السيسي يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من طلاب أكاديمية الشرطة.. ويؤكد: مصر بخير ولن ينال منها أي تهديد ما دمنا متحدين.. ونسير في الطريق الصحيح والوضع الاقتصادي يتحسن    ارتفاع التضخم في المجر إلى 4.3% خلال سبتمبر الماضي    جامعة حلوان تكرم طلابها الفائزين في مسابقة «الطالب الأعلى إنجازًا»    الصليب الأحمر يعلن فقدان 7 من طواقمه في غزة    أردوغان: حماس مستعدة للسلام والمفاوضات    رفع الأثقال، سارة سمير تخوض منافسات وزن 77 كجم ببطولة العالم اليوم    ضبط قائد دراجة كهربائية صدم سيدة وفر هاربا ببني سويف    بعد أزمة "رقم واحد يا أنصاص"، محمد رمضان يطرح أغنيته الجديدة اليوم    أسعار الدواجن في مطروح اليوم    تباين أداء مؤشرات البورصة في مستهل تعاملات الأربعاء    5 مرشحين عن دائرة إسنا يتقدمون بأوراقهم لانتخابات مجلس النواب حتى الآن    روبوت آلي وعروض القوة القتالية في حفل تخرج طلاب أكاديمية الشرطة    الخارجية الإسرائيلية: ترحيل ركاب سفن أسطول الحرية قسريا على الفور    أوكرانيا وألمانيا تبحثان تعزيز التعاون في قطاع الدفاع    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    توجيه رئاسي بإطلاق اسم الدكتور أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    وزير العمل: استمرار الاختبارات للمتقدمين للعمل في لبنان بقطاع المطاحن    صحيفة دنماركية تكشف تفاصيل تعاقد الأهلي مع ثوروب    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء 8 أكتوبر    القبض على رئيس حي شرق بالإسكندرية بعد ساعات من تولي منصبه في قضية رشوة    إخلاء سبيل عصام صاصا و15 آخرين في مشاجرة ملهى ليلي بالمعادي    التعليم تُعيد المعلمين المحالين للمعاش خلال العام الدراسي الحالي إلى العمل    قنا.. القبض على متهمين في مشاجرة بين عائلتين بفاو عطلت حركة القطارات بدشنا    السيسي يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    الرئيس السيسي مطمئنا المصريين: مفيش حد يقدر يعمل حاجة مع مصر    سفير بولندا: سعداء بفوز العناني برئاسة اليونسكو ونعتبره خبيرا عالميا    ليلى أحمد زاهر تخطف الأنظار بإطلالة كاجوال من سيارتها    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفيات شرق المدينة ورأس التين وجمال عبدالناصر بالإسكندرية    قافلة «حياة كريمة» تقدم خدماتها الطبية بالمجان للمواطنين بقرية صندفا ببني مزار    من داخل الطائرة الانتحارية    8 أكتوبر 2025.. الدولار يستقر أمام الجنيه عند أدنى مستوياته خلال 16 شهرا    إصابة 9 أشخاص في تصادم سيارتين بالطريق الحر بالقليوبية    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    اليوم.. الأهلي يعود للتدريبات استعدادا لمواجهة أيجل البوروندي    رئيس هيئة الشراء الموحد يبحث مع مستشار الرئيس للصحة الموقف التنفيذي لمشروع «المخازن الاستراتيجية»    ميناء دمياط يستقبل 30 سفينة متنوعة اليوم    عروض فنية وندوات ثقافية.. احتفالات متنوعة نظمها قطاع المسرح في ذكرى النصر    ميكانيكية «الضوء» على خشبة المسرح    في ذكرى رحيله، شادي عبد السلام عبقري السينما المصرية الذي سبقه الزمن ورفض أن يساوم على التاريخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في محافظة الأقصر    تعاون بين جامعتي القاهرة ونيو جيزة في الدراسات العليا لطب الأسنان    إدخال 16 شاحنة نقل مياه و5 سيارات إسعاف إماراتية من معبر رفح إلى غزة    دراسة تحذر: تناول علبة مشروبات غازية يوميًا يرفع خطر الإصابة بمرض كبدي خطير ب60%    وحدة أورام العيون بقصر العيني تقدم خدمات تشخيص وعلاج متكاملة بالمجان    «الاعتماد والرقابة» تستقبل وفدًا لبنانيًا للاطلاع على التجربة المصرية في تطبيق التأمين الشامل    ختام الدورة المجمعة الأولى بدورى مرتبط السلة رجال اليوم    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    اعرف اسعار الدواجن اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    ابنة أحمد راتب: أشهد الله أنك يا حبيبي تركت في الدنيا ابنة راضية عنك    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    «تعابين متعرفش تمسكها».. 3 أبراج بارعة في الكذب    «حرام عليكم الجمهور.. ادوا للنادي حقه».. ميدو يوجه رسائل بشأن الزمالك    فيريرا يخطر أجانب الزمالك بموعد الانتظام في التدريبات تجنبا للعقوبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة آخر مسيحي نوبي في مصر.. «ترك الإسلام نكاية في أهله»
نشر في الفجر يوم 18 - 03 - 2018

جملة عابرة ألقيت على مسامعي أثناء الحديث عن «النوبة» خلال حفل زفاف «نوبي»، بوسط القاهرة :«النوبة لا يوجد بها مسيحي واحد»، مرت على الكثيرين كطلقة رصاص، إلا أنها استوقفتني كثيرًا فبدأت البحث عنها.
في البداية كان البحث شاقًا تطلب المرور على الجمعيات الممثلة للقرى النوبية في القاهرة، والحديث إلى كبار الكتاب النوبيين، ومن ثم الإجابة على السؤال الأصعب :«هل هناك مسيحي نوبي في مصر ؟»، وكانت الإجابة حادة وقاطعة «لا».
أهل النوبة، قبائل تسكن منطقة تمتد على ضفتي نهر النيل أقصى شمال السودان وأقصى جنوب مصر، ويقال إن اسم كلمة النوبة أو النوبت جاء نسبة إلى «نباتا»، وهى تسمية توراتية، وأخذ اسم (أهل النوبة) من كلمة «نوب»، وهى كما يقال أيضا كلمة عربية الأصل بمعنى اللهب الأصفر وكان يوصف بها الذهب عند قبائل اليمن، وأطلق على بلاد النوبة أسماء أخرى فسماها الإغريق بإثيوبيا وتعنى (ذوى الوجوه المحروقة) وأطلق في الغالب الفراعنة هذا الاسم، وذلك لأن النوبت (أو سكان هذه المنطقة) كانوا سود البشرة وهذا هو الدليل على أن (الأسرة السادسة والعشرون من الأسر الفرعونية من أصول حبشية وسميت بالأسرة الإثيوبية)، كما عرفت بالواوات وتاسيتى (تعنى أرض السهام) ومن الأسماء الأخرى (دودي- كاتنيوس- وبلاد مازوى- وارتي).
*قصة إسلام أهل النوبة:
«رُماة الحدق»، أو أهل «النوب» النوبيين، ظلوا على ديانتهم «المسيحية» سنواتٍ طويلة رغم دخول الإسلام إلى مصر، وكانوا مهرةً فى التصويب بالسهام من فوق النخيل والجبال، حتى إنهم كانوا يصيبون العيونَ مباشرة، ولذلك أطلق المسلمون عليهم اسم: «رُماة الحدق».
أرسل سيدنا عمرو بن العاص، عُقبة بن نافع الفهرى إلى بلاد النوبة، ليطالب أهلها باعتناق الإسلام، فنشب قتالٌ شديدٌ، ورمى أهلُ النوبة المسلمون بالنبْل وكانوا فيه ذوي مهارة عالية فكثرت إصابات المسلمين، وفقد عدد منهم أعينهم، وانتهت المعركة بخسارة المسلمين.
وفشلت محاولات المسلمين لدخول النوبة، واستعصت على الفتح نحو عشر سنين - وفي فترة العشر سنوات ثار النوبيين وهاجموا الحدود الجنوبية لمصر- ثم كانت ولاية عبد الله بن سعد بن أبى سرح لمصر في عهد الخليفة الراشد الثالث، عثمان بن عفان فغزا النوبة وقاتل أهلها، حتى سألوه الصلح والموادعة، فأجابهم إلى هدنة اتُفِقَ فيها على أن يدفع أهل النوبة إلى المسلمين، ويدفع المسلمون إلى أهل النوبة، أموالًا متقابلة في كل سنة، وكان هذا الصلح في رمضان سنة 31 من الهجرة وبه دخل الإسلام النوبة، فلم يمضِ إلا زمن قليل ليسلم أهل النوبة، وكان صلح عبد الله بن سعد بن أبى سرح مع أهلها فتحًا حقيقيًا أبقى من كل قتال سبقه بين النوبة وبين المسلمين.
وكان إسلام النوب صعبًا كما كان فتح «النوبة» عن طريق القتال مستحيلًا لمهاراتهم العالية في التصويب، إلا أنهم خالفوا ظن المسلمين ودخلوا الإسلام أفواجا وجماعات بعد أن تصالحوا على ألا يقاتل المسلمون أهل النوبة ولا يقاتل أهلُ النوبة المسلمين وأن يتبادلوا الهدايا بقيمة متساوية في كل سنة، حتى اقتنعوا بعد أن تعاملوا مع المسلمين، ولم يبق واحدًا منهم على المسيحية.
ويرى محيي الدين صالح، مستشار التراث النوبي بمركز توثيق التراث الحضاري التابع لمكتبة الإسكندرية، أن ابن أبي سرح - صحابي وقائد عسكري وهو أخ عثمان بن عفان من الرضاعة ووالي مصر في عهد خلافته- أراد فتح النوبة لكي يحصل منها على العبيد، بالإضافة إلى اغتنام الإبل والبقر، حيث كانت تأتي من بلاد إفريقيا، مشيرًا إلى أن هدف المسلمين من ذلك الفتح لم يكن الدعوة الإسلامية، بحسب قوله.
*الإسلام دخل النوبة قبل المدينة المنورة:
وعن تاريخ دخول الإسلام إلى بلاد النوبة، يقول مستشار التراث النوبي، إن الإسلام دخل النوبة قبل دخوله المدينة المنورة، حيث أوفد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه، الذين هاجروا الهجرة الأولى في العام الخامس للبعثة، وقابلوا النجاشي ملك الحبشة في عاصمته.
ودلل صالح على ذلك بأن المسلمين تحركوا في الهجرة الأولى من مكة وعبروا البحر ووصلوا إلى الجهة المقابلة من «البحر الأحمر»، حيث بلاد النوبة، ولم يتوجهوا إلى إثيوبيا كما زعمت كتب التاريخ، حيث أنه إذا توجهوا إلى إثيوبيا ما كان لكفار قريش أن يلحقوا بهم، وأن المسافة بين مكة المكرمة والبحر الأحمر قليلة –يومين بالجمال- بعكس المسافة بين مكة وإثيوبيا والتي يستغرق الوصول إليها شهورًا، ثم استقلوا السفن التي كانت تسير بالعرض في ذلك الوقت ووصلوا إلى ميناء عيذاب بحلايب حاليا، ونشروا الإسلام قبل أن يهاجر الرسول إلى المدينة المنورة لينشر الإسلام ويقيم دولته، ويدلل على ذلك أيضا بما ذكر في معاهدة «البقط» بين المسلمين والنوبيين، والتي وقّعت بعد الفتح الإسلامي لمصر، حيث اشترط المسلمون على ملك النوبة أن يرعى المسجد القائم عنده والذي تم بناءه مع هجرة الصحابة- البند السادس من المعاهدة «المحافظة على المسجد الذي بناه المسلمون بدنقلة»، متسائلا كيف يوجد مسجد داخل النوبة رغم أنها لم تفتح بعد؟
وأوضح صالح أن الصحابة الذين هاجروا إلى النجاشي، نزلوا ببلاد النوبة، حيث أرادوا أن يستطلعوا أمر النجاشي وأعدائه، فقرر أحدهم عبور ضفة النهر على «قربة»، مشيرًا إلى أن معظم أنهار إثيوبيا منحدرات وما كان لهم أن يعبروا في ظل تواجد هذه المنحدرات، مشيرًا إلى أن مملكة النجاشي كانت ب«النوبة»، ومن ثم فالإسلام انتشر بها قبل أن يدخل المدينة المنورة، متهكما على ما قام به الإثيوبيون ببناء «أضرحة» للصحابة رغم أنهم عادوا سواء إلى مكة في الهجرة الأولى أو المدينة في الهجرة الثانية.
ويقول المؤرخون أن المهاجرين لم يمكثوا في الحبشة طويلًا، حتى بلغتهم أخبار أن أهل مكة قد أسلموا، فقرروا العودة إلى مكة في شهر شوال من نفس السنة، حتى إذا دنوا من مكة بلغهم أن ما كانوا تحدثوا به من إسلام أهل مكة كان باطلاً.
*فتح النوبة في عهد عبد الله بن سعد بن أبي السرح:
توالت محاولات المسلمين لدخول النوبة، لكنها استعصت على الفتح، ثم كانت ولاية عبد الله بن سعد بن أبى سرح لمصر فى عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان سنة 25ه، فنقض النوبيون الصلح وهاجموا صعيد مصر, فما كان من ابن أبى سرح إلا أن خرج في جيش تعداده عشرين ألف مقاتل وسار إلى دنقلة عاصمة النوبيين وحاصرها وضربها بالمنجنيق، وبحسب المؤرخين استطاع«بن أبي سرح» أن يدوخ مملكة المقرة المسيحية - مملكة نوبية اتخذت من المسيحية ديانة لها و شملت حدودها في أقصى اتساع لها كل منطقة النوبة جنوب مصر وكل شمال السودان- دون أن يقضي على سلطانها تماما.
معاهدة البقط:
وفي النهاية بعد حصار طويل استسلم أهل النوبة وسألوا عبد الله بن سعد الصلح والموادعة، فأجابهم إلى هدنة اتُفِقَ عليها عرفت باسم معاهدة البقط، وكان هذا الصلح فى رمضان سنة 31ه.
وهي أشبه بمعاهدة اقتصادية بين مصر وبلاد النوبة: مصر تمدهم بالحبوب والعدس، والنوبة ترسل الرقيق لمصر، فهي في واقع الأمر عبارة عن هدنة أمان أو معاهدة عدم اعتداء وضعت بلاد النوبة في وضع فريد أو مرحلة وسطي بين دار الإسلام ودار الحرب.
وبمعاهدة البقط دخل الإسلام النوبة، فلم يمض إلا زمن قليل ليسلم أهل النوبة، وكان صلح عبد الله بن سعد بن أبى سرح مع أهلها فتحًا حقيقيًا، أنهى كل قتال سبقه بين النوبة وبين المسلمين.
ويرى محيي صالح أن الإسلام انتشر في بلاد النوبة بعد أن تعامل المسلمون والنوبيون معا وجها لوجه عن طريق التجارة، وتنظيم القوافل، فبدأ الإسلام ينتشر شيئًا فشيئًا إلى أن أعلن أحد ملوك النوبة إسلامه منذ ما يقرب من 500 عام، فاتبعه النوبيون جميعا.
وقال الكاتب نسيم عبيد عوض، في كتابه «الحوار المتمدن.. مملكة النوبة المسيحية» إن النوبيين تحولوا مرة واحدة للإسلام، حيث لم يفرض عليهم أى نوع من أنواع الضرائب أو الجزية طوال فترة مكوثهم في المسيحية، بل اسلموا جميعاً نتيجة الدعوة الإسلامية التى انطلقت من مصر إلى الجنوب.
وتقول كتب التاريخ أن الانتشار الحقيقي للإسلام ببلاد النوبة، كان في عهد الفاطمية فعندما دخل المعز لدين الله الفاطمي مصر اتجه إلى النوبة واختار أحد الكنوز كداعية إسلامي هو عبدالله بن أحمد بن سليم الأسواني الذي وجد الجميع مسيحيين وقابل ملك علوة فوجد فيها عددا من المسلمين فنشر بها بعض الدعاة وجدد معاهدة البقط.
والعصر الفاطمي شهد قيام إمارة عربية نوبية اتخذت مدينة أسوان مركزا لها وامتد نفوذها جنوبا في أرض مريس، هذه الإمارة أسسها عرب ربيعة بزعامة أبي مروان بشر بن اسحق وقد خلفه على زعامة القبيلة ابن عمه ربيعة من النوبيين، وقد تزوجوا من بنات رؤسائهم والراجح أن هذه العشيرة كونت طبقة حاكمة خضع لها النوبيون من أهل مريس الذين زال عنهم السلطان الفعلي لملك النوبة المسيحي ولاسيما بعد أن تحول معظمهم إلى الإسلام.
ومن ضمن ما يقال عن إسلام مسيحيي النوبة، أن القس الموكل بكنيسة النوبة، قد دخل الإسلام، لذا تبعه أهل النوبة ودخلوا الإسلام جماعة، وقد تمت هجرات عربية متتالية على مدى التاريخ إلى النوبة حتى صار هو الدم الغالب على المنطقة ولاسيما بعد دخول السلطان «قلاوون» وسقوط «دنقلة».
ويقول عدد من النوبيين المقيمين في القاهرة، أنهم ما رأوا في حياتهم مسيحي المولد قط، حتى أنه لا توجد كنيسة قائمة في ال44 قرية نوبية، إنما هناك آثار كنيسة مسيحية سمعوا عنها من أجدادهم.
*التأثير اليهودي والمسيحي في «النوبيين» رغم إسلامهم:
وقال محيي الدين إن النوبيين تأثروا بالديانة اليهودية والمسيحية، وظلوا على عادتهم القديمة، رغم دخولهم في الإسلام، وتحدثهم اللغة العربية، حيث أنهم يقدسون يوم الأربعاء، آخر أيام الأسبوع النوبي، ويعطوه مكانة خاصة، وحرّموا فيه الغسيل وتقليم الأظافر، على أن تقام فيه الاحتفالات والمناسبات الطيبة، وكانوا يرددون فيه الأناشيد الدينية، بينما كان يوم الخميس «أور»، هو أول أيام الأسبوع النوبي، وجعلوا له أيضًا مكانة خاصة حتى يقال في المثل الشعبي النوبي:«الجمعة الطيبة تعرف من يوم الخميس».
وتابع محيي الدين، أن تأثر النوبيين باليهودية تمثل في الطقوس التي كانت تجرى للمولود قبل الهجرة من على ضفاف النيل، حيث كان يضع الطفل داخل «قفص» من السعف ويلقي في النيل كما حدث مع سيدنا موسي عليه السلام، فإن انقلب يسود معتقدًا أن الطفل عمره قصير وسيكون «شقي».
وعن تأثير المسيحية في النوبيين رغم اعتناقهم الإسلام، أوضح محيي، أن عدد كبير من كبار السيدات النوبيات يعمدن الأطفال فور ولادتهم، ويغسلن أيدهم ووجوههم كما يفعل المسيحيون، بينما لا يزال انتشار عدد كبير من القرى تحمل أسماء مسيحية، فرغم دخول النوبيون جميعا في الإسلام إلا أن مظاهر التأثير المسيحي واليهودي واضحة.
آخر مسيحي نوبي (ترك الإسلام نكاية في أهله).
انتهت علاقة النوبيين بالديانة المسيحية، منذ ما يقرب من 500 عام، حيث أسلم ملكهم، فدخلوا في الإسلام أفواجا، ومنذ ذلك الحين لم يعرف أن هناك مسيحيا نوبيا في مصر، إلا أنه في القرن ال19 ميلاديا، قرر أحد النوبيين بقرية «أبوهور» ترك الإسلام واعتناق المسيحية نكاية في أهله.
النوبي الذي كتب أهله على قبره «صموئيل علي حسين» ووضعوا عليه الصليب بعد وفاته وظل علامة في التاريخ النوبي، هاجر من مصر وعاش في الغرب وظل يعمل لسنواتٍ عدة، إلى أن قرر العودة إلى بلاده والاكتفاء بما كان يرسله إلى أهله من أموال، حيث ظن أن أمواله في مأمن وأن أهله سيحتفظون بها إلى أن يعود، إلا أن الصدمة كانت شديدة، واكتشف أن أهله صرفوا جل الأموال ولم يبق له شيء، وفي لحظات فارقة تملكه فيها الغضب، سأل عشيرته :«هل هكذا أمركم الإسلام.. فوالله إني لتاركه»، ومنذ ذلك الحين اعتنق هذا النوبي المسيحية وعاد من حيث أتي، إلى أن توفاه الله في 8 مارس 1927وتم إعادة جثمانه إلى النوبة ودفن بها.
والواضح من الاسم المذكور بالصورة «صموئيل على حسين»، أن والده وجده مسلمين، وأنه تنصر لأنه مكتوب «باكورة الراجعين» إلى المسيحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.