وكيل تعليمية قنا: المتحف المصري تجربة فريدة تجمع بين التاريخ العريق والتكنولوجيا الحديثة    محافظ القاهرة يصدر حركة تنقلات بين رؤساء الأحياء    مدبولي: مهتمون بالتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة وإدخالها سريعًا للخدمة    تعرف على طوربيد «بوسيدون» النووي سلاح يوم القيامة الروسي    مظاهرة حاشدة للحريديم في القدس الغربية لهذا السبب    دخول المساعدات الغذائية يخفف وطأة المعاناة في غزة| فيديو    تجاهل ميسي ورونالدو، مودريتش يختار أفضل 5 لاعبين في تاريخ كرة القدم    بعد مفاوضات علي ماهر.. الاتحاد الليبي يعلن مدربه الجديد    كواليس هزيمة برشلونة أمام ريال مدريد.. الصحافة الكتالونية تتحدث    القبض على سيدة بتهمة نشر مقاطع فيديو إباحية فى الإسكندرية    السيطرة على مشاجرة بين أشخاص داخل صيدلية بالشيخ زايد    تشييع جثمان المصور ماجد هلال في بنها    المفتي خلال ندوة تجديد الخطاب الديني ووعي الشباب بجامعة طنطا يؤكد: التعارض بين العلم والدين وهم ناتج عن سوء الفهم والقراءة الخاطئة للنصوص    تفاصيل قرار جديد للرئيس عبدالفتاح السيسي    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك» وبالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة.. الأوقاف تطلق (1010) قافلة دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    الكشف عن موعد عودة نجم الهلال    مستقبل وطن يواصل مؤتمراته الجماهيرية لدعم مرشحيه وحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب (فيديو)    رسميًا خلال ساعات.. تطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر وإلغاء الصيفي (رجع ساعتك)    مدمن مخدرات.. القبض علي مسجل اعتدى بالضرب علي شخص وزوجته بالعمرانية    الفنانة نيجار محمد تتهم مدير شركة بالاستيلاء على مبلغ مالى فى الشيخ زايد    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    تقرير أمريكى يكشف ملامح قوة غزة الدولية.. التفاصيل    مصر تستضيف الاجتماع الثاني للجنة رؤساء سلطات المنافسة لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية    «ابن أمه ميتعاشرش».. 4 أبراج رجالهم لا يتخلون عن والدتهم رغم كبرهم    قافلة بين سينمائيات تطلق ورشة الفيلم التسجيلي الإبداعي 2026 لتأهيل جيل جديد من المخرجات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    وزير الصحة يشهد إطلاق الإصدار الثالث من الأدلة الإرشادية لجراحة المسالك البولية    الطريق للسعادة.. 7 أطعمة هتعدل مزاجك مع تغيير الفصول والتوقيت الشتوي    تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 48 ساعة    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    جيل بعد جيل على كرسى رئيس التحرير    أسعار طن الأرز الأبيض والشعير اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    أحمد موسى يتقدم ببلاغات للنائب العام ضد صفحات نشرت تصريحات مفبركة باسمه    ميرتس: علينا استغلال الإمكانات الكبيرة لعلاقاتنا مع تركيا بشكل أفضل    شوبير يكشف آخر تطورات حالة إمام عاشور ومشاركته في السوبر المحلي    المشدد من 3 إلى 15 سنة ل4 متهمين بحيازة أسلحة نارية وذخائر بشبرا الخيمة    إقالة مديرة مدرسة في بنها بعد مشادة بين معلمين    مصرع ربة منزل وإصابة 2 بطلقات نارية إثر مشاجرة بقنا    رئيس مجلس إدارة جهاز تنمية التجارة الداخلية الجديد يبدأ مهام عمله    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    هالة صدقي تحتفل باقتراب افتتاح المتحف المصري: افرحوا يا مصريين بهذا الإنجاز العالمي (فيديو)    مدحت شلبي: محمد عبد المنعم يرفض العودة إلى الأهلي ويفضل الاستمرار في أوروبا    هل يتنافى تنظيم النسل أو تتعارض الدعوة إليه مع التوكل على الله وضمان الرزق للخلق؟    «بالزي الفرعوني وأعلام مصر» .. مدارس الإسكندرية تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير في طابور الصباح (صور)    محافظ سوهاج يوقف معدية غير مرخصة بالبلينا بعد تداول فيديو لطلاب يستخدمونها    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    أسعار النفط تسجل 64.52 دولار لخام برنت و60.11 دولار للخام الأمريكى    هل يحق للزوج منع زوجته من العمل بعد الزواج؟.. أمين الفتوى يجيب    الزمالك في اختبار مهم أمام البنك الأهلي لاستعادة التوازن في الدوري المصري    طريقة عمل طاجن البطاطس بالدجاج| وصفة شهية تجمع الدفء والنكهة الشرقية    توفيق عكاشة: السادات أفشل كل محاولات إشعال الحرب في السودان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة قنا    طابور الصباح فى الشرقية يحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. فيديو    وزيرا خارجية اليابان وكوريا الجنوبية يتفقان على تطوير العلاقات    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    «فين اللعيبة الجامدة اللي بملايين».. تعليق مثير من مدحت شلبي بعد تعادل الأهلي مع بتروجت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زوجة الليثى ناصف تتهم السادات بقتله ومبارك يدافع عنه فى رسالة من مصطفى الفقى.. صفحات من مذكرات عادل حمودة (18)
نشر في الفجر يوم 11 - 05 - 2018

سألت جيهان السادات: ما الذى يجعل فتاة صغيرة عمرها 14 سنة تتزوج من رجل مفلس ولديه أولاد ويكبرها بعشرين سنة فأجابت: كان بطلا!
تمكن سرطان الحنجرة من صلاح حافظ فعجز عن الكلام واكتفى بإشارة إعجاب من يده بالتغيير الذى أحدثته فى "روزاليوسف"!
الصحيفة الجديدة تبدأ من حيث انتهى غيرها وتختار لتحريرها أفضل ما أنجبت المهنة ولديها من القدرات الفنية المختارة بعناية ما يخرجها فى صورة جذابة مميزة ومنفردة.
أما الصحيفة القديمة فتعانى من كثرة العمالة على ضعفها وكثرة الديون على صعوبة سدادها وسوء السمعة بما صرف القارئ عنها.
الصحيفة القديمة تحتاج على حد وصف مصطفى أمين مسيحا يقدر على أن يعيد النطق للأخرس والبصر للأعمى ويبعث الحياة فى الميت بعد دفنه.
ويمكن القول إننى بالرهان على جيل شاب جديد جرىء يتشوق للتعبير عن نفسه على صفحات «روزاليوسف» نفذت جراحة القلب المفتوح باى باس لفتح الشرايين القديمة المسدودة بما يسمح بحركة أسرع فى الدماء تحقق نتائج أفضل.
أما الذين رفضوا تلك الجراحة الإجبارية فلم نمس ما تجنيه من مميزات بما فى ذلك نصيبها من الأرباح التى تقترضها المؤسسة الخاسرة لتوزيعها فى حالة شديدة الغرابة يصعب تخيلها أو القبول بها.
وأعترف أن محررين من أجيال سابقة مختلفة ركبوا القطار معنا مثل يوسف الشريف وفايزة سعد ومحمود المراغى ومهجة عثمان وكرم جبر وسوسن الجيار وساندنا فتحى غانم بنشر ما يكتب كل عام عن أوروبا فى رحلته السنوية إليها عارضا آخر صيحاتها فى السياسة والثقافة.
وبعد أن كتب عبدالقادر شهيب طويلا وجد أن من الأفضل له العمل مع مكرم محمد أحمد مديرا لتحرير المصور وفيما بعد أصبح مسئولا عن مؤسسة دار الهلال.
ولكن لم تخل التجربة فى بدايتها من التحريض عليها قبل أن يشتد عودها.. وحدث ذات ليلة أن محررة قررت الاعتصام احتجاجا على وجودى.. ونامت على الأرض كاشفة عما ترهل من جسمها المتفجر شحما وتطوع السعاة بتغطيتها ولكنها كانت ترفص الغطاء.
إنها نفس المحررة التى جاء بها مرسى الشافعى مثيرًا كثيرًا من علامات الاستفهام والتعجب خاصة أن سمعتها فى الوسط الصحفى لم تكن طيبة وعرف عنها أن الصحف التى عملت فيها استخدمتها فى تنفيذ ما يوصف بتحقيقات الفضائح مع المشاهير وعندما فقدت مواهبها ألقوا بها فى عرض الطريق حتى استردت كيانها فى «روزاليوسف».
ولم يتردد صحفى آخر فى التفاخر علنا بأنه أبلغ عنى كل أجهزة الأمن طالبا التدخل لمنعى من قيادة تحرير المجلة ودون أن يتذكر أننى أخذته من وظيفة إدارية ودربته على التحقيقات والحوارات الصحفية وساعدته على نشرها فى مجلة الوادى التى انتقل منها بعد إغلاقها إلى «روزاليوسف» كاتب مقالات معتبرا فرخة بكشك ولكنى لم أكن مقتنعا بذلك وطالبته بالعودة للمهنة محاورا أو محققا فرفض وتصور أنه يمكن الضغط علىَّ بالأجهزة.
لكن.. الغريب كان موقف مفيد فوزى.
إن مفيد فوزى واحد من ألمع الصحفيين الذين تقابلهم فى حياتك.. لا يكف عن الابتكار.. ويعبر عما يكتب بأسلوب مميز جذاب تستمتع به.. وما إن تولى رئاسة تحرير صباح الخير حتى نجح فى رفع توزيعها فى وقت كانت فيه روز اليوسف تعانى الاحتضار.. وربما ضاعف ذلك من شعوره بالاختلاف.
وقد كنت أتصور أن يقف بجانبى وأنا أحبو الخطوات الأولى فى تجربة إحياء روز اليوسف لكن قلمه سبقه نحو وصف ما نفعل بما أوجعنا حتى عاتبته وفيما بعد استضفته ليحاور أنيس منصور فى الذكرى العشرين لسفر السادات إلى القدس فى مواجهة مع هيكل الذى توليت الحوار معه ونجحت التجربة ولكن الأهم أن جسور الود والتفاهم والنقاش الطويل وتبادل شجون المهنة ظلت ممتدة ومتينة بينى وبين مفيد فوزى.
ووجدت الصحف الحزبية نفسها فى مأزق فالحرية تعبر عن نفسها هذه المرة فى مجلة حكومية متجاوزة قيودها الوهمية.
وهنا لا يجب الاعتداد بنوع الملكية وإنما باتباع القواعد المهنية.
ولو كانت الصحف الحكومية مقيدة بتعليمات رسمية فإن الصحف الخاصة مقيدة بالحسابات التجارية.
لكن الأهم فى التجربة أن مدرسة «روزاليوسف» فتحت أبوابها من جديد ودخلت أجيال شابة تتعلم وتتدرب وتجد نفسها فيها وحققت بذلك ما تمناه صلاح حافظ بل أكثر من ذلك لمع أغلبهم فيما بعد صحفيا وتليفزيونيا مثل إبراهيم عيسى ووائل الإبراشى وعمرو خفاجى وحمدى رزق ومحمد هانئ بجانب أن صحفا جديدة ولدت على أيديهم مثل الدستور التى أسسها إبراهيم عيسى و«روزاليوسف» اليومية التى أسسها عبدالله كمال.
وما ضاعف من قيمة مدرسة «روزاليوسف» أن المدارس الصحفية الأخرى لم تتحمس لتغيير وتطوير نفسها ففقدت خصوبتها قبل أن تفقد نجومها.
على أنه كلما نجح الجديد ازداد غضب القديم فالأشياء عندما تسقط تعبر عن نفسها بالصراخ.
تكونت مجموعة خفية تكتب منشورات ضدى وترسلها بالبريد للمحررين لكننى لم أعبأ بها ولم أستجب لنصيحة إدخال الأمن طرفا فيما يجرى وواصلت العمل فى عناد واثقا أن الزمن لن يكون فى صالح الهدم.
واقترح يوسف الشريف محرر الشئون العربية خفيف الظل أن استوعب المحتجين ولو فقدوا صلاحيتهم بأن يكتب كل منهم عمودا مزينا بصورته ليستريحوا نفسيا ويكفوا عن مؤامراتهم ولو كنا سنخسر صفحات قليلة فإننا سنكسب سكوتهم.
والحقيقة أننى تعجبت من هذا الاقتراح متسائلا: كيف تكون كتابة الرأى نوعا من الرشوة المهنية؟ والرأى كما أعرف لا يكتبه الصحفى إلا بعد سنوات طويلة من الخبرة.
ولم أنفذ الاقتراح لكن صحفا كثيرة استسلمت له فيما بعد.
حملت الأعداد الأولى التى أشرفت على تحريرها إلى صلاح حافظ وما أن تصفحها حتى ابتسم وأشار إلينا أنا وسعاد رضا بعلامات الإعجاب دون أن ينطق.. فقد تمكن السرطان منه فلم يعد قادرا على الكلام.
كان قد سافر إلى النرويج لإجراء جراحة لإزالة ورم الحنجرة وعاد سليما معافى ولكن سرعان ما تسلل السرطان إليه مرة أخرى فنقل إلى مستشفى المعادى ويوما بعد يوم انتشر السرطان فى خلايا الجسم كله وبدأت فى ملاحظة تغيرات سريعة فى ملامحه فقررت أن احتفظ له فى ذاكرتى بصورته الطبيعية قبل أن يشوهها الموت البطىء.
كنت أذهب إلى المستشفى كل يوم وأجلس خارج غرفته من الصباح إلى المساء متابعا لحالته الصحية ولو فرض على رؤيته كنت أقبله فى جبينه أو فى رأسه متجنبا النظر فى وجهه وهو الشىء نفسه الذى حدث مع أمى فى أيامها وساعاتها الأخيرة فى مستشفى هليوبوليس.
وشاء القدر أن يمسك صلاح حافظ بعدد من «روزاليوسف» قبل وفاته بساعات ولا يزال المشهد حاضرا مؤثرا.
كان غلاف العدد صورة أبيض وأسود للسادات وهو يجلس متربعا على الأرض ويقرأ فى مصحف مرتديا جلبابا وعباءة وتحتها عنوان الحلقات السياسية التى بدأت فى نشرها تحت عنوان أيام السادات الأخيرة.
كان نشر المسلسل تنفيذا لخطة تطوير المجلة تنفيذا لخطة أطلقت عليها خطة اقتحام خط بارليف وتتلخص فى فتح ثغرة فى الساتر الحصين بقوة مسلسل سياسى يشد القارئ فيقبل على المجلة لمتابعة المسلسل فإذا ما أقبل على شراء المجلة لمتابعة المسلسل استفدت من فترة نشر المسلسل بنشر موضوعات أخرى تقنع القارئ بالاستمرار فى شراء المجلة ولو انتهى المسلسل.
وكان هناك شرطان لنجاح النظرية.. أن يكون المسلسل متفجرا بأسرار لم يعرفها القارئ من قبل.. وفى الوقت نفسه لابد من وجود مخزون استراتيجى من الموضوعات المتنوعة التى ستجبر القارئ ألا يترك المجلة.
وكان مسلسل السادات يتضمن بالفعل مفاجأة مدوية أثارت جدلا وردود أفعال شخصيات مؤثرة عبرت عن رأيها كتابة تأييدا أو اعتراضا.
كانت السيدة شفيكة زوجة الفريق الليثى ناصف قد طلبت منى أن ألقاها فى بيتها وعندما جلست إليها سارعت بالتشكيك فى سقوطه من عمارة ستيورت تاور فى لندن التى سكنها هو وزوجته وابنته هدى خلال علاجه هناك.
ذكرت الرواية الرسمية للوفاة أنه أصيب بدوار مفاجئ فسقط من شرفة الشقة المقيم فيها ولكن زوجته بدت مقتنعة بأن السادات تخلص منه ودبر الحادث محمود نور الدين.
الليثى ناصف هو قائد الحرس الجمهورى الذى ساعد السادات فى القبض على رجال عبدالناصر يوم 15 مايو 1971 أما محمود نور الدين فكان وقت الحادث موظفا فى السفارة المصرية فى لندن وساعد فى تنفيذ عمليات سرية متنوعة قبل أن ينقلب على السادات (بعد سفره إلى إسرائيل ) ونشر مجلة 23 يوليو التى عمل فيها محمود السعدنى الذى يمتلك شقة فى ستيورت تاور وفيما بعد أسس نور الدين تنظيم ثورة مصر الذى شاركه فيه خالد عبدالناصر.
وحسب شهادة الزوجة والابنة فإن الليثى ناصف كان فى غرفته سليما معافى بينما زوجته فى الحمام وابنته فى المطبخ وعندما نادتا عليه ليفطر لم تجداه فى غرفته وإنما كان راقدا على أسفلت الطريق.. ولفت نظرهما أن حزام الروب لم يفك و الشبشب لم يخلع من قدميه ما يعنى أن هناك من أمسك به وقتله وألقى به فى الشارع ليصور الحادث انتحارا حسب نظرية عائلته.
ولفتت الرواية كما نشرناها الانتباه وطلب مبارك من الدكتور مصطفى الفقى سكرتير الرئيس للمعلومات أن يكتب توضيحا ويرسله إلى «روزاليوسف» لنشره وكان الفقى قنصلا فى لندن وقت الحادث وتولى مع السلطات البريطانية كافة الإجراءات القانونية والإدارية حتى وصل الجثمان إلى القاهرة دون أن يطلب تشريحه.
وشكرت الرئيس على موقفه فهو لم يوقف النشر وإنما أضاف إلى الحقيقة ما يبرئ السادات من الحادث وهو موقف تكرر كثيرا معه.
ومن سجنه كتب محمود نور الدين رسالة حملها إلينا محاميه أنكر فيها اتهامه بالقتل وكانت هناك تعليقات أخرى على ما كتبنا نشرتها فى نهاية الكتاب الذى حمل نفس عنوان المسلسل: أيام السادات الأخيرة.
وحدث أن ذهبت لمقابلة مع الدكتور مصطفى الفقى فى مكتبه بالرئاسة وأثناء جلوسى فى الاستراحة دخل على محمد عبدالمنعم وكان سكرتيرا صحفيا للرئيس وهو يستنكر بطريقة مستفزة اتهام السادات بقتل الليثى ناصف ووجدتنى دون أن أنتبه إلى حساسية المكان أرد عليه بعنف وجاء على صوتنا الدكتور مصطفى الفقى لأكتشف أن بينهما ما صنع الحداد وهو أمر شائع على ما يبدو فى كواليس السلطات العليا.
كنت قد تعرفت على محمد عبدالمنعم فى مدينة العريش ونحن نغطى انسحاب إسرائيل منها ومدت بيننا جسور من الود حرقها بنفسه فيما فعل ونحن فى الرئاسة ولكن جرى ترميمها فيما بعد عندما التقينا فى جنيف خلال زيارة قام بها مبارك للمقر الأوروبى للأمم المتحدة وصفينا ما بيننا فى لوبى فندق هيلتون نوجا هناك.
ولكنه لم يستمر فى منصبه الرئاسى طويلا دون معرفة السبب وعاد كاتبا فى الأهرام وانضم إلى مجموعة المؤيدين للسلام والتطبيع مع إسرائيل ومنهم لطفى الخولى الذى رشحه فيما بعد لرئاسة مجلس إدارة «روزاليوسف» ورئاسة تحريرها بعد أن خرجت أنا ومحمود التهامى منها.
وشاء القدر أن يختاروا لى حجرة مكتبه فى الأهرام بعد أن نقلت كاتبا متفرغا فيها أمام مكتب أنيس منصور.
ووسط ردود فعل أيام السادات الأخيرة دعانى الدكتور سيد الجندى إلى عشاء فى بيته وفوجئت هناك بالسيدة جيهان السادات وتوقعت أن تنفجر غضبا ولكنها بهدوء راحت تنتقل من موضوع إلى موضوع دون أن تقترب مما كتبت عن زوجها وعندما انفردت بنفسى فى الشرفة أدخن سيجارة وجدتها بالقرب منى وبأسلوب ساحر جاء عتابها رقيقا وراحت فى تماسك مذهل تجيب عن كل ما طرحت من اتهامات نسبت إليها ومنها التدخل فى شئون الحكم والتأثير فى صناعة القرار.
لقد وصفت السيدة جيهان السادات ب«السيدة الأولى» وسعت جاهدة للتقريب بين زوجها والمعارضين لحكمه ورغم جذورها البريطانية فإنها حرصت على التقاليد المصرية ولم تقبل أن تنشر أخبار اليوم صورا شخصية للسادات وهو بالشورت يلعب رياضة أو فوق دراجة مع حفيده.
والحقيقة أن الصور التى التقطها فاروق إبراهيم ونشرها إبراهيم سعدة كانت خبطة صحفية مميزة وإن أثارت كثيرا من الدهشة والاستنكار حتى أوقفت.
وكان السادات قد عين إبراهيم سعدة رئيسا لتحرير أخبار اليوم بعد تقدير لموقفه أن رفض الكتابة فى صحيفة الشرق الأوسط وقت المقاطعة العربية لمصر بسبب معاهدة كامب ديفيد.
ولكن ما لفت النظر فيما بعد هجوم إبراهيم سعدة على جيهان السادات التى تركت مصر بعد اغتيال زوجها وراحت تدرس فى إحدى الجامعات الأمريكية ملمحا إلى أنها تزوجت من حارسها الشخصى اللواء محمد سعودى.
وبسبب حساسية الاتهام لم أجرؤ على سؤال جيهان السادات عنه رغم أننى كنت ألتقى بها مرة فى السنة على الأقل فى دعوة غداء تقيمها على شرفها فى بيتها السيدة آمال طليمات «شقيقة إحسان عبدالقدوس من أمه» وتدعو إليها شخصيات سياسية مميزة مثل الدكتور عبدالعزيز حجازى والدكتور يحيى الجمل والدكتور كمال أبو المجد.
وعلى طعام خفيف كنا نستمع إلى السيدة جيهان ونسألها عما نسب لحكم زوجها من سلبيات وأتذكر أنها قالت: إن السادات فكر جديا فى ترك الرئاسة بعد تحرير سيناء كاملة باستعادة طابا وبينى وبين نفسى لم أصدق ذلك ولكن وثائق بريطانية كشفت فى إبريل عام 2018 أكدت تلك النية.
قبل ذلك فى نوفمبر 2015 كنت فى لندن لتغطية الزيارة الرسمية الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسى إلى بريطانيا عندما سبقته السيدة جيهان السادات إلى هناك بإلقاء محاضرة فى مجلس اللوردات أعقبها عشاء مع مجموعة منهم بدعوة من سمير تكلا وهو مهاجر مصرى لعب دورا مؤثرا فى مواجهة الإخوان بعد ثورة 30 يونيو وكون مجموعة متحمسة لمصر فى البرلمان البريطانى زارت القاهرة وشرم الشيخ أكثر من مرة وقدمت الدعم السياسى لنظام ما بعد محمد مرسى.
فى ذلك العشاء التقيت لأول مرة باللواء محمد سعودى لترتيب موعد لحوار تليفزيونى أجريه مع السيدة جيهان السادات وأشهد أن الرجل يتمتع بأخلاق رفيعة وانضباط والتزام لا حدود لهما ودقة فى تنفيذ ما يكلف به.
ومنذ ذلك الوقت قويت جسور الاتصال بينى وبين السيدة جيهان السادات وزرتها أكثر من مرة فى بيتها ولم أتردد فى أن أسألها عن كثير من الأسرار التى كانت تتحفظ فى البوح بها ومنها معاناتها المالية التى عاشتها فى سنوات حكم مبارك والادعاء بأنها كانت تمتلك مزرعة فى الولايات المتحدة وسر معاشها البسيط.
ولكن السؤال الذى حيرنى كان: ما الذى يدفع فتاة صغيرة جميلة لا يزيد عمرها على 14 عاما ومن أسرة عائلها طبيب أن تقع فى حب ضابط مفصول من الخدمة ويكبرها بنحو عشرين سنة ومتزوج ولديه أولاد ومفلس ولا يجد عملا؟.
وكانت إجابتها الفورية: كان بطلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.