريون بمدينة بئر السبع إنّ ظهور مبارك في قفص الاتهام سيكون له تداعيات سلبية على علاقة أمريكا بكثير من الدول العربية وخاصة السعودية والأردن، قائلاً: الرسالة التي جاءت من محاكمة مبارك هي أنه أيضاً إذا كنت زعيم يحكم بيد من حديد عشرات السنين، مثل مبارك، فأنت لست فوق القانون. هذا من الممكن أن ينتهي بمثولك أمام المحكمة بأبواب مفتوحة بشكل مذل.
وأضاف: الزعماء العرب يخافون من الاحتجاج في الشارع ولا يتوقعون مساعدة من أمريكا، مؤكدًا على أنّ دولاً دول مثل دول الخليج أصبحت خائفة من وضع آمال على أمريكا.
علاوة على ذلك، أشارت الصحيفة العبرية إلى أنّ الدولة العبرية بشكل عام وجامعة بن غوريون بشكل خاص، يحملان اعتزازا تجاه الرئيسين السادات ومبارك، لأنهما دعما السلام مع إسرائيل، وقاما بزيارة إلى جامعة بن غوريون، خلال الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الراحل أنور السادات إلى إسرائيل، والتي كان يرافقه فيها الرئيس السابق حسني مبارك، بحضور رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، وعليه نظّمت احتفاليّة بالرئيسين شارك فيها لفيف من الأكاديميين والسياسيين الإسرائيليين، وأيضا البروفسور الإسرائيلي يوسي أميتاى الذي أدار ندوة خاصة عن مستقبل مصر بعد ثورة 25 يناير، والمخاطر التي من الممكن أن تؤثر أو تهدد العلاقات بين مصر وإسرائيل، وبخاصة فيما يتعلق بمعاهدة السلام بين البلدين.
وناقشت الندوة ما يتعلق بالشأن المصري الداخلي، مثل المشكلات الاقتصادية التي تعيق مصر نتيجة للأحداث التي وقعت خلال ثورة 25 يناير، وأيضا المطالب التي يريد المصريون أن تتحقق مثل الديمقراطية والحرية، والمساواة والعدالة الاجتماعية، وتمنى الحاضرون بالندوة أن تتغلب مصر على أي مشكلات تواجهها في هذه الفترة، على حد تعبيرهم.
وقال البروفسور يورام ميطال، رئيس مركز حاييم هرتسوغ لأبحاث الشرق الأوسط، خلال الندوة، إنّه من المستبعد جداً أن يقوم النظام الجديد بإلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل، ولكن بالمقابل ستتوقف مصر عن لعب دور النجاة للدولة العبرية في محاولاتها للخروج من العزلة الدولية المفروضة عليها بسبب سياساتها، وهو الأمر الذي كان مبارك يمنحه دائماً للدولة العبرية، كما أشار إلى أنّ النظام الجديد سيقوم بتحسين علاقاته مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الأمر الذي سيزيد من عزلة إسرائيل في الحلبة الدولية.
أمّا البروفسور هيلل فريش، من مركز بيغن السادات، التابع لجامعة بار إيلان، فقال يكفي التفكير بما حصل في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد الثورة الإسلامية في العام 1979 لكي نعرف مدى المأساة التي ستحل بإسرائيل نتيجة تغيير نظام الحكم في مصر. أمّا الاختصاصية في الشؤون المصرية، د. ميرا تسوريف، فقالت إنّه على الأرجح أن تعود العلاقات الإسرائيلية المصرية إلى ما كانت عليه في العام 1966، أي قبل النكسة واحتلال إسرائيل للأراضي العربية في عدوان يونيو من العام 1967. من ناحيته رأى المحلل رون ليشيم أنّ البديل الوحيد لنظام حسني مبارك سيكون الإسلام، مشيراً إلى أنّه عندما سيتوجه الشعب المصري إلى صناديق الاقتراع فإنّه سينتخب هذه الحركة المنظمة جداً في مصر، والقادرة على منح الشعب المصري ما يريده.
وأضاف أنّ النظام المصري الجديد سيكون على شاكلة النظام في تركيا وأنّ الإخوان المسلمين سيسيطرون على مقاليد الحكم، وبعد مرور فترة زمنية سيقومون بالسيطرة على الجيش، وهو الجيش الأقوى في الشرق الأوسط بعد الجيش الإسرائيلي، وهنا تكمن المشكلة الكبيرة للدولة العبرية، بحسب المحلل ليشيم.
وخلص إلى القول إنّه في العقود القادمة القريبة فإنّ الحركات الإسلامية الراديكالية هي التي ستُحدد الأجندة السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وهذه العملية بدأت، ولا تستطيع أيّ جهة وقف المد الإسلامي المتطرف في العالم العربي، على حد قوله.
وفى السياق نفسه، قال الباحث في شؤون الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب، البروفيسور ايتمار رابينوفيتش، الذي شغل منصب سفير تل أبيب في واشنطن أنّه يجب محاكمة مبارك ولكن ليس بهذه الطريقة الوحشية، على حد قوله، وأضاف: أن الأنظمة الشمولية بشكل خاص تعرف متى تنتهي وكيف تنتهي مع حفظ كرامتها، ومع ذلك فإنّ مبارك يعد الرجل الذي قاد مصر للخروج من الوضع الصعب بعد اغتيال السادات، وفى السنوات التي قضاها في وقت لاحق قاد إصلاحات وتحسينات، لافتًا إلى أنّه من غير الصحيح أنْ يواجه إذلالاً بهذه الطريقة، فهذا أمر صعب للغاية، على حد تعبيره.
في نفس السياق، قالت (معاريف) العبريّة إنّه بعد مرور 8 أشهر من اندلاع الثورة التي ألهمت كل شاب وفتاة في مصر، أصبحت الدولة العربية الكبيرة تعانى من أمراض خطيرة، يقف على رأسها تضخم البطالة وتراجع السياحة وانهيار سوق المال. ودافعت الصحيفة بشدة عن الرئيس المخلوع، الذي كان مقربًا جدًا من إسرائيل طوال سنوات عديدة قائلة: ما بعد مبارك أصبحت الثورة التي اندلعت ضده هي نفسها بمثابة ثورة مكسورة، يحيط بها العديد من المشاكل والانقسامات والخلافات في الرأي بين المتظاهرين والائتلافات السياسية المختلفة، على حد تعبيرها. المصدر: القدس العربي