اختارت الفنانة التونسية آمال المثلوثي اعتماد موسيقاها الملتزمة وقوّة صوتها وأحاسيسها المرهفة للدّفاع عن القضايا الإنسانية الكونية وأوّلها الحرية والعدالة. واعتلت ركح مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة لتستهلّ عروض الدورة التأسيسية لأيام قرطاج الثقافية للإبداع المهجري (13-19 أكتوبر 2018). آمال المثلوثي أو "أيقونة ثورة الياسمين"، كما يلقّبها البعض، ذاع صيتها بقوّة في تونس والعالم لمّا صدحت بأغنية "كلمتي حرّة" يوم 14 جانفي 2011 بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة. وقد أطلّت الفنانة على جمهورها الليلة الماضية بفستان أبيض، لما يحمله هذا اللون من رموز ودلالات كثيرة منها الإحساس بالطمأنينة وبالراحة النفسية والسّلام. غنّت آمال المثلوثي أمام جمهور غفير قدم خصّيصا لمتابعة الحفل رغم تزامن موعده مع مباراة في كرة القدم جمعت المنتخب التونسي بنظيره من النيجر في إطار التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2019 بالكامرون. واستهلّت العرض بأغنية صوفية هي "الليل زاهي" ثمّ أدت "هدوءٌ" و"قدّاش" التي أطلقتها تكريما للمهجّرين السوريين وخاصة الأطفال بسبب الحرب القائمة بهذا البلد الشقيق. كما أدّت باقة من أغانيها التي أطلقتها قبل الثورة منها "أقتلني نكتب غناية" التي صدحت بها في وجه ديكتاتورية نظام بن علي سنة 2008. وتكريمًا للكادحين والمهمشين في العالم غنّت آمال المثلوثي بإحساس مرهف "إنسان ضعيف" توجهت فيها بالنقد إلى النظام الرأسمالي "المتوحّش" الذي تعتبره مصدر الصراعات الدائرة على الكوكب. واستمع الحاضرون إلى أغاني "ليّام تجري" و"ما لقيت ناسي" و"في كل يوم" وهي أغنية تحمل الكثير من الأمل وتبعث على الحلم والتفاؤل بغدٍ مشرق اختارتها الفنانة لإنهاء حفلها، لكن الجمهور الذي عشق آمال المثلوثي وصدقها في الأداء والتعبير الموسيقي رفض المغادرة قبل أن يستمع إلى أغنية "أنا حرّة وكلمتي حرّة" فلبّت رغبته. اختارت آمال المثلوثي الموسيقى سلاحا للدفاع عن قضايا الإنسان، فتميّزت بصدقها في الأداء وبحسها المرهف المشبع بالأمل والحب. آمال المثلوثي ليست مؤلّفة وملحنة ومغنية فحسب، بل اكتشف الجمهور في هذا الحفل خامات صوتية متميزة تنتقل صاحبته بمرونة بين الرقة والقوة وتجمعهما أحيانا في نفس طويل واحد، لتعوّض بذلك ما تصدره الآلات الموسيقية من أصوات على أنغام ألحان وإيقاعات مختلفة. ولم تتردد الفنانة في التفاعل مع المقاطع الغنائية، مجسّدة بعضها في حركات كوريغرافية تعبيرية. جمع العرض بين أنماط موسيقية متنوعة، تجلّت في المزج بين الموسيقى الالكترونية والروك والموسيقى البدوية التونسية، أثثها عازفون من جنسيات فرنسية وإيطالية وأمريكية على آلات البيانو والغيتار والباص والباتري وتشيلو والكمنجة. والفنانة آمال مثلوثي هي من مواليد شهر جانفي سنة 1982 بمنطقة حي ابن سينا في ضواحي العاصمة. أغواها فن الموسيقى في سنّ الثامنة، فدخلت هذا المجال الفني وتمكنت من إطلاق ألبومها الغنائي الأول "خايف" سنة 2005 ثم تلاه ألبوم "حلمة" سنة 2008 و"إنسان" سنة 2015. (وات)